مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل ترغب في متابعة الموسم الخامس من اليوميات ؟؟

المصوتون
9. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع
  • نعـــم

    9 100.00%
  • لا

    0 0%
صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 31

الموضوع: يوميات عمر و سارة - الموسم الرابع - يومي متجدد

  1. #21
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    4,276

    Smile

    ..:: الحلقة السابعة ::..

    افاقت سارة لتجد نفسها محاطة بالاجهزة وموصل بذراعيها كانيولا وجهاز قياس للنبضات والضغط .. اخر ما تذكرته هو دخولها الحمام ثم الرعب القاتل الذي انتابها عندما فوجئت بنافورة دم تخرج منها .. ونادت بصوت واهن يحيى ابني ..عمر .. إيه اللي حصل؟
    وفي لمح البصر هرع عمر إليها قائلاَ: حمد الله على السلامة يا حبيبتي ..
    سارة: ايه اللي حصل يا عمر؟
    عمر: الظاهر انك بذلتي مجهود جامد في الشقة يا سارة، فحصلت لك ولادة مبكرة .. لكن انت احسن دلوقتي، والدكتور طمنا عليكي ..
    سارة: فين البيبي؟ انا مش سامعه صوت ليه ..
    فجاءت امها مسرعة تقول: مريم بخير وزي الفل الحمد لله .. بس هي....
    سارة: مريم؟ انا جبت بنت فعلا؟ الحمد لله والشكر لله .. هي فين يا ماما؟ شكلها ايه؟
    سارع عمر: هي في الحضانه يا حبيبتي عشان ناقصة نمو شوية .. لكن ان شاء الله حاتبقى كويسة ..
    سارة باكية: يا حبيبتي يا بنتي .. انا عايزة اشوفها .. عايزة ارضعها واحضنها ..
    وطفقت سارة تتلمس بطنها في شوق كانما انتزعت منها قطعة من قلبها .. لا لقد انتزعت منها فعلا ..
    عمر: لا يا سارة ما تعيطيش كده .. هي ان شاء الله بخير وبكرة ياما تشيليها وترضعيها .. و...
    سارة: بكرة؟ انا عايزة بنتي دلوقتي .. وديني يا عمر عندها ..
    وحاولت القيام من سريرها لكنها كانت اضعف من ان تتحرك .. فارتدت واهنه في مكانها ..
    وهنا جرى اخوها اليها: يا حبيبتي ما تخافيش عليها هي بخير وشبهك وزي القمر .. ما تخافيش مش شبهي .. هاها ..
    سارة: انت هنا يا احمد؟ خدني ليها عشان خاطري .. نفسي اشوفها ارجوك يا احمد ..
    تدخل عمر: انتظري ثواني، انا حانادي للدكتور أجيب كرسي متحرك .. ثواني ..
    خرج عمر من الغرفه لكن سارة لم تطق الانتظار، فنزعت الكانيولا من ذراعها وجهاز النبضات بشدة و صاحت باكية: شلني يا احمد .. ديني اشوف بنتي دلوقتي ..
    فاحتار احمد ماذا يفعل لكنه فوجىء بامه تامره: معلش يا احمد ريحها .. الحضانة قدامنا ..
    وطى احمد و شال سارة زي الطفلة، وتعلقت هي في رقبته وهي بتفتكر لما كانت بتشيله وهو لسه بيبي صغير، ودلوقت ما
    شاء الله بقه راجل ..
    وهناك امام زجاج الحضانة طلبت منه الا يدلها على طفلتها لانها ستهتدي اليها وحدها بقلبها .. وفعلا لم يخبرها احمد اين طفلتها .. وفى وسط الاطفال نزلت دموع سارة وهي تبحث بعيني راسها عن مريم، بعد ان راتها بعيني قلبها .. وجدت طفلة نائمة مستكينة وبراءة الدنيا في وجهها الصغير .. وسالت احمد و هي تشير اليها: هي دي يا احمد؟ هي دي مريم؟
    رد احمد من بين دموعه: ايوه يا حبيبتي، شفتي بقة انها كويسة و نايمة زي الملاك .. يا للا نرجع بقه ..
    سارة: انت بتعيط يا احمد .. للدرجة دي متاثر؟
    احمد: لا لا انا بس دراعي اتملخ .. يا للا بقة نرجع، ماشي؟
    فكرت سارة:
    دايما الرجالة كده يكرهو حد يشوفهم متاثرين ودموعهم نازلة .. لا تقريبا هوه فعلا دراعه واجعه، مانا لسه والدة ووزني بتاع
    تمانين كيلو، مش شوية يعني، و اشفقت عليه وطلبت منه اننا ترجع الاوضه ..
    و سبحان الله رجعت سارة غرفتها في حال غير الحال، كانت مبتسمة وهادئة بمجرد ان رات صغيرتها واطمانت عليها .. وفوجىء عمر بها عندما دخل تجلس على الكرسي وليس على السرير والدموع في عينيها وهي تقول: انا شفت بنتنا يا عمر ..
    انا شفت مريم .. اللهم لك الحمد والشكر ..
    رد عمر: حمد لله على سلامتك انت، دي اهم حاجة عندي .. ماما كلمتني دلوقتي و بتقول يحيى عايز يشوفك ضروري ..
    سارة: خليه ييجي .. حد يجيبهولي احسن انا حاسة اني بقالي سنين ما شفتوش .. أو انا حاروح لها تاني دلوقتي ..
    عمر: لا لازم تلبسي لبس تاني معقم وتستعدي عشان تدخلي عندها الحضانة ..
    وفي اللحظة التي لمست سارة خد مريم الناعم بيدها، واحست بمعجزة الميلاد للمرة التانية في حياتها، آمنت اكثر بالاية
    الكريمة { وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } .. فعلا سبحان من اخرج كيانا من كيان ..
    اللهم اني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم .. اللهم اهدها يا رب و اجعلها من الهادين المهتدين ..
    عندما ولدت يحيى تخيلت انـّني لن اقدم على هذا العمل مرة اخرى اطلاقا في حياتي .. لكن هاأنذا ومريم بين يدي ..

    قال عمر:
    الحمد لله .. سارة ومريم تجاوزتا مرحلة الخطر .. لقد ابيض شعر راسي خوفا عندما ابلغني الطبيب ان هنالك خطورة على حياة سارة لو استمر الحمل .. وتمنيت من الله ان يحفظهما الاثنتان من كل سوء، وما هو على الله ببعيد .. اللهم لك الشكر والحمد يا الله ..
    شقه جديدة و ابنة في نفس اليوم .. انا حاسس ان مريم دي حاتكون وش السعد على ابوها .. لكن يحيى محتاج لي اوي اليومين دول، لما رحت البيت لقيته زعلان وبيعيط وحاسس ان الدنيا فضيت حواليه ..
    برضة احنا محتاجين نعامله معاملة خاصة الايام الجاية عشان ما يحسش ان هوه اتركن على الرف .. برضة الاطفال ما يفهموش ..
    قالت سارة:
    اخيراً خرجنا من المستشفى ومعانا القمورة مريم .. دي جميلة اوي .. ده رأيي انا بس؟ مش عارفة .. بس ما حدش يستجري
    يقول عليها نص كلمة .. هما عايزين البنت تبور من اولها ولا اييه؟؟
    حبيبي يحيى وحشني اوي .. وتصرفاته بقت غريبة اوي، أصر ينام جنبي رغم انه بقاله سنة كاملة بينام في اوضته .. وكمان شافني بغير لمريم الحفاضات راح عملها على نفسه رغم انه معملش الموضوع ده من مده طويلة ..
    كمان دخلت الحمام وخرجت لقيته بيحاول يشيل مريم من سريرها!!
    انا حاسه انه عايز اربعة وعشرين ساعة مراقبة .. ده صحيح زي ما بيقولو الخلفه التانيه غير الاولى خالص فى كل حاجة .. عشان بيكون في طفل اول عنده مشاكله وعنده احساس بعدم الامان بعد ما كان الكل في الكل .. عشان كده طلبت من عمر يشتري مرجيحه ليحيى و يقوله ان اخته هي اللي جابتها ..
    و كان رد يحيى: دابتها منين؟ دي اثاثا مث بتعلف تمثي (جابتها منين؟ دي اساسا مش بتعرف تمشي)
    رد عليه عمر: لا هي اللي قالت لنا نجيبها عشان يحيى ..
    يحيى: هي مث بتعلف تتكلم بلدو .. ايه ده؟؟
    و جرى غاضبا و تركنا ..
    طب نعمل ايه بس؟ ما عدش فيه حد اهبل خاااااالص .. لكني بعدها اقنعته ان اخته بتحبه اوي عشان هوه اخوها الكبير الجميل و حياخد باله منها لما تكبر .. كمان قللت من حملي لمريم طالما هي ما بترضعش او بتغير، وبشيل يحيى .. وساعات كمان اطلب من عمر ياخده يخرجه ويوديه الملاهي او النادى عشان يغير جو ..
    و جاء عمر اليوم يطالب ان ياخذ مريم ليحلق لها راسها ..
    سارة: بص يا عمر، ايام يحيى انا رضيت عشان قلت اهو راجل، والراجل ما يعيبوش الا جيبه .. لكن الا بنتي، لو حلقت لها يا عمر حاكتئب وكل ما اشوفها قرعه حاعيط ..عشان خاطرى بلاااااش تحلق لها و حيات اغلى حاجة عندك ..
    و انضمت لي حماتي لاول مرة في التاريخ المعاصر وقالت لعمر: لا يابني، شوف انت تصدقت بكام فضة عن يحيى وادفع نفس القيمة من غير ما تحلق للبنت .. خليها كده دى شعرها جميل وناعم خسارة ..





    ..:: الحلقة الثامنة ::..

    قال عمر:

    لاول مرة اجد نفسي حائراً، صحيح البنت صعبانة عليّ ومش عايز احلق راسها لكن دي سنة يا ناس .. بس اللقب اللي اطلقته عليها سارة (الشحاته الصغيرة) خلاها تصعب عليّ .. سارة سمتها كده عشان لما اتولدت ما كانش عندها ولا أي حاجة تلبسها .. واخو سارة نزل من المستشفى اشترى لها سالوبيت عشان تروّح بيه بدل ما نلفها في ملاية وده بسبب الولادة المبكرة طبعا وظروف العزال ..

    سارة: انت لو حلقتلها قرعة حاتبقى شحاتة رسمي، ده حتى الايس كاب بتاع اخوها ضاع في العزال ومش فاضل غير اننا ندهن لها راسها مرهم كبريت و تنزل بيها الموالد نشحت ..
    عمر ضاحكا: ايه يا سارة جبت الكلام البيئة ده منين؟ بصي هي بصراحة راسها صغيرة و طرية اوى عشان كده بلاش نحلق لها، وانا حاتصدق بضعف ما تصدقت به عن يحيى ..
    سارة: ربنا يخليك ليّ يا عمر يا حبيبي و يكرمك .. عشان كمان التصوير وكده الحمد لله انك اقتنعت .. بس انا عايزة منك طلب ..
    عمر: انت تؤمري يا ام العيال .. حاجيب لها كل الهدوم اللي انت عايزاها باذن الله ..
    سارة: حلوة اوي ام العيال دي هاها .. و مش باكـّلم ع اللبس .. بص يا سيدي انا مش عايزة اعمل علب ولا بونبون ولا اي حاجة من دي .. نعمل عقيقة شرعية وبس .. وعايزاك تخرج الفلوس اللي كان المفروض تتصرف في الحاجات دي كلها لوحدة رعاية الاطفال ناقصي النمو، الحضّانات يعني .. ما تتصورش اليومين اللي قعدتهم مريم شفت مآسي لامهات مش قادرين على دفع مصاريف الحضانات .. دى بتوصل حوالي ميتين جنيه في اليوم لما يكون الطفل حالته متاخرة ومحتاج انابيب تغذية وتنفس وكدة .. تخيل ان انسان ممكن يروح منه ضناه عشان مش قادر يدفع للحضّانة، وده كمان لو لقى واحدة فاضية ..
    عمر: طيب يا حبيبتي ما نتبرع واعمل برضه السبوع؟
    سارة: خلينا واقعيين يا عمر، احنا لسه عندنا اقساط الشقة وانت ما دفعتش قليل في الولاده عشان كانت قيصرية وعشان كده عايزين نلم نفسنا شوية .. وعموما يا سيدي كلّ ما تزود الصدقات يكون احسن .. تخيل لو ما كانش ربنا لطف بي انا ومريم كان زماننا في المستشفى لسة و كان زمانها في الحضانة .. عايزين نشكر ربنا على اللطف الكبير ده ..
    عمر: عندك حق .. انت طول عمرك قلبك كبير يا سارة .. ربنا يخليكي ليّ ..

    وفي هذه الاثناء دخلت سارة غرفتها لانها سمعت صوت مريم تبكي وفوجئت بيحيى يحملها .. كادت تفقد النطق من خوفها ان تقع منه ولكنها لم تصرخ او تستفزه .. فقط اقتربت منه فى هدوء شديد و بمنتهى اللطف،
    وقالت: بص يا يحيى يا حبيبي دي لسه نونو، ممكن تقع منك وتتعور .. عشان خاطري حط ايدك في ضهرها كده وانت شايلها وتعالى اقعد جنبي على السرير ..
    يحيى: حاضر يا ماما، ححط ايدي اهوه .. انا كت بث بثكتها عثان كانت تعيط .. مث انت قلتي انا اخوها كبيل وثاطل؟
    سارة: شاطر بس ما تشيلهاش لوحدك، لما تعوز تشيلها تعال قولي وانا احطهالك على حجرك .. اوكي حبيبىي؟
    رد يحيى وهو سعيد: بجد تخليني اثيلها؟
    سارة: ايوه بس و انا جنبك .. اتفقنا؟
    وفي هذه الاثناء كانت سارة قد استخلصت مريم من بين يدي يحيى، ودخل عمر وعندما همّ بتوبيخ يحيى، ولكنّ سارة اسكتته بنظره عرف معناها .. وبعدما خرج يحيى من الغرفة،
    عمر: لا الولد ده ما ينسكتش عليه يا سارة، كان ممكن البنت تتعور، هى ناقصاه؟ ايه رايك اقدمله في حضانة؟
    سارة: اولا الحمد لله انك ما زعقتلوش، انا مش عايزاه يتعقد ويحس انها سبب عذابه في الحياة .. ولاحظ انه كان ملك متوج في البيت، يعني هي خدت برضه جزء كبير من اهتمامنا .. ولو حاولنا نوديه حضانه دلوقت حايفتكر ان ده عقاب ليه وان مريم هيّ السبب و يكرهها .. انا رايي نستنى شوية وكل الامور ان شاء الله حاتتظبط ..

    و في هذه الاثناء دق جرس الباب فخرج عمر ليفتح، وكانت والدة سارة واخوها ومعهم حقيبة كبيرة .
    فاستقبلتهم والدة عمر: اهلا اهلا اتفضلوا ..
    والدة سارة: اهلا بيكي يا حبيبتي ..
    والدة عمر: انتي بايته معانا النهارده ولا ايه؟ تنورينا والله ..
    والدة سارة ضاحكة: لا مش حاينفع بقة عشان امتحانات احمد ومش قادره اسيبه، والبركه فيكى انتي .. انا عارفه انك حاتحطي سارة في عينيكي .. وهنا دخلت سارة وقبلت امها وكلها فضول ايضا لتعرف سر الحقيبة ..
    احمد: مفاجاة يا سارة ما تخطرش على بالك، اسراء بعتت لك الشنطة دي من دبي مع مامت واحد صاحبي .. لسة واصلة ..
    سارة: فيها ايه الشنطة دي؟
    احمد: دي مش عشانك، دي عشان البرنسيسة الصغيرة حبيبة خالها .. كلها هدوم ايه بقة سينييه ..
    سارة: لا ما تهزرش، يعنى مش حاتبقى الشحاتة الصغيرة خلاص؟
    احمد: شحاتة مين؟ دي حاتبقى نجمة سينما .. آه و الله كلهم بيعملو شوبنج في دبي .. استني بس لما اخوكي يتخرج وان شاء الله يشتغل هناك، ندر عليا لاغرقكم هاهاها ..

    وفتح احمد الحقيبة وانبهرت سارة بما رات، فساتين صغيرة ومعها احذيتها المنمنمة مثل قطع البون بون .. وفيونكات شعر وسالوبيتات وبيجامات .. ايه ده كله؟ احمدك يا رب ..
    و نظر اليها عمر نظرة ذات مغزى فهمتها على الفور .. كان عمر يحس ان سارة اطيب انسانة في الدنيا .. تنازلت عن سبوع بنتها، وحتى لم تطلب ملابس جديده لها حتى لا تثقل عليه فكافاها الله فى لحظتها ..
    عمر: بس اسراء كده تعبت نفسها اوي والله ..
    ام سارة: هي بتقول من بعد خيرك يا عمر، وهي ما تنساش وقفتك انت وسارة معاها و مشاوير الجهاز اللي تعبت قلبكو فيها ..
    عمر: ربنا يكرمها و تترد لها في الفرح دايما يا رب ..
    ام عمر: مانا برضه كنت باكلم اختك النهاردة في البحرين وقالت لي انها حاتجيب حاجات لمريم وهي جاية ..
    تمتمت سارة: رجعت ريمة لعادتها القديمة ..
    سارة: ربنا يخليهم لنا كلهم يا ماما ويقدرنا على رد جمايلهم دي ..
    هنا دخل عليهم يحيى مقتحماً وهو يصيح: الحئي يا ماما، الحقي مريم ..




    ..:: الحلقة التاسعة ::..

    قال عمر:
    جرينا كلنا استجابة ليحيى ودخلنا غرفة النوم وحملت سارة مريم التي كانت قد ارجعت بعض اللبن، والظاهر انها كانت على وشك الاختناق به، فقد كانت تكح و شرقانه .. قامت سارة وامها بالتربيت على ظهر البنت والنفخ في راسها وغسلن وجهها حتى ارتاحت وعادت الى حالتها الطبيعية والحمد لله .. ووجدت نفسي احمل يحيى و اقبله و اقول: يا حبيبي يا يحيى، انت شاطر اوي .. انت انقذت اختك ..
    يحيى: ماما قالت يحيى ثاطر ياخد باله من اخته عثان كده أعدت ماخد بالي عليها جامد .. وانتو كلكو بله في الصالة طلع من بق النونة لبن وأعدت تكح تكح، بس كحتها زوغيله زيها عشان كده ما حدس سمعها غيلي انا بث ..
    احمد: ربنا يخليك يا يحيى انت بطل ..
    يحيى: لا انا مث بطل انا باثمهندث زيك انت وبابا يا خلّولي ..
    احمد: ايه بقه خلّولي دي هاهاهاها؟
    يحيى: بادلعك يا خالو .. مث انت تقولي يويو ثاعات كده.؟

    قالت سارة:

    كاد قلبي ينخلع عندما وجدت مريم على هذه الحال، لكن الحمد لله تنفسها انتظم واصبحت افضل .. واخذ عمر يحيى حبيبي ليشترى له بعض الحلوى لكي يكافئه .. وايضاً ليزيل شعوره بالذنب ناحيته .. و الله ياما قلت ادفع بالتي هي احسن حتى مع الاطفال مش بس مع الكبار ..
    وبعد قليل لاحظت ماما ان وجه مريم ليس على ما يرام وانه مائل للزرقه قليلا فقالت: ايه رايك يا سارة اخدها انا واحمد وانزل للدكتور سعيد جنبنا هنا ويطمنا عليها؟ دي من ساعة ما خرجت من الحضّانة ما حدش شافها ولازم يتعمل متابعة برضة زي ما كنتي بتعملي مع يحيى ..
    سارة: طيب نستنى عمر والبس وأجي معاكم ..
    احمد: لا انتي لسة تعبانة وما فكتيش سلك العملية، تنزلي فين؟ كلمي بس عمر قولي له ان البنت خارجة مع خالها عشان ما يصحش برضه تخرج من غير اذن ابوها ..
    سارة ضاحكة: بس سوق على مهلك يا خلّولي عشان خاطري ..
    احمد: عيب عليكي ده انا عمري حتى ما حكيت العربية ..
    وكلمت سارة زوجها فعلا ونصحها ان ترسل معهم ملف مريم الذي كان معها في المستشفى ..

