الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله
بسم الله الرحمٰن الرحيم، وبعد..
فلا أقول ابتداءًا إلا: حسبنا الله ونعم الوكيل.
ثم.. الكلام في موضوع النقاب يطول ، وهو خلاف معتبر جدًا ، بل من أقوى المسائل الخلافية ، لكن مع فارق: فالخلاف بين العلماء في كونه فريضة أو أنه مستحب فقط.
لكن.. قال فضيلة الإمام .. شيخ الأزهر – هدانا الله وإياه – للطالبة أن النقاب عادة وليس عبادة !!
وسأرد عليه بكلامه هو نفسه في تفسيره " التفسير الوسيط " ، وأترك لكم التعليق:
قال: [[ ثم أمر الله - تعالى - رسولهأن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين عامة ، بالاحتشام والتستر فى ملابسهن ، فقال - تعالى - { ياأيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ } .
قال الآلوسى: روى عن غير واحد أنه كانت الحرة والأمة ، تخرجان ليلا لقضاء الحاجة فى الغيطان وبين النخيل ، من غير تمييز بين الحرائر والإِماء ، وكان فى المدينة فساق يتعرضون للإِماء ، وربما تعرضوا للحرائر ، فإذا قيل لهم قالوا: حسبناهن إماء ، فأمرت الحرائر أن يخالفن الإِماء فى الزى والتستر فلا يطمع فيهن . .
وقوله: { يُدْنِينَ } من الإِدناه بمعنى التقريب ، ولتضمنه معنى السدل والإِرخاء عُدِّىَ بعلى . وهو جواب الأمر ، كما فى قوله - تعالى - : { قُل لِّعِبَادِيَ الذين آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصلاة .... } .
والجلابيب : جمع جلباب ، وهو ثوب يستر جميع البدن ، تلبسه المرأة ، فوق ثيابها .
والمعنى: يأيها النبى قل لأزواجك اللائى فى عصمتك ، وقل لبناتك اللائى هن من نسلك ، وقل لنساء المؤمنين كافة ، قل لهن : إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن ، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن ، حتى يسترن أجسامهن سترا تاما ، من رءوسهن إلى أقدامهن ، زيادة فى التستر والاحتشام ، وبعدا عن مكان التهمة والريبة .
قالت أم سلمة - رضى الله عنها - : لما نزلت هذه الآية ، خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها .
وقوله : { ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ } بيان للحكمة من الأمر بالتستر والاحتشام .
أى : لك التستر والاحتشام والإِدناء عليهن من جلابيبهن يجعلهن أدنى وأقرب إلى أن يعرفن ويميزن عن غيرهن من الإِماء ، فلا يؤذين من جهة من فى قلوبهم مرض .
قال بعض العلماء: وقد يقال إن تأويل الآية على هذا الوجه ، وقصرها على الحرائر ، قد يفهم منه أن الشارع قد أهمل أمر الإِماء ، ولم يبال بما ينالهن من الإِيذاء من ضعف إيمانهم ، مع أن فى ذلك من الفتنة ما فيه ، فهلا كان التصون والتستر عاما فى جميع النساء؟
والجواب: أن الإِماء بطبيعة عملهن يكثر خروهجن وترددهن فى الأسواق ، فإذا كلفن أن يتقنعن ويلبسن الجلباب السابغ كلما خرجن ، كان فى ذلك حرج ومشقة عليهن ، وليس كذلك الحرائر فإنهن مأمورات بعدم الخروج من البيوت إلا لضرورة ومع ذلك فإن القرآن الكريم قد نهى عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات جميعا - سواء الحرائر والإِماء ، وتوعد المؤذين بالعذاب المهين .
والشارع - أيضا - لم يخطر على الإِمام التستر والتقنع ، ولكنه لم يكلفهن بذلك فدعا للحرج والعسر ، فللأمة أن تلبس الجلباب السابغ متى تيسر لها ذلك . .
هذا ، ويرى الإِمام أبو حيان أن الأرجح أن المراد بنساء المؤمنين ، ما يشمل الحرائر والإِماء وأن الأمر بالتستر يشمل الجميع ، وأن الحكمة من وراء هذا الأمر باسدال الجلابيب عليهن ، درء التعرض لهن بسوء من ضعاف الايمان .
فقد قال - رحمه الله - : والظاهر أن قوله : { وَنِسَآءِ المؤمنين } يشمل الحرائر والإِماء ، والفتنة بالإِماء أكثر لكثرة تصرفهن ، بخلاف الحرائر ، فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح . . { ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ } لتسترهن بالعفة فلا يتعرض لهن ، ولا يليقين بما يكرهن ، لأن المرأة إذا كانت فى غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها بخلاف المتبرجة فإنها مطموع فيها .
ويبدو لنا أن هذا الرأى الذى اتجه أبو حيان - رحمه الله - أولى بالقبول من غيره ، لتمشية مع شريعة الإِسلام التى تدعو جميع النساء إلى التستر والعفاف. ]]
انتهى كلامه في تفسيره لآية الحجاب من سورة الأحزاب ، والتفسير موجود ، فليراجعه من أراد التحقق من كلامي !!
** أما هل النقاب من الإسلام أم لا ؟؟فلن أطيل النفس في هذه المسألة ، لكن سأكتفي بدليلين فقط على أن النقاب ليس من أمور العادات ، بل هو من الشرع:
الأول: وهو حديث أمنا عائشة رضي الله عنها في حديث قصة الإفك ، قالت: ( .. فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ، وكان صفوانبن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش ، فأدلج فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم ، فأتاني فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب. فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت ( وفي رواية : فسترت ) وجهي عنه بجلبابي...) الحديث. [صحيح].
والثاني:قالت عائشة رضي الله عنها: "رحم الله نساء الأنصار، لما نزلت "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين" الآية ، شققن مروطهن فاعتجرن بها ، فصلين خلف رسول اللهكأنما على رؤوسهن الغربان".
وفي رواية لها عند البخاري: "شققن مروطهن فاختمرن بها".
قال الحافظ ابن حجر في شرح حديث عائشة السابق في البخاري: "فاختمرن أي غطين وجوههن". الفتح (8/489)
ولن أعلق بكلمة ، فالأمر بيِّن ، والله المستعان.
قال رسول الله: " إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة " !!. رواه البخاري