_________________________
_____
كان يوما هادئا .... لم تنل فيه أشعة الشمس من أرضنا .... بل كان الجو جميلا مقارنة بالأسبوع الماضي
ذهبت إلي دمياط الجديدة... حيث بني والدي قبورا للعائلة منذ فترة قصيرة
كانت تلك هي المرة الأولي التي أري فيها المقابر.... شعرت بقبضة شديدة في داخلي و كان قلبي يخفق بعنف أثناء مرورنا بالسيارة بين القبور ...إلي أن وصلنا إلي مكاننا...
نزلت من السيارة و سرحت في هذا السكون المخيف إلي أن نبهني صوت أمي تطلب مني أن آتي إليها
فذهبت فإذا بهم قد فتحوا بوابة صغيرة... عبارة عن بناء متواضع يشبه الاستراحة
كان البناء مربع الشكل.. بداخله بنش من الحجر تجلس عليه فتري علي يمينك ثلاث أجزاء في الحائط حيث يتم هدم الطوب و دفن الميت ثم يقام الحائط مرة أخري ,,, و نفس الثلاثة علي اليسار,,
بعد أن اطمأن والداي علي أن البناء قد اكتمل بشكل جيد ,,, ذهبا إلي السيارة لنعود لبيتنا
طلبت منهما أن يسمحا لي بالبقاء وحدي في الداخل لدقيقتين ثم سألحق بهما
فوافقا و تركاني........
............
كنت لازلت جالسة علي الكرسي...
تحاصرني أمواج من الصمت
ومشاعر غريبة .....وأحاسيس عجيبة
أخذت أتخيل أنني في الداخل...بين ثنايا الحائط الأبيض ..
أتنفس و استنشق ترابا ,,, و يملأ فمي الدود
تري....
بأي جزء سيبدأ الدود أكلي؟؟...كيف سأسمح له بذلك و أنا انتفض حين أري حشرة من بعيد ..
كيف سأطيق الظلمة ,,, و أنا لم استطع يوما أن أتحملها في الدنيا يوما...
كيف سيكون شعوري ...
كيف سيكون حالي....
هل سأكون خائفة مفزوعة؟؟
أم سأكون مسرورة و ارغب في جمع أحبابي حولي...ليشاركوني سعادتي كما تعودنا دائما..
..........................
......
..
شعرت بها ... دافئة ...بل حارة ... تندفع بغزارة و حرقة من أعماق أعماق عيوني
قمت من مكاني و تحركت ببطء و وقفت أمام جزء من الحائط قد كتب فوقه " نساء"
هذا هو قبري .... و سأدخله عاجلا أم آجلا
حاولت أن اجفف دموعي ولكن بلا فائدة ....فاستسلمت لها
أغمضت عيني و أرخيت رأسي إلي أن أسندتها علي قبري
فشعرت و كأن هناك شيئا غريبا يتسرب من داخلي إلي جبهتي ثم تمتصه أحجار الحائط الباردة...
أحسست بسكينة غريبة ... كانت هذه لحظة من اللحظات النادرة التي توقف فيها عقلي عن التفكير تماما
لم اقل سوي....... يا رب اجعلني مطمئنة في هذا اليوم
ثم رفعت رأسي و ابتسمت للحائط .... وودعته مؤقتا
و ذهبت إلي السيارة و انطلقنا نحو منزلنا ...
===============
كم اخشي ذلك اليوم....أكثر من أي شئ
يوم القيامة... لن احتمل أن افر من أمي و أبي و تفر أمي و يفر أبي مني ....... لن احتمل ذلك
يوم القيامة....لن احتمل أن يخرج نبينا محمد من الجنة ليأخذ بيدي و يخرجني من النار
يوم القيامة.... لن احتمل أن أكون عبئا عليه صلي الله عليه و سلم ...ألا يكفي ما قد عاناه من اجلنا ...
يوم القيامة .... لن احتمل نظرة عتاب واحدة من الله........والله لن احتمل
مجرد التفكير في هذه الأمور يجعلني أتلاشي .....
.... يا ربي ....
اعلم أنني مقصرة في حقك كثيرا
اعلم أن غفلتي أضعاف يقظتي
اعمل أنني اخشع في صلاتي يوما و أصاب بالفتور شهورا
اعلم أنني احفظ الآيات ثم أنساها
ولكن عزائي الوحيد ... هو انك ارحم بي من أمي
ولا حول ولا قوة لأحد إلا بك
أنت تعلم كم احبك ... و كم اشتاق لرؤية وجهك الكريم
... يا الهي ...
... نقي قلبي من ذنوبي...
...واغفر لي زللي واستر يا رب عيوبي...
...واختم لي بالخير حياتي...
...ونوِّر قبري حين مماتي...
... و احشرني ساجدة تحت عرشك مع رفاقي...
... وبارك لي يا رب فيهم ..فهم من يؤنس غربتي في هذه الدنيا ...
----
عذرا علي هذا البوح.... و لكن اردت ان اخرج ما بداخلي ...
لن انسي هذا اليوم ابدا.....
لا تنسوني من صالح دعائكم
دمتم في رعاية الله
=======
BoNbOoNa
=====