..:: الحلقة السابعة ::..
افاقت سارة لتجد نفسها محاطة بالاجهزة وموصل بذراعيها كانيولا وجهاز قياس للنبضات والضغط .. اخر ما تذكرته هو دخولها الحمام ثم الرعب القاتل الذي انتابها عندما فوجئت بنافورة دم تخرج منها .. ونادت بصوت واهن يحيى ابني ..عمر .. إيه اللي حصل؟
وفي لمح البصر هرع عمر إليها قائلاَ: حمد الله على السلامة يا حبيبتي ..
سارة: ايه اللي حصل يا عمر؟
عمر: الظاهر انك بذلتي مجهود جامد في الشقة يا سارة، فحصلت لك ولادة مبكرة .. لكن انت احسن دلوقتي، والدكتور طمنا عليكي ..
سارة: فين البيبي؟ انا مش سامعه صوت ليه ..
فجاءت امها مسرعة تقول: مريم بخير وزي الفل الحمد لله .. بس هي....
سارة: مريم؟ انا جبت بنت فعلا؟ الحمد لله والشكر لله .. هي فين يا ماما؟ شكلها ايه؟
سارع عمر: هي في الحضانه يا حبيبتي عشان ناقصة نمو شوية .. لكن ان شاء الله حاتبقى كويسة ..
سارة باكية: يا حبيبتي يا بنتي .. انا عايزة اشوفها .. عايزة ارضعها واحضنها ..
وطفقت سارة تتلمس بطنها في شوق كانما انتزعت منها قطعة من قلبها .. لا لقد انتزعت منها فعلا ..
عمر: لا يا سارة ما تعيطيش كده .. هي ان شاء الله بخير وبكرة ياما تشيليها وترضعيها .. و...
سارة: بكرة؟ انا عايزة بنتي دلوقتي .. وديني يا عمر عندها ..
وحاولت القيام من سريرها لكنها كانت اضعف من ان تتحرك .. فارتدت واهنه في مكانها ..
وهنا جرى اخوها اليها: يا حبيبتي ما تخافيش عليها هي بخير وشبهك وزي القمر .. ما تخافيش مش شبهي .. هاها ..
سارة: انت هنا يا احمد؟ خدني ليها عشان خاطري .. نفسي اشوفها ارجوك يا احمد ..
تدخل عمر: انتظري ثواني، انا حانادي للدكتور أجيب كرسي متحرك .. ثواني ..
خرج عمر من الغرفه لكن سارة لم تطق الانتظار، فنزعت الكانيولا من ذراعها وجهاز النبضات بشدة و صاحت باكية: شلني يا احمد .. ديني اشوف بنتي دلوقتي ..
فاحتار احمد ماذا يفعل لكنه فوجىء بامه تامره: معلش يا احمد ريحها .. الحضانة قدامنا ..
وطى احمد و شال سارة زي الطفلة، وتعلقت هي في رقبته وهي بتفتكر لما كانت بتشيله وهو لسه بيبي صغير، ودلوقت ما
شاء الله بقه راجل ..
وهناك امام زجاج الحضانة طلبت منه الا يدلها على طفلتها لانها ستهتدي اليها وحدها بقلبها .. وفعلا لم يخبرها احمد اين طفلتها .. وفى وسط الاطفال نزلت دموع سارة وهي تبحث بعيني راسها عن مريم، بعد ان راتها بعيني قلبها .. وجدت طفلة نائمة مستكينة وبراءة الدنيا في وجهها الصغير .. وسالت احمد و هي تشير اليها: هي دي يا احمد؟ هي دي مريم؟
رد احمد من بين دموعه: ايوه يا حبيبتي، شفتي بقة انها كويسة و نايمة زي الملاك .. يا للا نرجع بقه ..
