........لست أدري.........
لست أدري إن كنت أعلم من أنا..أو من أكون في الهوى..لست أدري إن كنت ضائعة..من ظلم الحياة هاربة..لست أدري إن كان قلبي مازال نابضا..أو أنه بين الأطلال أضحى عالقا..لست أدري..
ولكني أدري أنني لا زلت عاشقة..في غيابات ذاك الحب سائرة..والدمع استباح سكن مقلتي..وسال حارقا على وجنتي..وصرت أنا بلا أنا..وإن كنت أعرف من أنت ولا أدري من أنا..
كنت لي رساما بحق لا سراب..وأنا لوحة تفننت فيها ألوان العذاب..ألوان قاتمة سكبها الزمان فوق السحاب..فغامت الدنيا ومن ثم كساني بذرات التراب..وتركتني مهملة في غرفة مظلمة مغلقة الأبواب..
كنت لي كاتبا وأنا الحبر والكتاب..سطرت كلماتك بدمي بين الصفحات..وشطبت عنواني البرئ وأبدلته بعد الشتات..ومزقت ماتبقى فيه من حلو الوريقات..أعذب ما في الحب من حروف وكلمات..ألقيتها تحترق في النار بين بضع خشبات..وصرت أنا كتابا مثل باقي الكتب..ملقى على رف الذكريات..
كنت لي عازفا وأنا ناي حزين..لا يعرف إلا نغمات الشوق والحنين..وكنت عودا تهدلت أوتاره وتمزقت..بعدما عزفت بيديك مقطوعة الفراق والأنين..
وكنت لي قارئا وأنا بين يديك الرواية..فقرأت بعد عنواني النهاية..لم تعلم أبدا كيف كانت البداية..ولم تتصفح فصول تلك الحكاية..فصرت رواية بلا هدف بلا غاية..
كنت لي شاعرا وكنت أنا قصيدة رثاء..بلا بلاغة في التعبير بلا ذكر الوفاء..قصيدة مدفونة بين الدواوين..ديواني بعنوان قلوب وأشلاء..
كنت لي فارسا وكنت لك أميرة عاشقة..بحصانك الأبيض في الشرفة بانتظارك متلهفة..فدهست بفرسك بستان أحلامي..وغمدت سيفك بين أضلاعي المتهالكة..
كنت لي صانع عطور..وأخذتني من بين الزهور..فسلبت مني الشذى والرحيق..وصنعت مني عطرا عتيق..وصرت أنا مجرد بتلات أصابها الضمور..
كنت لي صحراء حارقة وأنا مسافر عنيد..كلما رأيت الماء أملا يشع من بعيد..ركضت إليه لاهثة دامعة عيوني..فربما ارتوى ظمأ حنيني..ولكن تراه ليس إلا سراب جديد..وظللت أنا مسافر بلا عنوان، وحيد..
كنت لي بحرا عميقا وأنا زورق ظمآن..أطوف بمجدافي أبحث عن بر الأمان..فأبيت إلا أن تتلاطمني أمواجك..وتعبث بي في كل الأرجاء رياحك..فلم يصمد زورقي وغرقت في بحر الأحزان..
كنت لي نورا وأنا عاجز ضرير..رأيت بك حلمي الصغير..جنة تسودها الأفراح..بلا عذاب بلا ألم بلا جراح..ولكن سرعان ما انطفأ النور بلا نذير..وعدت لظلمتي وإن كنت أرى فلا زلت ضرير..
كنت لي كل الحياة وأنا لم أكن شيئا في حياتك..كنت لي حب العمر وأنا لم أحظ يوما باهتمامك..كنت لي دوما حبيبي وأنا لم أكن أبدا في حسبانك..وكنت لي كلمة وداعا وأنا لم أقو على نسيانك..