الحلقة الثالثة من قصة ( الفرحة )
مرت الساعات الباقية سريعا واستسلم محمد للنوم حتى استيقظ على نوبة الصحيان في تمام السادسة صباحا وبدأ يومه بالذهاب مباشرة نحو مكتب قائد القاعد العميد أحمد مصطفى ، وأدى له التحية العسكرية ثم أتبعها قائلا " صباح الخير يا فندم .. أنا جيت لحضرتك عشان نبدأ نشوف إيه اللي هنبدأ بتنفيذه الفترة اللي جاية "
رد العميد أحمد قائلا " صباح الخير يا محمد ... اتفضل اقعد... قولي بس طلباتك كده اللي أنت عايزها نوفرها ليك .. لكن قبل كل ده عايز أتأكد من حاجه منك "
محمد متسائلا : " خير يا فندم ؟؟ "
أحمد " انت طبعا من المفترض انك تشارك في التدريبات الطبيعية الموجودة هنا في القاعدة عشان محدش يحس بحاجه غريبة .. مش كده ؟ "
أجابه محمد باسما بعدما أدرك مايقصده العميد " أكيد يا فندم ... أنا قبل ما أتحول للمخابرات كنت ضابط في البحرية ويمكن إن ده كان السبب الرئيسي في اختياري أنا للمهمة دي ... أنا قررت انى أكون ضابط في الجيش عموما بعد ما تطوعت في لجان المقاومة الشعبية في العدوان الثلاثي في 56 لما كنت لسه في المرحلة الثانوية ... وقررت انى أكون ضابط في البحرية خصوصا بعد ما سمعت قصص وبطولات لضباط البحرية ولما أتأثرت خصوصا بقصة استشهاد الضابط البحري جول جمال لما قرأت أكتر عنه وإتاثرت بقصته ، لكن الوقت كان قصير جدا في البحرية لحد ما اتنقلت للمخابرات "
أحمد مبتسما " عال .. عال ، قولي بقى أنت محتاج إيه نساعدك بيه ؟ "
محمد بعد فترة من ترتيب الأفكار " أرجو إن حضرتك تمدني بالإشارات اللي تم رصدها و اللي كانت بتتوجه من الخاين ومواعيدها وحالة القاعدة في الأوقات دى ، و أرجو كمان يا فندم ملفات المجندين في القاعدة هنا ."
أحمد " مفيش مشكلة .. لكن همتك في انك تقدر توصل له بسرعه .. اتفضل انت خد جولة في القاعدة و أتعرف أكتر على الضباط زمايلك و إفطر و بعدين تعالى هتلاقى كل اللي طلبته ده جاهز إن شاء الله "
محمد مؤديا التحية العسكرية " شكرا جزيلا يا فندم .. هستأذن حضرتك أنا دلوقتى "
رد عليه أحمد التحية العسكرية وسمح له بالذهاب ليبدأ جولته فى القاعدة ، بدأها محمد بالسير على المرسى وأصابه بعض الضيق عندما رأى اللنشات وهى مغطاة بشباك الصيد وذلك ضمن خطة الخداع خوفا من قيام العدو برصدها فتكون لقمة سائغة لقواته الجوية التي أصبحت تسيطر على سماء مصر طولا وعرضا بعد تدمير القوات الجوية على الأرض فى حرب الأيام الستة بعد ضربة جوية مدمرة قامت بها القوات الجوية للعدو ودمرت طائراتنا على الارض فى خطة مطابقة لما قام به العدو في العدوان الثلاثي عند توجيه نفس الضربة ، وتذكر وقتها التصريح الذي قراه في أحد الصحف الأجنبية بعد الحرب مباشرة عندما سئل موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي عن سبب استخدام نفس خطة العدوان في 56 وعدم خوفه من أن يتم إجهاض ضربة الطيران الإسرائيلية من قبل الجيش المصري فقال انه " كان مطمئنا لأنه يعلم أن العرب لا يقرئون ولا يتدبرون ما يحدث من حولهم " .
تنهد محمد في حزن عندما دار في خاطره هذا التفكير وحاول أن يبعد هذا التفكير عن رأسه حتى يستطيع التركيز فى المهمة بعيدا عن اليأس والحزن ، وعندما لمح النقيب أحمد شاكر جالسا مع بعض الضباط يتناولون وجبة الفطور وجدها فرصة للتعرف عليهم فتوجه إليه ليحيه ، وقابله النقيب أحمد مقابلة جيدة جدا و ألح عليه للجلوس لتناول طعام الإفطار معهم وقام بتقديمه إليهم كزميل جديد في القاعدة البحرية .
وفى نفس اللحظة التقطت أجهزة اللاسلكي فى القاعدة إشارة تقول " الحالة مازالت طارئة ، لا تقوموا بشيء الآن " ، ونقلت هذه الإشارة الغريبة كمثيلاتها إلى قائد القاعدة البحرية الذي ظل في انتظار محمد .
في نفس الوقت كان محمد في تجاذب أطراف الحديث مع الضباط الموجودين وكان الحديث ملئ باللوم على القيادة السياسية التي ألقت بالجيش في هذا الفخ حتى تم تدميره ولا تخلو من التساؤل .. من كان السبب فيما أنتهت إليه حرب الأيام الستة ؟ لكنها في نفس الوقت كانت تحمل في طياتها وطنية شديدة خالصة من جميع من شارك في هذا الحوار الذي أضطر محمد لتركه ليلحق بميعاده مع قائد القاعدة فأضطر للاستئذان متعللا بتعبه وأنه يريد الراحة ، وتوجه مباشرة نحو مكتب قائد القاعدة ، وعندما وصل وجده جالسا على مكتبه وأمامه بعض الأوراق التي ينظر إليها ويتأملها بتفكير عميق .
قدم محمد التحية العسكرية للقائد وإستئذنه للدخول فأذن له وطلب منه أن يحمل هذه الأوراق وقال له أنه قد أحضر له كل ما طلبه وانه سيسمح له بالجلوس في المكتب لدراستها وأشار إليه بأن أجهزة اللاسلكي قد التقطت إشارة جديدة ، فتناول محمد الأوراق و جلس على مكتب مجاور لمكتب العميد وبدأ في دراستها ، محاولا العثور على أى طرف لخيط قد يقوده للتعرف على الخائن والقبض عليه ، وعندما بدأ في دراسة الإشارات الغريبة الصادرة من الخائن وجد ضالته فقد لفت نظره شيء قد يكون بداية الطريق العثور على طرف الخيط ....
يتبع ,,,