    قالت سارة:

    تاخرت ماما واحمد حوالي ساعة عند الطبيب وعند عودتهما لاحظت انهما لم يكونا على ما يرام رغم ان احمد استمر يضحك معي و يلاعب يحيى، كما طمأنتنى ماما ان الطبيب وجدها بخير والحمد لله واعطاها دواء للمغص عند اللزوم فقط .. ثم فوجئت بماما تطلب بابا و تطلب منه ان يحضر حقيبة ملابس صغيرة لها حينما يقدم لزيارتي لانها تريد ان تمكث معي ..
    سارة: ليه يا ماما انامش عايزة اعطلك، وانا عارفه ان احمد عنده امتحانات و محتاجلك ..
    الام: لا ماهو قاللي انه حايذاكر مع صحابة و حيسهر، يعني انا زى قلـّتي في البيت .. لكن انت لسة حركتك بطيئة ومحتاجالي ..

    قالت سارة:

    كان ميعاد فك السلك في اليوم التالي و حضرت الطبيبة بنفسها لفكه في المنزل .. وقضيت ساعات الصباح و انا مرعوبة وخايفة موت من فك السلك .. انا اصلا خايفه عشان في سلك .. حاسة اني فرخة كدة وحاشينها ومخيطينها، ايه ده؟
    اول مره في حياتي اعمل عملية ويكون فيها خياطة .. و كل ما ابص على شكل السلك ده ادوخ لوحدى، رغم انه عليه بلاستر من بره و مش باين .. يا رب فك السلك يكون سهل يا رب ..

    قال عمر:

    غبت عن شغلي النهاردة عشان فك السلك اللي سارة عاملاله قضية، كلنا قلنالها انه مش مؤلم لكن هيه خايفة موت وحاسة انها والعياذ بالله ممكن تفقد حياتها اثناء العملية الانتحارية بتاعت فك السلك ده ..
    وجاءت اللحظة الحاسمة وحضرت الطبيبة وسالتها سارة عن امكانية تخديرها فضحكت بشدة .. واغمضت سارة عيناها بشدة وكزت على اسنانها وامسكت بيدي من جهة و يد امها من جهة اخرى .. وقامت الطبيبة بتعقيم مكان الجرح وسارة لا تزال على وضعها ثم ..
    "خلاص يا سارة .."
    سارة (وهي لا تزال تكز على اسنانها تغمض عيناها): خلاص طهرتي الجرح؟
    الطبيبة: لا يا حبيبتي، خلاص فكيت السلك ..
    سارة و قد فتحت عيناها مشدوهة: والنبي صحيح؟!! ده حضرتك ايدك خفيفة اوي ..
    _____________________
    تنويه : لم أشأ أن أغيـّر نصّ القصـّة كما كتبتها كاتبتها، ولكن وجب التنويه إلى أنـّه لا ينبغي ولايجوز بتاتاً الحلف بغير الله تعالى أو كلماته .. لا بالنبي صلى الله عليه وسلـّم ولا بالأمانة أو غيرها .. فكان الواجب أن يكون النصّ مثلاً "بالله عليكِ صحيح؟" .. وقد حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلـّم من الحلف بغير الله تعالى فقال: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" .. نسأل الله السلامة .. وللعلم فإنّ مثل هذا الحلف قد تكرر في موضع آخر ولكن بصيغة أخرى، فيرجى التنبـّه
    ¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯
    قالت سارة:
    ضحكت الطبيبة واتكسفت من نفسي كسفة بعد ان لميت العيله كلها وطلع الموضوع سهل والحمد لله ..
    في الايام التالية ورغم تحسن صحتي وقدرتي على الحركة ظلت امي معنا، وتحملت مناغشات حماتي، مع ان لكلّ منها غرفة الان، حيث نزلت ماما على غرفة يحيى وحماتي في مقرها المفضل كما هي ..
    ولاحظت انه كلما بكت مريم جاءت ماما مسرعة وحملتها و هدهدتها، رغم انها كانت ايام يحيى تامرني بعدم حمله كثيرا عشان ما ياخدش على الشيل .. ايضا هي حريصة جدا على مواعيد رضاعتها وعلى طعامي انا شخصيا .. وطول النهار تعمل لي مغات وحلبه عشان اللبن يزيد .. لا فيه حاجة غير طبيعية، صحيح البنت الحمد لله كويسه، لكن انا مش مطمئنة ..
    حضر احمد مساءاً بعد ان انهى امتحانه واحضر هدية لمريم ولي .. كانت عبارة عن جهاز اتصال يوضع في حجرة مريم ومعه سماعة لاسلكية تكون معي في المنزل بحيث كلما بكت اسمعها واذهب اليها .. كانت هدية رائعة بحق ..
    سارة: شكرا يا احمد يا حبيبي ربنا يخليك لي .. بس دي غالية وانا كده كلفتك كتير ..
    احمد: يا ستي اصل انا ابويا راجل مرتاح يعني الحمد لله هاها ..
    سارة: انا في حاجة عايزة اسالك عنها وانت عمرك ما كذبت عليّ يا احمد ..
    احمد وقد بدا يضطرب: عينينا دا انت تؤمر يا جميل .. هي ماما فين بالحق؟
    سارة وهي تحاول ان تجعله يعترف: ماما نايمة شوية، وما تحاولش تهرب من كلامي و بص في عينيّ .. انا حاسة ان فى حاجة مش طبيعية وماما كده لمحت لي ان الدكتور قالكم حاجة بس انا مش فاهمه منها .. ممكن تفهمني؟
    احمد: افهـّمك ايه بس؟ البنت مالها ماشاء الله زي الفل .. بس ماما مهتمة بيها عشان كانت مولودة صغيرة شوية .. بس ادي الحكاي .. كمان الدكتور قال ما حدش ينرفز مريم عشان صغيرة وبنت سبعة ونص وممكن تكون عصبية ..
    سارة: انت مش اخويا يا احمد انت ابني و انا مربياك مع ماما .. ومهما حاولت مش حاتداري عليّ .. واسهل حاجة اني اخدها اوديها تاني للدكتور او حتى لدكتور تاني عشان اطمئن .. لكن انا عايزاك انت تقولي الحقيقة .. كمان انت عارف اني ست مؤمنة و حاتقبل قضاء الله مهما كان .. عشان نعم ربنا عليّ كتيرة وما أقدرش اصلا اعدها .. فلو حتى ابتلاني بمرض او حاجة في جسمي او في جسم اولادي حارضى وحاصبر ..
    عند هذه النقطه بدات دموع سارة في النزول رغما عنها .. وهنا قال احمد وقد ظهر عليه التاثر الشديد: ما تعيطيش يا سارة ارجوكي .. انا حاقولك على كل حاجة ..




    تــــــــــــابعوني >>>



    Dr.M.Hegazy


  2. #22
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    4,276

    افتراضي

    ..:: الحلقة العاشرة ::..

    عمر: دخلت من باب المنزل اليوم وجدت زوجتي الغالية تبكي، وشقيقها الاصغر يربت على كتفيها ويحاول تهدئتها، وأمها تجرى من داخل المنزل لتعرف ما يبكي سارة ..
    سارة: عمر؟ الحمد لله انك جيت يا عمر .. ياللا ننزل دلوقتى حالا للدكتور سعيد ..
    عمر: خير يا سارة؟ حد من الولاد فيه حاجة؟
    سارة: لا بس انا متاكدة انه قال حاجة لماما وأحمد، وهما مش عايزين يقولولي ..
    أم سارة: يا بنتي اهدي ما حصلش حاجه انا حاقولك ..
    عمر: خير يا طنط؟ انا قلقت كده اوي ..
    أم سارة: بص يا عمر يا بني، الدكتور قاللي
    بالنص كده البنت مولودة ناقصة نمو، وده ممكن يكون هوه السبب في عدم انتظام ضربات قلبها اللي بيقولو عليه لغط في القلب ..
    سارة: يا خبر؟ لغط في القلب؟
    واغشي على سارة في لحظتها .. ولحسن الحظ كانت لا زالت بجوار أحمد وان كانت واقفة على قدميها، فالتقطها أحمد .. وجرت ام عمر اللي حضرت من الداخل هي الاخرى لتحضر بعضا من الكولونيا ..
    أحمد: أهو عشان كده ما كناش عايزين نقول حاجه دلوقتي يا أبيه عمر، الدكتور قال الحالة دي غير مؤكدة، ممكن تكون بسبب الولادة المبكرة .. حتى نصح ما نعملش اشعات ولا أي فحص تاني الا بعد لما البنت تتم اربعين يوم عشان يكون الفحص دقيق ..
    رد عمر و هو يهوي على سارة محاولا افاقتها: انت متاكد يا أحمد؟ طيب ما قلتوش ليه من الاول؟
    أم سارة: مانت شفت اهو لما قلنا حصل إيه، احنا قلنا نستنى يمكن الفحص يطلع سلبي و ان شاء الله نتجنب المشاكل دي كلها، ونتجنب اننا نتعب سارة نفسيا لحد بعد اسبوعين، وده الميعاد اللي اخدناه من الدكتور .. وأحمد حجز فى القصر العينى لان جهازالقلب ده مش موجود غير عندهم بس .. و الحمد لله اننا لقينا حجز وجيت بنفسي يا بني انفذ تعليمات الدكتور مع مريم لحد ما الاسبوعين دول يعدوا على خير ..
    كانت سارة قد بدات تفيق و تحرك راسها يمنة و يسرة ودموعها تجري بلا انقطاع: عمر، مريم يا عمر .. ياللا نروح للدكتور ..
    اعاد عمر عليها ما قالته امها ثم قال أحمد وهو يحاول تلطيف الجو: شفتي بقة انتي عملتي ايه؟ والله الموضوع مش مستاهل كل ده، وإن شاء الله يطلع كله على فشوش .. أمال فين بقه الصبر وأنا صابره وأنا جامده والكلام المتين ده؟ حرام عليكي نفسك .. والله يا سارة ماما كان عندها حق لما فضلت نسكت لحد ميعاد الفحص عشان ما تعيشيش في القلق ده ..
    سارة: ايوة وعشت انت وهي في القلق يا حبيبي، وسبت مذاكرتك، وكل يوم والتاني جاي وكمان ماما سابتك انت وبابا، انا فعلا كويسة دلوقتي والله .. بس انا دخت بس عشان ما كلتش وكده .. لازم ترجعي البيت يا ماما دلوقتي لو سمحتي .. وانا اقدر اخد بالي من مريم كويس لحد ميعاد الفحص .. واللي ربنا رايده لينا يكون باذن الله ..
    ردت أم سارة وقد آلمها ان تترك ابنتها: طيب يا بنتي اللي تشوفيه، بس انا عايزاكي تاخدي بالك منها ومن نفسك الاول ..
    والتفتت الى ام عمر: بالله عليكي سارة و مريم امانه في ايديكي ..
    ام عمر: انا عارفة انها حاتبقى زى الفل باذن الله، مش انا مبشراكي بيها يا سارة لما كنت باعمل عمرة انا و بنتي، و قلت لك ربنا حايديكي مريم ان شاء الله؟ اللي اداهالك مش حايضيعها منك باذن الله ..جرى ايه يا سارة؟ ده انت اللي كنتي بتعلمينا الحاجات دى يا بنتي ..
    أحمد: انتي محسساني انك رايحة الحجاز يا ماما .. انا حاجيبك بكرة الصبح وانا نازل الجامعة ياحبيبتى والله .. بس اصلى انا وبابا خلينالك البيت..... وللا بلاش حاتشوفي دلوقتي بنفسك، بعدين كلها كام يوم واخلص امتحانات و نبقى براحتنا ع الاخر ..
    أم سارة: ياللا يا حبيبي انا هاحضر شنطتي اهو .. خللي بالك من نفسك يا بنتي ..
    سارة: يا رب، يا من انت ارحم من الام بوليدها، احفظ علي نعمتك يا رب .. واحرس مريم و يحيى وابوهم يا الله .. اللهم لا تفجعني فيهم يا رب العالمين .. اللهم اجعلنا عبيد رخاء لا عبيد ابتلاء يا رب، وان حكمت علينا بالبلاء فافرغ علينا صبرا يرضينا بقدرك يا الله ..

    قال عمر:

    ما كنتش فاكر ان غلاوة مريم عندي بقت كده .. كل شويه ادخل اوضتها و اتحسس وشها الصغير واتخيل هل ممكن يوم ادخل يكون المهد ده فاضي؟ اللهم لا نسالك رد القضاء ولكنا نسالك اللطف فيه يا ارحم الراحمين، انا دخلت على جوجل النهارده و طلعت قايمه بالامراض التي تصيب الرضـّع و تكون عيوب في القلب سواء ثقب او ضيق في الصمام الميترالي وحاجت تانيه كتير، كلها بتبدا باللغط ده .. زمان كان يا اما ربنا يحكم بالشفاء، يا اما تعيش عمرها مريضه لحد امر الله ما ينفذ .. لكن العمليات تطورت دلوقتي ولله الحمد .. انا حتى راسلت مكتبنا في هولندا و طلبت من السكرتيرة هناك تعملي بحث عن المستشفيات لو اضطريت اسفرها بره .. دلوقت بس فهمت، لما كنت باشوف حد بيبيع عفش بيته عشان ابنه يتعالج، فعلا ما فيش اغلى من الضنا ..

    مرت الايام بطيئة و سارة تراقب مريم مراقبة اكثر من لصيقه، و تلاحظ لون وجهها واظافرها حتى لو تحولت الى الازرق تجري الى الطبيب كما قالت والدتها .. كذلك حرصت على غذائها حتى ان وزنها تضاعف بامر الله واصبحت جميله كالقمر .. وبدات تناغي وتبتسم، وكلما مر يوم، ازداد تعلق سارة بها اكثر .. و حتى يحيى احس ان شيئا غير طبيعي يجري، فقلل من شقاوته واصبح يشترك فى الاطمئنان على الننه كل حين كما علمته امه، حتى لم يعد يغار منها .. كان يخاف عليها و يحس بامه تبكي بجواره ليلا، اذ هجرت غرفتها و انتقلت لغرفة يحيى حتى تتيح لعمر ان ينام ليصحو مبكرا لعمله .. وهيهات ان تسمح مريم لاحد بالنوم، كانت تغفو لحظات فقط وتصحو معظم الليل .. و كانت سارة تحرص الا تتركها تبكي لحظة واحدة فتهدهد وتحنو و قد تعطيها حماما دافئا كي تهدأ ولا ترهق قلبها و رئتاها ..


    و فى اليوم المحدد للكشف حضر أحمد ووالدته واخذهم عمر جميعا في سيارته للقصر العيني، وفي الطريق طلبت سارة طلبا غريبا، طلبت ان تذهب الى استديو تصوير وتصور مريم، احست انها تريد ان تحتفظ بذكرى هذا اليوم سواء كانت حزينه او سعيدة، كل ما يتعلق بمريم يجب ان تحتفظ به و نفذ لها عمر رغبتها ..

    وفى القصر العينى بهتت سارة مما رات، مئات الاطفال واهلهم لا يرجون من الله الا شفاء اطفالهم، و يبدو عليهم البؤس الشديد .. حتى عندما اخذت سارة تتجول بعينيها بين الاطفال، كلهم مشتركون في البؤس والهزال والضعف، و منهم الرضع ومنهم من هم على اعتاب المراهقة، اللهم اشفي مرضانا جميعا يا رب ..
    طالت فترة الانتظار واخيرا جاء دور مريم، دخلت سارة وعمر بالطفلة ووضعها عمر على سرير الكشف، وكان الطبيب يجلس وظهره لسارة وامامه شاشة كبيرة، وما ان مر بالماسح على صدر الطفلة، حتى ظهرت امامه خطوط واحصائيات و رسومات بيانية، لم تفقه منها سارة شيئا ..واغمضت عينيها وبسطت كفيها امام وجهها تدعو الله و قلبها معلق بما سيقوله الطبيب ..
    و بعد لحظات مرت كالدهر قال:
    انا قريت تقرير الدكتور سعيد على فكره وهو كان تشخيصه صحيح، حالة اللغظ كانت كاذبه بسبب الولادة المبكرة، لكنها اختفت تماما دلوقتي .. ما شاء الله البنت زي الفل و تقدرو تروحوا وما تحملوش هم الحكايه تاني ابدا..
    لم تدرى سارة بنفسها الا و جبهتها تلمس أرض العيادة التي تبللت بدموعها دموع الشكر، انها لم تتصور ان تستجاب دعواتها، كم انت رحيم يا الهي ..

    اللهم اني أحمدك حمدا كثيرا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك يا رب العالمين يا الله ..


    -------------

    تنويه:
    وردت في الرواية هذه العبارة (اللهم لا نسالك رد القضاء ولكنا نسالك اللطف فيه) وهذا الدعاء لا يجوز ذلك أننا نسأل الله أن يردّ القضاء، فقد جاء في الحديث (لا يرد القضاء إلا الدعاء) .. وقد ذكر بعض العلماء أن هذه العبارة محرّمة، والتفصيل لهذا تجدونه في هذا الرابط: http://islamqa.com/ar/ref/105366





    ..:: الحلقة الحادية عشرة ::..

    قالت سارة:
    الحمد لله اطمنا على مريم، وكلما مرت الايام ازدادت بحمد الله جمالا و شقاوة، لكن الجمال مش كل حاجة، المهم الاخلاق، انا مش مصدقه اللي بتعمله فيا ده، اخدت على الشيل والهدهدة والدلع، وعايزة كل ما تقول واء تلاقي نفسها يا اما اتشالت يا اما اتفرجت ع التلفزيون، يا خدت حمام وقعدت تلعب في الميه ..
    الفتره اللي كنا خايفين فيها عليها دي الظاهر هي دي فترة تكوين الشخصية، وصدقوني الشخصية اللي تكونت مش عاجباني خالص خالص .. اه يا يحيى يا حبيبي، ده انت كنت لقطه والله، بس انا كنت باتبطر، اهى جاتلك اللي تربيكى يا ست سارة، اولا ما بتنامش اكثر من ساعه متصله، وبالنهار، و الساعه دي هي اللي بتحددها، يعني مش حاجة معروفة وهي ملتزمه بيها، وساعات تسرح كده شويه و تغفل وتحسبها عليا نومه .. واخر الليل، حيلي يتهد لحد ما تنام، وانا بس اصلى العشا و اغير هدومي ولسه باحط راسى على المخدة اسمع: اهىء اهىء .. اكدب نفسي و اقول لا يا ** ده عند الجيران فوق، لكن انتي بنتك نامت الحمد لله واحاول اغمض اسمع تاني: اهىء اهىء اهىء .. يا مرّك يا سارة، معقوله حسبت العشر دقايق دول نومه؟ قال ايه ماما بتقولي سيبيها تعيط، اصل العياط ده مش عياط و خلاص، ده مستويات مختلفه وطبقات صوتيه غير بعض .. يعنى لو طنشت بقه، تسمع سارينة الاسعاف علطول، ويحيى يصحى وعمر مش بيصحى عشان انا لسه سايباله الاوضه ينام براحته، وشاطر بس يقولي: مالها مريم و الله انتو ظالمينها ماهي ساكته اهيه عشان فعلا هي طول النهار سعيدة و جميلة، و طول الليل....... يا رب اهديها ..

