صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12

الموضوع: الانتخابات ... رؤية شرعية

  1. #1
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,136

    افتراضي الانتخابات ... رؤية شرعية


    بعد حمد الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على رسوله الكريم

    أسابيع ثلاثة إلا قليلا تفصلنا عن يوم الانتخابات المقررة فى 28 / 11 إن شاء الله

    و بهذه المناسبة أنقل موضوع الانتخابات رؤية شرعية و الذى نشره عالم الحديث الأسناذ الدكتور / عبد الرحمن البر على أكثر من موقع

    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    ونصلي ونسلم على سيدنا محمد، ، المبعوث رحمةً للعالمين، المبلغ للرسالة، المؤدي للأمانة، والمبيِّن للناس طريق الحق من طريق الغواية، وبعد..

    تمثل الانتخابات بشكلها المعاصر إحدى القضايا التي تُفرز أسئلة وإشكاليات فقهية عديدة، بدءًا من شرعية هذه العملية، والاختلاف الفقهي حولها؛ إذ يرى بعض المعاصرين أنها ليست مشروعة باعتبارها صنيعةً من صنائع غير المسلمين، ليس لها مثيل في العصور الأولى في الإسلام؛ ومن ثم ينظرون إليها على أنها بدعة منكرة، بينما يرى السواد الأعظم من العلماء غير ذلك.

    كذلك علاقة الانتخابات بالشهادة، وحكم الإدلاء بالصوت، ولمن يكون، وحكم المقاطعة لهذه الانتخابات إن كان البعض يرون أنها لعبة سياسية لا جدوى منها، وكذلك مسألة تغليب العصبية للقريب أو ابن البلد أو غيره على المصلحة العامة، وكذلك مسألة شراء الأصوات لضمان النجاح، وما الذي يفعله المرشح النزيه إن وجد خصمًا يلجأ إلى تلك الحيلة، وهل يحل له أو يحق له عندئذ أن يفعل ما يفعل خصومه حتى يدرأ المفسدة عن الأمة والشعب، وما علاقة ذلك كله بفقه الرشوة المحرم، وكذلك مسألة المرأة وعملية الانتخاب، هل لها أن تدلي بصوتها؟ أو أن تتقدم بالترشح نيابةً عن الأمة، باعتبارها فردًا من أفراد الشعب، أو ذلك مما يضرُّ بها، ويجعل الأمر غير جائز من الناحية الشرعية؟!

    وأيضًا في مجال الدعاية الانتخابية، تبرز أسئلة متعددة في آداب هذه الدعاية، وحكم استغلال الدين كأحد العوامل التي تسهم في كسب الرأي العام؛ باعتبار أن الدين له مكانة عظيمة في نفوس الناس في دولنا العربية والإسلامية، وكذلك الذين يتخذون هذا الدين ونصوص الشريعة تكأة يضمنون بها أصوات الناخبين، ويكثرون من الاستشهاد بالقرآن، مع أنه لا علاقة لهم بالمصحف ولا بالقرآن، وكذلك أموال هذه الدعاية، وكون ذلك من باب التبرعات، أو تتبنَّى بعض الهيئات الحكومية أو الأهلية تأييد مرشح معين، وغير ذلك من الإشكاليات الفقهية الكثيرة، التي تعترض العملية الانتخابية، والتي يسأل الناس فيها كثيرًا؛ ما يقتضي أن تُقدَّم لها معالجة فقهية صحيحة إن شاء الله.

    مشروعية الانتخابات
    إن المسلم بطبيعته يجب أن يعرف الحكم الشرعي لكل عمل يُقدم عليه، ولما كانت الانتخابات من الأمور المعاصرة التي تواجه الإنسان المسلم، فإن رجوعه واستفتاءه في مسألة الانتخابات يجب أن يكون إلى المرجعية الشرعية التي يثق بدينها، ويلتزم بفتواها، وله أن يسأل عن الدليل على الحكم الذي يقوله له هذا العالم أو ذاك، وله أن ينظر في الدليل الشرعي، إن كان من أهل النظر في الأدلة، وله أن يراجع العلماء، ويستفتي حتى يطمئن إلى الأمر الذي يقدم عليه.

    على أي حال، فإن المسلم مطالبٌ بأن يُعمل تفكيره، ويعود إلى نفسه، ويراجع أهل العلم والبصيرة؛ ليصل إلى ما يراه الأقرب للصواب، والله تعالى يقول: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)﴾ (النحل).

    ولما كانت الانتخابات من الأمور التي جدَّت في حياة المسلمين؛ اقتضى الأمر بيان الحكم الشرعي فيها، وبيان وجه الحقِّ فيها.

    المعلوم أن المسلم دائمًا تنبثق رؤياه من كونه يعيش في مجتمع، ويلتزم بعقيدة، ويلتزم بدين، والمسلم بطبيعة الحال من واجباته الأساسية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، يقول الله عز وجل: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)﴾ (آل عمران)، ويقول سبحانه: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)﴾ (آل عمران).

    فمن واجب المسلم الذي يعيش في أي مجتمع أن يسهم إيجابيًّا في حلِّ قضايا هذا المجتمع، بحسب وجهة نظره الإسلامية، وبالتالي فإذا أتيح له أن يشارك في انتخاب النواب الذين ينوبون عن الأمة في المسائل التشريعية أو في اختيار الحكومة، وفي إعطاء الثقة لها، أو نزعها منها، وفي درء المفاسد عن الأمة، وغير هذا من المصالح المترتبة على دخول النواب في مجلس الشعب؛ فإذا أتيح للمسلم أن يشارك في انتخاب هؤلاء النواب؛ فإن وجهة النظر الشرعية أنها فرصة لا يجوز للمسلم أن يضيِّعها، إذ لا بد أن يكون لها دور في إزالة بعض المنكرات، أو إشاعة بعض أنواع المعروف، أو رفع الظلم عمومًا عن الناس، ومنهم المسلمون، أو في إبعاد الفساد عن الدولة، ذلك الفساد بجميع أشكاله الذي يضر الناس جميعًا، ومنهم بالطبع المسلمون.

    وإذا تخلف المسلم عن المشاركة في مثل هذا الأمر؛ فقد قصر في القيام بواجبه الشرعي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي أوجبه النبي بقوله: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ".

    وإن من أهم وسائل إنكار المنكر أن ينكره النائب عن الأمة، الذي يتلقى الناس عادة، وتتلقى الحكومات ويتلقى ذوو الرأي كلامه بالقبول، وتنشره وسائل الإعلام على كل صعيد، ومن ثَمَّ كانت المشاركة في الانتخابات ترشيحًا وإدلاءً بالصوت نوعًا من الجهاد الأكبر؛ لأن فيها جهدًا كبيرًا يبذل لخدمة الإسلام والوطن والمسلمين، وسائر الناس أجمعين، وفيها كذلك رفع لبعض الضرر عن الأمة، وكذلك إزالة لبعض المنكرات من حياتها ضمن الحدود التي يستطيعها النائب الذي يتقدم إلى ذلك المجلس التشريعي.

    نعم هي جهاد أكبر؛ لأنها فريضة الوقت، فقضية الإسلام اليوم هي انحراف كثير من الحكومات عن دين الله تبارك وتعالى وعن شريعة الحق، وشيوع الفساد في كثير من الجوانب ومناحي الحياة على أيدي رجالات الدولة، والجهاد الأكبر هو في إصلاحهم أو استبدالهم.

    ولا شك أن المشاركة في الانتخابات هي الوسيلة المعاصرة الآمنة لذلك، وهي التي تدخل في حدود الاستطاعة.

    أما الذي لا يشارك في عمليات الانتخابات، فإنه يفوته القيام بهذا الواجب، وإن كان يقوم بواجبات أخرى، لكنها ليست بديلاً فيما نرى عن المشاركة في الانتخابات وأي أنشطة أخرى لا تزيل عن المتخلف إثم التخلف عن هذه المشاركة.

    فالقائم بهذا الأمر له أجره، والمتخلف عن هذا الواجب عليه إثمه، والله تعالى يقول: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)﴾ (الأنبياء).

    وبناءً على ذلك نقول:

    أولاً
    العمل النيابي عن الأمة هو أسلوب من أساليب الحسبة، والمجالس التشريعية (مجلس الشعب وغيره) هي منبر من منابر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبخاصة إذا كان الاعتماد في الحسبة هو التغيير باللسان وليس بالقوة التي لا تؤمن عواقبها، ولا شك أن الحسبة واجب شرعي عيني يمكن أن يكون باليد بشروط، كما يمكن أن يكون باللسان بشروط، كما يمكن أن يكون بالقلب وهو الحد الذي لا يعذر المسلم بتركه.

    ثانيًا
    أُطمئن الذين يترددون عن المشاركة بزعم أن المشارك في مجالس لا تلتزم بأحكام الإسلام يُضطر إلى أن يقبل بأحكام تخالف شريعة الله؛ أقول أبدًا، إن المشاركة في المجالس النيابية لا تُلزم بقبول أي موقف تشريعي أو سياسي يُخالف الشريعة، بل للنائب أن يُعارض، وله أن يقدم البديل، وله أن ينتقد، وله أن يقاطع، وله أن ينسحب، وله أن يقدم المشروعات التي تتوافق وروح الشريعة السمحاء، فإذا كانت المشاركة للنائب لا تُلزمه بقبول موقف غير شرعي، فهذا دليلٌ على إباحتها وجوازها، وعدم الجواز إنما يتعلق بالذين يمارسون النيابة عن الأمة بصورة غير شرعية، والذين يسكتون عن القوانين الباطلة، ولا يعارضونها، ولا يعملون على إصلاح النظام بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.

    بل أقول: إن عدم الدخول في المجالس النيابية وعدم المشاركة فيها، وعدم القيام بهذا الأمر مع القدرة والاستطاعة؛ أشبه بالهروب من المسئولية والتولي يوم الزحف؛ لأن ترك هذه المواقع لمن يسخرونها لمحاربة الإسلام، ومخالفة الشريعة واستلاب حقوق الضعفاء والمحرومين من أي ملة كانوا؛ ينافي مقاصد الشرع الحنيف الذي جاء للعمل على تحقيق العدالة والمساواة، ورفع الظلم والقهر والتسلط عن عباد الله في حدود المستطاع.