سارة: انت بتعيط يا احمد .. للدرجة دي متاثر؟
احمد: لا لا انا بس دراعي اتملخ .. يا للا بقة نرجع، ماشي؟
فكرت سارة:
دايما الرجالة كده يكرهو حد يشوفهم متاثرين ودموعهم نازلة .. لا تقريبا هوه فعلا دراعه واجعه، مانا لسه والدة ووزني بتاع
تمانين كيلو، مش شوية يعني، و اشفقت عليه وطلبت منه اننا ترجع الاوضه ..
و سبحان الله رجعت سارة غرفتها في حال غير الحال، كانت مبتسمة وهادئة بمجرد ان رات صغيرتها واطمانت عليها .. وفوجىء عمر بها عندما دخل تجلس على الكرسي وليس على السرير والدموع في عينيها وهي تقول: انا شفت بنتنا يا عمر ..
انا شفت مريم .. اللهم لك الحمد والشكر ..
رد عمر: حمد لله على سلامتك انت، دي اهم حاجة عندي .. ماما كلمتني دلوقتي و بتقول يحيى عايز يشوفك ضروري ..
سارة: خليه ييجي .. حد يجيبهولي احسن انا حاسة اني بقالي سنين ما شفتوش .. أو انا حاروح لها تاني دلوقتي ..
عمر: لا لازم تلبسي لبس تاني معقم وتستعدي عشان تدخلي عندها الحضانة ..
وفي اللحظة التي لمست سارة خد مريم الناعم بيدها، واحست بمعجزة الميلاد للمرة التانية في حياتها، آمنت اكثر بالاية
الكريمة { وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } .. فعلا سبحان من اخرج كيانا من كيان ..
اللهم اني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم .. اللهم اهدها يا رب و اجعلها من الهادين المهتدين ..
عندما ولدت يحيى تخيلت انـّني لن اقدم على هذا العمل مرة اخرى اطلاقا في حياتي .. لكن هاأنذا ومريم بين يدي ..
قال عمر:
الحمد لله .. سارة ومريم تجاوزتا مرحلة الخطر .. لقد ابيض شعر راسي خوفا عندما ابلغني الطبيب ان هنالك خطورة على حياة سارة لو استمر الحمل .. وتمنيت من الله ان يحفظهما الاثنتان من كل سوء، وما هو على الله ببعيد .. اللهم لك الشكر والحمد يا الله ..
شقه جديدة و ابنة في نفس اليوم .. انا حاسس ان مريم دي حاتكون وش السعد على ابوها .. لكن يحيى محتاج لي اوي اليومين دول، لما رحت البيت لقيته زعلان وبيعيط وحاسس ان الدنيا فضيت حواليه ..
برضة احنا محتاجين نعامله معاملة خاصة الايام الجاية عشان ما يحسش ان هوه اتركن على الرف .. برضة الاطفال ما يفهموش ..
قالت سارة:
اخيراً خرجنا من المستشفى ومعانا القمورة مريم .. دي جميلة اوي .. ده رأيي انا بس؟ مش عارفة .. بس ما حدش يستجري
يقول عليها نص كلمة .. هما عايزين البنت تبور من اولها ولا اييه؟؟
حبيبي يحيى وحشني اوي .. وتصرفاته بقت غريبة اوي، أصر ينام جنبي رغم انه بقاله سنة كاملة بينام في اوضته .. وكمان شافني بغير لمريم الحفاضات راح عملها على نفسه رغم انه معملش الموضوع ده من مده طويلة ..
كمان دخلت الحمام وخرجت لقيته بيحاول يشيل مريم من سريرها!!
انا حاسه انه عايز اربعة وعشرين ساعة مراقبة .. ده صحيح زي ما بيقولو الخلفه التانيه غير الاولى خالص فى كل حاجة .. عشان بيكون في طفل اول عنده مشاكله وعنده احساس بعدم الامان بعد ما كان الكل في الكل .. عشان كده طلبت من عمر يشتري مرجيحه ليحيى و يقوله ان اخته هي اللي جابتها ..
و كان رد يحيى: دابتها منين؟ دي اثاثا مث بتعلف تمثي (جابتها منين؟ دي اساسا مش بتعرف تمشي)
رد عليه عمر: لا هي اللي قالت لنا نجيبها عشان يحيى ..
يحيى: هي مث بتعلف تتكلم بلدو .. ايه ده؟؟
و جرى غاضبا و تركنا ..
طب نعمل ايه بس؟ ما عدش فيه حد اهبل خاااااالص .. لكني بعدها اقنعته ان اخته بتحبه اوي عشان هوه اخوها الكبير الجميل و حياخد باله منها لما تكبر .. كمان قللت من حملي لمريم طالما هي ما بترضعش او بتغير، وبشيل يحيى .. وساعات كمان اطلب من عمر ياخده يخرجه ويوديه الملاهي او النادى عشان يغير جو ..
و جاء عمر اليوم يطالب ان ياخذ مريم ليحلق لها راسها ..
سارة: بص يا عمر، ايام يحيى انا رضيت عشان قلت اهو راجل، والراجل ما يعيبوش الا جيبه .. لكن الا بنتي، لو حلقت لها يا عمر حاكتئب وكل ما اشوفها قرعه حاعيط ..عشان خاطرى بلاااااش تحلق لها و حيات اغلى حاجة عندك ..
و انضمت لي حماتي لاول مرة في التاريخ المعاصر وقالت لعمر: لا يابني، شوف انت تصدقت بكام فضة عن يحيى وادفع نفس القيمة من غير ما تحلق للبنت .. خليها كده دى شعرها جميل وناعم خسارة ..
..:: الحلقة الثامنة ::..قال عمر:
قال عمر:
لاول مرة اجد نفسي حائراً، صحيح البنت صعبانة عليّ ومش عايز احلق راسها لكن دي سنة يا ناس .. بس اللقب اللي اطلقته عليها سارة (الشحاته الصغيرة) خلاها تصعب عليّ .. سارة سمتها كده عشان لما اتولدت ما كانش عندها ولا أي حاجة تلبسها .. واخو سارة نزل من المستشفى اشترى لها سالوبيت عشان تروّح بيه بدل ما نلفها في ملاية وده بسبب الولادة المبكرة طبعا وظروف العزال ..
سارة: انت لو حلقتلها قرعة حاتبقى شحاتة رسمي، ده حتى الايس كاب بتاع اخوها ضاع في العزال ومش فاضل غير اننا ندهن لها راسها مرهم كبريت و تنزل بيها الموالد نشحت ..
عمر ضاحكا: ايه يا سارة جبت الكلام البيئة ده منين؟ بصي هي بصراحة راسها صغيرة و طرية اوى عشان كده بلاش نحلق لها، وانا حاتصدق بضعف ما تصدقت به عن يحيى ..
سارة: ربنا يخليك ليّ يا عمر يا حبيبي و يكرمك .. عشان كمان التصوير وكده الحمد لله انك اقتنعت .. بس انا عايزة منك طلب ..
عمر: انت تؤمري يا ام العيال .. حاجيب لها كل الهدوم اللي انت عايزاها باذن الله ..
سارة: حلوة اوي ام العيال دي هاها .. و مش باكـّلم ع اللبس .. بص يا سيدي انا مش عايزة اعمل علب ولا بونبون ولا اي حاجة من دي .. نعمل عقيقة شرعية وبس .. وعايزاك تخرج الفلوس اللي كان المفروض تتصرف في الحاجات دي كلها لوحدة رعاية الاطفال ناقصي النمو، الحضّانات يعني .. ما تتصورش اليومين اللي قعدتهم مريم شفت مآسي لامهات مش قادرين على دفع مصاريف الحضانات .. دى بتوصل حوالي ميتين جنيه في اليوم لما يكون الطفل حالته متاخرة ومحتاج انابيب تغذية وتنفس وكدة .. تخيل ان انسان ممكن يروح منه ضناه عشان مش قادر يدفع للحضّانة، وده كمان لو لقى واحدة فاضية ..
عمر: طيب يا حبيبتي ما نتبرع واعمل برضه السبوع؟
سارة: خلينا واقعيين يا عمر، احنا لسه عندنا اقساط الشقة وانت ما دفعتش قليل في الولاده عشان كانت قيصرية وعشان كده عايزين نلم نفسنا شوية .. وعموما يا سيدي كلّ ما تزود الصدقات يكون احسن .. تخيل لو ما كانش ربنا لطف بي انا ومريم كان زماننا في المستشفى لسة و كان زمانها في الحضانة .. عايزين نشكر ربنا على اللطف الكبير ده ..
عمر: عندك حق .. انت طول عمرك قلبك كبير يا سارة .. ربنا يخليكي ليّ ..
وفي هذه الاثناء دخلت سارة غرفتها لانها سمعت صوت مريم تبكي وفوجئت بيحيى يحملها .. كادت تفقد النطق من خوفها ان تقع منه ولكنها لم تصرخ او تستفزه .. فقط اقتربت منه فى هدوء شديد و بمنتهى اللطف،
وقالت: بص يا يحيى يا حبيبي دي لسه نونو، ممكن تقع منك وتتعور .. عشان خاطري حط ايدك في ضهرها كده وانت شايلها وتعالى اقعد جنبي على السرير ..
يحيى: حاضر يا ماما، ححط ايدي اهوه .. انا كت بث بثكتها عثان كانت تعيط .. مث انت قلتي انا اخوها كبيل وثاطل؟
سارة: شاطر بس ما تشيلهاش لوحدك، لما تعوز تشيلها تعال قولي وانا احطهالك على حجرك .. اوكي حبيبىي؟
رد يحيى وهو سعيد: بجد تخليني اثيلها؟
سارة: ايوه بس و انا جنبك .. اتفقنا؟
وفي هذه الاثناء كانت سارة قد استخلصت مريم من بين يدي يحيى، ودخل عمر وعندما همّ بتوبيخ يحيى، ولكنّ سارة اسكتته بنظره عرف معناها .. وبعدما خرج يحيى من الغرفة،
عمر: لا الولد ده ما ينسكتش عليه يا سارة، كان ممكن البنت تتعور، هى ناقصاه؟ ايه رايك اقدمله في حضانة؟
سارة: اولا الحمد لله انك ما زعقتلوش، انا مش عايزاه يتعقد ويحس انها سبب عذابه في الحياة .. ولاحظ انه كان ملك متوج في البيت، يعني هي خدت برضه جزء كبير من اهتمامنا .. ولو حاولنا نوديه حضانه دلوقت حايفتكر ان ده عقاب ليه وان مريم هيّ السبب و يكرهها .. انا رايي نستنى شوية وكل الامور ان شاء الله حاتتظبط ..
و في هذه الاثناء دق جرس الباب فخرج عمر ليفتح، وكانت والدة سارة واخوها ومعهم حقيبة كبيرة .
فاستقبلتهم والدة عمر: اهلا اهلا اتفضلوا ..
والدة سارة: اهلا بيكي يا حبيبتي ..
والدة عمر: انتي بايته معانا النهارده ولا ايه؟ تنورينا والله ..
والدة سارة ضاحكة: لا مش حاينفع بقة عشان امتحانات احمد ومش قادره اسيبه، والبركه فيكى انتي .. انا عارفه انك حاتحطي سارة في عينيكي .. وهنا دخلت سارة وقبلت امها وكلها فضول ايضا لتعرف سر الحقيبة ..
احمد: مفاجاة يا سارة ما تخطرش على بالك، اسراء بعتت لك الشنطة دي من دبي مع مامت واحد صاحبي .. لسة واصلة ..