    قال عمر:

    البنت مريم دي عسل، حبيبة ابوها، اول ما تشوفني ادخل من الباب تيجي جري بالمشايه عليا و تضحكلي و ترفع ايديها عشان اشيلها، و بقت تحط خدها على وشى عشان ابوسها .. صحيح زى ما قالوا البنات حنينين، لكن حبيبي الاولى يحيى برضه، ما برضاش اشيلها الا لما ابوسه و اسلم عليه .. والبجاحه بقه انها هي اللي بتغير منه وتعيط عشان عايزاني .. ايه ده البنات غياره ليه كده؟
    بس مش عارف سارة بتشتكي منها ليه، رغم انها لذيذه و بتضحك، اول مره احس سارة بعيدة عني كده .. وقال ايه انا كنت باشتكي من انشغالها لما ربنا ادانا يحيى، امال دلوقتى
    انا تقريبا ما باشوفهاش غير يا اما بتحط الاكل، يا اما بتشيله، يا بترضع مريم، خاصة ان ماما ضغطها عالي اليومين دول وصحتها مش ولا بد، عشان كده سارة شايله الحمل كله .. بس برضه مش كده، ده انا نسيت يعنى ايه نقعد مع بعض قدام التلفزيون، اما عن الخروجات و الفسح، دي بقت من الخيال العلمى خلاص .. وبعد تفكير طويل قررت احاول اعمل حاجه اساعدها بيها ..

    "مفاجاة .........."

    عمر داخلا من باب الشقة: السلام عليكم، سارة، يا سارة عندي ليكي مفاجاة ..
    ردت سارة من المطبخ بصوت خفيض: وطي صوتك انا ما صدقت البنت نايمة عشان احط الاكل، مفاجاه ايه؟
    عمر: معلش كنت بادور عليكي .. انا جبتلك شغاله يا سارة، ومقيمه كمان ..
    سارة وهى تحاول استعادة ذاكرة الابتسام: لا والله؟ احلف .. ربنا يخليك ليا يا عمورتي .. الحمد لله، عالم بحالي و غني عن سؤالي، بس انا مارضتش اتقل عليك عشان اقساط الشقه و انت مش ناقص ..
    عمر: لا مانا موصي البواب من اسبوع يجيبلي واحده من بلدهم، من الصعيد، ما تضربشي في العالي وزمانه طالع بيها وترجعي بقه تفضي كده و تروقي ..
    وبعد قليل رن جرس الباب وفتحت سارة، وجدت البواب ومعه طفله صغيرة ظنتها سارة في البدايه ابنته ..
    سارة: اهلا يا عم رجب، بنتك دي؟
    عم رجب: لا يا هانم، دي الشغاله اللي موصيني عليها البيه ..
    صعقت سارة من رده: الشغالة، دى صغيرة اوي يا عم رجب، انا يا دوب اربيها مع مريم و يحيى ..
    تدخل عمر: عندها كام سنه دي يا عم رجب ..
    عم رجب: دي عمرها اتناشر سنه، ولهلوبه يا بيه .. واشتغلت في بيوت قبل كده كاتير .. وعاتعجبك خالص .. بس ما تنسانيش في الحلاوه .. واستدار عم رجب و ترك الفتاه ومضى ..
    سارة: اسمك ايه يا حبيبتي؟
    البنت: اسمي نهى .. وانت اسمك ايه؟
    سارة: اسمى مدام سارة ..عاشت الاسامي يا نهى ..
    البنت: لا ماهو ده مش اسمى الحجيجى، اسمى الحجيجى ريهام ..
    ضحكت سارة في سرها و قالت ايه ريهام اللي بيدلعوها نهى دي؟ امال فين زكية وفتحية وام السعد والناس دي؟
    سالتها سارة و قد بدات تبدو مثل ماما ساميه في برنامج عروستي: عندك كام سنه يا نهى؟
    ردت نهى: أني مش عارفه بس أني هناك من زمان ..
    تمتم عمر و كمان هبلة؟ ربنا يستر ..
    اشارت سارة لعمر انها تريد الحديث معه على انفراد: بص يا عمر دي طفلة يعني حرام والله .. انا قلبي مش حايطاوعني اشغلها، و شكلها ما يزيدش عن تمن سنين، ده تشغيلها جريمه ..
    عمر: ما يمكن صحيح كبيرة وشكلها كده، و بعدين يا ستي على الاقل انتي حاتكوني طيبة معاها وتعامليها كويس، لكن غيرك ممكن يبهدلها .. نجربها بس ولو ما نفعتش نمشيها .. مش حانخسر حاجه ..
    حضرت سارة الغداء ووضعت لنهى طعامها الذي انهته بشهيه كبيرة، بعد ان طلبت بصلة من سارة لتاكلها معه، ثم اخدتها للحمام لتبدا مهمة مستحيلة في نظافة نهى ..
    سارة: لا صحيح البنت دي مش عندها عشره اتناشر سنة، ده ممكن تكون عندها تلاتين سنة، ده كم القذاره دى لا يمكن يكون اتعمل فى عشر سنين بس، وبعد الحمام خرجت نهى من الحمام مختلفه تماما، و طلبت من سارة كرسى لتقف عليه و تعمل المواعين ..
    سارة: حاتعرفي و لا حاتكسري الدنيا؟
    نهى: حاعرف يا مدام، بس جوليلى السلك فين والصابون وحاتشوفي ..
    قامت سارة بعمل الشاي لها و لعمر ولحماتها، و لاول مره منذ فتره جلسوا جميعا في غرفة المعيشه يتناولون الشاي .. ثم تطوعت ام عمر ان تتابع مريم، حتى تنام سارة قليلا .. وبعد ساعه صحت سارة لتجد نهى في المطبخ وقد انزلت جميع الاواني والحلل، وتغسل بهمه شديده جدا ..
    وسمع كل من بالمنزل صوت سارة وهي تصرخ، ايه اللي عملتيه ده يا شيخه، الله يسامحك ..
    لم يعرف عمر حين راى المنظر هل يضحك ام يبكي .. نهى غسلت بعض اواني التيفال بالسلك الالمونيوم، و ازالت الطبقه السوداء من عليه، و كانت في طريقها لانهاء الباقي ..
    عمر: ليه يا سارة ما حذرتيهاش؟
    سارة: وانا كنت اعرف منين انها حاتفتح الدواليب وتطلع الحلل اللى لسه جديده و تغسلها، لا حول و لا قوة الا بالله، ليه كده يا بنتي بس؟
    نهى: معلش يا مدام، والله ما كنت اعرف، بالله اضربيني بشويش، بلاش بالجامد بالله احسن الناس اللي كنت عندهم كانو بيضربوني بالجامد ..
    سارة وقد صعب عليها حال البنت: انا مش حاضربك خالص، ما تخافيش، بس ما تعمليش حاجة من دماغك عشان خاطري .. ماشي؟
    نهى: حاضر .. والله خلاص سماح النوبة ..
    اما يحيى فقط ظل طول النهار ينظر لنهى ولا يكلمها، كانه يريد ان يسال من هذا المخلوق الغريب؟ احنا ناقصين؟ مش كفاية السارينة التانية؟
    وفي المساء اعدت سارة لنهى مكانا صغيرا لتنام فيه، عباره عن حجرة صغيرة ملحقه بالمطبخ .. وضعت فيها سارة فرشة صغيرة ..
    وقبل الفجر صحت سارة لارضاع مريم، فاحست باحد الى جوارها في السرير، ظنته يحيى، فاذا بها..........
    يانهار ابيض؟
    نهى؟
    اصحى يا بنت .. ايه اللي جابك هنا؟
    ردت نهى: معلش بالله يا مدام اصلي بخاف جوي جوي، ومش باعرف انام لوحدي واصل .. وانكسفت انام جنب الاستاذ عمر، وحماة حضرتك غالجه الباب على نفسها
    تمتمت سارة: جنب مين يا حبيبتي؟ اه وحماتي صحيح ما هي اروبة وعارفة ان فيه نفس غريب في البيت ..
    لم ترد سارة على نهى بكلمه، ولكنها قامت لتوقظ عمر ليصلي الفجر وهمست: خلاص والله العظيم، بعد كده حاتلاقي ماكنه في قلب البيت .. حاعمل كل حاجة وكمان حاتزوق واسرّح شعري .. عارف حتلاقي فنانة استعراضية مستنياك، بس عشان خاطري يا شيخ بلاش نهى ..



    ..:: الحلقة الثانية عشرة ::..


    قالت سارة:
    الحمد لله اخيرا اقتنع عمر بانه يمشي نهى بالمعروف، وده مش بس عشان كلامي معاه، لأ، لانه رجع من الشغل فى نفس اليوم لقى يحيى بيغني: ييجي ع المحطة ييجي، وادبحله البطه ييجي .. ويصفق بكلتا يداه ثم يزغرد و يقول: لولولولي، ابويا جيه، تعالى يابه .. يا ماريم ابوكي جيه ..!!
    ولما عرف ان الست نهى خلتني نايمه جنب مريم الصبح وخرجت، آه خرجت، ولولا البواب لقاها ماشيه في الشارع كانت حاتتوه وتجيبلنا داهيه، كانت تلك هي القشه التي قصمت ظهر البعير ..
    كانت رايحه فين؟
    سؤال كويس، انا برضه سالتها السؤال ده، فاجابت: جعت يا مدام، نزلت اجيب طعميه من البتانوني، ولما سالت عن كنه هذا البتانوني عرفت انه بتاع الطعمية اللي عندهم في البلد، وانها كانت متاكده ان حدانا، قصدي عندنا، بتانوني في القاهرة، حاجه بديهيه يعني يكون فيه بتانوني لكل مواطن.!!
    وكان القرار النهائي باعادتها الى البلد حيث البتانوني وكل المتع التي اعتادتها، وحاولت ان انظم حياتي اكثر، يعني بدل ما ادفع مرتب نهى اشتريت غسالة اطباق بالقسط، واتفقت مع ماما تبعتلي شغالتها مرة اسبوعيا، وبدات اغرس في يحيى مبادىء صغيرة، زي انه ممكن يشيل لعبة في الصندوق بعد ما يخلص، يعلق هدومه بعد ما عملتله شماعه مناسبه لطوله خلف باب غرفته، كمان بيساعدنى احيانا بانه يناولني ملابس او حفاضات لاخته، والله مش عيب، البنت زي الولد وممكن اي انسان يضطر في وقت من الاوقات انه يعيش لوحده، اقل حاجه يقدر يخدم نفسه .. حتى عمر بدا يحس بي اكتر، ويشيل هدومه في الدولاب، وحذاءه في مكانه .. والله الموضوع مش عقدة، وبالتعاون كل شىء ممكن ..

    قال عمر:

    مع مرور الوقت مريم ابتدت تهدى شويه، وسارة بدات ترجع تاني شويه شويه زى زمان، والله ساعات تصعب عليّا لدرجة اني انا، عمر باشا، اشيل حاجتي وهدومي، واعمل لنفسي الشاي وكمان الفطار المتين .!!
    عجبت لك يا زمن، بس بتصعب عليّا اصحيها الصبح وانا عارف انها قضت سهرة سعيدة مع الحان الاستاذه مريم، برضه لما باحس انها سايبه اوضتها عشان لما مريم تصحى ما تزعجنيش، ده بيخليني احس انه عيب عليّا اصحيها تعملي الفطار .. ربنا بس يقدرها على البيت والعيال، ولو ماما صاحيه بتقوم معايا بالواجب، وان ماحصلش فامري لله، فطر نفسك يا عم عمر ..
    وطبعا موضوع نهى ده انتهى تماما، لاني روحت في يوم لقيت يحيى بيردد اهازيج غريبة، غير انها كانت حاتتوه وتجيب لنا داهية .. الحمد لله ربنا ستر ..

    قالت سارة:

    رن جرس الباب عصرا، واذا به احمد جاء بعد ان انهى اخر امتحانات الترم الثاني، منذ ان كبر و اضحى رجلا اصبح دخوله منزلي عيدا بالنسبه لي، و الله لا ادري متى كبر هذا الطفل الذي كنت اشارك امي في حمله وتربيته، وكذلك كنت اساعده في مذاكرته، كل ما اعرفه انه فجاه اصبح رجلا يعتمد عليه، وبعد ان قضيت سنوات طفولتي اتمنى وجود اخ اكبر لي، يخرج معي ويذهب بي الى النادي والمدرسة كصديقاتي .. وجدت اخي الاكبر اخيرا، انه فقط اصغر مني سنا، لكنه فعلا يجعلني احس ان لي سندا و عائلة، خاصة بعد سفر اسراء الى دبى ..
    دخل احمد كعادته محملا بالحلوى للطفلين، واستقبلاه بالمظاهره المعتاده، واخذ يداعبهما ويدللهما، ثم طلب مني ان يتكلم معي انا وعمر في موضوع ..!
    احمد: ابيه عمر انت عارفه انك انت وسارة بالنسبة لي بقيتو نموذج للزيجة الناجحة باسم الله ما شاء الله، وانا كان نفسي من ساعة ما وعيت عليكم ان ربنا يرزقني بزوجة صالحة تكون لي سند زي سارة واني اكون مراعي ربنا فيها زيك يا ابيه ..
    عمر: ياه يا ابو حميد، انت كبرت للدرجة دي وكمان عايز تتجوز ..
    احمد: مش بالضبط يعني، مش ضروري جواز، ممكن تقول حتى خطوبة او ارتباط، حاجة تحمي الواحد في الزمن ده .. انت لا تتخيل يا ابيه قد إيه الدنيا اتغيرت، واصبح الولد اللي مش مصاحب او مضبط مع بنت عرة صحابه، و انا بصراحة ما عنديش استعداد اعشم حد من غير ما اكون قد كلمتي ..
    سارة: يا حبيبي يا احمد، انت حقيقي كبرت و فاضلك سنة واحدة وتتخرج، بس مش كان احسن تستنى بعد التخرج عشان ما تنشغلش ..
    احمد: ماهو ده اللي انا عايز رأيكم فيه، دلوقتي انا حاسس بميل معين ناحية زميلة لي وصديقة عزيزة في الكلية، و حاسس انها كمان بتبادلني نفس الشعور .. بس خايف ..
    عمر: من إيه؟
    احمد: من حاجات كتير، اولا انا حاسس ان أي زيجه مبنية على الحب بتفشل، والاتنين ما بيكونوش سعداء، بل بالعكس بقه الزيجات اللي بتتم عن طريق المعارف والاهل زيكم كده هي اللي بتنجح ..
    سارة: لا طبعا يا احمد، مش معنى اني انا وعمر الحمد لله سعداء مع بعض ان ده النموذج اللي الكل لازم يمشى عليه، انا وعمر سعداء عشان طلبنا السعادة، طلبناها من ربنا، وعملنا عشان نوصلها، فربنا ساعدنا على بلوغ هدفنا، و اي اتنين ممكن يعملو زينا، احنا مش بنشترى العلاقة جاهزة يا احمد .. لا دي زي الغـَزْل، اللي لازم تسهر على خيوطه يوم ورا يوم عشان يكمل، لكن فكرة ان العلاقه لو بدات بحب بتختم بنكد والتخريف ده مش صحيح ..
    احمد: طيب تفسري بإيه شكوى اسراء كل شوية انها مش مبسوطة و انها عايزة ترجع، رغم انها اتجوزت عن حب، وحازم كان زميلها في الكلية وعارفاه من سنين؟
    عمر: انا متفق مع سارة يا احمد، وتفسيري لموضوع اسراء، هو عدم تعودها على الغربة، او عدم تعودها على حازم شخصيا، لان الحب والخطوبة حاجة، الجواز والعشرة حاجة تانية ..
    سارة: استنى هنا، مالها اسراء، مانا لسه مكلماها وما قالتليش حاجه يا احمد ..
    احمد: انتي عارفه يا سارة انها ما بتحبش تشكي بس انا حاسس بيها، لما باكلمها على النت باحس من بين كلامها انها مش سعيدة، يعني مثلا راحت لقته محضرلها شغل عشان تنزل بعد ما وصلت دبي باسبوع واحد تشتغل، وحاجات تانية يعني ممكن تكلميها فيها، بس هيّا عارفة انك مش فاضية عشان ظروفك وظروف الولاد .. وكمان مش بترضى تقلق ماما، فكان دايما الكلام معايا انا اسهل .. وانتي عارفه ان سننا قريب من بعض وهي كانت صاحبتي، و بصراحة هي اللي قالتلي اوعى تتجوز اللي بتحبها ..
    عمر: ده كلام غريب يا احمد، اللي ينفع في حالة مش لازم يطبق على جميع الحالات، واللي ترتاح معاها وترتاح معاك اكيد حاتكون احسن من اللي ما تعرفهاش اصلا ..
    احمد: انا خايف كمان من اعتبارات السن المتقارب، وانها يعني تكون واخدة عليـّ اوي، ومش مدياني احترامي ..
    سارة: لا الاحترام بين الزوجين ما لوش اي علاقه بالسن، اهم حاجة الشخصية، هي اللي تدفعك لاحترامها مش سن الشخص ..
    احمد: يعني يا سارة فكرك اتوكل على الله و افاتحها بعد الامتحانات؟ اهلها محترمين اوي وفيه تكافؤ بيننا في كل شىء تقريبا ..
    عمر: اهو دي برضه حاجة من اهم اشتراطات الزواج؛ التكافؤ .. يعني كله تمام .. انا مش فاهم ترددك يا احمد ..
    احمد: طيب انا عايزك يا سارة تكلمي ماما و بابا في الموضوع عشان انا محرج اوي، وكمان مش حاقدر اكلم البنت في اي حاجة الا لما اكون فعلا عارف اني ممكن اخطبها ..
    سارة: اطمئن يا حبيبي، انا حاكلم ماما وهي تتصرف .. ياه يا احمد انا مش مصدقة انك كبرت اوي كده!

    و بعد ان انصرف احمد ..

    عمر: كل يوم باصدق قول الرسول صلى الله عليه و سلم: لازال الخير في امتي الى يوم يبعثون، رغم كل البلاوي اللي بنسمع عنها من الشباب وكم الانحراف والاستهتار الاقي حد زي احمد يخليني احس ان الدنيا لسه بخير، انت عارفه يا سارة انا باعتبره زي اخويا بالضبط عشان انا ماليش اخ وعشان اتربى وسطينا .. انا لما خطبتك كان لسه طفل ..
    سارة: هوه برضه بيحبك يا عمر، وعاملك مثله الاعلى، انت تستاهل تكون كده، ربنا يخليك ليّا ولولادك .. بعد اذنك بقة حاشوف السماعة فين وادخل على النت شوية يا عمر عشان اكلم اسراء .. احسن احمد قلقني عليها اوي ..
    وبعد قليل من اتصال الاختان، وبعد الكلام المعتاد فوجئت سارة بصوت اسراء يتهدج وتبدا في البكاء ..
    اسراء: أنا تعبانة يا سارة أوي ..
    سارة: مالك يا حبيبتي؟ احمد لمّحلي عن حاجة كده، بس انتي عمرك ما اشتكيتي ليّا، فيكي ايه؟
    اسراء: حاسة اني غلطت و استعجلت في الجوازه دي، من ساعة ما جيت وانا باتعذب وباكتم في قلبي عشان ماما ما يزديدش قلقها عليّا، لكن خلاص ما عدتش قادرة استحمل، انا عايزه ارجع مصر النهارده قبل بكره .. باختصار شديد، عايزة اتطلق ..