    ثالثا
    المشاركة في المجلس النيابي أو التشريعي هي باب من أبواب الدعوة إلى الإسلام، وعرض أفكار الإسلام ومبادئه، من خلال المناقشة والحوار والاحتكاك بالآخرين، بل المجلس النيابي منبر من أخطر المنابر الدعوية وأعمها وأشملها وأفعلها، في إيصال الصوت الإسلامي إلى كلِّ الناس، على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم ومواقعهم السياسية والنقابية والعلمية والاقتصادية.

    حقيقة
    إن المشاركة فرصة لعرض المشروع الإسلامي من جميع جوانبه، وبجميع مفرداته؛ حتى لا يبقى للناس على الله حجة.

    وأخيرًا..
    إن المشاركة في المجالس النيابية والتشريعية من شأنها أن توفر الكثير من الفرص لتحقيق مصالح الناس، ودرء المفاسد عنهم، وتقديم المشروعات التي تساعد على تحقيق الإنماء المتوازن والإعمار المتوازن، والدعوة إلى تكافؤ الفرص أمام جميع أبناء الأمة.

    وعلى هذا فإن مشاركة الإسلاميين في المجالس التشريعية في كلِّ الأحوال، باتت ضرورةً ملحَّة، تفرضها اعتبارات كثيرة:

    منها:
    الانتقال بالطرح الإسلامي من المستوى النظري التجريدي الوعظي الخطابي إلى المستوى العملي التجريبي.

    ومنها:
    تعريف الغير بالمشروع الإسلامي وأصالته ونقائه وخصائصه المختلفة، وخصوصًا بعد أن أصابه تشويه مفتعل متعمد من أولئك الذين تكلموا باسمه أو مارسوا تحت عنوانه ممارسات شاذة غير صائبة وغير حكيمة.

    ومنها
    أننا حين نترك مشروعنا الإسلامي ليتحدث عنه الغالون، أو يتحدث عنه الجافون فإننا نظلم مشروعنا الإسلامي، وإن من واجبنا أن نُعَرِّف الغير بحقيقة هذا المشروع بأصالته وجزالته ونقائه ومرونته.

    ومنها
    الانتقال بالحركة الإسلامية من إطار الشريحة التنظيمية إلى إطار الحالة الجماهيرية، وبالتالي تطوير الطرح والخطاب والممارسة تطويرًا نوعيًّا كميًّا من شأنه أن ينتقل بالحركة من قيادة النخبة إلى قيادة الأمة.

    ومنها:
    أن من واجبنا تعبئة الفراغ الذي خلفه سقوط التيارات العلمانية والقومية المختلفة، التي كانت وإلى فترة غير بعيدة مصادرة للقرار السياسي باسم المسلمين، هذه التيارات التي سقطت، وبان عوارها، وانكشفت سوءاتها، يحتاج الأمر إلى ملء الفراغ الذي خلفه سقوطها، ولا يملأ هذا الفراغ إلا حملة دعوة الإسلام، ورسالة الإسلام الذين يجب أن يفقهوا هذا الأمر، وأن يشاركوا في هذه العملية.

    ومنها:
    تحقيق حالة الانسجام مع المدِّ الإسلامي الدعوي والمقاوم المتنامي في كلِّ أرجاء الدنيا، والذي يتهيَّأ لأخذ دوره على كلِّ صعيد؛ لنقوم بطرح الإسلام كبديل حضاري وتشريعي وحيد، ليس للمسلمين فقط، بل للبشرية برمتها.

    إنه لم يعد مقبولاً أن تبقى الساحة الإسلامية بعيدة عما يجري، وغير عابئة ولا مشاركة ولا صانعة لما يجب أن يجري، أو لما يمكن أن يجري.

    إن على كل فصائل الحركة الإسلامية أن تتقدم للمشاركة في هذه العملية الانتخابية تحت سقف مشروع إسلامي وطني واحد؛ لمواجهة العربدة والمشاريع الأمريكية الصهيونية التي تريد أن تجتاح الأمة على كل صعيد.

    وللحديث بقية بإذن الله تعالى



    أسأل الله أن ينفعنا و ينفع أمتنا بهذه الكلمات و أن يجعلنا سببا فى نصرة الإسلام

    اللهم آمين

    و السلام عليكم و رحمة الله بركاته

  2. #2
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,136

    افتراضي

    الانتخابات.. رؤية شرعية (2)

    بقلم: أ. د. عبد الرحمن البر

    في مقاطعة الانتخابات تعطيل للقواعد الشرعية:

    إن مقاطعة الانتخابات ترشيحًا أو اقتراعًا، في هذه الظروف التي نعيشها، ما لم تكن له أسباب مصلحية معتبرة، من شأنه أن يُعطِّل جميع القواعد الفقهية التي تتعلق برفع الحرج عن الأمة.

    إن القواعد الشرعية تقول:

    المشقة تجلب التيسير.
    وتقول: إذا ضاق الأمر اتسع.
    وتقول: الضرر يُزال.
    وتقول: الضرر لا يُزال بالضرر.
    وتقول: إذا تعارضت مفسدتان رُوعِي أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفهما.
    وتقول: درء المفاسد مقدَّم على جلب المنافع.
    وتقول: يتحمل الضرر الخاص لأجل دفع الضرر العام.
    وتقول: يجب الأخذ بأخف الضررين وأهون الشرَّين،


    إلى آخر هذه القواعد التي تتعلق برفع الحرج عن الأمة، وإن المقاطعة تُعطِّل هذه القواعد، بل المقاطعة هي سكوتٌ عن الحق، وهي قبولٌ بالمنكر، وهي قعودٌ عن الإقدام على تغييره، ولا شك أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، والساكت على المنكر، هو ذلك المعنى بقول رسول الله : "لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ لَتَدْعُوُنَّهُ فَلاَ يَسْتَجِيبُ لَكُمْ".

    وإن أشد المنكرات خطورةً لهي المنكرات السياسية، التي تُؤصِّل للاستبداد، وتمنع الناس حقوقهم، فتترتب عليها المظالم الاجتماعية والمفاسد الاقتصادية، وسائر أنواع الفساد في كل نواحي الحياة.

    المشاركة تدرئ المفاسد عن الأمة:

    إن المشاركة الانتخابية ترشيحًا واقتراعًا، من شأنها أن تدرئ الكثير من المفاسد عن الأمة، فعلى سبيل المثال: يمكن أن يحقِّق الأداء النيابي الأهداف التالية:

    أولاً:
    تقويم بعض السياسات التربوية، التي من شأنها حين يتم تقويمها أن تنعكس إيجابًا على تكوين أجيال مسلحة بالعلم والأخلاق، تبني مجدها، وترفع لواء أمتها.

    ثانيًا:
    تقويم بعض السياسات الإعلامية، التي من شأنها أن تنتقل بوسائل الإعلام من حالة التخريب الأخلاقي إلى حالة البناء.

    ثالثًا:
    تقويم بعض السياسات الاقتصادية، التي من شأنها أن تحقق للأمة الكفاية والرفاهية والعيش الكريم، في التعليم والغذاء والعلاج والإسكان، وغير ذلك، إضافةً إلى ما يمكن استحداثه من مؤسسات مصرفية غير ربوية؛ تدفع الحرج الشرعي عن المسلمين، وتيسِّر للمتورعين عن التعاطي الربوي فرصة استثمار أموالهم استثمارًا شرعيًّا حلالاً.

    رابعًا:
    تقويم بعض السلوكيات من خلال تقديم مشاريع بقوانين من شأنها الحد من التداعيات الأخلاقية، وكبح جماح ظواهر العُهر والفجور والفساد الأخلاقي والتحلل الأخلاقي، وتعاطي المخدرات، وغيرها من أسباب الإدمان الكحولية وغير الكحولية، ومن خلال تحصين الأجيال المسلمة، ودفعها إلى التمسك بالقيم الدينية والمكارم الأخلاقية.

    خامسًا:
    تقويم بعض السياسات البيئية، والتي من شأنها حين يتم تقويمها التخفيف من الأخطار الناجمة عن تخلف أساليب التخلُّص من النفايات ودخان المصانع والسيارات، إضافةً إلى المخاطر الناجمة عن شركات ومستودعات الغاز والنفط المتجاوزة أبسط قواعد المحافظة على الاعتبارات البيئية والصحية والأمنية.

    مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني من خلال المجالس النيابية:

    إن العمل من خلال المجالس النيابية والتشريعية، يُمَكِّن من تحقيق المواجهة الصحيحة للمشروع الأمريكي الصهيوني، ويمكن من خلال ذلك وقف زحف العولمة الفكرية والتربوية والإعلامية والأمنية والعسكرية، على غرار ما تقوم به المقاومة الباسلة في فلسطين والعراق وغيرها، والتي تواجه هذا المشروع في الميدان العسكري، ومن شأن دخول الصوت الإسلامي البر الطيب النافع أن يوفر دعمًا قويًّا، وأن يُعلِّي من الحس الوطني الجهادي الذي يساعد على مواجهة هذه المشاريع، التي تهدف إلى تغريب الأمة وبسط هيمنة الأجانب عليها، والتي يسعى النظام الدولي وقوى الاستخبار في العالم إلى فرضها على منطقتنا.

    الانتخابات مشروع شرعي أصيل:

    ثم إني أقول لأولئك الذين يتصورون أن الانتخابات ليس لها أصل شرعي.
    أقول: بل الانتخابات مفهوم شرعي أصيل.
    إن النبي حين بايعه الأنصار في بيعة العقبة الثانية قال
    : "أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا يَكُونُونَ عَلَى كفلاء قَوْمِهِمْ وأكون كفيلاً على قومي".

    إذًا النبي يطلب من جموع الأنصار التي جاءت تبايعه أن تخرج له اثني عشر نقيبًا، ومعنى هذا أن تنتخب هذه المجموعة اثني عشر يمثلون هذه المجموعة كلها، وينوبون عنهم في عقد المبايعة مع النبي .

    صحيح لم يحدث انتخابات بالصورة التي تحدث في يومنا هذا، لكن هذه كلها أشكال لعملية الانتخاب، لكن المضمون واحد، وهو عملية الانتخاب.

    بل أرسل الله إلى بني إسرائيل وبعث منهم اثني عشر نقيبًا.

    والمقصود بالنقابة أن النقيب كفيل عن قومه.

    فقضية انتخاب فئة تمثل الأمة قضية إسلامية ومفهوم إسلامي أصيل، وأشكال هذا الدور يتغيِّر من وقتٍ إلى آخر، ولا بأسَ من ذلك ما دام المضمون قائمًا وصحيحًا.


    التزوير للانتخابات لا يدفعنا إلى اليأس:
    وأقول للذين يتقاعسون، ويقولون: نحن نقاطع الانتخابات لأنها ستُزور مثل كل مرة، ولن ينجح أحد ممن سنختارهم، والأولى بنا أن نقاطعها؛ لأنها لا فائدةَ من الإدلاء بالصوت فيها؛ لأن النتيجة محسومة سلفًا.

    أقول لهؤلاء: أيها الأحبة، لقد قرر الإسلام الشورى باعتبارها قاعدة من قواعد الحياة الإسلامية، وأوجب على الحاكم أن يستشير، وأوجب عن الأمة أن تتناصح، واعتبر النصيحة هي الدين كله، وفي الحديث أن النبي قَالَ
    : "الدِّينُ النَّصِيحَةُ" فقال الصحابة: لِمَنْ؟ قَالَ: "للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ".

    ومعنى النصيحة لأئمة المسلمين، أي: لأمرائهم وحكامهم، فقد جعل الإسلام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضةً لازمةً، وجعل أفضل الجهاد كلمة حق تُقال عند سلطان جائر، وجعل مقاومة الطغيان والاستبداد والفساد أرجح عند الله من مقاومة الغزو الخارجي، واعتبر المجاهد بكلمة الحق عند الجوَرة والظَلمة، أعلى درجةً من المجاهد في الميدان؛ لأن الغزو الخارجي غالبًا ما يأتي عند حصول الفساد الداخلي، وإذا نظرنا إلى نظام الانتخاب أو التصويت، فإنه باب من أبواب النصيحة الشرعية التي لا يصح التخلُّف عنها لأي سببٍ من الأسباب.

    ومن واجبنا أن نعمل على إنقاذ السفينة، شاء الناس أم أبوا، قبل المفسدون أم رفضوا، إنما نحن الذين يجب أن نقوم بدورنا، وأن نمنع بخروجنا وبمواقفنا التزوير، ونمنع تزوير إرادة الأمة بخروجنا.

    ثم إن الانتخاب يعدُّ شهادةً للمرشح بالصلاحية، ومن ثَمَّ يجب أن يتوفر في الإنسان الذي يترشح والذي يُعطى هذا الصوت، يجب أن تتوفر فيه العدالة، ويجب أن تتوفر فيه الأسباب التي تجعله صالحًا للقبول، وعندئذٍ تكون الشهادة له شهادة حق، أما الشهادة لغير الصالح وغير الكفء وتقديمه؛ فهو لون من ألوان الزور الذي أمرنا الله باجتنابه فقال: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ(الحج: من الآية 30).

    نعم إنه لا يحل لنا أن نشهد بالصلاحية لمرشحٍ لمجرد أنه قريب أو ابن بلد أو لمنفعة شخصية قدَّمها، أو ترتجى من ورائه، بل يجب أن تُقام الشهادة لله: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلهِ﴾ (الطلاق: من الآية 2).

    والذي يتخلف عن أداء هذا الواجب، وعن أداء هذه الشهادة ويؤدي تخلفه إلى رسوب الكفء الأمين، وإلى فوز غيره، ممن لم تتوفر فيه أوصاف القوي الأمين، فالذي يفعل هذا يكون قد خالف أمر الله في الشهادة، فقد دُعي للشهادةِ فأبى، والله تعالى يقول: ﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ (البقرة: 282).

    وكَتَم الشهادة حين احتاجتها الأمة، فالله تعالى يقول: ﴿وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: من الآية 283).

    ليس الترشيح تزكية للنفس المنهي عنها:

    سائل يسأل: أليس الترشح بابًا من أبواب تزكية النفس؟ وهو أمر غير مقبول شرعًا، فالذي يرشح نفسه للدخول في الانتخابات، ألا يدخل ذلك من باب التزكية؟، والله تعالى يقول: ﴿فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى(النجم: من الآية 32).

    نقول: ليس الترشح للانتخابات- إذا صحت نية المتقدِّم والمرشح- من باب تزكية النفس، إنما يدخل في بابٍ من يظن في نفسه القدرة على تمثيل الناس، والمطالبة بحقوقهم، ورفع الظلم عنهم، وأداء المصلحة لهم، وهذا أشبه بقول سيدنا يوسف عليه السلام: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ(يوسف: من الآية 55)، فهو عليه السلام وعلى أنبيائنا أجمعين، قدَّم نفسه إلى الولاية على الشئون المالية للناس؛ لما يعلم في نفسه من الأمانة والحفظ، أما طلب الإمارة، فهذا الذي جاء في الشريعة التحذير منه، وقال : "إِنَّا وَاللَّهِ لاَ نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ وَلاَ أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ وهذا بالنسبة للولاية العامة على شئون الأمة، أما التمثيل النيابي في البرلمان، فهو وكالة عن الأمة للمطالبة بحقوقها، ورفع الظلم عنها، ودرء المفاسد عنها، ومحاسبة الحكومات، ومتابعة عملها، وليس له علاقة بالولاية التمثيلية التي يقوم بها رئيس الجمهورية أو الملك أو الأمير أو رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو غيرها من الولايات العامة على الأمة.

    ومع ذلك فإننا نرى أن تقوم الحركات الإسلامية يترشيح مَن تتوسم فيه الخير من أعضائها أو من غيرها من الإسلاميين، الذين يحملون المشروع الإسلامي، وتقدمهم إلى الأمة، وتدعو الناس إلى انتخابهم، وبهذا تُبعِد أية شبهة في طلب الولاية، أو في تزكية النفس، وهذا ما تفعله الحركة الإسلامية حين تختار بعض رموزها أو بعض أفرادها، أو بعض من تتوسم فيهم الخير؛ لتقدمهم إلى الترشح، ليمثلوا الأمة في المجالس التشريعية.

    وللحديث بقية بإذن الله تعالى
    .

  3. #3
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,136

    افتراضي

    السلام عليكم

    و كل عام و أنتم إلى الله أقرب و على طاعته أدوم و إلى الخيرات أسبق

    و رزقنى الله و إياكم حسن الطاعة و القبول فى خير أيام العام ألا و هو يوم عرفة

    و مع إكمال سلسلة الانتخابات .... ر}ية شرعية للأستاذ الدكتور / عبد الرحمن البر

    الانتخابات رؤية شرعية (3)



    التحالفات الانتخابية :

    والعملية الانتخابية تجرنا إلى بعض المسائل المتعلقة بها بعد أن أفضنا في بيان –لا أقول مشروعية الانتخابات- بل وجوب المشاركة في الانتخابات، وحرمة التخلف، وإثم القعود عن المشاركة ترشيحا واقتراعا، طالما ثبتت المصلحة الشرعية المعتبرة للمشاركة.

    نأتي إلى مسألة ترد على ألسنة الكثيرين من الناس، وهي ما يسمى بالتربيطات والتحالفات الانتخابية.

    فبعض الناس يقول: إن الإسلاميين، الذين يحملون المشروع الإسلامي، ربما تحالفوا مع من يحمل مشروعا غير إسلامي أو غير ذلك.

    فما حكم هذا التحالف، وما حكم هذا التنسيق أو هذه التربيطات.

    وأقول أيها الأحبة:

    أولا: إذا كان التحالف مع جهتين إسلاميتين، أو بين مرشحين إسلاميين، يحملون المشروع الإسلامي، فهذا تحالف مبدئي والحاكم فيه على الطرفين هو الإسلام ومبادؤه العامة، حتى إذا كان بين الفريقين بعض الاختلافات الشرعية في بعض المسائل الشرعية الجزئية، فثمة الكثير من المبادئ يتفق عليها الجميع، وإن من واجبنا أن نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه.

    أقول: بل يجب أن يقوم هذا التحالف بين حملة المشروع الإسلامي، بل هو من أقوى أنواع التحالف المأمور به شرعا، لقول الله تعالى:]وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ[ [المائدة:2].

    ***أما التحالف السياسي الذي يضطر إليه أحد المرشحين الإسلاميين، أو تضطر إليه جهة إسلامية، فتتعاون مع جهة لا تحمل المشروع الإسلامي، أو مع مرشح غير إسلامي، أو حتى مع مرشح غير مسلم، كالتحالف مع الجهات الوطنية والقومية وغيرها.

    فهذا التحالف يجوز إذا كانت هناك قضايا سياسية عامة متفق عليها، تلتقي فيها وجهة النظر الإسلامية مع وجهة نظر أصحاب الاتجاهات الأخرى، كالقضايا الكثيرة التي يتفق عليها الجميع، مثل: قضية محاربة الفساد المالي والإداري في الدولة، وقضية محاربة الرشاوى، وقضية المطالبة بتعديل القوانين سيئة السمعة، أو القوانين المخالفة للشريعة حتى تنسجم مع أحكام الشريعة... إلى غير ذلك من قضايا الحريات والدعوة إلى رفع قوانين الطوارئ والقوانين السيئة، فكل هذه الأمور المشتركة، لا بأس أن يحدث تحالف بين من يعمل على هذا الصعيد سواء كانوا إسلاميين أو غير إسلاميين، يحملون المشروع الإسلامي، أو يحملون مشروعا قوميا أو وطنيا أو غير ذلك، فلا بأس عندئذ بالالتقاء على هذه الأسس السياسية المشتركة والتي هي مقبولة من وجهة النظر الإسلامية، وهذا مما يساعد المرشح الإسلامي أو الجهة الإسلامية على تحقيق بعض أهدافها بالتعاون مع الجهات الأخرى التي تعيش معها في نفس المجتمع وتشاركها المواطنة، وتتقاسم معها هموم الوطن والمواطنين.

    ومما يدل على جواز هذا التحالف، حلف الفضول، الذي شارك فيه النبي صلي الله عليه وسلم في الجاهلية، وقد كان حلفا بين زعماء قريش على إغاثة الملهوف، ومساعدة المحتاج، وغير ذلك من مكارم الأخلاق، والتي جاء الإسلام بالدعوة إليها، وقد قال صلي الله عليه وسلم بعد ذلك: «لَقَدْ شَهِدْتُ فِى دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ وَلَوِ أُدْعَى بِهِ فِى الإِسْلاَمِ لأَجَبْتُ».

    إذًا، لا بأس بالتحالف على المسائل المشروعة، والتي هي مقبولة من وجهة النظر الإسلامية.

    أما التحالف مع من يُعلن رفض المشروع الإسلامي جملة وتفصيلا، ومع من يدعو إلى عدم تطبيق الشريعة، ومع من لا يلتزم بصميم الدستور الذي ينص على اعتبار الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد من مصادر التشريع، هذا هو غير الجائز شرعا أن نعمل على إنجاح مرشح يكون همه محاربة الشريعة ومحاربة المشروع الإسلامي.

    لكن التحالف مع غير الإسلاميين من القوميين والوطنيين وغيرهم من أجل قواعد مشتركة، أمر جائز لا أرى فيه أية شبهة مخالفة للشريعة أو لحقائق الدين، والله أعلم.

    التصويت بالعصبية ممقوت:

    وهذا ينقلنا إلى مسألة التصويت بالعصبية أن يقوم أبناء قرية معينة، أو مدينة معينة أو حي معين، أو أهل عائلة معينة، بالتصويت لقريبهم، ولابن بلدهم، وغير هذا من الأسباب التي للأسف استشرت في مجتمعاتنا.

    أحب أن أقول أيها الأحبة: إن الإسلام لما جاء وجد أهل الجاهلية يتعصبون لقبائلهم، ويتحزبون لانتماءاتهم العرقية، يفتخر بذلك بعضهم على بعض، فجاء الإسلام لينهى عن تلك العصبية الممقوتة، قال : «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»([1]).

    وجاء الإسلام ليرتب على ذلك ترك العصبية للأهل والأقارب؛ لأن فيها اتباعا للهوى وغمصا للحق، وإنكارا للعدل، وتسويغا للباطل، ورضا بالظلم، وهذه كلها أمور تناقض تعاليم الإسلام السمحة، وتخالف قيمه النبيلة.

    لقد جاء الإسلام يدعوا المسلمين إلى التمسك بالحق والعدل حيثما كان، قال الله جل وعلا ]وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى[ [المائدة:8]. والمعنى لا يدفعنكم كراهيتكم لقوم، أو بغضكم لقوم، على ظلمهم أو انتقاص حقهم، بل اعدلوا فالعدل أقرب للتقوى، بل إن الإسلام يدعو المسلم أن يقول كلمة الحق ولو على نفسه، ولو على والديه، ولو على الأقربين، يقول جل وعلا: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا[ [النساء:135].

    إن الإسلام يلزم المسلم أن يكون قواما بالعدل، مؤديا لشهادة الحق، قاصداَ بقوله وفعله وجه الله، صادعا بالحق والعدل ولو على نفسه، ولو على أحب الناس إليه وآثرهم إليهم كوالديه وأقاربه وذوي رحمه .

    إن الإسلام يحذر من العواطف في مثل هذه الأمور، ويحذر من الانحياز إلى صاحب الباطل بزعم قربه أو قرابته، فإن ذلك من اتباع الهوى، والانحراف عن الجادة.

    ولذلك فإني أقول: إن عليك أيها الأخ المواطن الكريم، عندما تتقدم إلى الاقتراع، وتدلى بصوتك، ألا تتعصب إلا للحق، وألا تنحاز إلا إلى العدل، وأن تكون قواما لله بشهادتك، عليك أن تختار لأمتك أفضل من يمثلها، ويقوم بمصالحها، ولو لم يكن قريبا لك، ولا من بلدك، عليك أن تتجنب اختيار من يسيء إلى الأمة، وإن كان أقرب إليك وأحب إلى نفسك؛ لأن هذا هو صحيح الإسلام.


    شراء الأصوات


    ويجرنا ذلك إلى قضية شراء الأصوات من بعض ذوي المال واليسار، حين يتدخل أصحاب الأموال، ليجمعوا ما بين الاقتصاد والسياسة فيقدمون الرشاوى للأمة بأشكال مختلفة.



    ما حكم الذي يقدم رشوة لمواطن لكي يدلى بصوته لمصلحته؟

    وما حكم الذي يأخذ هذه الرشوة؟

    المعلوم من حقائق الشريعة أن الرشاوى بجميع أنواعها وأشكالها محرمة في شريعتنا الإسلامية، بل وفي كل الشرائع، وكل الناس يعتبرون الرشوة رذيلة من الرذائل و الله تعالى يقول: ]وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[ [البقرة:188].

    والنبي صلي الله عليه وسلم يحرم قبول الرشوة بقصد أو بغير قصد، ويلعن الراشي والمرتشي والرائش أي الوسيط عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم«الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ. يَعْنِي الَّذِي يَمْشِي بَيْنَهُمَا»([2]).

    ولهذا فإنه لا يجوز لأي مرشح شراء الأصوات من أي واحد من الناخبين كما لا يجوز لأي ناخب أن يبيع صوته لأي واحد من المرشحين؛ لأن الانتخاب أمانة وشهادة، والمطلوب من المسلم أن يؤدي الشهادة لله بما يرضي الله، فإذا أخذ مبلغا من المال، وأعطى صوته لمن يدفع له هذا المبلغ، فهي حينئذ شهادة زور، لا ترضي الله تبارك وتعالى، والذي يفعل ذلك مثله كمثل من يشهد على إنسان بريء أمام القضاء فيجرمه بغير حق، أو يشهد شهادة تؤدي إلى تبرئة مجرم، وهذه شهادة زور، وقد نهي النبي صلي الله عليه وسلم عنها بأبلغ صور النهي حين قال: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَوْ قَوْلُ الزُّورِ». وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَمَازَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ([3]).

    وهذا الكلام يجرنا إلى الحديث عن ضوابط الاختيار وآداب المرشح.

    إذا كانت الانتخابات هي الوسيلة التي تؤدي إلى اختيار من يمثل الأمة في شؤون الحكم، وإدارة البلاد، وتقديم التشريعات، ورفع الضرر، وإزالة الظلم والفساد، وغير هذا.

    وإذا كان المسلم وإذا كان المواطن يعطي رأيه في هذه الانتخابات، فإن من واجبه أن يختار السلطة والممثلين الإسلاميين الذين يحكمون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم وما لم يجد مرشحا إسلامياَ فعليه أن يختار الأفضل من بين المرشحين أو على الأقل، يختار الأقل ضررا ولا يمتنع من إبداء رأيه، وذلك مبني على القاعدة الشرعية وهي اختيار أخف الضررين، وإن على من يمارس حقه في الترشيح والانتخاب أن يعرف الأحكام الشرعية الخاصة بهذا الأمر.


    الشروط التي يجب توافرها فيمن يرشح نفسه لعضوية البرلمان

    فالمرشح لنيل العضوية والقيام بتمثيل الأمة في البرلمان، يتطلب أن تتحقق فيه مجموعة من الشروط:

    الشرط الأول:


    ألا تكون نيته التنافس على مناصب الدنيا، أو الحصول على مكسب من مكاسبها الزائلة فهذه آفة الآفات أن يتقدم لمصالحه الخاصة، وأن يضحك على الناس ويخدعهم بأنه يريد أن يحقق مصالحهم، والحقيقة أنه يسعى وراء مصالحه الشخصية، وربما ينفق في سبيل ذلك كثيرا من الأموال، يعمل على استرداد أضعاف أضعاف هذه الأموال من خلال تحقيق مصالحه الشخصية.

    يجب أن تكون نية المرشح أن يدخل لتقديم الخير للأمة، وعدم التنافس على مناصب الدنيا، بل ابتغاء وجه الله، وقياما بحق هذا الوطن ونفع هؤلاء الناس.

    أما الشرط الثاني:

    فعليه ألا ينافس من هو أكفأ منه، وأجدر لهذا الموقع، فإذا علم أن أحد المرشحين أكفأ منه وأجدر وأقدر على القيام بهذا الأمر فإن عليه ألا يقدم نفسه في مواجهته.

    الشرط الثالث:

    كذلك من الشروط: أن تتوفر فيه القدرة على القيام بحق هذا العمل، وأداء واجباته وتبعاته من الإصلاح والمتابعة، وما تقتضيه النيابة عن الأمة في تحقيق مصالحها، ورفع الظلم والضرر عنها، مثلما ذكر الله تبارك وتعالى على لسان بنت الرجل الصالح، عن سيدنا موسى u: ]إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ[ [القصص:26]. ومثلما ذكر الله على لسان سيدنا يوسف u حين تقدم لولاية الشؤون المالية: ]اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ[ [يوسف:55].

    أما أن يتقدم أي إنسان وليست لديه القدرة على القيام بهذا الأمر فهذا أمر يجعل طلبه غير مشروع.

    ولهذا فإن الذين يستحقون أن يتقدموا للترشيح، هم أصحاب الكفاية العلمية والأخلاقيةـ الذين لهم قواعد جماهيرية في البلاد المختلفة التي يمثلونها، والذين لهم امتدادات من إخوانهم وأحبائهم، يرفعون إليهم مظلوميات الأمة، ويرفعون إليهم واقع الأمة، ويرفعون إليهم حاجات الأمة، ويساعدونهم على تحقيق مصالح الأمة.

    المرشح الذي يتقدم لا يجب أن يكون مرشحا منقطعا ليست له قواعد جماهيرية في مختلفة أرجاء الدائرة التي يمثلها بل يجب أن يكون هذا المرشح له قواعده في مختلف أرجاء الدائرة من إخوان صادقين ناصحين، ينقلون له نبض الجماهير، وأحاسيس الأمة، ينقلون إليهم مشاكلها ويساعدونه على أن يقف على واقع الأمر، وينقلون إلى الناس كذلك ما يتقدم به وما يقدمه، هذا ما يجب أن يتوفر فيمن يتقدم للترشيح نيابة عن الأمة.

    آداب الدعاية الانتخابية

    وعليه حينما يقوم بالدعاية أن يتمتع بمجموعة من الآداب:

    الأدب الأول:

    مهم جدا ألا ينشغل في مرحلة الدعاية عن واجباته الشرعية وطاعته لله، المرشح الذي ينشغل بالدعاية عن الصلاة، وينشغل بالدعاية عن طاعة الله أحرى أن ينشغل بعد الدعاية عن الأمة التي وكلته، المرشح الذي لا يخاف الله تبارك وتعالى ولا يراقبه أحرى إذا كان لا يخاف من الله، ولا يراقب الله، أحرى ألا يراقب الذين انتخبوا وألا يسعى في مصالحهم بعد ذلك.

    الأدب الثاني:

    التحلي بالخلق الإسلامي الرفيع بين الناس وأن يكون مهذبا في عباراته مؤدبا في ألفاظه جيدا في سلوكه.

    الأدب الثالث:

    يجب عليه ألا يتكلف المبالغ الطائلة في حملته الانتخابية حتى لا يقع في الإسراف الذي جاء النهى عنه شرعا: ]وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ[ [الأنعام:141].

    الأدب الرابع:

    ألا يذكر أحد منافسيه بالسوء وألا يفتري على الناس كذبا وبهتانا: ]وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ[ [الصف:7].

    إن المنافسة الانتخابية لا تعطي لأحد الحق في أن يتجاوز الآداب والقيم الإسلامية في الحديث عن المخالف، لا يجوز لمن يتقدم نيابة عن الأمة أن يكون لسانه سليطا حديدا يعيب الناس بما ليس فيهم ويتكلم على الناس بالسوء.

    إن الذي تكون حملته الانتخابية عبارة عن إساءة للآخرين، هو إنسان فج، لا يصح أن يعبر عن الأمة، ولا أن يمثلها في شيء؛ لأن مثل هذا الشخص حري إذا حقق مصلحته ألا ينظر إلى مصالح الأمة، وحري إن تكلم مع الناس عند الترشح بلسان لين أن يتكلم معهم بعد ذلك بلسان حديد قبيح شديد.

    الأدب الخامس:

    من الآداب التي يجب أن يتمتع بها المرشح في دعايته أن يكون صادقا لا يعد بما يعلم أنه قد يكون غير قادر على تنفيذه، فإن الوفاء بالعهد من الإيمان وإن خُلف الوعد صفة من صفات النفاق.

    الأدب السادس:

    ألا يقدم رشاوى للناخبين أي كان نوعها، سواء أكانت رشاوى مباشرة مادية مباشرة أم غير مباشرة، كأن يعين ابن هذا، ويعمل مصلحة لهذا بغرض شراء صوته؛ لا احتسابا لوجه الله.

    آداب الناخب

    وفي المقابل فإن على الناخب أن يبحث عن الأكفأ ليختاره ممن تتوافر فيه الكفاية والقدرة على القيام بالعمل الذي سيوكل له بعدالة وحكمة.

    إذا توافرت الشروط التي سبق ذكرها في المرشح، فلا يجوز لك أن تختار غيره، ولو بحجة مبادلة الأصوات أو شرائها، لا يجوز أن تبيع صوتك في هذه الحالة بل عليك أن تختار الأكفأ الذي توفرت فيه شروط القدرة على القيام بهذا الواجب.

    - كذلك على الناخب أن يحذر أن يكون اعتبار الاختيار هو صلة القرابة أو الصداقة أو الجوار أو البلدية أو المصلحة أو العصبية للعائلة أو العصبية لفرقة ينتمي إليها ونحو هذا.

    - وأشد من ذلك أن تحذر أن يكون اختيارك قائما على أساس من الرشوة سواء كانت الرشوة مادية أو معنوية فهي حرام شرعا.

    وللحديث بقية إن شاء الله تعالي .



    ............

  4. #4
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,136

    افتراضي


    مع الجزء الرابع و الأخير فى هذه السلسلة الطيبة للأستاذ الدكتور / عبد الرحمن البر


    ترشيح المرأة

    ثم ننتقل أيها الأحبة إلى مسألة تالية مسألة أخرى هي قضية ترشيح المرأة في الانتخابات، تمثل الأمة في البرلمانات، في مجلس الشعب وغيرها، تلك القضية التي كَثُر فيها الكلام ووقف بعض الناس الإسلاميين منها موقفًا فيما أرى غير صحيح حين رأوا عدم جواز خروج المرأة للتصويت، أو للترشيح بحجة أن النبي- - نهى أن تتسلم المرأة منصب الولاية العامة، فقال حين بلغه أن الفرس ولوا عليهم ابنة كسرى فقال- -: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً".

    وكذلك الذين يقولون خروج المرأة للتصويت أو للترشح يخل بالضوابط الشرعية المتعلقة باختلاط المرأة مع الرجال في المجتمع الإسلامي، فالمرأة إذا تقدمت للترشح أو التصويت ربما وقعت في بعض هذه المخالفات، أو صارت عضوًا في البرلمان، ربما تعرضت لمخالفة بعض الضوابط الشرعية، وبالتالي لا يجوز ترشحها أو انتخابها.

    وأقول أيها الأحبة: هذا كلام غير صحيح.

    أولاً:

    لأن تمثيل المرأة أو ترشيح المرأة، وتقدمها لتكون عضوًا في البرلمان، ليس هو الولاية العامة التي جاء الحديث بالنهي عنها، إنما النيابة تدخل في باب الوكالة عن الأمة، والوكالة لا تعطي لأصحابها أية سلطة تنفيذية يمكن أن تدخل في الولاية العامة، ويمكن أن يقوم بهذا الدور الرجل، ويمكن أن تقوم به المرأة، تستطيع المرأة أن تعبِّر عن الأمة وعن حقوقها وعن واجباتها وتعمل على رفع الظلم عنها مثلما يستطيع الرجل.

    وكذلك قضية احتمال أن تخالف المرأة المسلمة الضوابط الشرعية.

    أقول:

    هذا الأمر قائم في ممارسة كثير من الأحكام الشرعية التي هي جائزة، ومع ذلك لم يقل أحد بتحريم عمل جائز، خوفًا من احتمال أن تقع مخالفة شرعية، المرأة تبيع وتشتري وتتعلم، وتكون طبيبة في المستشفى ومهندسة وممرضة ومعلمة في المدارس وغير هذا، وتختلط في كل هذا بالرجال، وتستطيع أن تحفظ نفسها من المخالفات الشرعية في كل هذه الأمور، وكذلك تستطيع أن تحفظ نفسها من المخالفات الشرعية في الخروج للتصويت والترشح للانتخابات، لا يجوز لنا أن نحرِّم المباح والحلال؛ خوفًا من احتمال وقوع المفاسد؛ فاحتمال وقوع المفاسد حاصل في كل حال وفي أي حال.

    وبناءً على ما تقدم، فأرى أن القول بعدم جواز الترشيح لا دليل عليه ولا أصل يُعتمد عليه فيه، والأصل في الأشياء الإباحة، ومن ثم فلا مانع من ترشح المرأة للانتخابات النيابية وخروجها للتصويت مع ضرورة التزامها بالضوابط الشرعية، خصوصًا أن هذا الترشح يضع المرأة المسلمة في معركة تواجه فيها النساء غير الإسلاميات اللواتي تصدين لقيادة المرأة والتكلم باسمها وهن متورطات مع الموجة العالمية التي تريد إفساد مجتمعاتنا الإسلامية عن طريق إفساد المرأة.

    إن دخول المرأة المسلمة حاملة "المشروع الإسلامي" إلى ساحة هذه المعركة- معركة مواجهة النساء الفاسدات اللواتي يردن إفساد المجتمع- وهي أقدر من الرجل على ذلك دخولها يعتبر مسألةً ضروريةً لتحقيق مقاصد الشرع والمحافظة على نقاء مجتمعاتنا الإسلامية وعلى وضع المرأة فيها وعلينا أن نساعد المرأة الإسلامية والمسلمة على أن تقود المجتمع النسائي نحو الإسلام بإذن الله تبارك وتعالى.

    الحزبية والديمقراطية

    وثمة شبهة تتردد عندما يتقدم الإسلاميون لطلب نيل ثقة الجماهير إذا يقول بعض الناس إن الإسلام ينكر تكوين الأحزاب، ويلزم أن تكون الأمة حزبًا واحدًا، وإنه في حالة نجاح الإسلاميين، فسوف يلغون الأحزاب القائمة، وينقلبون على الديمقراطية، وهم ينظرون إلى الديمقراطية على أنها سَلْم مؤقت، يصلون به إلى الحكم ومن ثم يلغون الديمقراطية، ويعودون إلى الاستبداد والديكتاتورية إلى آخر تلك الترهات والافتراءات التي لا أصل لها، والتي يرددها خصوم التيار الإسلامي ويفترونها، وهم يعلمون أنهم كاذبون فيما يرددون.

    أما أن الإسلام يحرص على الحزب الواحد، فهذا كلام غير صحيح فإن المقصود هنا في العملية السياسية الحزب السياسي، والإسلام لا يمنع من تكوين الأحزاب السياسية وتعدد الآراء السياسية، الذي يمنع منه الإسلام تكوين أحزاب تدعو إلى تفريق الأمة وتمزيقها، وتجعل الأمة في حرب مع بعضها البعض، تلك هي الحزبية البغيضة الممقوتة التي فيها التعصب للرأي، ولو على حساب الحق ومحاربة الأحزاب بعضهم بعضًا..

    أما العمل السياسي الذي هو مجال لتنوع الآراء، وتعدد الآراء وغيرها فهذا أمر طبيعي، لم يمنع منه الإسلام على الإطلاق والأحزاب السياسية بمفهومها المعاصر، يمكن أن نقول إنها كانت موجودة منذ أيام الإسلام الأولى، في حياة النبي- -، وبعد وفاته ولو لم تأخذ صفة شبيهة أو اسمًا شبيهًا باسم الأحزاب المعاصرة.

    نحن نعلم أن بعض الصحابة كانت لهم بعض الآراء التي تختلف مع بعض مواقف الصحابة الآخرين، وقد كانوا أسمى من أن يسموا أنفسهم أحزابًا، أو غير ذلك، لكن خذ على سبيل المثال حين انتقل النبي- صلى عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى وأراد المسلمون اختيار الخليفة حصل اجتماع في سقيفة بني ساعدة حضره المهاجرون والأنصار، وحصل فيه أول خلاف سياسي يمكن أن تعتبره عملاً حزبيًّا سياسيًّا؛ إذ طلب الأنصار أن يكون الخليفة منهم، وطلب المهاجرون أن يكون الخليفة منهم، وأنا أسألك أيها الأخ الكريم: ما هو عمل الأحزاب السياسية الآن؟! أليس أقصى أعمال الأحزاب السياسية المعاصرة أنها تريد أن تستلم الحكم، وأن يكون الرئيس منها، وأن تكون الإدارة منها؟.

    هذا هو ما حصل بالضبط، اختلفوا وقدم كل منهم حججه ومبرراته إلى أن وصل الغالبية إلى قناعة بأن يكون الخليفة من المهاجرين، وأن المهاجرين هم الأمراء والأنصار هم الوزراء وقبل الناس ذلك ومن تردد في النهاية قبل، ونزل على رأي الأغلبية، هذا هو العمل السياسي، ثم ظهرت الأحزاب السياسية بعد ذلك، وفي كل وقت كانت هناك فئات لها مطالب محددة وهو ما يفعله أصحاب الأحزاب السياسية، ومن هنا فلا مانع إطلاقًا في الإسلام من أن تقوم أحزاب إسلامية.

    والقول بأن الإسلام لا يعرف إلا حزب الله، وحزب الشيطان، فهذا خاص بالأمور العقدية والأمور التي فيها شق لصف الأمة، وكل الأحزاب السياسية التي تؤمن بالقواعد الدستورية التي ترى أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع وأن دين الدولة هو الإسلام، ولا تخالف الإسلام في شيء من ذلك وتؤمن بصحيح الإسلام وقواعده، وإن حصل اختلاف في بعض مسائله الجزئية والفرعية الكثيرة، فكلها داخلة في مسمى حزب الله متى كان هدف أصحابها الوصول إلى الحق.

    أما الحزب الذي نقول إنه حزب الشيطان، فهو الذي يرفع لواء وأد الشريعة، ومنع الإسلام، وحرب شريعة الله تبارك وتعالى، هذه هي الحزبية البغيضة الممقوتة.

    ولهذا فالقول بأنه إذا نجح الإسلاميون في الانتخابات سوف يقيمون حزبًا واحدًا، ويلغون الديمقراطية هو قول كاذب غير صحيح، والذين يقولون بهذا بين الإسلاميين إن وجدوا فهم قلة نادرة تعيش على هامش الحركة الإسلامية وليس لها أدنى تأثير، أما الذين يتقدمون للعملية السياسية من الإسلاميين أصحاب الحركة الإسلامية، الراشدة الوسطية المعتدلة، فهؤلاء جميعًا يؤمنون بالتعددية الحزبية ضمن حدود الشريعة الإسلامية، ومن ثم فنجاحهم لن يؤدي أبدًا إلى أي استبداد سياسي؛ بل هم أكثر الناس اكتواءً بنيران الاستبداد، فكيف يتصور أن ينقلبوا مستبدين، بعد أن اكتووا بنار الاستبداد؟، إن هذا أمر غير وارد على الإطلاق، ولا يرد لا في كلامهم ولا في أدبياتهم، ولا في أقوال قادتهم.

    إن الديمقراطية التي تقبل بها المجتمعات المعاصرة بصورتها، نقبل منها ما يوافق الإسلام، وهو حرية الرأي وإعطاء الأمة حقها في اختيار من تراه مناسبًا، وهذا كلام واضح لا بأس به؛ أن تُسمى هذه العملية ديمقراطية، أو لا تسمى، لا مشاحنة في الاصطلاح، هذه هي الشورى التي أرادها الإسلام، ونحن نرفض ونقبل بحسب ما يرفض ويقبل الإسلام، والديمقراطية بهذا المعنى لا تعارض الإسلام أبدًا، ولا يهمنا التسميات، المهم هو المضمون.

    رفع الشعارات الإسلامية تسقط هيبة الدين

    وثمة مسألة أخرى: إن رفع أصحاب الحركة الإسلامية لشعارات إسلامية تجلب في كثير من الأحيان استهزاءً بالدين من الخصوم وهذا يسقط هيبة الدين من النفوس، فمثلاً حين يرفع الإسلاميون شعار: "الإسلام هو الحل" يرد عليه بعض الجهلاء مثلاً: "بالطول بالعرض هجيب الإسلام الأرض"، كما تردد على ألسنة بعض الجهلاء، وكأن المرشح المنافس لهم هو الإسلام، وليس هو ذلك الشخص الذي يحمل المشروع الإسلامي.

    البعض يقول: إذا كان الأمر كذلك، فإن الأولى بنا ألا نقحم الدين في المسألة وألا نتكلم عن الشريعة ولا عن الإسلام، ولا نرفع شعارات إسلامية أو دينية؛ حتى يبقى للدين قداسته، ويبقى للدين هيبته في نفوس الناس.

    وأقول: إن مسألة الاستهزاء بالدين وبالإسلام على وجه خاص؛ بل مسألة الاستهزاء بالله: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43)﴾ (الإسراء). مسألة منذ القدم، وسائل خصوم الإسلام وخصوم الدعوة الإسلامية في محاولة للنيل من الإسلام والمسلمين، ولا يمكن أن تكون سببًا في عدم طرح الشعارات الإسلامية أو رفعها أو عدم المطالبة بتطبيق مبادئ الإسلام، ولا يصح هذا.

    لقد استهزأ اليهود بالحق تبارك وتعالى حين قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ (البقرة: من الآية 245)، فقالوا كما ذكر الله عنهم: ﴿إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ (آل عمران: من الآية 181)، لكن هل معنى هذا ألا نرفع هذا الكلام ما داموا يستهزئون ويقولون هذا أبدًا، بل نرد عليهم، وهذا الذي حصل فإن الحق جل وعلا لم ينسخ الآية الأولى من القرآن بحيث لا يقول اليهود هذا، أجابهم على استهزائهم بقوله: ﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ (آل عمران: من الآية 181)، ومن واجبنا ما دمنا أصحاب مشروع إسلامي أن نرفع له شعارًا يناسبه وليس في ذلك أدنى حرج ولو أغضب ذلك بعض الجهلاء الذين نسأل الله أن يعاقبهم بما يستحقون أو أن يغفر لنا ولهم أجمعين إن شاء الله.

    إنفاق المال العام على الدعاية

    وينقلنا ذلك إلى مسألة أخرى وهي قضية إنفاق الأموال العامة على الدعاية، بمعنى أن بعض المرشحين ربما كان تابعًا لمصلحة معينة أو جمعية خيرية معينة، وتقوم هذه الجمعية أو هذه الهيئة العامة التي لها ميزانية من ميزانية الدولة، بعمل دعاية من مال الأمة أو الأموال العامة لهذا المرشح أو ذاك، هذا هدر للمال العام في غير محله؛ لأن الأموال التي وضعت في ميزانيات الأمة، وضعت لتحقيق مصالح الأمة لا لتأييد مرشح معين والأموال التي تلقاها أصحاب الجمعيات الخيرية بغرض إقامة أعمال صالحة للأمة، لا يجوز استخدامها في غير هذا الغرض، أما ما تفعله كثير من الهيئات حينما تسعى لتقديم الدعم من الأموال العامة في الدولة أو أموال الجمعيات الخيرية لنصرة مرشح معين فهذا إثم كبير وذنب عظيم، نسأل الله أن يبرِّئنا منها وأن يبرئ أمتنا منه إن شاء الله.

    الهجوم الشرس على الإسلام يفرض الاتحاد والتعاون بيننا

    وكلمة أخيرة أختم بها هذه القضية:

    إن أمتنا تتعرض اليوم لأشرس هجمة، هجمة غير مسبوقة تستهدف دينها وهويتها وخصائصها الحضارية والثقافية جمعاء، هجمة طالت المصحف الشريف بالتدنيس، وطالت مناهج التعليم بالتحريف، وطالت الأجيال الإسلامية بالتخريب، وطالت عاداتنا وتقاليدنا بالإفساد، وتجرأت على قدسية ديننا بالتعديل، وعلى حرمة الصلاة بإمامة المرأة، هجمة تستهدف عالمنا الإسلامي والعربي بالإذلال والإخضاع، هجمة تستهدف التحكم بعالمنا الإسلامي والعربي وبمقدراته بقوة أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها قوى الاستكبار العالمية، هجمة تسعى إلى صناعة حكومات وأنظمة حكم ومجالس نيابية مذعنة وخاضعة لسياساتها وقراراتها؛ لتصل بذلك لفرض مشروعها الشرق أوسطي الأمريكي الصهيوني على منطقتنا بكاملها، وإن مواجهة هذه المخططات الأمريكية الصهيونية على المستوى السياسي أو الاقتصادي، أو الإعلامي أو التعليمي أو الاجتماعي أو الأخلاقي، صار فرض عين على كل فرد من أفراد هذه الأمة، مثلما يفعل جيل الحجارة في فلسطين، ويفعل المجاهدون في العراق، إن ساحة الصراع والتدافع، تفرض على الأمة كلها المشاركة في دعم جبهة الأبرار الصالحين أبناء الحركة الإسلامية، الساعين إلى رفع رأس الأمة إعادة مجدها، الساعين إلى تحقيق مصالح الجماهير، الساعين إلى حماية مقدرات الأمة، الساعين إلى محاربة الفساد المالي والإداري، الساعين بكل جهد مستطاع إلى إقامة الحق والعدل، وتحقيق تكافؤ الفرص إلى كل أبناء الأمة، وأن تكون الأمة كلها سواسية لا فضل لأحد على أحد، وأن يكون الناس جميعًا لهم نفس الحقوق، وعليهم نفس الواجبات، وألا تتحكم رؤوس الأموال في الأمة، وألا يتحكم المفسدون في مقدراتها إن من واجبنا أن نساعد هؤلاء الأبرار الشرفاء، الذين يتقدمون لحمل الأمانة ومحاربة الظلم والفساد بكل صوره وأشكاله، علينا أن نساعدهم بكل جهد مستطاع، إن التفرج ممنوع، وإن الهروب من المعركة أشبه بالتولي عن الزحف، وإنه في غيبة أهل الحق يرتع أهل الباطل، في غيبة أهل الصلاح يرتع أهل الفساد، في غيبة المصلحين يتحكم المفسدون، في غيبة الشرفاء الأطهار يتحكم اللصوص المرتشون، ويتحكم أهل الباطل، يتحكم العابثون بمقدرات الأمة.

    للمشاركة السياسية أهداف عظيمة

    إن خوض الحركة الإسلامية الانتخابات البرلمانية وغير البرلمانية كلما أتيحت لها الفرصة لذلك يحقق أهدافًا عظيمة منها:

    أولاً:

    تثبيت حقهم في المشاركة السياسية، وحقهم في الوجود السياسي كغيرهم من الأطراف السياسية، وكغيرهم ممن يحكمون ويتحكمون، وإسقاط الفكرة الخبيثة القائلة بإقصاء الدين عن السياسة، أو بمنع العمل السياسي والحزبي على أسس دينية.

    ثانيًا:

    إن من فوائد ذلك أيضًا: تسجيل حضور الصوت الإسلامي بثقافته وأفكاره ومعتقداته ومطالبه في مجال تدبير الشئون العامة للأمة ورفع الظلم والقهر عنها.

    ثالثًا:

    وإن من فوائد المشاركة كذلك: إتاحة الفرصة للإسلاميين للاحتكاك المباشر مع جماهير الأمة، من خلال الدعاية الانتخابية، ومن خلال تدبير الأمة، ومتابعتها لمن تم انتخابهم.

    رابعًا وأخيرًا:

    وبالإضافة إلى هذا فإن المشاركة في الانتخابات تمكن أصحابها من تحقيق الخبرات الكثيرة والتجارب والمهارات التي لا يمكن تحقيقها في الانكفاء والانكماش والانعزال عن مجرى حياة الناس ومشاكلها وقضاياها.

    وإن من واجبنا أن نساعد الحركة في إيصال أعضائها؛ ليقوموا بهذا الواجب ليحققوا هذه الفوائد الكثيرة.

    وإن من واجب الأمة ألا تقف متفرجة، وألا تستسلم لليأس والإحباط، وألا تقبل دعاوى اليأس، بحجة أن النتائج محسومة سلفًا، وبأنه لن يستطيع الإسلاميون أن يفعلوا شيئًا، وبأن القوة ورأس المال سوف يحققان أغراضها، وبأن سيكون هناك تزوير وغير هذا.

    إن وقوفنا متفرجين وعدم مشاركتنا وهروبنا هو هروب من الميدان، وإن حماية صناديق الاقتراع من التزوير، وحماية إرادة الأمة من التزوير، لا يتحقق إلا بتدافع الجماهير إلى لجان الاقتراع، وإصرار الجماهير على أن تقول رأيها وتدلي بصوتها، وأن تعبر عن إرادتها وتختار من تراه مناسبًا.
    وعلى الله قصد السبيل وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    ----------------

  5. #5
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    371

    افتراضي

    اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه

    وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه

    اللهم فقهنا فى ديننا

    ............
    ربى الكل يدعى انه على الحق

    فارزقنى الحق الذى يرضيك عنى

    اللهم ارزقنا حسن الاتباع

  6. #6

    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    يارب مع رسول الله
    المشاركات
    2,600

    افتراضي

    جزاكم الله خيراا


    بس حاجه عايزه اعرفها من فضلك

    بالنسبه لترشيح المراه فى الانتخابات
    ومن ثم فلا مانع من ترشح المرأة للانتخابات النيابية وخروجها للتصويت مع ضرورة التزامها بالضوابط الشرعية،
    طبعا لابد من دعايا لها عشان الناس تعرفها وكده ....طب ازاى تكون الدعايا دى غير مخالفه للضوابط الشرعيه؟

    طب هو مش حرام صور النساء"المترشحه " الى منتشره فى كل مكان دى ؟؟

    وهل الصور دى متعتبرش فتنه ؟؟

    لان بصراحه الصور بتاعتهم ملفته جدا جدا

    واكيد طبعا حضراتكم بتشفوها فى كل مكان

    واكيد كمان معظمنا بيسمع كلام من شباب "ع الصوره دى "مش ظريف خالص

    ارجو التوضيح

    وشكرااا

  7. #7
    Pb Elite
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    2,071

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة N00R EL _SHAMS مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيراا


    بس حاجه عايزه اعرفها من فضلك

    بالنسبه لترشيح المراه فى الانتخابات

    طبعا لابد من دعايا لها عشان الناس تعرفها وكده ....طب ازاى تكون الدعايا دى غير مخالفه للضوابط الشرعيه؟

    طب هو مش حرام صور النساء"المترشحه " الى منتشره فى كل مكان دى ؟؟

    وهل الصور دى متعتبرش فتنه ؟؟

    لان بصراحه الصور بتاعتهم ملفته جدا جدا

    واكيد طبعا حضراتكم بتشفوها فى كل مكان

    واكيد كمان معظمنا بيسمع كلام من شباب "ع الصوره دى "مش ظريف خالص

    ارجو التوضيح

    وشكرااا
    و الله يا دكتورة معرفش بس من راى انها بتعتمد على شكل الصورة يعنى فى صور مستفزة و تحسى انها بتعمل علانات مش دخلة انتخابات اكيد ديه حرام و فى صور تانية محترمة مفيهاش حاجة تقريبا .

  8. #8
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,136

    افتراضي



    جزيتم خيرا على المرور

  9. #9

    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    يارب مع رسول الله
    المشاركات
    2,600

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تابعة محمد مشاهدة المشاركة
    و الله يا دكتورة معرفش بس من راى انها بتعتمد على شكل الصورة يعنى فى صور مستفزة و تحسى انها بتعمل علانات مش دخلة انتخابات اكيد ديه حرام و فى صور تانية محترمة مفيهاش حاجة تقريبا .
    جزاكم الله خيرا
    طيب انا معاكى ان بعض الصور محترمه "مع انى مشفتش منها كتير يعنى "

    بس اصلا دا يصح حتى وان كانت محترمه !!

    هذه فتوى للشيخ /عبد الرحمن السحيم - حفظه الله
    ما حكم مشاهدة الصور النسائية حيث توضع في الصور الرمزية أو في التوقيع في المنتديات أو في الجوالات كخلفية ؟ أفتونا مأجورين، نفع الله بكم وبارك الله فيكم .
    ج : لايجوز النظر إلى صُور النِّسَاء ، سواء كان النظر مباشرة أو عن طريق الصور ، وقد يَكون النظر إلى الصور أكثر فِتنة ؛ لأنها غالبا تُحسَّن ، والتي تتُصوَّر تتزيَّن قبل التصوير وأحيانا تكون نصف عارية !
    ولا يجوز نشر تلك الصور، لا في التواقيع، ولا في الصور الرمزية . ومَن نشرها فعليه الإثم مرتين : إثم نشرها ، وإثم كل من نظر إليها .
    الفتوى دى لصور المنتديات فما بالنا بالصور الى فى الشارع ...الى كل الناس شايفاها

    وبعدين

    اصلا حديث الرسول واضح وصريح وحديث صحيح كمان


    لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله أيام الجمل ، بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم ، قال : لما بلغ رسول الله أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى ، قال : ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) .
    الراوي: أبو بكرة نفيع بن الحارث المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4425
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

    
    ا

  10. #10
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,136

    افتراضي

    رغم احتمالات التزوير

    صوتك الانتخابي .. فريضة شرعية وضرورة واقعية





    أ.د. صلاح الدين سلطان

    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..

    تمر مصر ومن بعدها الأمة العربية والإسلامية بمنعطف خطير في اختيار أكبر رجل له صلاحيات – حسب الدستور – تفوق صلاحيات الرئيس بوش وما يجرى في مصر يؤثر على كل الأمة العربية والإسلامية، كما ذكر فضيلة الشيخ علي طنطاوي -رحمه الله-: أن رياح الإصلاح أو الإفساد للأمة العربية والإسلامية تبدأ من مصر، ولذا لا بد أن ينظر كل مصري حر أبي غيور على بلده ، وأمته العربية والإسلامية أولاً ، ثانيا إلى أن المشاركة في الانتخاب في مصر ذات أهمية بالغة وإليك الأدلة النقلية والعقلية على وجوب هذه المشاركة.



    أولا: الانتخاب فريضة شرعية:-

    إذا كان لفظ الانتخاب بمعناه السياسي لم يرد في القرآن الكريم ، لكن هناك اتفاقا بين علماء الشريعة ، خاصة السياسة الشرعية، على أنه يساوى لفظ الشهادة الوارد كثيرا في القرآن الكريم وفى السنة النبوية، ويؤكد هذا التطابق علماء كثيرون، منهم على سبيل المثال لا الحصر علامة العصر وفقيه الأمة الشيخ القرضاوي، وفضيلة شيخ الأزهر -الأسبق- الشيخ جاد الحق – رحمه الله- ، وسماحة المستشار الشيخ فيصل مولوي، وعالم العراق الشيخ عبد الكريم زيدان ، أما الأدلة على وجوب الانتخاب (الشهادة) فمنها ما يلي:-



    1- قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ) (البقرة:140).

    2- قوله تعالى: "وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا" (البقرة :282).

    3- قوله تعالى : "وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ" (البقرة :283).

    4- قوله تعالى: "وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ) (المائدة:106).



    5- القاعدة الفقهية: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) ، وإصلاح الفساد المحلي والخارجي لا يكون إلا بمشاركة انتخابية قوية، وحماية أصوات الناخبين.



    6- شهادة التاريخ: تاريخ الأنبياء جميعا مشاركة فاعلة في الإصلاح السياسي والأخلاقي ، مثلما فعل سيدنا إبراهيم مع النمرود ، وسيدنا موسى وهارون مع الفرعون ، وسيدنا لوط مع قومه، تم هذا عبر وسائل عديدة ، فإذا أتيحت فرصة الانتخاب فى الواقع المعاصر فلا يجوز تركها.



    7- فتاوى كبار علماء الأمة الإسلامية منهم فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق –رحمه الله- ، وكذا فضيلة الشيخ الدكتور القرضاوي ، وفضيلة الشيخ المستشار فيصل مولوي ، والدكتور نصر فريد واصل -مفتى مصر الأسبق- ، والشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان ، والدكتور طه جابر العلواني ، والدكتور صلاح الصاوي، وجميعهم يرى هذه المشاركة ضرورية للرجال والنساء في نصوص مذكورة تفصيلاً فى كتابى "مشاركة المسلمين في الانتخابات الأمريكية، وجوبها وضوابطها الشرعية".



    8- يؤكد أهمية المشاركة في الانتخابات قرارات المجامع الفقهية ،سواء مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، أو مجمع علماء الهند ، أو المجلس الفقهي لأمريكا الشمالية ، والمجلس الأوروبي للإفتاء ، وعمدة استدلالهم الأدلة التي ذكرت – مع أدلة وتفصيلات أخرى.



    ثانيا: الانتخاب ضرورة واقعية:

    إذا كان الانتخاب فريضة شرعية بشكل عام، فهو ضرورة واقعية في مصر بشكل خاص؛ لإصلاح الفساد الذي أذاب الشحم ، وأكل اللحم ، ودق العظم ، حتى أصاب نخاع كل قطاع في شمال وجنوب وشرق وغرب مصر كلها ، ومن الشواهد على ذلك ما يلي:-



    1- النظام المصري هو المهندس الأول لجميع أعمال التطبيع وخدمة الكيان الصهيوني وبث روح الهلع والفـزع من المواجهة الحقيقة لهذا الكيان المغتصب، وهو الداعم الأول للسلطة الفلسطينية التي تواجه الأحرار والشرفاء من رجال المقاومة البواسل، وعليه فإن دماء أحمد ياسين والرنتيسي وعماد عقل والدرة والأطفال والنساء القتلى والبيوت الهدمى والمشردين من الفلسطينيين هو في رقبة النظام المصري.



    2- النظام المصري الحالي هو أول نظام عربي يرعى المصالح الأمريكية داخل وخارج مصر عربيًا وإسلاميا، وتحولت مصر إلى مكتب من مكاتب وزارة الخارجية والدفاع الأمريكية، وقد كتب تشوار سكوف -قائد عاصفة الصحراء- في التسعينات "إن الموافقة على مرور جميع السفن والطائرات الأمريكية لم تستغرق مع الرئيس مبارك أكثر من عشر دقائق ولولاها لما استطعنا أن نفعل شيئا" ولو وقفت مصر أمام احتلال العراق بعد التفتيش الدقيق مع أي سلاح نووي لما أُخذ العراق ، وتحولت العراق إلى ثكنة عسكرية أمريكية بريطانية واستلبت خيرات الأمة الإسلامية بسبب ما يجرى في العراق.



    3- لقد جعل النظام المصري من بلد مثل مصر في ثقلها وثرواتها في القدرات العلمية والفكرية والمائية والبترولية والمعدنية بلدا مدينًا بالمليارات ، مستهلكًا للسلع والخدمات الأمريكية والغربية، وكان الشيخ الشعراوي حكيما عندما قال -رحمه الله-: من لم يكن طعامه من فأسه فلن يكون قراره من رأسه. ونحن نستورد 80% من طعامنا حسب تصريحات رؤساء وزراء مصر ، واحد وراء الآخر.



    4- النظام المصري في إطار الاقتصاد الطفيلي تسبب في بطالة حقيقة لأكثر من 10 مليون مصري (أكثر من عدد بعض دول الخليج)، وبطالة مقنعة لأكثر من عشرين مليونا، ووجدت طبقة أرستقراطية تملك الملايين والمليارات في الداخل والخارج؛ لأنهم وكلاء الشركات الكبرى ومحتكرو المنح الأمريكية ، وفى المقابل شعب كادح لا يجد الكفاف، وانتشر بين الطبقتين الرشوة والسرقة والوساطات والمحسوبيات.



    5- النظام المصري جعل معه كل بيت يلهث ويعانى فى تعليم أولاده في نظام تعليمي مرهق نفسيا وماديا ومعنويا للآباء والأمهات والأولاد ، بل وللمدرسين ولا يوجد له نظير في العالم، ويجعل كبار مستشاري التعليم من خارج المربين والعلماء والمفكرين، بل من خارج مصر في الوقت الذي قال فيه وزير التعليم الأمريكي (تيربل بل) سنة 1983: "لو أرادت قوة معادية فرض أداء تعليمي قليل الجودة على الشعب الأمريكي لاعتبر ذلك مدعاة لإعلان الحرب".



    6- لقد ضيق النظام المصري الخناق على أهل القرآن ، ودعاة الإسلام، وعلماء الأمة وأساتذة الجامعات، والأحرار من الصحفيين والقضاة والإداريين ورعاة الفقراء والمساكين ، وصار ضابط الأمن والمخبرون سلطة تعيين مؤذني المساجد وإمامه إلى أساتذة الجامعات ورجال القضاء أجمعين، وجعل من قانون الطوارئ سيفا مسلطا على شعب بأكمله حتى عاش النظام في برج عاجي، وأحاط نفسه بطبقة كبيرة من المنتفعين، وصار المصريون يشعرون أن الرئيس مبارك هو رئيس المجموعة التي تحوطه، والحزمة التي حوله، ومن الشواهد على ذلك أن هناك حديثا فياضًا من هذه الطبقة عن الإنجازات الهائلة للرئيس، بينما يعاني الشعب ويشكو في كل سيارة وحارة، ومتجر ومصنع، ومدرسة وجامعة ، والجمع بين الأدلة - على منهج الأصوليين – يقول: نعم تحققت إنجازات هائلة لهذه الطبقة فقط حول الرئيس وهم صادقون، كما أن الشعب صادق في أنه لم يتحقق له إنجازات حقيقية في البنية الرئيسية (الطعام، السكن، التعليم، العلاج، الأمن، الحريات).



    هذا غيض من فيض مما تطول فيه الصفحات لو عددنا السلبيات والمنكرات التي توجب على الأشـراف والأحـرار أن يتقدمـوا لإنقاذ البلاد والعباد من هذا الطغيان.



    هذه المشاركة مع وجوبها لكن أهل الفقه والرأي والدعوة لو رأوا أن الأنفع والأكثر تأثيرا في مواجهة تعنت السلطة وعدم قبلوها ما يجعل هناك شفافية في الانتخابات أن يقاطعوا الانتخابات آنئذ يكون الأولى هو اتباع رؤية أهل الحل والعقد والرأي والفكر والدعوة وليس الرأي الفردي والهوى الخاص.



    فريضة رغم التزوير

    أما عن كون المشاركة في الانتخاب فريضة شرعية وضرورية واقعية رغم احتمالات التزوير فكما يلي:-

    1- حديث النبي صلي الله عليه وسلم في الفقه والمظالم: "أد الذي عليك وسل الله الذي لك" وهو يوجب أداء ما علينا ، من أن نقول لكل ظالم لا، أن نقول للمنكرات لا، أن نقول للمصلحين نعم، أن نعلن موقفنا بطريق حضاري سلمى والانتخاب منه.



    2- أداء الصوت هو تعبير عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والمعروف أن هذا لا يتوقف على قبول الطرف الآخر ، بل أن هناك أجرًا من الله يقع بمجرد أن يقول لا لكل ظالم، ونعم لكل مصلح.



    3- عدم التصويت له أضرار عديدة منها:



    ‌أ- أول الأصوات التي تزور هي أصوات الموتى والغائبين، وللحكومة قدرات لا تستطيعها مردة الشياطين في إحياء الموتى للتصويت، والنيابة عن الغائبين.



    ‌ب- أن الصمت قد يفسر بالرضا عن النظام، أو هو ورقة راكدة لا يخشى منها.



    ‌ج. قال لي أحد كبار المحامين من الأمريكان : (If you don't vote, you already voted)

    ومعنى العبارة: إذا لم تصوت فأنت في الحقيقة قد أعطيت الصوت بتمرير أي شيء تريده الحكومة أو من شاركوا في الانتخابات.



    4- إن تزوير صوتك يضاعف وزر الظالمين، ويضاعف احتقان المصلحين، وقد يضبطه بعض القضاة الصالحين ، وتنشره الهيئات الدولية بما يلطخ وجه المزورين.



    5- في جميع الحالات هناك من يدرس داخل الحكومة جميع أصوات الناخبين الحقيقيين حتى يقفوا على حقيقة موقف الشعب منهم، ويقدروا حجم المواجهة، وفى الوقت نفسه حتى يكون هناك دلال لمنفذي التزوير على من زوروا لهم ، فينالون مناصبهم وبعض أموالهم ، وهو أمر لا يطول كثيرا في ميزان الدورات التاريخية.



    6- الانتخاب فرصة لا تجوز إضاعتها لقول الشاعر :

    وعاجز الرأي مضياع لفرصته .. حتى إذا فات أمر عاتب القدرا



    لهذه الأدلة الشرعية والاجتهادات الفقهية والأسباب العقلية والشواهد الواقعية يبدو لي وجوب المشاركة الانتخابية، وأدعو كل مصري حر داخل وخارج مصر أن يشارك في الانتخابات كل الانتخابات الرئاسية والنيابية والبلدية والجامعية والنقابية[1].

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. أحكام الانتخابات
    بواسطة متفائل في المنتدى المنتدى الاسلامى
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-06-2010, 06:13 PM
  2. النسيج الكونى رؤية علمية وقرآنية
    بواسطة عاشقة الجهاد في المنتدى المنتدى الاسلامى
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-08-2009, 10:37 PM
  3. رؤية مالا يري ..............
    بواسطة Dr. Baher في المنتدى الدكتور باهر أبو زاهر
    مشاركات: 57
    آخر مشاركة: 28-04-2009, 01:11 AM
  4. نتائج الانتخابات السنويه لاسره (فيرونيكا)
    بواسطة MaHoRa في المنتدى فيرونيكا
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 25-09-2008, 07:22 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •