علمنى وماتنهبنيش


مقال فكرت فى كتابته منذ عدة أشهر ، وبالفعل سطرت بعضا منه لكنى لما عدت لأفكر قليلا قررت تأجيل إتمامه ونشرة حتى بداية العام الدراسى الجديد أو فلنقل السوق الدراسي الذى يأتى موعده فى العام مرتين .
أساتذتى الأفاضل زملائى وزميلاتى الأعزاء قديما قال الشافعى "من علمنى حرفا صرت له عبدا " حقيقةٌَ هذه الجملة جعلتنى أفكر طويلا فيما سأكتب هل فيه إساءة أدب ؟هل فيه تعدٍ ؟ هل وهل وهل ........ ؟؟؟
أسئلة عديدة والإجابة عليها واحدة
هل نتعلم أصلا ؟؟؟!!
فى الحقيقة لا أدرى أهو التعليم أم أشياء غيره ؟ أهى المعرفة أم أشياء دونها بكثير ؟
إذا فما هو العلم ؟ وماذا نقصد بالتعليم ؟؟؟
أحبتى ابتدءا علينا أن نقر بأن التعليم بالضرورة ليس مجرد كلمات أو معلومات يملأ بها الكوب الذى هو موضوع فوق رأس الطالب موضع عقله ليقوم بتخزينها مدة من الزمن لا يلبث أن يدخل الامتحان ليرمى بها على أوراق الإجابة أو فلنقل ليتقيئ بعض منها على أوراق الإجابة والباقى يقوم هو بإرغام نفسه على تقيئها .
إن هذا ليس بالعلم وهذة لا يمكن تسميتها معرفة إنما حقيقة ذلك أنه تضيع للوقت وإهدار للجهد وإفساد للعقل والفكر بلا فائدة ترجى ولا هدف يتحقق !!
أساتذنى الأفاضل ، زملائى الأعزاء ؛ لا إصلاح بدون حساب صادق مع النفس ولا تغيير بدون عرض حقيقى للواقع ومراراته ولا بناء دون نقد بنّاء .
لذا أساتذتى الأفاضل أتمنى أن تقبلوا منى هذه المحاولة البسيطه لعرض هذا الواقع ومافيه
اقبلوا منى رسالتى واغفروا لى ما فيها من أخطاء - إن كان فيها - وأدعو الله أن يوفقنى ألا تكون فيها أيه إساءة أو خروج عن النص وأن ألتزم حدود الأدب وإلا فذاك من نفسى ومن الشيطان
علمنى وما تنهبنيش
كما اتفقنا أن العلم ليس فقط حشو فحشو وتخزين فتخزين ومن بعدهما استفراغ وقئ إنما هو فهم وإدراك ووعى واستنباط ومعرفة بالخبرات ؛ فالعلم سلاح يواجه به الإنسان الحياة ومشاكلها كل فى مجاله على حسب تخصصه واهتمامه .
أما ما نسميه نحن اليوم علما فما هو إلا نهب ونصب نخدع به أنفسنا مرة ونخدع به غيرنا ونوارى به خيبتنا ونخفى به تخلفنا وركودنا خلف الأمم الذى يأبى إلا أن يظهر فى أقبح صوره ليملأ نفوسنا بالحسرات والألام فنحاول تبرئة أنفسنا بإلقاء الملامة والعتاب على من يحكموننا ولا نريد المصارحة والمواجهة مع الذات أبدا
أول عملية النهب هذه هى ما يطلق عليها الكتب الجامعية فمع بداية العام يكون أول ما يكون التفكير فيه هو طباعة الكتب والتفكير فى طرق وأساليب شتى لإرغام الطلبة على شرائها - ولا داعى لذكر هذه الأساليب فكلنا يعرفها - المهم أن بعض الطلبة يعلنون رفضهم لذلك فتتبدل الطرق وتتغير الوسائل والهدف واحد هو ضرورة نهب أهل ذاك العبد !!
ووالله وبالله وتالله لو أن كل هذا الجهد المبذول لإرغام الطالب على شراء ما يدعونه بالكتاب الجامعى كان هدفه تطوير ذاك الكتاب وجعله بفائدة ترجى منه لكانت هذه هى أفضل وسيلة لإجبار الطالب على شراءه وهو محب لذلك وعنه راض بل سنجده يسعى لشراء هذا الكتاب سعيا مهما كلفه ذاك .