    ------ تنويه ------

    فيما يتعلـّق بالحديث المذكور (لازال الخير في امتي الى يوم يبعثون) فعلـّك الكاتب يقصد (الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة)، وهذا الحديث ضعيف لا يصح .. ويغني عنه الحديث الصحيح ""لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" رواه مسلم.







    تــــــــــــابعوني >>>



    Dr.M.Hegazy


  3. #23
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    الدولة
    فى رعاية الله
    المشاركات
    276

    افتراضي

    تسلم يا دكتور ع القصة
    ويحيى ده كميل وعثوول خالث

    متابعين

  4. #24
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    الدولة
    IN the life
    المشاركات
    467

    افتراضي

    waiting.......

  5. #25
    Pb Elite
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    320

    افتراضي

    leeh el 7al2a et25rt kda??

  6. #26
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    4,276

    افتراضي

    ..:: الحلقة الثالثة عشرة ::..

    سارة: الطلاق دي كلمة، دي كبيرة اوي، ويتهز لها عرش الرحمن .. ومش محتاجة اقولك ان الست اللي تطلبها دون بأس تحرم عليها ريحة الجنة .. انا مش حادلعك اكتر من كده، ولا حاقولك مالك، بس اللي بتقوليه ده لا يصدق، ايه اللي ممكن يحصل بين اتنين في مدة ما تتجاوزش سنه عشان يقرروا ينفصلوا؟!!
    اسراء: حازم ما قررش حاجة، ده قراري انا ولازم يوافق عليه .. انا ما تجوزتش عشان اعيش تعيسة ومتبهدلة وكمان بعيد عن اهلي ..
    سارة: و الله ده كان اختيارك، انتي قلتي لماما وبابا بصريح العبارة كده بحبه ومش حاتجوز غيره، ولو ما تجوزتوش حافضل طول عمرى من غير جواز ..
    اسراء: ده انسان ما عندوش ريحة الاحساس، ما فيش مشاعر خالص، فين الكلام اللي كان هاريني بيه ايام الخطوبة؟ فين "الأناشيد" اللي كان بيبعتهالي كل شويه على الموبايل؟ فين كلمة بحبك اللي كان يقولها في اول المكالمة و يختم بيها كمان؟ كل ده اختفى .. بقى انسان بشع كل همه الفلوس .. و حتى مرتبي بيخلينى احوشه كل شهر في حسابي وما يسمحليش اصرف حاجه .. وقال ايه اصل البلد هنا مغرية وممكن نصرف اللي بنكسبه واكتر، ونرجع يا مولاي كما خلقتني .. و الشقه اللي عايشه فيها خانقاني زيادة .. صحيح هيّا نضيفة و مفروشة كويس، لكن اوضه واحدة، يعني اخرج من اوضتي الاقي نفسي على باب الشقه خلاص ..!!
    سارة: يا اسراء انا معظم صحباتي مسافرين اوروبا وكمان الخليج، واللي كلهم متفقين عليه ان الايجارات غالية جدا في البلاد دي، وبرضه الواحد ما عندوش ضيوف زي مصر ولا حاجه .. ايه احيتاجاتك يعني في الدنيا غير اوضة نوم و ترابيزة اكل وانتريه تقعدي عليه انتي و جوزك؟ و بعدين اللي تطلب الطلاق دي يبقى لا سمح الله جوزها بيخونها، بيستغلها، بيضربها .. لكن ده الراجل حتى فلوسك بيخليكي تحطيها في حسابك انتي، ليه بس البطر ده؟
    انتي فاكره نفسك في مصر عايزه شقة اربع اوض وصالة؟ انتي نسيتى ان ماما هي اللي اصرت يكون ليكي شقة في مصر ان شالله ايجار و تتفرش قبل ما تمشي، و حضرتك كنتي مش عايزه حاجه غير حازم؟ وفين وفين لما سمعتي الكلام، ايه اللي غيرك دلوقتي؟ فين الحب العظيم؟ انهار عند اول مطب؟ دلوقتي بقت الشقق مهمة؟
    اسراء: ماهو المصيبه ان الحب ما عادش موجود .. استحمل ليه بقة؟
    سارة: انا مستغربه اوي يا اسراء، الحب ده يا ماما مش الكلام و الخروج و الفسح والتسبيل زى ما السينما بتصوره، الحب ده شعور عميق جواكي بتكنيه لبني ادم، وتفضلي حاسه بيه طول عمرك مهما حصل .. و بعدين تعالي هنا انتي عملتى ايه عشان تغذي الحب ده؟ حاولتي تمشى له خطوه يمكن يمشى هوه خطوتين؟
    اسراء: انتي بتتكلمي ازاي؟ انا ليـّا كرامتي برضه .. حاتعملي زى ستي وستك بقه لما كانت تقعد متزوقه لجوزها و لابسه الى على الحبل، ومحضره العشاء و مستنياه؟!! اللي بيحبني يحبني زي ما أنا في اي حاله .. مش عشان عاملة في نفسي العمايل!
    سارة: يوه .. جتك وكسه يا منيله .. انتي مش بتعملى العمايل؟ اتاري الراجل طهق منك وده عشان ايه؟ عشان كرامتك؟ ده كرامتك في انك تكوني زوجه صح، وحكاية الاكل دي مش النقطه انه ياكل، المهم انه يحس انك تعبتى نفسك و فكرتي هوه بيحب ايه وعملتيه عشانه .. و زينتك لجوزك دي حاجه ترفع قيمتك عنده وعند الله كمان .. و لا انتي شاطرة تتزوقي بس وانتي خارجه؟ طيب جربي تعملي العمايل كده و انتي تلاقى امير الرومانسيه معاكي في البيت ..
    اسراء: هاهاها .. انتي سهل تقولي كده عشان متجوزه راجل مثالي ..
    سارة: على فكره ما فيش حاجه اسمها راجل مثالي .. كل انسان فيه عيوب و ميزات، واكبر ميزه في عمر انه متدين وبيراعي ربنا في كل تصرف .. اما انا يا ستي ممكن احكيلك قصايد عن اللي كنت باعمله لعمر واحنا لسه في شهر العسل .. ده انا مره فرشت البيت كله ورد و حطيت اسهم على الارض تشير للاوضه اللي انا فيها عشان يحس انى مستنياه على نار .. هل فكرت في كرامتي بقه وقلت انا لسه في شهر العسل فلازم يكون عبد ذليل لجمالي و حلاوتي؟!! لا طبعا، بالعكس انا كبرت في عينيه اكتر واكتر ..
    اسراء: بس انتي عمرك ما حكيتي ليـّا عن حاجة زى دي ..!
    سارة: ايوه عشان دي اسرار بين الست و جوزها، لكن ربنا عالم اني باحكيلك الوقتي عشان غرضي خير .. نفسي تعرفي ان الحياه اللي انتي شايفاها ناجحة وبراقة من برة دي ياما تعبنا عشان نوصللها انا وعمر كمان .. انا برضه ليـّا عيوبي وهوا استوعبها، وقدرنا نمشـّي مع بعض الايام .. واهم حاجه كل واحد فينا يراعي ربنا يا اسراء .. انتي عارفه لما تقفي حتى تغسلي الاطباق وانتي موجهه نيتك لله، كده كده انتي حاتغسليهم، لكن اخلاص النيه ده هو سبب كل نجاح في الحياه ..
    بصي يا اسراء، بابا دايما كان يقول ان سنه اولى جواز دي بتكون زى المكنه الجديده اللي لسه التروس فيها ما لانتش وما خدتش على بعضها وبتحتك ببعضها وبتعمل مشاكل، ومع الايام التروس بتنعم و بتلين والحياه بتكون احسن، بس لازم ندي نفسنا فرصة، انتي ما انكرتيش على جوزك لا خلق ولا دين، بس مجرد انه مش رومانسي، وعايز يعمل قرشين في غربته دي عشان يرجع و ينتهي من الهم ده، وده حقه..
    اسراء: ما الناس حوالينا اهم عايشين حياتهم، و بيصرفوا باليمين والشمال وعربيات ايه وشوبنج ايه وفسح كل يوم ..
    سارة: يا ريت ما تقارنيش نفسك بحد، دي اكبر مصيبه في الحياة، ظروفهم ممكن تكون مختلفة، ممكن يكونوا اكبر منك بكتير ولهم وضعهم في البلد مش زيكم لسه بادئين، ممكن يكونوا حايعيشوا فيها علطول، لكن اللي اعرفه ان حازم نفسه يبني نفسه عشان ترجعوا وتعملوا حاجه هنا في بلدكم .. اللي فهمته من حازم ان غربته دي مرحلة، عايز يعديها باقصى سرعة عشان يكون له مستقبل في بلده ..
    اسراء: بس مش معنى كده ان احنا نموت هنا عشان نعيش بعدين ..
    سارة: يعني ايه تموتوا؟ ما بتاكلوش مثلا؟
    اسراء: لا مش كده، بس يا سارة انتي لو جيتي دبي حاتلاقي وهم حاجات ما شفنهاش في حياتنا .. نفسي اعيش الجو ده وانسى التحويش وانسى الفلوس وافتكر بس اني مع حبيبي ..
    سارة: والله انا كنت بابقى سعيدة مع حبيبي واحنا في شقة خاله في اسكندرية اكتر من اي مكان في العالم .. اطلبي السعادة يا اسراء، اطلبيها من ربنا، واعملي اللي عليكي عشان توصليلها، وبعد كده ارمي اللوم على غيرك ..
    اسراء: حاضر يا سارة، هاحاول، وخليكي معايا ارجوكي احسن انا فعلا حاسه بالوحده اوي اوي ..
    سارة: انا معاكى على طول بقلبي وحادعي ربنا يوفقك وينور طريقك .. ويوم ما تعوزي تكلمينى ابعتيلي مسج بس ع الموبايل، في ثوانى اكون معاكى ع الشات، وبلاش الكلام ده تقوليه لماما عشان هي اي كلمه حاتسمعها بخصوص حازم حاتقولك علطولك مش قلت لك .. ارجعي بقه يا ختي وياريت بلاش تكسري مجاديف المسكين اخوكي بخصوص الحب و جواز الحب، العيب فينا احنا مش في الحب، بنتوقع حاجات كبيره و نبني امال جامده جدا على الحب ده، مع ان الحب ده مجرد شعور يكفي لبدايه موفقة، لكن مش لحياه كاملة موفقة، دي ربنا بس اللي يقدر يوفقنا ليها ..
    اسراء: طيب هاجرب نصايحك يا ست الحكيمة، وان شاء الله نتكلم قريب ..

    اشترت سارة كارت اتصال وكلمت حازم على الموبايل وهو في عمله، واوصته خيرا باختها، و طلبت منه ان يعطف عليها لكونها وحيدة في الغربة و تحتاج الى كل لمسه حنان منه ..
    حازم: والله يا سارة انتي عارفه انا باحبها قد ايه، بس الشغل ما بيرحمش، والتفكير والضغوط مخليه الواحد فعلا قرب ينسى يعني ايه مشاعر، بس دي حاجات تتحس، لازم هيـّا برضه تحس بيـّا ..
    سارة: ايوه يا حازم، انا عارفه انك بتحبها، لكن الكلمة الطيبه صدقة يا اخي، يعنى بدل ما الواحد يقول سلام عليكم، يقول سلام عليكم يا حبيبتي، مش حاتفرق كام حرف .. اسراء طول عمرها رومانسية وبتحبك موت، و انا متاكدة انك ممكن تاكل عقلها بكلمتين حلوين ..
    حازم: هيـّا اشتكت لك من حاجه يا سارة ..
    سارة: ابدا، انا بس حسيت في صوتها بالوحده والغربة وانها محتاجة قلب حنين .. انت عارف في كلمة كانت الفلاحة تقولها لجوزها زمان، تقوله ليلة الدخله: تركت اهلي و ملت لك، بالله عليك تعطف ع الغريب ..
    وهي فعلا غريبة، وانت كمان، لكن انت الراجل اللي تقدر تحتوي مشاكل الغربة والبعد عن الاهل، ربنا يسمعنا عنكم خير يا حازم .. وبالمناسبة انا عارفه ان اجازتكم قربت، عايزين بقه نقضي اسبوع مع بعض كلنا عيله واحده في المصيف، ايه رايك؟
    حازم: يا ريت والله، انا مش قادر استنى الاجازه تيجي .. لو حجزتم في مكان يا ريت تشوفولنا معاكم عشان نصيف كلنا .. وسلامي للباشمهندس عمر ..
    سارة: هوه بيسلم عليك كمان يا حازم، مع السلامة ..

    وبعد انتهاء المكالمة، دخلت سارة على عمر الغرفة ..
    سارة: انا عايزه اكلمك في موضوع مهم جدا ..
    عمر: عينينا يا ام يحيى ..
    سارة: تسلم عينيك، لازم نبتدي نقدم ليحيى في المدارس ..
    عمر: مدارس؟ هوه يحيى حايروح كام مدرسة؟
    سارة: انا توقعت برضه انك ما عندكش فكره، بص يا سيدي، في تنسيق للمدارس عشان الاولاد يدخلوا كي جى وان، وامتحانات للقدرات، واختبارات للذكاء، ومقابلات شخصية ليه و لينا احنا كمان .. عشان كده لازم نقدم في اكتر من مدرسة، بس انت ادعي ربنا يوفقه و يتقبل في واحده منهم ..
    عمر: و مين قال بس انى حادخله مدرسه ببلاش .. يا حبيبتي انا حاوديه مدرسه خاصه لغات، وبعدين قدرات ايه وبتاع ايه، انا ابني شديد شديد يعني ..
    سارة: هاهاها، و انت فاكر كل ده عشان المدرسة ببلاش؟ ده الكلام ده بيحصل في المدارس الخاصة اللي مصاريفها شىء وشويات بس ..
    عمر: يعني ادفع فلوس، وانا وابني نتبهدل اختبارات كمان؟
    سارة: ده اللي بيحصل فعلا، وعشان الضغط الشديد على المدارس، ده المدارس الكويسه هي اللي بتعمل كده، وانت عارف اهم حاجه دلوقت ان الواحد يعلم ولاده احسن تعليم ممكن ..
    عمر: طيب ان شاء الله على اول السنه الدراسيه نقدم و خلاص ..
    سارة: يا عمر والله انت واخد المواضيع ببساطه زياده عن اللزوم .. احنا لازم نقدم من دلوقتي، ده حتى كده اتاخرنا .. وبعدين فيه حاجات تانيه لازم نعملها عشان حاتبقى كويسة في "السي في" بتاعت يحيى ..
    غرق عمر في الضحك و هوه يردد "السي في"؟!! هاهاها هاهاها ..
    سارة: بطل ضحك بقه، ده انت وانا لازم نكتب احنا خريجين كليات ايه ومدارس ايه، و مشتركين في انهي نادي، وكمان لازم نصيف السنة دي ان شاء الله في مارينا ..
    عمر: مارينا؟؟؟

    ---- تنويه ----
    ورد في هذه الحلقة والحلقة السابقة كلام حول ما يسمى بالـ"حب" قبل الزواج، ومثل هذا الكلام قد يشكل قناعة خاطئة عند الفرد المسلم بأن التعارف بين الشباب والفتيات قد يكون مشروعاً لأجل تشكيل مثل هذا الحب ليسبق الحياة الزوجيـّة ويكون بداية لحياة موفـّقة!! فنقول بأن هذا فهم مغلوط بل ومخالف للواقع، فلا يمكن لنظرة أو جلسة ينشأ عنها إعجاب، لا يمكن لها أن تكون أساساً للحبّ الحقيقي الذي يدعم رباط الزوجيـّة، فالحب الحقّ، لا الموهوم، بعيد عن أن يتشكـّل بمثل هذا، بل هو يتشكـّل بحسن العشرة مع الأيام .. وهذا الحبّ المتصوّر الذي يتوهمـّه الشخص قبل الزواج ليس سوى زبد فارغ، فلو كان معدناً أصيلاً لما رأينا حالات الخيانة المستشريـّة بين الأزواج في الغرب والذين لا يتزوجون إلا بعد معرفة طويلة جداً يحدث فيها ما يحدث مما تعرفون، ومن ثم بعد الزواج يختفي كلّ شيء!!
    وإليكم هذا المقطع المرئي الذي فيه إحصاءات مفزعة لمن يملكون مثل هذه القناعة:
    http://www.youtube.com/watch?v=owIEzfb4QsE
    الحبّ شعور يـُخلق بعد المعاشرة، بعد أن تظهر صفات الطرفين حقاً بعد الزواج، فيقبل كلّ من الزوجين الطرف الآخر على عيوبه، ويحاول كلّ منهما أن يتخلـّص من عيوبه هذه ويدمج شخصيـّته مع شخصيـّة محبوبة في الصفات الإيجابيـّة والميـّزات التي يملكها .. وهذا لا يكون حقيقة إلا بعد أن يجمع سقف واحد الزوجين ويكونان سوياً مع بعضهما ليل نهار ..






    ..:: الحلقة الرابعة عشرة ::..

    سارة: أيوة مارينا، مرة نشوفها في حياتنا يعني يجرى ايه؟
    عمر:
    يا سارة يا حبيبتي انتي واحدة زرتي بيت الله، تقولي كده بمنتهى البساطة؟!! نروح مارينا؟! معقولة؟!!
    سارة:
    و الله بدات تفكرني بزكي رستم لما قال لفاتن حمامة: ومش مكسوفة من نفسك يا هانم و انتي بتقولي مارينا، قصدي اللونا بارك؟ ايه اللي حايتغير فينا لما نروح مارينا؟ رب هنا رب هناك وعمرنا ما نعمل حاجه تغضبه ابدا ..
    عمر:
    لو عايزة مصيف اوديكي شقة خالي في اسكندرية .. وايه علاقة مارينا بمدرسة يحيى؟ انا مش فاهمك النهارده خالص ..
    سارة:
    احنا بنروح هناك كل سنه يا عمر من يوم ما اتجوزنا، ومش معقول يعني نتقل على الناس اكتر من كده .. وبعدين انت مش عارف ان يحيى حايسالوه في المدرسة بنصيـّف فين؟ ده ابن بنت خالتي ما اتقبلش في مدرسه عشان قال انهم صيفوا في جمصه .. وابن بنت عمتي ما اتقبلش عشان كتبوا في السي في انهم اعضاء في نادي السكة الحديد ..
    عمر:
    ومالها جمصة يعني؟ وعيبه ايه نادي السكه؟ والمدرسه علاقتها ايه بالحاجات دي اساساً ..
    سارة:
    مش ستايل .. لازم نصيف ستايل السنة دي بقة .. وكمان حازم واسراء وماما وبابا واحمد، كلنا عايزين نصيف سوا .. وكمان ناخد مامتك تغير جو. فرصة بقة نشوف مارينا دي بتتكلم عن ايه .. عشان خاطري يا عمر، مره واحدة بس ومش حاطلب تكرارها .. لمجرد العلم بالشيء ..
    عمر:
    بس انا اعرف ان ايجارات الشقق هناك نار، واحنا بالمنظر ده حانعوز نأجر عمارة من بابها عشان الجيش الجرار ده، اسالي كده عن الايجارات .. بس ما عتقدش ماما حترضى تيجي معانا ..
    سارة:
    سيب مامتك عليـّا انا، واحنا حانقسم الايجار علينا ان شاء الله ..

