قصة مركز المنصورة تستحق أن تروي، يقول عنها د. غنيم: في عام 1976 كانت هناك مجموعة من الأطباء الشبان المجهولين وأنا منهم قاموا بإجراء أول عملية نقل كلي في مصر بأيد مصرية في مستشفي المنصورة الجامعي القديم، ورغم الإمكانيات المتواضعة نجحت العملية، شجعنا ذلك علي أن نفكر في إنشاء مركز متخصص ورأينا أن إنشاء مركز لجراحة الكلي والمسالك البولية يلبي حاجة ملحة في مصر، لانتشار الأمراض الناتجة عن الإصابة بالبلهارسيا، خاصة في الدلتا، يعني لا يمكن التفكير في إنشاء مركز مثل هذا في الزمالك.. كانت جامعة المنصورة مؤهلة لإنشاء هذا المركز لأنها تتوسط الدلتا.

كان القرار بإنشاء جناح صغير ملحق بالجامعة.. لكن في عام 1978، وكما يحكي د. غنيم: جاء الرئيس السادات لزيارة المنصورة، ألح عليه نائب المنصورة وقتها ممدوح فودة بضرورة زيارة المستشفي الجامعي ومقابلة مجموعة الأطباء الذين أجروا أول عملية نقل كلي، وجاء وفي لحظة قال: عاوز الدكتور غنيم يبقي المستشار الطبي لرئيس الجمهورية، قلقت وعندما ذهبت إلي الرئيس في استراحته بالقناطر وجدته يقول: «يا ابني أنا مش ناقص أطباء.. انت تعمل كارت وتكتب فيه المستشار الطبي لرئيس الجمهورية، ودي حتكون حاجة كويسة لك»، وبالفعل كان للكارت وقع السحر.بدأت الفكرة تدخل حيز التنفيذ، محافظة المنصورة منحت الأرض وكانت عبارة عن حديقة تاريخية مهملة اسمها شجرة الدر.. وقامت المحافظة كذلك بفرض قرش علي كل أردب أرز أو قمح أو قطن تورد لخزينة الدولة.. وبدأ د. غنيم يطرق أبواب المنح الخارجية من أمريكا واستراليا وأوروبا والدول العربية، ولم يستجب من كل هؤلاء إلا هولندا قدمت حوالي 15 مليون جنيه.. هذا غير الدعم الفني للمشروع من إشراف علي البناء إلي إعداد المستشفي وشراء الأجهزة.


انتهي العمل في المركز عام 1983.. مر عليه الآن 24 عاماً كاملة استقبل خلالها 129 ألف مريض، 92% منهم بالمجان وجزء تأمين صحي وعلاج علي نفقة الدولة.. والجزء المتبقي لمن يدفع وتصل التكلفة إلي 1250 جنيهاً فقط حتي لو ظل بالمركز سنة، ويقول د. غنيم: يأتي إلينا مواطنون من السودان ومصر وسوريا واليمن.. لكن لا يأتي إلينا شيوخ عرب أو خليجيون لأنهم يطلبون معاملة خاصة ليست لدينا مثل جناح خاص للمريض وجناح للمرافق.. لكنني أنا وزملائي أجرينا جراحات في بعض الدول الخليجية بدون أجر وكنا نتلقي دعماً للمركز.. مثلما فعلت مؤسسة الشيخ زايد التي دفعت ما يوازي 3 ملايين دولار للمركز في مناسبات مختلفة.

ساهمت الحكومة في بداية تشغيل المركز وحتي الآن تدفع 50% من رواتب للموظفين.. ويدبر المركز الـ50% الأخري حتي يحصل الطبيب علي راتب مجز يستطيع من خلاله أن يتعاون مع المرضي دون أن يشتت نفسه في البحث عن وظيفة أخري.. ويشير د. غنيم إلي أن المركز لا يسعي وراء الربح ولذلك توجه كل المنح والتبرعات لخدمة المستشفي والانفاق علي البحوث العلمية.. فدورنا ليس داخل مصر فقط، حيث لدينا متدربون من دول مختلفة 13 من إنجلترا و8 من فرنسا و20 من ألمانيا، و18 من أمريكا و14 من جنوب إفريقيا وغيرها.. وقد جاء هؤلاء للتمرين عندما قررنا أن تكون لنا مساهمة في التراث الإنساني فلا يصح أن نكون مستقبلين دائماً.