سارة: فيها ايه الشنطة دي؟
احمد: دي مش عشانك، دي عشان البرنسيسة الصغيرة حبيبة خالها .. كلها هدوم ايه بقة سينييه ..
سارة: لا ما تهزرش، يعنى مش حاتبقى الشحاتة الصغيرة خلاص؟
احمد: شحاتة مين؟ دي حاتبقى نجمة سينما .. آه و الله كلهم بيعملو شوبنج في دبي .. استني بس لما اخوكي يتخرج وان شاء الله يشتغل هناك، ندر عليا لاغرقكم هاهاها ..
وفتح احمد الحقيبة وانبهرت سارة بما رات، فساتين صغيرة ومعها احذيتها المنمنمة مثل قطع البون بون .. وفيونكات شعر وسالوبيتات وبيجامات .. ايه ده كله؟ احمدك يا رب ..
و نظر اليها عمر نظرة ذات مغزى فهمتها على الفور .. كان عمر يحس ان سارة اطيب انسانة في الدنيا .. تنازلت عن سبوع بنتها، وحتى لم تطلب ملابس جديده لها حتى لا تثقل عليه فكافاها الله فى لحظتها ..
عمر: بس اسراء كده تعبت نفسها اوي والله ..
ام سارة: هي بتقول من بعد خيرك يا عمر، وهي ما تنساش وقفتك انت وسارة معاها و مشاوير الجهاز اللي تعبت قلبكو فيها ..
عمر: ربنا يكرمها و تترد لها في الفرح دايما يا رب ..
ام عمر: مانا برضه كنت باكلم اختك النهاردة في البحرين وقالت لي انها حاتجيب حاجات لمريم وهي جاية ..
تمتمت سارة: رجعت ريمة لعادتها القديمة ..
سارة: ربنا يخليهم لنا كلهم يا ماما ويقدرنا على رد جمايلهم دي ..
هنا دخل عليهم يحيى مقتحماً وهو يصيح: الحئي يا ماما، الحقي مريم ..
..:: الحلقة التاسعة ::..
جرينا كلنا استجابة ليحيى ودخلنا غرفة النوم وحملت سارة مريم التي كانت قد ارجعت بعض اللبن، والظاهر انها كانت على وشك الاختناق به، فقد كانت تكح و شرقانه .. قامت سارة وامها بالتربيت على ظهر البنت والنفخ في راسها وغسلن وجهها حتى ارتاحت وعادت الى حالتها الطبيعية والحمد لله .. ووجدت نفسي احمل يحيى و اقبله و اقول: يا حبيبي يا يحيى، انت شاطر اوي .. انت انقذت اختك ..
يحيى: ماما قالت يحيى ثاطر ياخد باله من اخته عثان كده أعدت ماخد بالي عليها جامد .. وانتو كلكو بله في الصالة طلع من بق النونة لبن وأعدت تكح تكح، بس كحتها زوغيله زيها عشان كده ما حدس سمعها غيلي انا بث ..
احمد: ربنا يخليك يا يحيى انت بطل ..
يحيى: لا انا مث بطل انا باثمهندث زيك انت وبابا يا خلّولي ..
احمد: ايه بقه خلّولي دي هاهاهاها؟
يحيى: بادلعك يا خالو .. مث انت تقولي يويو ثاعات كده.؟
قالت سارة:
كاد قلبي ينخلع عندما وجدت مريم على هذه الحال، لكن الحمد لله تنفسها انتظم واصبحت افضل .. واخذ عمر يحيى حبيبي ليشترى له بعض الحلوى لكي يكافئه .. وايضاً ليزيل شعوره بالذنب ناحيته .. و الله ياما قلت ادفع بالتي هي احسن حتى مع الاطفال مش بس مع الكبار ..