    وبعد ايام من البحث والاستعانة بصديق واتنين كادت سارة تفقد الامل عندما عرفت ان الايجارات تتراوح من الف الى ثلاثة الاف جنيه في اليوم .. يالهوي .. لا ربنا ما يرضاش كده برضه، ده حتى لو عمر رضي يدفع انا مش حاوافق، ده حتى يبقى حرام علينا ..

    وبينما هي تفكر في مصيف اخر وجدت اخاها احمد يتصل على الموبايل ..
    احمد:
    لقيتلك حتة فيلا، جميلة وبجنينه .. صحيح مش ع البحر علطول، بس ترى البحر بوضوح .. صحيح هي لزق جنب البوابة، بس اهي اسمها فيلا وبجنينه عشان تكفينا .. و جنبها حمام سباحة حلو ينفع العيال، وايجارها مناسب جدا .. حتى بابا قرر يدفعه كله ويعزمك انت وابيه عمر وكمان اسراء وجوزها .. و فرصه نلطف الجو معاه شوية ..
    سارة:
    و دى لقيتها ازاي يا اروبة انت؟
    احمد:
    دى بتاعت والد واحد صاحبي، وهما مسافرين بره الصيف ده ومش رايحين مارينا اصلا .. الاول ما كانش راضي ياخد مني فلوس خالص، بس انا اصريت، فمامته بعد محايلة وافقت اننا ندفع يعني مبلغ رمزي كده .. وكمان هما مش بياجروها، بس قالوا اكيد احنا حانحافظ عليها عشان معرفه .. وبالمره ندفع شوية استحقاقات هناك، صيانة ومية وحاجات كده عشان ماحدش فاضي يروح يدفع ..
    سارة:
    ندفع اوي يا سيدي .. ربنا يكرمهم يا رب .. انا مبسوطة اننا حانكون مع بعض اكتر ما انا مبسوطه بمارينا، دي اسراء وحشتني موت ..
    احمد:
    بتقول انها دلوقتي احسن وحازم اتحسن معاها اوي من ساعة ما فتحت قلبها وكلمته على اللي مضايقها، وحسنت معاملتها معاه، فاستعادت بقه ذاكرة الحب الضائع هاهاها ..

    مرت الايام وعادت اسراء من دبي، واول ما رأت امها واخوتها بدا الجميع في البكاء .. عجيب امر المصريين، يحزنوا يبكوا ويفرحوا يبكوا .. في اللقاء وفي الوداع برضه لازم يبكوا .. وحملت اسراء مريم ورفضت ان تتنازل عنها لاي احد، اذ كانت اول مره تراها، اما المفاجاه ان يحيى تذكر خالته رغم الوقت وانه كان صغيرا حين سافرت، و تعلق بها و قبلها ..

    وفي الطريق الى منزل عائلة سارة اخبرتهم اسراء انها في بداية الحمل، فطارت الام من السعادة وانشرح صدر سارة عندما وجدت اختها بدات تتقبل حياتها وتسعد بها .. و كان احمد اكثرهم فرحه بعودة اسراء .. و بعد الغداء في منزل الام، طلب حازم من اسراء التوجه لمنزلهم ..
    اسراء:
    حاضر يا حبيبي انا جايه اهه ..
    ام سارة:
    طيب يا بني ما تخش تريح؟ الاوض كتير وانا محضرالكم اوضة اسراء القديمه عشان لما تيحي تبقى براحتك ..
    رد حازم في اقتضاب: معلش يا طنط عشان بس افضي الشنط واكون براحتي ..
    همست سارة لامها: سيبيهم براحتهم يا ماما .. استحملنا سنه ممكن نستحمل كمان يوم ..

    وبعد نزول اسراء كانت الام تستشيط غضبا من حازم الذي حرمها من ابنتها طوال عام كامل، و ايضا ابى الا ان ياخذها الان فقالت سارة تهدىء امها:

    معلش يا ماما اعذريه، ده جاي من سفر و تعبان، ولسه كمان حتلاقيه عايز يروح يشوف اهله .. ده انا ما كنتش مصدقه لما وافق ييجي من المطار علينا الاول، وبعدين يا جماعة احنا حناخد وقت لحد ما حازم ياخد علينا ويحبنا، ما تنسوش المشاكل بتاعة الشقه و الجهاز والفرح، اكيد لسه ماثره عليه، يا ما نصحتك يا ماما وقلت لك ان المشاكل دي حاتعدي ومش حايفضل الا مرارتها بعد الجواز ..
    الام:
    يا بنتي انا كنت خايفة على اختك، و زي اي ام كنت باحاول أأمن مستقبل بنتي .. كنت اسيبه ياخدها ويسافر من غير شقة ولا جهاز؟ اهي الشقة نفعته وخلته يتنطط علينا اهوه ..
    سارة:
    عايزين يا ماما نزيل الرواسب دي كلها ونفتح قلبنا لحازم عشان خاطر اسراء مش اكتر ..
    الام:
    والله انا باحبه، وكل كلمة قلتها كانت في مصلحتهم الاتنين .. ومادام بنتي سعيدة ومرتاحه معاه، انا مش عايزه حاجه من الدنيا ..

    قال عمر:

    سارة دي اول ما تحط حاجه في دماغها لازم تعملها، لقت فيلا في مارينا، وبسعر كويس، وبدات استعدادها للمصيف .. قال ايه عايزه تجيب مايوه لمريم .. انا ما عنديش بنات تلبس مايوهات، بس مش حازعـّل سارة المره دي، لكن اول ما تتم تلات سنين ممنوع منعا باتا .. ويحيى طول النهار يتمرن سباحة؛ بيلبس العوامة الجديدة ويقعد في البانيو .. بس اللي غايظني ان سارة رايحة جايه تشتري حاجات كده زي ما يكون رايحين الصحرا .. صحابها حذروها من الاسعار هناك فقررت تاخد خزين العمر كله .. اللي ما توقعتوش بقة، فرحة ماما بالروحة لمارينا، انا كنت متخيل انها مش حاترضى تروح، لكن لقيتها فاقت كدة وصحتها اتحسنت وايدها بايد سارة في الشراء وعمل المنين والطقوس الغريبة اللي شغالين فيها دي .. الاقوى من كده بقة اختي دينا جت هي وطارق جوزها من بره، ولما ماما قالت لها على مارينا، قررت هي وجوزها وولادها ييجو هما كمان في نفس الوقت معانا .. ولما مالقوش حجز في حته، سارة ومامتها اصروا انهم ينزلوا معانا .. الطف بينا يارب، ده احنا محتاجين كده ناجر شارع بحاله مش عماره ..

    قالت سارة:

    ما كنتش فاكرة ان الاعداد للمصيف مرهق كده، انا هلكت عشان اشتري لمريم المايوه .. انا واسراء ودينا بقه اكتشفنا اختراع جديد، عمري ما شفته في حياتي قبل كده، مايوه شرعي هاها.!!!
    في الاول استغربت، منين مايوه ومنين شرعي؟ بس لما شفناه لقيناه فعلا مغطى الجسم كله و له طرحه كمان بتتلبس على الراس، وفستان صغير فوقه .. رحنا اشترينا تلاتة، ده احنا مانزلناش البحر من زمن .. اما مايوه مريم اللي فيه اتنين سنتي قماش طلع اغلى من المايوه بتاعي اللى استهلك توب كامل عشان ينفذوه ..
    كمان عملنا حسابنا انا وماما ووحماتي وقسمنا شغل الامن الغذائي علينا .. حضرنا حاجات كتير عشان الوقت هناك يبقى كله فسحه ..
    وفي فجر يوم الجمعة انطلقنا كلنا انا مع عمر ووالدته بسيارته، واحمد يحمل معه امي وابي و اسراء وزوجها، ودينا اخت عمر وزوجها وابناءها في سيارتهم .. وكان الطريق طويلا، و وقفنا عند ماستر لزوم العيال تفطر وتروح التواليت .. ووصلنا اخيرا لبوابات جمهورية مارينا .. كان معانا كارتين فقط لدخول مارينا، اصر احمد انه عمر ياخد واحد وطارق زوج دينا ياخد التاني، وقال: عيب عليكي، كروت ايه بس؟ هاتخلي الاولاد ياخدوا عليا كده في مارينا ..؟
    المفاجاه انه فعلا دخل كده هاهاها .. رفع يده بكل ثقه للحارس، فخاف ان يساله عن الكارت ..
    عمر:
    الواد اخوكي ده عسل والله، ياما عملها قبل كده في المعمورة والمنتزه، ودايما بتفلح معاه، على رايه، المهم الثقة ..

    قالت سارة:

    وصلنا اخيرا للفيلا التي يبدو انها لم تفتح منذ عام مضى .. انها واسعة ومريحة لكني احترت ادور على البحر اللي تراه الفيلا بوضوح ..
    احمد:
    واضح انها ترى البحر فعلا، في التلفزيون هاها .. مش تحمدو ربنا، مش كفايه انكم في مارينا ..
    و بعدها ذهب الرجال لصلاة الجمعة، وبدانا المهمة المستحيلة في تنظيف الفيلا وفرشها .. وقسمنا انفسنا على الغرف، مثل المعسكر الكشفي .. و انطلقت امي تردد: مافيهاش حاجه حصيرة الصيف واسعة ..
    وذلك حتى تخفف الحرج عن حماتي ودينا .. يا رب يخليكي يا امي ..

    قال عمر:

    احيانا الواحد بيحمد ربنا على انه راجل .. ذهبنا لصلاة الجمعة و تركنا شؤون التنظيف والتوضيب للسيدات، حماهن الله، وصلينا في الجامع القريب من الفيلا .. والله عمار يا مصر، انا قلت حلاقي الجامع فاضي، لكن ما شاء الله كان ممتلئا عن اخره، وكمان فيه ناس فارشه في الشارع ..
    وعدنا وكنت اول من دخل الفيلا .. فوجئت بمنظر غريب جدا، وصرخت: حراميه حراميااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه .!!




    ..:: الحلقة الخامسة عشرة ::..

    قالت سارة:
    بمجرد عودة الرجال من الصلاة كان الاطفال قد استعدوا ولبسوا المايوهات، وكذلك انا ودينا واسراء.!!!
    دخل عمر، ثم فوجئنا به حين رآنا يصرخ: حراميه ..
    جاء باقي الرجال جريا على صوت عمر الذي دقق قليلا ثم قال: ايه ده بس؟ انا كنتوا حاتموتوني من الخضة، ضفادع بشرية في البيت ليه؟
    احمد وهو يلتقط انفاسه: حرام عليكم اللي عملتوه فينا ده .. النينجا ترتلز في مارينا؟
    اسراء: جرى ايه يا سي احمد، يعني احنا مالناش نفس ننزل الميه؟
    ثم توالت التعليقات ..!!
    طارق: ايه بدل الغوص دي؟ ايه يا دينا حاتفضحينا في وسط المايوهات بتاعت مارينا كده؟
    والد سارة: ايه يا بنات الحاجه دي انا عمرى ما شفتها ..
    فاصابنا الاحباط و كدنا نعود لنغير ملابسنا، حتى انقذنى احمد حبيبي: بص يا ابيه عمر في شاطىء خاص هنا للسيدات بس، ما بيخشوش ولا راجل، اسمه يشمك، واشتراكه حاجه بسيطه اوي، يعني الثلاث سلاحف دول كده حوالي الف و خمسميت جنيه ..
    تنحنح بعدها عمر: تصدق هوه المايوه مش وحش يعني لو الواحد اتعود عليه؟(!!!)
    وبعدين فيه ميزه برضه؛ مايوه و عوامه في نفس الوقت .. يالا بينا ننزل البحر ..!!
    ونزلنا كلنا طابور كبير من البشر ومعنا الاطفال في طريقنا للبحر، وكان احمد هوه دليلنا حيث انه سبق له المجيء مع اصدقائه ..
    سارة: ايه كم الاجانب اللي في مارينا دول يا عمر؟ الحمد لله السياحه بخير ..
    عمر: ولو ان يعنى هدومهم فضايح، بس اهو دخل كويس للبلد ..
    احمد: سياح ايه بس يا ناس؟ دول مصريين وعرب،انتم مش سامعين مارينا بتتكلم عربي اهيه ..
    ثم دار حوار جانبى بين السيدات تعليقا على احدى الفتيات:
    اسراء: يا خبر ابيض، ده حتى في دبي عندنا الاجانب بيحترموا تقاليد البلد عن كده، بكيني في الشارع كده؟؟
    دينا: نفسي اعرف ايه الفرق بين المايوه البكيني والملابس الداخلية .. والست اللي لابسه بكيني وماشيه بيه في الشارع وفرحانه اوي لو دخل عليها حد وهي بالملابس الداخليه تلطم وتصوت ليه؟!! عجايب؟!!
    سارة: بلاش غيبة ونميمه بقه، احنا مالنا .. ده احنا كمان لازم نغض البصر والله، يا للا ياللا ننزل مع الولاد الميه ..
    وبعد قليل، ابتعد يحيى بعوامته قليلا عن المجموعة وسهت سارة عنه، ثم سمعوا جميعا صوته يصرخ .. انقلبت به العوامه واصبحت ساقاه في الهواء وراسه لاسفل .. صرخت سارة وحاولت التوجه له وكذلك فعل كل الرجال في البحر .. لكن احمد كان سباحا ممتازا، استغرق ثوان معدوده ليصل الى يحيى و يحمله خارج الماء محاولا تهدئته، حيث كان يحيى مذعورا لدرجة كبيرة .. وجرت سارة لتحمل يحيى وهي تقبل احمد وتبكى قائلة: ربنا يخليك يا خويا، ربنا يكرمك يا حبيبي ..
    ثم تبعها عمر واخذ يحاول اخراج الماء الذي ابتلعه يحيى من جوفه وهو يقول: الحمد لله ربنا ستر .. الله يكرمك يا بو حميد، عرفنا قيمة وجود سباح في العيله ..
    و منذ تلك اللحظه اصريت ان اعلم يحيى السباحة، و ايضا الرمايه وركوب الخيل، كوصية السلف ..
    الحمد لله هدأ يحيى بعد وقت قصير، و نسي الموضوع وعاد ينزل مره اخرى للبحر .. لكن تلك المره لم يحاول الابتعاد عن والده وخاله ..

    قال عمر:

    الحمد لله ان يحيى رجع الميه تاني، انا كنت خايف يتعقد ولا حاجه .. وايام مارينا عدت بسرعة كبيرة، معظمها نزول البحر نهارا، وبالليل للاسف ما فيش غير القهاوي، لكن لقينا ملعب كورة قدم جميل اوي، واتعرفنا على بعض الشباب، و اصبحنا نلعب الكره ليلا .. و فوجئت مثلا مرة بمحمد فؤاد بيلعب معانا، ومرة تانية لقيت كابتن حسام حسن .. ايه النجوم دي كلها، يا نجومك يا مارينا .. بس كله بحسابه، كيلو العنب اللي في مصر باربعه جنيه هنا بخمستاشر .. وطبعا لو فكرت تاكل بره تبقى اكيد بتهزر، الحمد لله ان الستات عملوا حسابهم في موضوع الامن الغذائي ده ..

    قالت سارة:

    يا عينى على مصاريفك يا مارينا، نفطر فول وطعميه بخمسين جنيه؟ صحيح عددنا كبير، بس لو فكرنا نفطر كرواسون وجبنه شيدر حاندفع كام؟ ده غير لقينا الفيلا عليها مصاريف ميه و كهرباء سنة كاملة، وصيانة وزراعة الجنينه، وكان طبيعي نتطوع ندفع الحاجات دي عشان بابا حايدفع الايجار .. بس الحمد لله ادي الواحد شاف الدنيا، لاول واخر مره يا مارينا ..

    قالت ام سارة:

    هوا ايه اللي جايين نشمه ده؟ الحل الوحيد عشان نشم هوا اننا ما نخرجش من الفيلا .. لكن اول ما الليل يهل ما بنشمش غير الشيشه ودخان الشيشه .. وللاسف بالليل ما فيش فسحة غير القعاد ع القهاوي .. وحازم وطارق نازلين شد انفاس لما هرونا .. لكن احمد ابني، اصمله عليه، ادب ايه وكمال ايه، وكمان عمر ربنا يحميهم يا رب .. المفاجاه بقه إن البت دينا اخت عمر رخره جوزها اداها تشرب شيشه، يادي الكسوف .. وكله كوم وحساب القهاوي دي بقه كوم تاني خالص ..
    ايه موضوع "مينيمـَم تشارج" ده؟ مين اللي اخترعه؟ يعني عشان اقعد اشرب شاي بس ما ينفعش، لازم طلباتي تكمل خمسة واربعين جنيه .. يا عم احنا متعشيين والحمد لله..! لا مافيش فايده لازم نطلب والا ندفع من غير ما نطلب ..

    قال حازم:

    ايه الناس دي؟ ايه الاسعار دي؟ ايه القصور دي؟ لما واحد يكون قصره الصيفي ثمنه خمسه مليون، امال بيته الحقيقى تمنه كام؟ يلزمني كام سنة في دبي عشان اجيب اوضه في مارينا؟ يا نهار ابيض ده الواحد ما كانش عارف حاجه خالص .. فاكر نفسه حيلم قرشين ويرجع بلده يحط رجل على رجل .. ده حتى عربيتي اللي انا فخور بيها اوي واللي لسه ما دفعتش جمركها، اللي اغلي منها بالمناسبه، ما تجيش تمن كاوتش عربيه راكبها عيل ماريناوي .. انا مش باحقد و الله، بس الناس دي بتجيب الفلوس منين؟
    امال الناس اللي بتموت من الجوع وفي طوابير العيش وبتنتحر فقرا.! دي مراية العربية الهامر دي تأكل شارع بحاله .. لا واسعار الاكل هنا .. ولا يوم ما طارق بيه عزمنا ع الغدا، مطعم في وسط البحر، وانا كنت حاسس بمصيبه جاياله، بس تمنميت جنيه .. يا نهار، بس انا ماليش صالح بالحاجات دي .. هوه حر، انما انا جايب هدايا بالشيء الفلاني، وانا جاي من دبي .. ده حتى ما يرضيش ربنا لما ابعتر تعبي وشقايا كده على الاكل و الشرب ..

    قال طارق:

    والله احلى اسبوع الواحد قضاه من زمان .. ربنا يكرمك يا عمر يا اخو مراتي على الفسحه دي .. حتى العزومة اللي عزمتهالهم ما تجيش تمن ليلة واحده في اي حته فيكي يا مارينا .. والله انت واد مبخت يا طارق، لأ وايه الماء والهواء والوجه الحسن .. مش وجه بس، ده كله كله حسن ..
    بس لو دينا تروح تلعب بعيد شوية .. كانت عايزاك وانت عازب مارينا دي يا طروق والله .. كانت فين دي؟ ياللا حناخد زماننا وزمن غيرنا؟!!

    قال احمد:

    مش تاعبني في مارينا دي الا موضوع غض البصر ده.!! يعني الواحد بيحاول والله على قد ما يقدر، لكن اللي البنات عاملينه ده اوفر (over) .. اخر حاجة الواحد بيكون بيتامل في جمال الشاطئ والطبيعة وفجاه يلاقي مصيبة سوده طلعاله من قلب الطبيعة .. ظاهرة طبيعية طالعة من البحر .. او صناعيه شويه، المهم انها ظاهره .. اه والله كلها ظاهره مافيش حاجه خالص مستخبيه .. وقال ايه كنا خايفين على طقم الضفادع البشرية اللي معانا لحسن حد يبصلهم .. دول ستات كمل والله العظيم .. يعني لو كل واحده لمت نفسها شويه، مش كانوا ساعدونا على موضوع غض البصر ده؟
    بس ايه ده عمري ما شفت اخواتي فرحانين كده .. ما شاء الله زي ما يكونوا رجعوا اطفال تاني وبيلعبوا في الميه مع العيال الصغيرة .. احلى حاجه في الاجازه دي يحيى ومريم؛ و الله شعور الخال ده مختلف خالص .. انا كنت فاكر نفسي حازهق عشان متعود اكون مع صحابي في المصيف، لكن فعلا امتع حاجه اللمة والعيلة .. و ابقه اجي تاني مع صحابي برضه هااها ..
    اهم حاجه حصلت بقه النهاردة اني شفت مروة هنا، انا من ساعة الامتحانات ومش باتكلم معاها الا كل فين وفين .. مره سالتني ع النتيجة ومرة تانية كانت بتهنيني عشان الاهلي خد الدوري ..
    امبارح فوجئت بيها هي ومامتها بيتمشوا في الشانزلزيه، وقلبي رفرف كده شويه .. ما كنتش فاكرها وحشتني اوي كده .. وسلمت عليها وعلى مامتها .. باين عليها بتحبني والله، فرحت اوي لما شافتني .. ومامتها قالت لي اسلم على ماما واعزمها عندهم في الشاليه ..


    ------- تنويهات -------

    1. الطابع الغالب على الرواية هو الطابع الملتزم، ولكن هناك بعض التجاوزات تظهر فيها كمثل التهاون في الإستماع إلى الموسيقى، وأيضاً ما ورد في هذه الحلقة من أنّ النساء لبسن "المايوه الشرعي" .. وهو عن الشرع بعيد أشدّ البعد .. فلست أدري كيف تبيح المرأة لنفسها أن تلبس لباساً تدخل فيه إلى الماء، فمهما كان هذا اللباس فضفاضاً فإنـّه سيلتصق بالجسم فور الخروج من الماء .. فالأصل بالمرأة المسلمة أن ترباً بنفسها عن مثل هذا .. وإن قالت المرأة بأنّ منع نفسها من هذا فيه تقييد لها ومنع لها من متع الدنيا فنقول: امنعي نفسكِ مما فيه معصية أو شبهة حتى تحظي بمتع الجنـّة كلـّها بإذن الله .. فالدنيا ليست لنا حتى تتوق أنفسنا لندخل البحر أمام ناظر الرجال والله المستعان ..
    2. الظاهر من قول شخصيات الحلقة أنّ المنطقة التي ذهبوا إليها فيها من العري الكثير مما يسبب الفتنة ويصعب على المرء أن يغضّ بصره حتى كما ذكرت شخصيـّة أحمد، والأصل بالمسلم أن ينأى بنفسه عن مثل هذه الفتن، فهو إن عصى الله أو سبـّب لغيره أن يعصي الله بسبب تواجده في هذه المناطق فهو غير معذور لأنـّه وضع نفسه في موضع فتنة والله المستعان .. ومرّة أخرى إن كانت الشواطئ كلـّها فيها مثل هذا العريّ فالأصل فينا أن لا نذهب إلى هناك أصلاً كي نحظى بمتع الجنـّة بإذن الله ولا نضيـّعها لأجل متع لحظيـّة ..
    3. شخصيـّة "مروة" المذكورة في آخر الحلقة هي الفتاة التي ذكر "أحمد" بأنـّه يودّ خطبتها .. فالأصل بالمسلم إن أراد الزواج أن يعقد العزم ويخبر أهله لخطبتها من أهلها قبل التجاوز في أيّ شيء .. وقد ذكر أهل العلم أنّ الحديث في الهاتف مع من يودّ المرء خطبتها لا ينبغي دون متابعةٍ من محرم كي لا يحصل ما لا يراد من تعلـّق القلوب، وحتى الحديث في الهاتف لا يجوز أن يكون متكرراً كثيراً فالغرض منه التعرّف الجزئي .. فقبل العقد قد تتعلـّق القلوب ببعضها ومن ثم لا يكون الزواج، فتبقى الغصـّة في القلب وقد تجلب ما لا يحمد عقباه .. فوجب التنبيه والله المستعان
    .






    تــــــــــــابعوني >>>



    Dr.M.Hegazy


  7. #27
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    4,276

    Smile

    ..:: الحلقة السادسة عشرة ::..

    قالت سارة:
    دخلت على احمد اخي، فوجدته سارحا، لدرجة انه لم يلحظ دخولي .. ثم اكتشفت ان سماعة الموبايل فى اذنه و ناديت: احمد هيه، انت فين؟
    احمد: انا موجود اهوه، انتي دخلت امتى؟
    سارة: لسه حالا .. بس انت من ساعة زيارة مروة ومامتها ما اتكلمتش ولا كلمه ليه؟
    احمد: صحيح، ايه رايك في مروه؟
    سارة: الحقيقه زي العسل، و تدخل القلب في ثواني .. ربنا يكتب لكم الخير ياخويا يا رب .. وانا اتكلمت مع ماما، و هي موافقة، بس رايها نستنى بس السنة دي لما تخلصوا الكليه، عشان يعني ما نروحش لاهلها نقولهم ده طالب، نقول الباشمهندس عايز يخطب بنتكم ..
    احمد: صح، انا شايف كده برضه .. و اظن هي لو بتحبني فعلا، ممكن تصبر السنه دي .. و لو اتقدملها حد، و اضح ان مامتها ست متفهمه، ومش حاتضغط عليها ..
    ياللا بقة النهارده اخر يوم في مارينا، مش حاتلبسي المايوه السبعتاشر قطعه بتاعك عشان تنزلى الميه؟
    سارة: صحيح ايام عدت هوا .. و الله يا احمد الفكره مش في مارينا، الفكره اننا لاول مر ه من زمان احنا متجمعين مع بعض .. احسن حاجه لمـّة العيله، حتى لو المكان ضيق .. تخيل لو كل واحد نازل في شاليه لوحده ما كناش حاننبسط كده، صح؟
    احمد: هاهاه ليكي حق طبعا، مانتي ليكي حته تمليك تنامي فيها .. لكن انا لازم استنى لما ماما تصحى بدري من النوم عشان اغرز نفسى مكانها بارت تايم يعني .. هاهاهاها .. بس صحيح عندك حق، و الله احلى ايام، ان شاء الله تتكرر تاني ..
    سارة: اه بس مش مارينا الله يرضى عليك .. فاكر لما خدتنا القريه اللي جنب مارينا علطول دى؟ و الله حلوه، و اسعارها ربع مارينا .. واللي عايز بقه قهاوي ولا كرة قدم يبقى يدخل مارينا بالليل يلعب كوره ولا يقعد ع القهوه زي ماهو عايز ..

    ثم دخل عمر و طلب منهم الاسراع في الاستعداد لاخر نزهه في البحر ..


    قالت سارة:

    اوحش حاجه في المصيف انه بيخلص، ماما بتقول انه ايام اجدادنا كانت الناس بتصيف الصيف كله، يعني تلاتة اشهر في اسكندريه مثلا، ايه الفضا ده؟ او على الاقل شهر يعني للي ما يقدرش ع الصيف كله .. طبعا لو الواحد قعد في مارينا شهر ممكن يروح بيتهم بالمايوه، عشان حايكون باع هدومه قبل ما يمشى .. المهم اقدر احفظ يحيى كام كلمه ..
    قول يا يحيى: بورتو مارينا .. بنانا بوت .. بيتش باجي .. سينابون ..
    ما ان يهم يحيى بالكلام حتى يقاطعه احمد: قول يا بني: صيفنا في عين الصيره .. امي بتعملي شاندوشتات جبنه اسطمبولي .. لعبتى المفضله البلي ..
    فيثيرني و يغيظني لكنني لا اتمالك نفسي من الضحك قائله: حرام عليك يا احمد، سيبه يحفظ له كلمتين .. حيستجوبوه في المدرسه هاهاهاها ..

    وفى طريق العوده كانت الوجوه مختلفه تماما عنها فى طريق الذهاب، وجوه مسمره لفحتها الشمس، و ظهر عليها الملل و الحزن لانتهاء الاجازه .. لكن كل الاوقات تنتهي، الحلوة والمرة على حد سواء، وتبقى ذكراها فقط في النفس .. ولقد حملت لي هذه الرحله اجمل واغلى الذكريات.


    قال عمر:

    بعد العوده، بدات سارة تكثف جهودها فى التقديم للمدراس، وكانت العديد منها قد اغلقت باب القبول بالفعل، مما اورثها الكثير من الضيق، وكانت تدور دورتها كل يوم على عدد من المدارس، تترك اوراق يحيى .. والمفاجأه التي لم اكن اعمل لها حسابا ان كل مدرسه يتم التقديم فيها، ندفع مبلغا يتراوح بين مائة و ثلاثمائة جنيه لمجرد ملء الاستمارات، او السي في، و لو لم يتم قبول الطفل .. راحت عليك الفلوس يا خفيف، يعني انا لو صاحب مدرسو ممكن اقضيها استمارات بس، واعيش ملك ..
    و بعدين يعملوا امتحانات للولد، حيث يدخل غرفه مغلقة، و يتم استجوابه بدقة شديدة، و الله انا خايف يكونوا بيحطوا في وشه لمبه كبيره كده زي المخابرات، او بيغرقوا وشه في جردل الميه عشان يعترف .. حبيبي يا بني، كان مستخبيلك فين الغلب ده؟
    الاصعب من كده وضع سارة بعد كل زياره للمدارس، تفضل قاعده جنب التليفون، زي ما يكون يحيى مرشح لوزارة المراجيح ..

    قالت سارة:

    لا خلاص اعصابي تعبت، انا خايفه يكون ابني فيه عيب عشان كده ما فيش مدرسة ردت عليّ لحد دلوقتي .. يمكن عشان كتبنا في الاستماره ان عمر خريج مدرسه عربى؟ ليكون ما ردش ع الميس لما سالته ع الالوان؟ مع اني محفظهاله، وكمان وديته مارينا .. اعمل ايه تاني يا ربي، ربنا يستر وينقبل في اي مدرسه .. منهم انا خلاااص تعبت ..
    عدت ايام زى ما يكون سنين لحد ما مدرسه منهم الحمد لله اتصلت بينا وقالت لنا انه تم القبول .. مدرسه جميلة وفيها حمام سباحة وكمان قريبة من البيت .. يعني ممكن نوفر الباص .. احمدك يا رب ..

    قال عمر:

    يا نهار ابيض .. مصاريف المدرسة ستلاف جنيه في السنة غير شامل الباص واللبس والكتب والمايوه؟
    سارة: يا سيدي الحمد لله الواد عنده مايوه ..
    عمر: يا سارة انتي عارفه ان وضعي في الشركه مؤقت عشان دي شركة اجنبية .. و ممكن في اي يوم المشاريع تخلص والاقي نفسي في الشارع زي ما كان حايحصل .. اضمن منين ساعتها اني اعرف ادفعله؟
    سارة: خلينا نتامل خير في وجه الله، و ان شاء الله ربنا مش حايخذلنا ..
    عمر: بالذمه كي جي وان دي حايتعلم فيها ايييه ده؟ انا حاجي معاكى يا سارة بس انا مش مقتنع، يعني مش حاسس ان الموضوع يسوى كل المبالغ دي .. و تذكرى ان ربنا حيسأل كل واحد عن ماله فيم اكتسبه، و كيف انفقه ..
    ودخل عمر و سارة المدرسة و قابلتهم سيدة في غاية الاناقة والاستعلاء .. ابلغتهم انها المسئولة عن العلاقات العامة ..
    السيدة: اهلا يا فندم ومبروك لنجلكم القبول في مدرستنا ..
    عمر: الله يبارك فيكى ممكن نعرف يعني مطلوب مننا ايه؟
    السيده: شهادة الميلاد بالكومبيوتر، وست صور للطفل، وخمسة الاف جنيه ..
    عمر: هوه احنا حاندفع المصاريف من دلوقت؟ ده احنا لسه في شهر سبعة ..
    السيدة: لا يا فندم دي مصاريف تسجيل (Registration Fees) .. تدفع مره واحده فقط عند القبول ..
    عمر: تسجيل ايه يا مدام؟ هوه انتو حاتسجلو الولد على دي في دي؟؟
    السيده: لا يا فندم، غيرنا بياخد تبرع بالاف لكن احنا بس بناخد مصاريف تسجيل ..

    نظر عمر لزوجته نظرة فهمتها وارخت عينيها في الارض، ثم اكمل كلامه مع السيدة المسئولة ..

    السيدة: حضرتك كمان لازم تسدد القسط الاول في خلال عشر ايام من النهارده ..
    عمر: يا فندم لسه شهرين ونص على بداية الدراسة ..
    السيدة: ده القسط الاول بس، لكن الثاني لسه في شهر عشرة ..
    عمر: طيب ممكن اعرف قيمة الاقساط دي؟
    السيده: القسط الاول خمسة الاف وخمسميت جنيه .. والثاني خمسمية جنيه .. وفي زياده سنويه ثابتة عشرين في المية للمصاريف ..
    عمر: طيب يا فندم اصل الحاجات دي كلها ما كانتش مكتوبة فى النشرة اللي في الرسبشن عندكم .. فانا محتاج اخد وقت عشان افكر واعرف حاعمل ايه ..

    كادت الدموع تطفر من عيني سارة وهي تعتذر للسيدة وتطلب منها ابقاء مكان يحيى محجوزا لمدة يومين لا غير، وهي تجرى لتلحق بعمر الذي انصرف غاضبا.


    وفي طريق العوده كان عمر ثائراً حانقاً، ولاول مره منذ عرف سارة، عندما رآى دموعها لم يهدأ و لم يتعاطف معها، لكنه ازداد حنقا ..

    عمر: اقدر افهم بتعيطي ليه دلوقتي؟ انت مش فاهمه يا سارة؟ مدرسه بالمنظر ده، حيهرونا مصاريف طول السنة .. مانا كمان ليا اصحاب و سالتهم، الطفل بيتكلف كل اسبوع من خمسين لميت جنيه .. مرة رحلة، و مرة حفلة، و مرة سيرك في المدرسة، و طبعا لو دخلناه، يبقى لازم نخليه زيه زي زمايله، و الا يتعقد ..! وبعدين انت ناسيه ان عندنا لسه بنت لسه وراه عايزه تتعلم هيا كمان لما تكبر؟ ولا يعني نعلم يحيى وهوه يقول لاخته وخلاص؟ ولا ابيع هدومى انا بقه عشان العيال تتعلم؟
    سارة من بين دموعها: انا عمري ما عارضتك في حاجه يا عمر .. بس كل المدارس كده، وكلهم بياخدو تبرعات، وانا على استعداد ابيع جزء من دهبي عشان يحيى يدخل المدرسة .. عشان خاطرى يا عمر، انا كل امنيتي اوفر لابني احسن تعليم ..
    عمر: طيب احسن باحسن بقه ليه ما نوديهوش الشويفات او الامريكية؟ يعني بتاع تلاتين اربعين الف في السنه .. يا سارة، لا يكلف الله نفسا الا وسعها ..
    سارة مقاطعة: انا ما قلتش تلاتين ولا اربعين، انت قلت بنفسك الا وسعها، و انا عارفه انك تقدر، بس مش عايز تفهم اهمية ان الولد يروح مدرسه حلوه يحبها، وينبسط فيها مش يتعذب ..
    عمر: يا سلام، امال لو كنت باقول نوديه مدرسة حكومية بقه كنت عملتي ايه؟ رغم انى اتعلمت فى مدارس حكومية، و طلعت مهندس زي الفل اهوه .. والعقد اللي عندك دي عشان خريجة لغات مالهاش اي داعي .. عملتي ايه باللغات يا ستي؟ وكنتي بتاخدي كام يعني لما كنتي بتشتغلي؟
    سارة: مدرسة حكومية؟!! قول بقه كده، بالذمه مين اللي عنده عقد؟ الواحد بيبقى عايز ابنه يكون احسن منه، مش يحقد عليه، للدرجة دي ابنك يهون عليك؟ عايز تدخله المدرسه مع ابن عم رجب البواب ..
    عمر: طيب يمين بالله يا سارة لو ما سكتي و قفلتي ع الموضوع ده دلوقتي لانا مدخلة مدرسة حكومية، وعربي كمان، وحاطلب يقعد جنب الواد مسعد ابن رجب بالذات بقه .. ايه رايك؟






    ..:: الحلقة السابعة عشرة ::..


    قالت سارة:
    ايه ده، عمر بقاله كتير ما انفعلش على كده .. اسكتي يا ** يا سارة ولمي نفسك بقة، المرة دي انا حاعمل بالنصيحة اللي بقولها للناس كلها: في اي موقف بينك وبين حد حاول للحظة تنسى انك نفسك، وتكون ع الحياد، وفكر لمدة دقيقه واحدة انك ممكن تكون انت الغلطان ..
    صح ممكن اكون انا غلطانة، مهما كان مرتب عمر مش حايكفي ده كله .. غير ان حمام السباحه مش ضروري اوى في التعليم .. بس برضه مش مدرسة حكومية ..
    مانتي اللي استفزيتيه يا سارة، ما الراجل كان موافق معاكي على كل حاجه ودفع رسوم التقديم في كل المدارس بدون مشاكل ... والله المدرسه دي فعلا كانت مستفزه .. انا مش حافكر دلوقتي، حاستنى لما بالي يروق وساعتها حافكر ان شاء الله .. وربنا حايهديني لحل ..

    قال عمر:
    ياه يا عمر، كان لازمتها ايه الغاغة والحلفانات دي؟ مانت عارف ان ما فيش حاجه حاتحصل الا برضاك .. هي سارة عمرها خالفتك في حاجه؟ من ساعة ما حلفت سكتت خالص فعلا، ده حتى دموعها سكتت .. صدقت يا حبيبي يا رسول الله، خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة، ومن صفاتها اذا اقسم عليها زوجها ابرته ..
    انا كنت سامع صوتي وانا بحلف عليها زي ما يكون صوت واحد تاني مش انا، صوت جدي الباشا او سي السيد مثلا ..
    اعوذ بالله من الشيطان، الحمد لله ان سارة سكتت، عشان يميني ما يقعش .. ما هوبرضه مش معقول اخلي يحيى اللي بيقرف من خياله يقعد جنب مسعد اللي عمره في حياته ما مسح مناخيره .. انا قصدت مدرسة تجريبي من اللي بنسمع انها كويسه برضه، ولغات و مصاريفها حنينة شويه .. انا حاسال اصحابى و قرايبي بكره وربنا يسهل .. ماهو غلطتي برضه اني رميت الموضوع كله على سارة وفي الاخر ما عجبنيش تصرفها .. كان لازم يكون لي ضلع برضو في الحكاية ..

    عادت سارة وعمر الى المنزل وقابلتهما ام عمر التي اعلنت مجيء دينا وزوجها مساءاً، فاتجهت سارة مباشرة الى المطبخ لتصنع طبق حلويات للضيوف ..
    دخل عليها عمر المطبخ ونظر اليها ولم يتكلم، نظرت اليه هي الاخرى وهي تقلب السكر في اللبن، ثم ابتسما هما الاثنان في نفس اللحظة وهما يقولان في نفس واحد، صافي يا لبن ..

    قالت سارة:
    مهما عمل عمر برضه انا مقدرش على زعله، ربنا يخليه ليا .. دخل على المطبخ وكان ممكن يطنش ويروح يرتاح، و بمجرد ما ابتسملي، حسيت الدنيا كلها ابتسمت .. انا بحب عمر اوي .. يارب فوت الازمه دي على خير واهدنا لما تحب وترضى ..