لكن أن يكون شراء (هذه المدعاة بالكتب) لتوضع فى الأدراج حتى ينتهى السوق الدراسى فيخرجها ليرسلها لبائعى الفول والطعميه وبهذا تتحقق الفائدة الوحيدة منها فهذا ما لا يتقبله عقل ولا يتوافق مع منطق !!!
وبعد الإنتهاء من ذلك نجد فصلا آخر من فصول هذه المسرحية الهزلية التى يسمونها بالعملية التعليمية
لكن أيضا أساتذتى علينا أن نتفق بادئ ذى بدء أن لكل مهمة فى الحياة أهلها ولكل دور فيها كفاءاته الذين خصهم الله بمزايا وقدرات تعينهم على تأديته بأفضل ما يكون فالتاجر تاجر والصانع صانع والباحث باحث وكذا الأستاذ الجامعى يجب أن يتصف بما يؤهله لذلك ومقياس ذلك هوا مدى ادراك الطلبة واستيعابهم منه فإما أن يكون قادرا على عرض خبراته ومعلوماته وتيسير ما يتعثر عليهم إدراكه وإلا فجزاه الله كل خير عنا وعن عمره الذى قضاه باحثا جامعا لصنوف العلم وألوانه وأشكاله وليبقى باحثا لعله يفيد أمته فيما هو أهل له لكن بوجوده هو أو غيره فى مكان غير ما ينبغى فهو بذلك يجنى على نفسه وعلى مجتمعه وأمته بتخريج أجيال وأجيال لا تفهم شيئا ولا تدرك علما
ومن ذلك يبدأ بعض الطلبة _الذين يظنون أنهم مضطرون لذلك _ يفكرون فى هذه المسماة بالكورسات أو الدروس الخصوصية فى صورتها المطورة وماهى إلا احد الوسائل المبتكرة من وسائل النهب والنصب التى يكون هدفها هو الشئ الذى يسمونه بالامتحان ويظنون بأنهم كذلك يتعلمون !!
والبعض الآخر أو - تحريا للصدق – لنقل الجميع يشترون ورق الكورسات وهى تلخيص للمحاضرات – التى لم يعد يحضرها أحد بالأساس إلا القلة الذين يحضرون إرضاء لله وتبرئة لنفوسهم أمامه جل وعلا – المهم أن الجمع يشترى ورق الكورسات وغايتهم الكبرى وهدفهم الأعظم هو النجاح فى امتحان الترم أو آخر العام أما النجاح فى الحياة فلندع ذلك وشأنه حتى يأتى وقته ولا أدرى متى سيأتى وقته ؟؟!!
وبعد ذلك كله يكون تفكير جيل بل أجيال كامله فى الامتحان ... هل سننجح ؟ أم سنفشل ؟ أما الحياة وما بها وأما الأمة وحالها فلا شأن لنا بهما وبذا تكون هذه العملية التى يطلق عليها العملية التعلمية ما هى إلا عملية منظمة من النهب ليس فقط نهب الأموال لكن الأخطر والأفظع هو نهب العقول وحصر تفكيرها فى ساعة أو ساعتين من حياة الإنسان وبذا يتم نهب حياة الإنسان أيضا لتنتهى بلا فائدة !!!!!!!!!!!
أساتذتى الأفاضل :
والله ما تحدثت من وحى خيالى وما زدت عن عرض واقع مرير قيد أنملة بل يمكنى الجزم أنى ما استطعت عرض الصورة كاملة لسوادها الشديد الذى يجعلنى غير قادر على رؤية بعضها .
فقط تحدثت بلسان طالب يأسى لحاله وحال زمانه فى اليوم ألاف المرات ويتجرع من الهم لحال أمته ألاف الجرعات وإن لم تصدقوا فسألوا الجميع بلسان أب أو صديق ليجيبوكم بلا خوف ولا إرهاب وأظنكم ستسمعوا العجب العجاب بل أكاد أجزم أنكم ترون الواقع بل أكثر لكن أعجب حينما أراكم تغضون الطرف عنه ولا أدرى ما السبب ؟؟
أساتذتى
إن التغيير قادم لا محالة رضينا أم أبينا لذا فهذه رسالتى أرسلها لعلها تجد لها من يسمعها " علمونا رجاءا علمونا ولا تدعونا ننهب تارة واخرى تشاركون فى نهبنا ليس فقط نهب الأموال بل العقول والأذهان بل نهب أجيال وأجيال بل إن شئت فقل نهب تاريخ أمة ومستقبلها "

بقلى /
محمود أبو الخير