( محاكمة قلب )
... محكمه .. نطقها الحاجب فوقف الجميع و دخل القاضى و مستشاريه ثم جلس الجميع ...
القاضى :
أيها الحاجب انتبه
و هيا ,نادِ بالقضايا...
صمت الحضور و أصغوا
فى كل الاركان و الزوايا
الحاجب :
قد خلت المحكمة اليوم
إلا من تلك القضيه
قضيةُ ذاك القلب
تلك مأساةٌ جليه
الادعاء :
سيدى القاضى لى رجاءٌ
لا ترحم القلب ذاكَ
ما استحق ان تظله سماءٌ
و من ينصف مظلوماً سواكَ ..
ثم استدار إلى قلبى متساءلاً :
لم القسوةُ يا ظالماً
قل لى بحق الذى سوّاكَ
لم العبث بقلوبٍ
ما تمنت سوى هواكَ
ما بخلت عليك بشيئ
و ما نالت يوماً رضاكَ
ما كانت يوماً تفكر فى الهوى
حتى نصبتَ لها الشباكَ
و انى لغضةِ الازهار
ان تنجو من سهام هواكَ
أدميت تلك القلوبَ فاصبحت
بعد النضارة أطلالاَ و هلاكَ
هل أحيتك تلك الدماء يوماً
و دمعُ تلك القلوب رواكَ؟
ام دام الحزن فيك و استقر
و السهد ما فارق عيناكَ ؟
و الجوى قد فاض فى عالمك
حتى اكتست به سماء دنياكَ
بالله عليك يا قلب قل لى
ما أحال تلك الحياة هلاكاً ؟؟
بحق السماء أخبرنا
لم فكرت يوماً فى فعل ذاكَ ؟؟
تملكت القلب حسرةٌ و اعتصره الألم حتى مزقه و سالت دماؤه انهاراً و فاضت منه الكلمات تبوح بما عده أسراراً و تروى لكل الحضور ماضٍ مرير و تخبر الكل أخباراً و أخباراً :
عذراً إليك سيدى القاضى
لا تصدر الحكم حتى تعرف الماضى
دعنى أبوح بسرى و أشجانى
فما عاد يجدى صبرى و كتمانى
و انطق بما شئت فإننى راضِ
....
بالماضى , كانت معى
أميرةٌ , كانت هى زادى
قد صنتها فى قصر حبى
أخفيتها عن كل حسّادِ
آنست بالهوى ليل وحدتها
كنت أدللها , كنتُ لها الحادى
اخبرتها انى أسير هواها
حبى لها قد أضحى أصفادى
كانت نديمة سهرى
ما استكان يوماً لغيرها فؤادى
حتى أتى يوماً ناديتها
قالت: يا هذا .. لمن تنادى؟
ثم اختفت عن عينى أبداً
من يومها صاحبنى سُهادى
......
مرت سنونٌ و الساعات ماضيةً
يومٌ يمر يتلوه يوماً قاسياً
ما لى حيلةٌ فى حبٍ يعذبنى
و عقلى يصيح : ذاك أضحى ماضياً
كيف رَحلتى عن عالمى ؟
لم تذكرى لى حتى عذراً واهياً
حبيبتى أهواكِ ومازلت
لكِ مخلصاً و على العهد باقياً
هل ستعودين إلىَّ يوماً
ليرق قلبٌ قد صار جافياً
سأذكرك دوماً ما دمت حياً
ما غاب ذكرك عنى لحظةً
و تالله ما كنت يوماً لكِ ناسياً ..
....
رد القاضى معنفاً قلبى :
لا تنسى يا قلب أين انت
لا تسهب فى ذكريات حبك
فما يعنينا ان قسوت أو استكنت
و ما الجدوى ان اضطرب نبضك
..
اخبرنا , ماذنب تلك القلوب
امنحنا يا قلب من وقتك دقيقه
لم القسوة على قلوبٍ بريئه؟
أصدُقنا , و لا تقل سوى الحقيقه
....
أيقظ كلام القاضى قلبى من أحلام يقظته و أعاده الى ارض الواقع بعد أن أخذه الخيال إلى دنيا ما بها سوى هو و هى .. مسكينٌ قلبى .. قد ظن أنه فى النعيم حقاً و انه قد كان يحلم من قبل و ان تلك هى الحقيقه .. و لعقلى ألتمس كل العذر فما كان منه بعد الحاح قلبى الا أن يرضخ لرغبته و يوهمه بما يريد ..... آآآه على قوانين القلوب تلك و نواميسها ,,, و لكن حديث القاضى أعاده من أحلامه , فرد قائلاً :
ما لى فى تلك القلوب ملامةٌ
ما ذنب الماء فى نارٍ تشتعل
تلك القلوب طرقت هى بابى
و من لفتح بابه يوماً قد سُئل ؟
ما كنت انوى هجراً و لا جرحهم
بحثتُ عن جانٍ على قلبٍ قُتل
بحثت عن روحٍ تسكن قلباً عليلاً
سكن نبضه و للجسد قد اعتزل
وهبت لهم فيض محبتى
عوضتهم عن حبٍ قد رحل
و ما عساه سرور الكون فاعلاً
لقلبٍ على الحزن قد جُبل
انى برئ من قولهم
من ذنبهم قلبى اغتسل
......
بالاحزان امتزجت دمائى
و أنى يُقطع ما قد وُصِل ؟
قد سال دمعى أبحراً
و ما أخمد ناراً تشتعل
لا الاطبةُ عرفوا علتى
و لا جرحى يوماً قد اندمل
أوصالى أضحاها الوجد مقطعهً
و ذاك الألم ما عاد يُحتمل
أصدر الآن حكمك يا سيدى
و هل يجدى حكمٌ على قلبٍ عن الحياة قد رحل ؟!
..................................
بقلم : أحمد
25 / 11 / 2009