وبعد قليل لاحظت ماما ان وجه مريم ليس على ما يرام وانه مائل للزرقه قليلا فقالت: ايه رايك يا سارة اخدها انا واحمد وانزل للدكتور سعيد جنبنا هنا ويطمنا عليها؟ دي من ساعة ما خرجت من الحضّانة ما حدش شافها ولازم يتعمل متابعة برضة زي ما كنتي بتعملي مع يحيى ..
سارة: طيب نستنى عمر والبس وأجي معاكم ..
احمد: لا انتي لسة تعبانة وما فكتيش سلك العملية، تنزلي فين؟ كلمي بس عمر قولي له ان البنت خارجة مع خالها عشان ما يصحش برضه تخرج من غير اذن ابوها ..
سارة ضاحكة: بس سوق على مهلك يا خلّولي عشان خاطري ..
احمد: عيب عليكي ده انا عمري حتى ما حكيت العربية ..
وكلمت سارة زوجها فعلا ونصحها ان ترسل معهم ملف مريم الذي كان معها في المستشفى ..
قالت سارة:
تاخرت ماما واحمد حوالي ساعة عند الطبيب وعند عودتهما لاحظت انهما لم يكونا على ما يرام رغم ان احمد استمر يضحك معي و يلاعب يحيى، كما طمأنتنى ماما ان الطبيب وجدها بخير والحمد لله واعطاها دواء للمغص عند اللزوم فقط .. ثم فوجئت بماما تطلب بابا و تطلب منه ان يحضر حقيبة ملابس صغيرة لها حينما يقدم لزيارتي لانها تريد ان تمكث معي ..
سارة: ليه يا ماما انامش عايزة اعطلك، وانا عارفه ان احمد عنده امتحانات و محتاجلك ..
الام: لا ماهو قاللي انه حايذاكر مع صحابة و حيسهر، يعني انا زى قلـّتي في البيت .. لكن انت لسة حركتك بطيئة ومحتاجالي ..
قالت سارة:
كان ميعاد فك السلك في اليوم التالي و حضرت الطبيبة بنفسها لفكه في المنزل .. وقضيت ساعات الصباح و انا مرعوبة وخايفة موت من فك السلك .. انا اصلا خايفه عشان في سلك .. حاسة اني فرخة كدة وحاشينها ومخيطينها، ايه ده؟
اول مره في حياتي اعمل عملية ويكون فيها خياطة .. و كل ما ابص على شكل السلك ده ادوخ لوحدى، رغم انه عليه بلاستر من بره و مش باين .. يا رب فك السلك يكون سهل يا رب ..
قال عمر:
غبت عن شغلي النهاردة عشان فك السلك اللي سارة عاملاله قضية، كلنا قلنالها انه مش مؤلم لكن هيه خايفة موت وحاسة انها والعياذ بالله ممكن تفقد حياتها اثناء العملية الانتحارية بتاعت فك السلك ده ..
وجاءت اللحظة الحاسمة وحضرت الطبيبة وسالتها سارة عن امكانية تخديرها فضحكت بشدة .. واغمضت سارة عيناها بشدة وكزت على اسنانها وامسكت بيدي من جهة و يد امها من جهة اخرى .. وقامت الطبيبة بتعقيم مكان الجرح وسارة لا تزال على وضعها ثم ..
"خلاص يا سارة .."
سارة (وهي لا تزال تكز على اسنانها تغمض عيناها): خلاص طهرتي الجرح؟
الطبيبة: لا يا حبيبتي، خلاص فكيت السلك ..
سارة و قد فتحت عيناها مشدوهة: والنبي صحيح؟!! ده حضرتك ايدك خفيفة اوي ..
_____________________
تنويه : لم أشأ أن أغيـّر نصّ القصـّة كما كتبتها كاتبتها، ولكن وجب التنويه إلى أنـّه لا ينبغي ولايجوز بتاتاً الحلف بغير الله تعالى أو كلماته .. لا بالنبي صلى الله عليه وسلـّم ولا بالأمانة أو غيرها .. فكان الواجب أن يكون النصّ مثلاً "بالله عليكِ صحيح؟" .. وقد حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلـّم من الحلف بغير الله تعالى فقال: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" .. نسأل الله السلامة .. وللعلم فإنّ مثل هذا الحلف قد تكرر في موضع آخر ولكن بصيغة أخرى، فيرجى التنبـّه
¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯
قالت سارة:
ضحكت الطبيبة واتكسفت من نفسي كسفة بعد ان لميت العيله كلها وطلع الموضوع سهل والحمد لله ..
في الايام التالية ورغم تحسن صحتي وقدرتي على الحركة ظلت امي معنا، وتحملت مناغشات حماتي، مع ان لكلّ منها غرفة الان، حيث نزلت ماما على غرفة يحيى وحماتي في مقرها المفضل كما هي ..
ولاحظت انه كلما بكت مريم جاءت ماما مسرعة وحملتها و هدهدتها، رغم انها كانت ايام يحيى تامرني بعدم حمله كثيرا عشان ما ياخدش على الشيل .. ايضا هي حريصة جدا على مواعيد رضاعتها وعلى طعامي انا شخصيا .. وطول النهار تعمل لي مغات وحلبه عشان اللبن يزيد .. لا فيه حاجة غير طبيعية، صحيح البنت الحمد لله كويسه، لكن انا مش مطمئنة ..
حضر احمد مساءاً بعد ان انهى امتحانه واحضر هدية لمريم ولي .. كانت عبارة عن جهاز اتصال يوضع في حجرة مريم ومعه سماعة لاسلكية تكون معي في المنزل بحيث كلما بكت اسمعها واذهب اليها .. كانت هدية رائعة بحق ..
سارة: شكرا يا احمد يا حبيبي ربنا يخليك لي .. بس دي غالية وانا كده كلفتك كتير ..
احمد: يا ستي اصل انا ابويا راجل مرتاح يعني الحمد لله هاها ..
سارة: انا في حاجة عايزة اسالك عنها وانت عمرك ما كذبت عليّ يا احمد ..
احمد وقد بدا يضطرب: عينينا دا انت تؤمر يا جميل .. هي ماما فين بالحق؟
سارة وهي تحاول ان تجعله يعترف: ماما نايمة شوية، وما تحاولش تهرب من كلامي و بص في عينيّ .. انا حاسة ان فى حاجة مش طبيعية وماما كده لمحت لي ان الدكتور قالكم حاجة بس انا مش فاهمه منها .. ممكن تفهمني؟
احمد: افهـّمك ايه بس؟ البنت مالها ماشاء الله زي الفل .. بس ماما مهتمة بيها عشان كانت مولودة صغيرة شوية .. بس ادي الحكاي .. كمان الدكتور قال ما حدش ينرفز مريم عشان صغيرة وبنت سبعة ونص وممكن تكون عصبية ..
سارة: انت مش اخويا يا احمد انت ابني و انا مربياك مع ماما .. ومهما حاولت مش حاتداري عليّ .. واسهل حاجة اني اخدها اوديها تاني للدكتور او حتى لدكتور تاني عشان اطمئن .. لكن انا عايزاك انت تقولي الحقيقة .. كمان انت عارف اني ست مؤمنة و حاتقبل قضاء الله مهما كان .. عشان نعم ربنا عليّ كتيرة وما أقدرش اصلا اعدها .. فلو حتى ابتلاني بمرض او حاجة في جسمي او في جسم اولادي حارضى وحاصبر ..
عند هذه النقطه بدات دموع سارة في النزول رغما عنها .. وهنا قال احمد وقد ظهر عليه التاثر الشديد: ما تعيطيش يا سارة ارجوكي .. انا حاقولك على كل حاجة ..
تــــــــــــابعوني >>>
Dr.M.Hegazy