    قال عمر:
    والله سارة دي اطيب زوجة في الدنيا، يعني لسه مزعقلها ومعيطها، واول ما سمعت ان اختي جايه دخلت جرى تعمل حاجه للضيوف، مع انها كان ممكن رخامة برخامة بقة تقول ابعت هات حاجه لضيوفك .. ربنا يخليكي لي يا سارة، احسن حاجه فيها قلبها الابيض ده .. يا رب نلاقي حل يرضيها واقدر عليه ..

    جاء الضيوف مساء و انفتحت مناقشه طويله حول التعليم و المدارس ..
    ام عمر: انا مش مصدقه اللي باسمعه ده، المصاريف بقت حاجه جنان، واللي اعرفه برضه ان المدارس ام بلاش دي ما عادتش زي ايام ما كنتو صغيرين، ما عادش فيها تعليم اصلا ..
    دينا: انتو زعلانين من المدارس هنا؟ تعالوا شوفو المدارس في الخليج بقه، اقل حاجه عشره خمستاشر الف مصري، ودي مدارس هندى وباكستاني .. لكن عايزين تعليم بريطاني او امريكاني بقه، حاجه تانيه خالص خالص .. ندخل بقه في اربعين الف مصرى وكده .. وطبعا اختراع المدرسه الحكوميه ده لابناء البلد فقط، عشان الدوله هناك بتدعمه دعم كبير اوي..
    سارة: يا خبر ابيض امال انتم عاملين ايه فى الغلاء ده ..
    طارق: الحمد لله انا متفق على باكدج في شغل، شامل تعليم الاولاد، و تذاكر الطيران، والسكن، لولا ولاد الحلال نصحوني بكده قبل ما اكتب العقد، كنت اللي حاقبضه من هنا، حادفعه هنا ..
    دينا: لا وانا كمان باشتغل محاسبه في نفس مدرسة الولاد، فعشان كده باخد خصم حوالى عشرين في الميه .. لو كنت مدرسه كان الخصم ممكن يوصل خمسين في الميه .. اهو الخصم مع اللي شغل طارق بيدفعه بيغطي المصاريف تقريبا، و بنزود حاجه بسيطه الحمد لله .. بس تصدقى الولاد في سنتين بس بقوا بيتكلموا انجليش هايل، مدرسينهم معظمهم اجانب ..
    عمر: طيب و العربي يا ست دينا، اخبارهم فيه ايه؟
    دينا: لا العربي في المدرسة ضعيف جدا، عشان كده انا باجيب شيخ اسبوعياً، يحفظهم قران ويديهم درس عربي زي المنهج المصري بالضبط .. اصل افرض اضطرينا نرجع مصر، عمرنا ما حانقدر على مصاريف الامريكان هنا، فلازم برضه نكون مستعدين، والولاد حفظوا الحمد لله اجزاء من القرآن دي اهم حاجه ..
    سارة: ما شاء الله، لا قوة الا بالله، انا معجبه بيكي يا دينا والله .. خدتي احسن حاجه من اللغات، وكمان حفظوا القران .. انا كمان ان شاء الله حابتدي احفظ يحيى في المسجد اللي جنبنا من الشهر الجاي ..
    عمر: بس برضه انا مش قادر اصدق ان كلام الحكومه بخصوص التعليم والميزانيه اللي بتتصرف عليه، كل ده غير حقيقي ..
    سارة: لا مش بالضبط، بس انت ما تضمنش انك تلاقي الناس كلها عندها ضمير، خاصة ان المدرس لما يدخل الفصل، لا رقيب عليه الا ضميره، ما حدش يقدر يجبره يشرح كويس، ده غير ارتفاع كثافة الفصول، وانخفاض مرتبات المدرسين، امال الناس بتهرب للمدارس الخاصه ليه؟ عشان اعداد الطلبه في الفصل اقل، وبالتالى المدرس يقدر يهتم بيهم اكتر ..
    دينا: بس والله كل اللي اعرفهم بياخدوا دروس في الاخر و خلاص .. يعنى انا رايي دخلوا يحيى مدرسه تجريبي، و افتحوله المدرسه في البيت بعد الظهر بقه، كل صحابي عاملين كده .. مصاريف التجريبي مش بتكمل خمسميت جنيه، انما بتوصل بالدروس اربع او خمستلاف زيها زي المدرسه الخاصه ..
    عمر: لا معلش، لو كلامك صح، تبقى المدرسة الخاصه احسن .. معقوله اضيع عمر ابني؟ الصبح مدرسه وبالليل دروس، ويذاكر ويحل الواجب امتى؟ و اهم من كده يلعب امتى ويعيش طفولته ازاي؟ ولو عايزه يتمرن على رياضه معينه مثلا يلاقي وقت منين للتمرين وكل وقته موزع بين المدرسه والدروس؟
    ابتسمت سارة و هي تحمد الله لاحساسها بفرج قريب، ولم تعلق بكلمه ..

    وبعد انصراف الضيوف وضعت الاولاد في غرفتهم، حيث اصبحت مريم تنام معظم ساعات الليل الان، مما سمح لسارة بالعوده لغرفتها، مع وجود الجهاز اللاسلكي الى جوارها .. واذا سمعت صوتها، تذهب لارضاعها واعادتها للنوم ..
    دخلت سارة على عمر مندفعه و هى تقول: وجدتها يا عمر، وجدتها و الله ..
    عمر: ايه يا ارخميدس، هاها و جدتي ايه؟
    سارة: هو كان ارخميدس اللي وجدها ولا نيوتن؟ عموما مش مهم انا لقيت حل لموضوع المدرسه يا عمر و الله ..
    عمر: خير، ربنا يستر ..
    سارة: في مدرسه كنت مقدمه ليحيى فيها، كان المفروض نروح لهم بكره ان شاء الله، هي مصاريفها اقل بكتير، وكمان شفت اعلان متعلق عندهم طالبين مدرسين للابتدائي بشرط اتقان اللغه الانجليزيه .. ايه رايك لو رحت بكره قدمت وعملت مقابلة يحيى بالمره؟ و زي ما دينا قالت، المدرسات بيكون لهم خصم كبير ..
    عمر: ايه الكلام ده يا سارة، شغل؟ تاني؟ ده مريم لسه صغيره جدا ..
    سارة: لا مش تانى، المره دى الشغل حايكون مختلف يا عمر .. اولا حاروح واجي انا و يحيى في وقت واحد، يعنى ممكن نستغني عن موضوع الباص ده ونروح معاك الصبح، ونرجع بتاكسي .. ثانيا وجود مامتك معانا حايخليني مطمنه على مريم، خاصة ان مريم ما بتصحاش بدري .. وثالثا وده الاهم، التدريس ده رساله يا عمر، وانا طول عمري كنت باذاكر لاخواتي وما صغيرين .. ولو اشتغلت مدرسة ابتدائي حايكون في مصلحة ولادنا، على الاقل اكون عارفه بياخدوا ايه، واساعدهم في مذاكرتهم ..
    عمر: مش عايزين نسبق الاحداث، روحي بكره وشوفي، ولما يوافقوا على تعيينك نبقى نتكلم ..

    ولم تكذب سارة خبرًا، صحت مبكرة، و اتمت ارتداء ملابسها، وطلبت من عمر توصيلها في طريقه، حتى تبرهن له على قرب المدرسة، وسهولة ان يوصلهما سويا فى الصباح .. وفي المدرسة لم تذكر موضوع ملف يحيى و لا التقديم له، بل ركزت فقط على انها اتيه للتدريس، واحضرت معها سيرتها الذاتيه واوراقها ..
    وعندما قابلتها المسئوله عن التعيينات، سالتها ان كانت تحمل مؤهلا تربويا، فاجابت سارة بالنفي، وإن كان ذكاءها قد اسعفها لتقول انها ستقوم بعمل تلك الدبلومة بمجرد بداية الكورسات بالجامعة، وكلمتها السيدة باللغة الانجليزية التي كانت سارة لحسن الحظ تتقنها تماما، فردت عليها بثقه .. ثم طلبت منها اعداد درس لتشرحه امام لجنه من المدرسين غداً، ليقيموا قدرتها على الشرح و التوصيل ..
    اسقط في يد سارة، فهي لا تعلم شيئا عن تحضير الدروس ولا كيفية توصيل المعلومه بشكل سليم .. "انتي الظاهر غلطتى يا سارة ولا ايييه؟؟ يا فضيحتي قدامك يا عمر" .. ولكن بعد تفكير سريع، تذكرت ان ابنة خالتها اماني مدرسة في مدرسة خاصة منذ سنوات، فاتصلت بها على المحمول، وسالتها ان كانت تستطيع مساعدتها .. وردت ابنة خالتها بالايجاب، واخبرتها انها ممكن ان تمر بها الان لو ارادت .. استاذنت سارة من زوجها و توجهت من فورها الى ابنة خالتها ..
    وهناك عند اماني، اكتشفت ان هناك ما يسمى دفتر التحضير، والوسائل المساعده، ووسائل الايضاح، واهداف الحصه، واهداف الدرس .. وكانت امانى مخلصة جدا في مساعدتها لدرجه انها امدتها ببعض الوسائل الخاصه بها، وطلبت اليها استخدامها في المقابله غدا .. كانت وسائل الايضاح عباره عن لوح وبري يثبت عليه كروت ملونه ليتعلم منها الاطفال الكلمات و الحروف ..
    وطلبت اماني من سارة ان تشرح لها درسا، ففعلت، واندهشت اماني من قدرة سارة الطبيعيه على التوصيل والشرح ..
    امانى: يا بنتي انتي مدرسة بالغريزة .. طول عمرك ذكيه والله، الموضوع مش محتاج اكتر من شوية ذكاء .. والاكتر منه كياسه في التعامل مع الطفل وانك تخليه يحس انك بتقولي حاجه لذيذه و ينبسط بيها ..
    سارة: يعني فكرك لو شرحت كده بكره في المدرسه انجح؟ و ممكن يقبلوني؟
    امانى: طبعاُ، وانت بتتكلمي انجليش هايل، ودى اهم حاجه، كل اللي بعد كده حاتكتسبيه بالخبره ..
    سارة: ادعيلي يا اماني، احسن الموضوع ده حايتوقف عليه حاجات كتير اوي ..
    امانى: طبعا حادعيلك، ومستنيه منك تليفون بكره ان شاء الله بعد ما تخلصي المقابلة ..

    علم عمر بما فعلت سارة في يومها، واشار عليها باستخدام الانترنت للبحث عن وسائل ايضاح اكثر تاثيرا، خاصة ان الطفل في هذا العصر اتسعت مداركه بشكل مذهل، مما جعل التاثير عليه امراً صعباً .. اخذت سارة بالنصيحة، وجلست مده تستخدم محركات البحث، وقامت بطباعة بعض الصور، ثم ذهبت لغرفة يحيى وقامت بجمع بعض الحيوانات الصغيره البلاستيكيه وثبتت فيها قطع صغيره من اللباد لتصبح قابله للالتصاق باللوحه الوبريه .. واعدت الدرس باستخدام الورد وطبعته.
    واتصلت بوالدتها واخاها و اسراء وزوجها ليحضروا للسهر معهم، واجلستهم جميعا بالاضافة الى حماتها وعمر ومعهم بعض اللب والسوداني والمسليات كي يوافقوا ان تشرح لهم الدرس الذي ستشرحه غدا كعرض للمدرسين .. كان عمر في غاية السعاده بها اذ ابدعت من عندها عرض شرائح على الكومبيوتر، (باستخدام باوربوينت) قررت ان تبهر به لجنة الاختبار غدا ..
    لقد سخـّرت سارة كل معرفتها بالحاسب لخدمة هدفها في الشرح وذلك ما جعل عمر يوافق على اعارتها الحاسب المحمول الخاص به (اللاب توب) ليساعدها فى هذا العرض ..
    و داعبها احمد: لو كانوا بيدرسولنا كده و احنا صغيرين، كان زماننا دخلنا هندسه والله .. استغرق الجميع في الضحك لان احمد بالفعل طالب في كلية الهندسة ..
    اما اسراء فاثنت عليها بشده، و ذكرتها بايام كانت تذاكر لها وهي طفله وكيف كان لها اسلوبا لطيفا في الشرح يثير الخيال، و يبعد الملل ..
    ونامت سارة ليلتها و هى تدعو الله ان يوفقها، و تطلب من زوجها الدعاء لها بالتوفيق ..

    توجهت سارة للمدرسه في الصباح، وجاءت لحظة الحسم، فبعد انتظار طويل جاء دور سارة، التي طلبت توصيل جهاز الحاسب الخاص بها بشاشة العرض بالقاعه، وخيم على الحضور الصمت في انتظار بدء الشرح ..






    ..:: الحلقة الثامنة عشرة ::..

    بدات سارة الشرح بصوت مرتعش، لم تكن تدري ان الموضوع ممكن ان يكون صعبا و محرجا بهذه الطريقة، فخرج صوتها ضعيفا في البداية، ثم ما لبثت ان لمحت استحسانا في اعينهم فرفعت صوتها قليلا وقررت ان تنسى وجودهم وتندمج في الشرح بكل كيانها .. واستخدمت اللوحة الوبرية والوسائل التي معها، وبينما هي مندمجة تماما، اذا بصوت احد المدرسات الجالسات تسالها: انتي فاكرة نفسك حاتقدري كل حصة تعملي كده في الحقيقة؟ يعني في الحصص العادية؟
    فردت سارة بادب: وليه لا، اللي اعرفه ان الطفل لما يشوف الحاجة قصادة بتدخل دماغة اكتر من مجرد اني اقول اسمها بس ..
    المدرسه: بس انتي حاتكوني ملخومة في الكراسات والتصحيح ودفتر الدرجات وعدد العيال في الفصل اللي بيوصل اربعين .. هل شايفه ان اللي بتعملية ده حاجة براكتكال (عملية ) في مصر؟
    سارة: ايه الفرق بين مصر وغير مصر، فصل وتلامذة ووقت الحصة هوه هوه في اي مكان، وعلى العموم انا هاحاول، وربنا يوفق ان شاء الله ..
    اكملت سارة الشرح و قد اغاظتها هذة السيدة ..
    ثم اندفع وكيل المدرسة: يا مس سارة انتي صوتك واطي اوي، احنا سامعين عشان ساكتين، لكن في الفصل لازم تعلي صوتك على صوت الولاد عشان يقتنعوا باللي بتقوليه ..
    ردت سارة وقد بدات تتضايق من المقاطعة: ماهو المفروض يا فندم يكونوا في الفصل ساكتين برضة، عشان اقدر اشتغل، وعلو الصوت عمرة ما كان وسيلة اقناع، و بعدين لو هما علوا صوتهم و انا عليت عليهم و كدة، حايبقى مولد مش فصل، وعموما زي ما حضرتك قلت انا باتكلم على قد اللي قاعدين خمسة افراد لكن في الفصل اكيد في كلام تاني .. واكملت سارة شرحها .. فانبرت مدرسةاخرى بعد قليل: حضرتك مديانا ظهرك وباصة للبورد، ودي مش طريقة، افرضي عيل مشي وساب الفصل دلوقتي، حاتحسي ازاي بيه؟ لازم تحاولي تبصي للولاد وتكتبي و انتي مدياهم وشك ..
    سارة بنفاذ صبر: حاضر ان شاء الله احاو..
    ثم سالت عن اذا ماكان تم توصيل اللاب توب الخاص بها بشاشة العرض ..
    فاجابتها المديرة: لا مفيش داعي للكومبيوتر، انتي مش حاتستخدمية اساسا، احنا ما عندناش غير شاشة واحدة للمؤتمرات والضيوف بتوع المدرسة مش للطلبه، واحنا اكتفينا من حضرتك كدة يا مدام سارة وحانتصل بيكي ..
    شكرتهم سارة بصوت مرتعش، وهي تحس بهزيمه داخلية بشعة، لم تكن تتوقع كل هذا المناخ العدائي لمجرد انها ارادت التجديد، ولم تذكر ملف يحيى ولا التحاقة بهذه المدرسة، اذ كان يكفي ان ترى اداريي ومدرسي هذة المدرسة لتحكم على مستواها التعليمي، وقالت لنفسها: انت حاتزة على نفسك ليه؟ دي مدرسة اي كلام، ده حتى كان مرتبها تلتمية جنية، مايجيش تمن المواصلات، الحمد لله على كل حال ..
    حملت سارة حقيبتها حزينة وكانت تهم بالذهاب لمنزلها، لكن راودها خاطر مفاجىء، قررت الذهاب للمدرسة الاولى التي كانت قد قبلت يحيى، وسالتهم عن حاجتهم لمدرسات للمرحله الابتدائية فاجابت الموظفة انه الان يتم اختبار عدد منهن في القاعة المخصصة لذلك الغرض ..
    لم تكن سارة قد قابلت مديرة المدرسة، لكنها حين راتها قابلتها بابتسامة وكلمتها بمنتهى اللطف وطلبت منها ان تملا طلب التحاق .. ملات سارة الطلب و وجدت فية اسئلة لم ترها من قبل فى اختبار المدرسةالسابقة، كان السؤال المحورى:
    Why do you want to teach ?and what's your highest ambition?
    وكانت اجابة سارة :
    I would love to teach because teaching touches hearts، opens minds، and the look of appreciation and merit in my students eyes means the world for me .
    My highest ambition is to become a facilitator and to make the process of learning as interesting as possible.

    و طبعا كان مطلوب معرفة سنين الخبرة، فاجابت سارة انها تود ويشرفها ان تكتسب خبرتها من هذا المنشأ العريق ..
    اعجبت المديرة بردود سارة على الاسئلة وطلبت اجراء مقابله لها وعرض درس لو كانت مستعدة، وردت سارة انها على اتم الاستعداد ..
    وعلى عكس المدرسة السابقة، وجدت سارة المناخ مبشراً في هذا المكان، ولاحظت نظرات اعجاب من الجميع بما فيهم طاقم التدريس الموجود، واخذت بعضهن يدونن الملاحظات، وتضاعف الاعجاب حين قامت بعرض الكومبيوتر الخاص بها، والمحت الى ان طفل اليوم يقضي معظم وقتة امام الوسائل المسموعة المرئية سواء للتسلية او الثقافة، فلا يجب ان يكون اسلوب تعليمة جافا وعقيما بل يجب ان يرقى الى اساليب تسليتة وتثقيفه.
    لم يبد اي من الجالسين ملاحظة واحدة طوال شرح سارة، وعندما انهت كلامها، قامت المديره بالتصفيق لها، مما حدا بجميع الجالسين الى التصفيق اعجابا بما بذلته من جهد ..
    وقالت المديرة: مبروك يا سارة، انت ان شاء الله معانا خلاص، و ممكن نمضي العقد دلوقتي ..
    فوجئت سارة و اندهشت من سرعة قبولهم لها وترددت قليلا لكونها لم تبلغ عمر بعد، ثم حسمت امرها وتوكلت على الله، وخاصة بعد ما ابلغتها المديره ان راتبها سيكون حوالي سبعمائة جنية اي ضعف المدرسة الاولى ..
    دخلت سارة للموظفة المسئولة عن الحسابات قبل ان توقع العقد و سالتها على استحياء ..
    سارة: لو لي اطفال عايزة ادخلهم المدرسة، ممكن اعرف ليهم خصم ولا ما لهمش؟
    الموظفة: طبعا ليهم خصم، بس لازم يخوضوا الاختبارات زيهم زي غيرهم الاول ..
    سارة: هو يحيى ابني عمل كل الاختبارات فعلا وقبل فى المدرسة، وملفه موجود عندكم بس احب اعرف نسبة الخصم ..
    الموظفة: بصي يا ستي، مصاريف التسجيل حاتكون الفين جنية بدل خمسة وممكن تقسطيهم من مرتبك لو حبيتي، اما المصاريف عليها خصم اربعين فى المية، يعني حاتكون حوالي تلات الاف وستميت جنية، وانتي كمدرسة من حقك باص المدرسة يعدي ياخدك صباحا لو حبيتي، ويروحك كمان .. حست سارة ساعتها باحساس ابو تريكة لما بيجيب جون، ولولا ان الغرفة كان بها رجالا، لسجدت على ارض الملعب في لحظتها..
    خرجت من المدرسة الرائعة وهي في غاية السعادة، و عيناها لاتكفان عن الدمع من شدة سعادتها، و قررت ان تذهب لمنزلها مشيا من شدة سعادتها وقالت تحدث نفسها:
    يا رب لو حبيت اعد نعمك عليّ لا احصيها، كان كل املي في المدرسة التعبانة الاولانية، وفقتني للاحسن منها ميت مرة، وبمرتب اكتر، وفوق كدة وكدة، حبة قلبي يحيى حايخش المدرسة اللي اتمنيتها، قد اية يارب انت عالم بحالي وغني عن سؤالي .. الحمد لله اني اطعتك يا عمر و ما زعقتش ولا ركبت راسي، كان زماني جنيت على ابني وعلى نفسي، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقة من حيث لا يحتسب..
    وبينما سارة في تاملاتها و دعاءها، وجدت محل صائغ قريب، و بدون تردد، دخلت و باعت اسورة من اساورها الذهبية، و اخذت مبلغا محترما، و خرجت من عند الصائغ الى مركز طبي ملاصق له، فوجدت سيدة عجوز فقيرة و معها ابنتها على موعد مع الطبيب، و طفل مريض على كتف امه، و بنت صغيرة موضوعة على جهاز غسل الكلى .. قامت بكل ما قدرها الله عليه، و لم يتبق معها الا ثمن بعض الحلوى و تورتة صغيرة اشترتها في طريق عودتها للمنزل .. وفور وصولها، فوجئت بمريم تجري لاستقبالها بالمشاية وحماتها تجري مسرعة ملهوفة، انتي كنتي فين يا سارة يا بنتي، احنا اتخضينا عليكي، ما بترديش على تليفونك لية؟
    حملت سارة ابتنها وقبلتها وهي تعتذر لحماتها و تذكرت انها في غمار احداث اليوم نسيت ان تفتح الجرس الخاص بمحمولها بعد انتهاء المقابلة الاولى، لذلك وجدت حوالي عشرين مكالمة من عمر فاسرعت تتصل به ..
    سارة: حبيبي عمر، ابو عيالي، مهما قلت لك مش حاتصدق ..
    عمر: ايه يا سارة اللي حصل؟ انا قلقت عليكي موت..
    سارة: مش حاينفع الا لما تيجي انا مستنياك ..
    وعندما عاد عمر كانت سارة قد غيرت ملابسها و حضرت المائده مع حماتها واعطت كل من مريم و يحيى حماما .. دخل عمر فتعلقت سارة برقبتة مسابقة ابنتها في ذلك، ثم اطلقت سراحة ليبدا دور مريم ويحيى، ثم حكت ما حدث اثناء يومها على مائدة الغداء ..
    عمر: بس انتي ما قلتليش يا سارة انك رايحة المدرسة التانية دي.
    سارة: معلش يا عمر والله انا كنت طالعة منهارة وخفت يحصل نفس اللي حصل، فقلت اداري على خيبتي لحد ما اشوف حانرسي على اية ..
    عمر: خيبتك، مين دي اللي خايبة؟ ده انتي ست الستات، انا مش مصدق ان يحيى حايخش المدرسة اللي كان نفسك فيها من البداية .. انت عارفة يا سارة انا بجد حاسس ان بينك وبين ربنا عمار ..
    سارة: عمري ما دعيتة وظني خاب ابداً، الحمد لله ..
    قالت حماتها وقد اغاظها اطراء عمر لسارة: اية دة؟ يعني موضوع الشغل ده بجد؟ ده انا قلت نسيبك كدة تجربي حظك، ده احنا ما صدقنا بطلتي شغل الكومبيوتر ده وتلتفتي لبيتك وجوزك .. انت فاكرة اني صحتي حاتستحمل ده كله؟ لا انسوا .. و بعدين مريم بنتك بقت متعبة وبتغلبني وانا ماقدرش اشيل مسئوليتها لوحدي ابدا ... و بعدين فرضا واحدة من بناتى حبت اني اروح ازورها، ارد اقول ايه يعني؟ معلش اصلي قاعدة بمريم عشان سارة هانم في الشغل؟ وحايدوكي كام يعنى يا ست سارة في الشغل ده؟
    ردت سارة و قد صدمت من رد فعل حماتها: مش حكاية فلوس يا ماما .. اولا دي اكتر مهنة انسانية وليها اجر كبير عند الله، ثانيا الخصم اللي حايتعمل ليحيى في المصاريف والتبرع، وغير اني حاقدر اودي عمر كل يوم بباص المدرسة وارجعة تاني .. يعني توفير من كل ناحية، والمرتب مش وحش برضة، ده حوالي سبعميت جنيه ..
    ام عمر: سبعميت جنيه و لا اكتر انا ماليش دعوة .. اعملي حسابك اني مش شغالة في البيت هنا، و اني ممكن في لحظة تلاقيني سافرت لبنت من البنات سواء دينا في الخليج او حتى داليا في امريكا .. عشان هي كمان عماله تتحايل عليّا من فترة .. يعني ما ترتبوش حياتكم على اساس وجودي معاكم ..






    تــــــــــــابعوني >>>



    Dr.M.Hegazy

    الحلقة الأخيرة غدا إن شاء الله ...

  8. #28
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    الدولة
    IN the life
    المشاركات
    467

    افتراضي

    منتظرين بفارغ الصبر

  9. #29
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    4,276

    Smile

    ..:: الحلقة التاسعة عشر و الأخيرة ::..

    فكرت سارة:
    آه يا خالتى أم عمر، عايزة تحدفي كرسي في الكلوب؟ ماشى .. وانت يا عمورتي حبيب ماما عمرك ما حاتتكلم طبعا .. ولو اتكلمت حاتدافع عن منطق مامتك .. الحمد لله انى علمت حسابى على اللحظه دي ..
    واخذت سارة نفسا عميقا ثم قالت بهدوء: لا يا طنط، ما عاش ولا كان اللي يقول على حضرتك شغالة .. ده حضرتك تقعدي واحنا كلنا خدامينك .. انا اصلا من الحاجات اللي خلتني افرح اكتر بالمدرسه دي ان فيها "داي كير" لابناء المدرسات، و اللي عندها طفل لسه تحت التلات سنوات ممكن تسيبه فيها مجانا .. عشان كده عملت حسابي قلت لو حضرتك مضايقه من مريم اخدها معايا الصبح وانا نازله .. وبين الحصص ممكن اروح اشوفها .. وتكون برضه تحت عيني.
    احس عمر ان سارة انتشلته من بئر بلا قرار و قال بمرح: طيب الحمد لله يا ماما اهوه، وحضرتك تقضي وقتك في قراءة القرأن او تعملي اللي بتحبيه .. بس عشان خاطري ما تسافريش وتسيبيني، و الله ده سارة بتحبك زي مادينا وداليا بيحبوكي واكتر .. غير ان بيوت اخواتي مهما كانت بيوت رجاله أغراب، لكن ده بيتك ومكانك ..

    و كأن سارة قد اطفات النار قبل اندلاعها .. صمتت والدة عمر و لم تعقب بكلمه واحدة ..


    و في الايام التالية قررت سارة ان تدرب نفسها على عمل اطعمة اليوم التالي ووضعها في الفريزر، وعلى الاستيقاظ مبكرا وتنظيف المنزل والاطفال نيام قبل ميعاد المدرسه .. وكلما امعنت في الاهتمام بالمنزل و الطعام، تجد حماتها اصابتها الغيره وحاولت مساعدتها، ومد يد العون لها، بالرغم من عدم طلب سارة لاي مساعده و لو صغيره منها

    و كانت قد بدات التدريب في المدرسه بالفعل، حيث وفرت تلك المدرسة دورة تدريبية للمدرسات الجدد، قبل بداية العام الدراسي، واحست سارة انها اختصرت خطوات كثيره، وتعلمت اشياء لم تكن تحلم بها خلال تلك الدورة

    ثم فوجئت سارة بمعاملة حماتها تلين معها و تتحسن تحسنا كبيرا، اذ بعد ان انتفت عن سارة شبهة استغلال حماتها اصبحت ام عمر تسعى بنفسها لمساعده سارة والاخذ بيدها .. وقالت لها بعد ان لمست تعبها البالغ كل يوم في العمل واخذها الطفلين معها الى الـ"داي كير" لان الدراسه الفعليه كانت لم تبدأ بعد: بصي يا سارة با بنتي، انت بتتعبى اوي كل يوم فى المدرسه وانا رأييي تبقى تسيبي مريم معايا .. اهي تسليني .. ده انا مش بلاقى حاجه اعملها الصبح، و بتوحشني اوي .. كمان الطبيخ مش لازم تشيلي همه كله لوحدك، انا طول عمرى احب المطبخ ومش باتعب من عمايل الاكل ابدا .. يعنى مثلا سيبيلي المحشي انا الفه وانا قاعده قدام التلفزيون .. اقطع الخضار .. كده يعني الحاجات دي.

    قامت سارة و احتضنتها بحب قائلة: ربنا يخليى لينا يا ماما، انا و الله حاعمل اللي ربنا يقدرني عليه عشان ما تتعبيش نفسك .. بس تصدقي انا اكتشفت حاجه في الايام اللي فاتت دي، اكتشفت ان النشاط بيجيب نشاط، والكسل بيجيب كسل .. لما كنت قاعده فى البيت ما كنتش متخيله انى هارجع تاني اصحى بدري و اروح شغل .. لكن لما حصل فعلا، لقيت نفسي عادي، مش تعبانه، بالعكس، بحس اني نشيطه .. وسعيده إني اخر اليوم بكون انجزت حاجه، بدل النوم لحد متاخر والكسل اللي مالوش فايده ده.
    ام عمر: على ايامنا ما كانش مسموح لنا بالشغل، حتى الست اللي تشتغل دي بتكون عيبه في حق جوزها .. رغم اني معايا ليسانس، لكن ابو عمر الله يرحمه عمره ما سمحلى اشتغل .. بس دينا وداليا بناتي الاتنين بيشتغلوا والله و بيقولوا زيك كده النشاط بيجيب نشاط.

    اما عمر فكان يرقبها، سعيدا بكل ما تحققه، سعادته بانجازاته الشخصيه، انه في بعض الاحيان يحس انها طفلته، رغم ان فارق السن ليس كبيرا بينهما، الا انه يشعر ان اجزاء كبيره من شخصية و كيان سارة تكون على يديه .. كما تكونت ايضا اجزاء من كيانه على يديها .. واصبحت الحياه بينهما اكثر استقرارا و نعومه، وهذا لا يحدث الا للقليل من الازواج الذين يسبغ الله عليهم من ضمن نعمه الكثيره .. نعمة التفاهم والتعاون على اسعاد بعضهما البعض .. فكم من بيوت غلفت ابوابها، و ظاهرها السعادة، لكن نقص التفاهم والحب، يجعلان من المال والبنين و كل مظاهر الحياه السعيدة مجرد مظاهر جوفاء، لا تحوى داخلها سكناً ولا مودة ولا رحمه، بالرغم من كونها الهدف الاساسى من الزواج.


    و قبل بدء الدراسه بايام دخل عمر المنزل عصراً، ليجد مريم تجرى عليه بالمشايه، وواضح على شعرها المبتل انها خرجت لتوها من الحمام .. ويحيى لا زال يرتدي ملابسه بعد ان انتهى من حمامه، ثم خرجت سارة لاستقباله قائله: ازيك يا حبيبي؟ احضر الغدا؟

    عمر: اغير هدومي و اصلي، لحد ما تحضريه براحتك ..

    ثم دخل غرفته ليغير ملابسه .. و بعد فروغه من صلاته، فوجىء بيحيى يقف و يطرق بابا غرفته ..

    يحيى: ممكن ادخل يا بابا؟
    عمر: اتفضل يا حبيبي .. ما دخلتش ليه من بدري؟
    يحيى: ماما قالت لازم أخبط اول بعدين ادخل الاوضه.
    عمر: ماما دي جميلة ..
    يحيى: اه ماما جميلة .. انا باحبها اوي. عارف يا بابا، ماما قالت خلاص حاروح المدرسه الحقيقيه يوم الاحد الجاي.
    عمر: ان شاء الله ..
    يحيى باصرار طفولي: لا والله حاروح ماما قالت ..
    عمر: بس لازم برضه نقول ان شاء الله، عشان ربنا لو مش عايزك تروح ممكن اى حاجه تحصل و ما تروحش .. حاجه بسيطه اوي، مثلا المنبه ما يضربش، الباص ما يجيش، كلمة ان شاء الله وباذن الله دي لازم تقولها يا يحيى عشان ربنا يحبك ويعرف انك مستني اذنه .. مش انت استاذنت وانت على الباب، مع انك عارف انى حادخلك؟؟
    رد يحيى وقد بدا انه فهم: خلاص يا بابا ان شاء الله اروح المدرسة يوم الاحد، صح كده؟
    قبله عمر و هو يدعو له ان يكون من الهادين المهتدين بامر الله ..

    و جاءت مريم و دخلت مثل الطلقة على مشايتها و هى تبتسم ابتسامه عذبه، و تمد ذراعيها الصغيرين لاباها كي يحملها، مما جعل قلب عمر يذوب حنانا ليحملها عاليا و يقبلها ..

    يحيى: بابا، مريم مش استاذنت ولا خبطت ..
    عمر: هى لسه صغيره يا حبيبي .. لما تكبر زيك تتعلم منك عشان انت شاطر .. يعنى انا مش حاقول كل الكلام ده تاني، هي حاتشوف يحيى جميل وبيعمل حاجات جميلة تروح عامله زيه على طول ..

    الى هنا و نادت سارة على يحيى ليبلغ اباه ان الغداء جاهز ..

    جاء يحيى مره اخرى و قال: بابا، ان شاء الله الغدا جاهز ع السفره ..
    ضحك عمر من قلبه و هو يجد يحيى يطبق تعليماته بحذافيرها ..
    كما انه انتشى بتحسن العلاقه بين امه و بين سارة بعد ان كانت تنذر بهبوب عواصف، وحمد الله كثيرا على هذه الزوجة الصالحة ..
    انه منذ بدأت العمل لم يلمح تقصيراً لا في المنزل ولا في الاولاد .. بل بالعكس اصبح للاولاد مواعيد ثابته للنوم والاستيقاظ بعد ان كانوا يسهرون للفجر وينامون للضحى .. حتى ميعاد حمامهم اليومى اصبح منضبطاً كالساعة ..

    و جاء اليوم المرتقب، و كان عمر قد استعد لذلك اليوم باحضار كاميرا فيديو من احد اصدقائه، ليسجل لحظات دخول يحيى المدرسه للمره الاولى .. لم يكن يحيى هائبا للموقف لكونه جرب الذهاب مع امه للـ"داي كير" الخاص بالمدرسه قبل ذلك .. لكنه كان لاول مره يرتدي الـ"يونيفورم"، ويحمل الحقيبه التي امتلات بادوات سبايدر مان .. مقلمه و استيكه و برايه .. كانت عينا عمر نفسه تلمع بفرحه طفوليه كلما رأى سعادة ابنه بهذه الاشياء .. و يعود و يتذكر ايام كان طفلا، وكانت هذه الاشياء الصغيره تتسبب في سعادته القصوى، و تامل في حال الدنيا، و كيف انه كلما كبر الانسان، ذابت المتع الصغيرة، وراحت الدهشة و البراءة الجميلة .. حتى الاشياء الكبيرة لا تسعده نفس تلك السعادة الصافية التي نعم بها ايام كان طفلاً غريراً مطمئناً للدنيا في كنف ابويه ..

    فى اول يوم ليحيى فى المدرسه احس عمر ان فصلا جديدا من حياته الزوجيه على وشك ان يبدأ، لذلك اصر على تصوير بداية هذا الفصل، لتبقى ليحيى دليلا على جمال الذكريات و براءتها .. و اصرت ام عمر في ذلك اليوم على الا تذهب مريم مع والدتها .. كى يتفرغ كل من عمر و سارة ليحيى و للاهتمام به ..
    و فى المدرسه، كان المنظر يستحق التصوير .. عشرات الاطفال فى سن يحيى يخطون اولى خطواتهم في الحياة العريضة، وحدهم، و لاول مرة، دون الاعتماد على اهلهم .. كان عمر ينظر بعينيه لكن يرى بقلبه، يرى هؤلاء الاطفال، وقد اصبحوا شابات و شبان كبار .. يبدأون وضع لبنه جديده في مجمتع واعد، دعا الله ان تكون ايامهم خيراً من ايام اباءهم و اسعد ..
    وانطلقت المدرسات في همة، تنظمن الصفوف وترشدن كل وليّ امر الى مكان طابور ابنه، ومكان فصله ايضا .. فقد كان مسموحاً في اليوم الاول لاولياء الامور بالتواجد مع اطفالهم حتى يألفوا المكان ..
    و انطلق بعض التلاميذ يضحك ويمرح، واصاب بعضهم الاخر الذهول، وقليل منهم انخرط فى البكاء متشبثاً بوالديه ..
    و عندما تجول عمر في المدرسه، احس ان تعبه وتعب سارة لن يضيع هباءاً باذن الله .. ليس فقط من جمال الافنيه ونظافة الفصول، بل من الاهتمام المرتسم على وجه كل مدرّسة، و هي تحس ان مهمتها في "كي جي وان"، لا تقل، بل من الممكن ان تزيد اهميه عن مهمة دكتور الجامعه .. و هى بالفعل لا تقل .. بل تزيد.!
    لان كيان الطفل و مستقبله، يتم تشكيله في سنى عمره الاولى، التي يكون فيها عقله مثل فيلم الكاميرا، قابلا للالتقاط والتخزين باقصى سرعه ممكنه ..
    اللهم اهد ابناءنا و انشئهم على الايمان ..
    و ابتسمت سارة و هى تراقب فرحة عمر بيحيى .. وهي ترى ثمرة قلبها يقف فى الصف .. و يحيي العلم .. ويردد: تحيا جمهورية مصر العربية.





    تـمت بحمد الله .. نرجو من حضراتكم في حال رغبتكم في إكمال الموسم الخامس من اليوميات .. الاشتراك في الاستفتاء الموجود في أعلى الموضوع ..

    و كل موسم و حضراتكم بخير ..



    Dr.M.Hegazy



  10. #30
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    mansoura
    المشاركات
    827

    افتراضي

    السلام عليكم .......انا قرات القصة دى قبل كدة وهى فعلا جميلة بس عجبتنى جدا التنويهات اللى حضرتك ذكرتها دى لان القصة فعلا فيها تجاوزات اخذت بشىء من التساهل او للاسف تعبر عن واقع احيانا اسر كتييير بتعملها ياما بحكم العادات والتقاليد ياما بحجة الترفيه والتمتع بمتع الدنيا....جزاكم الله خيرا يا دكتور محمد

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •