صفحة 8 من 10 الأولىالأولى ... 678910 الأخيرةالأخيرة
النتائج 71 إلى 80 من 99

الموضوع: صـور من حيـاة الصحـابه ... متجدد إن شاء الله ...

  1. #71
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    عـــدنا
    أسـأل الله تعـالى أن نكـون جميـعاً ممن غفـر الله لهم

    صحـابى
    كان يصاحب الرسول ويلزمه مثل ظله فى النهار

    اما فى الليل فكان يجلـس على بـابه ولا يتحول عنه خـوفاً من أن يحتـاج الرسول شـيئاً بالليل

    ربيـعة بن كعـب _ رضى الله عنه _

    قال ربيعةُ بن كعب: كنتُ فتىَ حديث السنِّ لما أشرَقت نفسي بنورِ الإيمانِ، وامتلأ فؤادي بمعاني الإسلام.

    ولما اكتَحلت عينايَ بمرأَى رسولِ اللهِ أوَّلَ مرة أحببتُه حباً ملَكَ عليّ كل جارحةٍ من جوارحي.
    وأولعتُ به ولعاً صَرفني عن كل ما عداه.

    فقلت في نفسي ذاتَ يوم: ويحكَ يا ربيعةُ، لم لا تجرِّدُ نفسَكَ لخِدمة رسولِ الله ؟!
    اعرض نَفسَكَ عليه...

    فإن رضِيَ بك سَعِدت بقربِه وفزت بحُبه، وحَظيت بخيري الدنيا والآخرة.

    ثم ما لبث أن عرضتُ نفسي على رسولِ اللهِ ، ورجوتُه أن يقبلَني في خدمته.
    فلم يخيِّب رجائي، ورضيَ بي أن أكونَ خادماً له.
    فصِرت منذ ذلك اليوم ألزَمَ للنبي الكريمِ من ظِله.
    أسيرَ معه أينما سار، وأدورُ في فَلَكِه كَيفما دار.
    فما رمى بطرفِهِ مرة نحوي إلا مثُلتُ واقفاً بين يديه.
    وما تَشوَّف لحاجةٍ من حاجاتِه إلا وجَدني مسرعاً في قضائها.
    وكنتُ أخدمُه نهارَه كلَّه، فإذا انقَضى النهارُ وصلى العشاءَ الأخيرةَ وأوى إلى بيته؛ أهِمُّ بالانصراف.
    لكني ما ألبَثُ أن أقول في نفسي: إلى أين تمضي يا ربيعةُ؟!
    فَلعَلَّها تعرضُ لرسول الله حاجةٌ في الليلِ. فأجلِسُ على بابِه ولا أتحولُ عن عتبةِ بيتِهِ.
    وقد كانَ رسولُ الله يقطعُ ليلَه قائماً يُصلي؛ فربَّما سمعته يَقرأُ بفاتحة الكتاب؛ فما يزال يُكررُها هزيعاً ( الشطر من الليل، ثلثه أو نصفه، أو جزء منه ) من الليل، حتى أمَلَّ فأَترُكَه، أو تغلبني عيناي فأنام.
    وربما سمعتُه يقول: ( سَمِعَ الله لِمن حَمِدَه ) فما يزالُ يرددها زمناً أطوَلَ من ترديده لفاتحةِ الكتاب.

    * * * * * *

    - وقد كانَ من عادة رسولِ اللهِ أنه ما صنع له أحدٌ معروفاً إلا أحَبَ أن يجازيَه عليه بما هو أجلُّ مِنه.
    وقد أحب أن يجازيني على خدمتي له، فأقبَلَ عليَّ ذات يوم
    وقال: ( يا ربيعةُ بنُ كعبٍ ).
    فقلت: لبيك يا رسولَ الله وسعديك.
    فقال: ( سلني شيئاً أعطيِه لك ).
    فرويتُ قليلاً ثم قلت: أمهِلني يا رسولَ الله لأنظرَ فيما أطلبُهُ منك، ثم أعلمَك.
    فقال: ( لا بأس عليك ).
    وكنت يومئذ شاباً فقيراً لا أهل لي ولا مال ولا سكن، وإنما كنت أوي إلى صفة المسجد ( مكان في مسجد رسول الله كان يأوي إليه الفقراء الذين لا بيوت لهم وكانوا يدعون أهل الصفة ) مع أمثالي من فقراء المسلمين.
    وكان الناس يدعوننا بضيوف الإسلام.

    فإذا أتى أحد المسلمين بصدقة إلى رسول الله بعث بها كلها إلينا.

    فإذا أهدى له أحدٌ هديةَ أخذ منها شيئاً، وجعل باقيها لنا.

    فحدثتني نفسي أن أطلب من رسول الله شيئاً من خير الدنيا، أغتني به من فقر، وأغدو كالآخرين ذا مالٍ وزوجٍ وولدٍ.
    لكني ما لبِثتُ أن قلت: تباً لك يا ربيعة بنُ كعب، إن الدنيا زائلة فانية، وإنَّ لك فيها رزقاً كفلهُ الله عز وجل، فلا بُدَّ أن يأتيك.

    والرسول في مَنزلةٍ عند ربه لا يُردُّ له معها طلبٌ، فاطلب منه أن يسألَ الله لك من فضلِ الآخرة.
    فطابَتْ نفسي لذلك، واستراحتْ له.

    ثم جئتُ إلى الرسول فقال: ( ما تقولُ يا ربيعة ؟! ).

    فقلت: يا رسول الله أسألكَ أن تدعوَ ليَ الله تعالى أن يَجعلني رفيقاً لك في الجنة.

    فقال: ( مَن أوصاك بذلك؟ ).

    فقلت: لا والله ما أوصاني به أحدٌ، ولكنكَ حين قلت لي: سَلنِي أعطك حدثتني نفسي أن أسألك شيئاً من خيرِ الدنيا.
    ثم ما لبثتُ أن هُديتُ إلى إيثار الباقيةِ على الفانيةِ ( تفضيل الآخرة على الدنيا )، فسألتك أن تدعُو الله لي بأن أكون رفيقك في الجنة.

    فصمت رسول الله طويلاً ثم قال: ( أوَغيرُ ذلك يا ربيعة ؟ )

    فقلت: كلا يا رسول الله فما أعْدِلُ ( ما أساوي ) بما سألتك شيئاً.
    فقال: ( إذن أعنَّي على نفسك بكثرةِ السجود ).
    فجعلت أدأبُ في العبادة لأحظى بمرافقةِ رسول الله في الجنة كما حظيتُ بخدمته وصُحبته في الدنيا.
    * * * * * *
    - ثم إنه لم يمضِ على ذلك وقتٌ طويلٌ حتى ناداني رسول الله صلى الله عليه
    وقال: ( ألا تتزوَّجُ يا ربيعة؟! ).
    فقلت: ما أحبُّ أن يَشغلني شيءٌ عن خدمتِك يا رسول الله.
    ثم إنه ليسَ عندي ما أمهرُ به الزوجة ( أعطيه مهراً للزوجة )، ولا ما أقيمُ حياتها به، فسكتَ.

    ثم رآني ثانية وقال: ( ألا تتزوَّجُ يا ربيعة؟! ).
    فأجبته بمثلِ ما قلتُ له في المرَّة السابقة.

    لكني ما إن خَلوت إلى نفسي حتى ندمتُ على ما كان مني، وقلت: وَيحكَ يا ربيعة...
    والله إن النبيَّ لأعلمُ منك بما يصلحُ لك في دينك ودنياك، وأعرفُ منك بما عِندك.
    والله لئِنْ دعاني رسول الله بعدَ هذه المرة إلى الزواجِ لأجيبنّه.
    * * * * * *
    - لم يمض على ذلك طويلُ وقتٍ حتى قال لي رسول الله: ( ألا تتزوجُ يا ربيعة ؟! ).
    فقلت: بَلى يا رسول الله...
    ولكنْ من يُزوجُني، وأنا كما تعلم؟!

    فقال: ( انطلق إلى آل فلانٍ "كناية عن شخص معين" وقل لهم: إنَّ رسول الله يأمرُكم أن تزوجوني فتاتكم فلانَة ).
    فأتيتهم على استحياءٍ وقلتُ لهم: إن رسول الله أرسلني إليكم لتزوجوني فتاتكم فلانَة.

    فقالوا: فلانة؟!

    فقالوا: نعم.

    فقالوا: مرحباً برسول الله، ومرحباً برسول رسولِ الله.
    والله لا يرجعُ رسولُ رسولِ الله إلا بحاجته...
    وعقدوا لي عليها...

    فأتيتُ النبي صلوات الله وسلامه عليه وقلت: يا رسول الله، لقد جِئتُ من عند خير بيتٍ... صَدَّقوني، ورحبوا بي، وعقدوا لي على ابنتهم.
    فمن أين آتيهم بالمَهر؟!

    فاستدعى الرسول بُريدة بن الخصيبِ ( وكان سيداً من ساداتِ قومي بني أسلمَ ) وقال له: ( يا بُريدة، اِجمع لربيعة وزن نواةٍ ذهباً )، فجمعوها لي.

    فقال لي الرسول : ( اذهبْ بهذا إليهم، وقل لهم: هذا صداقُ ابنتكم )، فأتيتهُمْ، ودفعته إليهم فقبلوه، ورضُوه، وقالوا: كثيرٌ طيبٌ...

    فأتيتُ رسول الله وقلت: ما رأيتُ قوماً قط أكرمَ منهم؛ فلقد رضوا ما أعطيتهم ( على قِلتِه ) وقالوا: كثيرٌ طيبٌ.

    فمن أين لي ما أولِمُ به ( أنفق منه على وليمة العرس ) يا رسول الله ؟!

    فقال الرسول لبُريدة: ( اجمعوا لربيعة ثمَن كبشٍ )، فابتاعوا لي كبشاً عظيماً سميناً.

    فقال لي الرسول : ( اذهبْ إلى عائشة، وقل لها أن تدفعَ لك ما عندها من الشعير )،

    فأتيتها فقالت: إليك المكِتل ( زنبيل من خوصٍ ) ففيه سبعُ آصُعِ ( جمع صاعٍ ) شعيرٍ، لا والله ما عندنا طعامٌ غيرُه.

    فانطلقتُ بالكبشِ والشعير إلى أهل زوجَتي فقالوا: أما الشعيرُ فنحنُ نعدّه.
    وأما الكبشُ فمُر أصحابك أن يُعدوه لك.

    فأخذتُ الكبش ( أنا وناسٌ من أسلمَ ) فذبَحناه وسَلخناه وطبخناه فأصبح عندنا خبزٌ ولحمٌ.
    فأولمتُ ودعوتُ رسول الله ، فأجابَ دعوتي.
    * * * * * *
    - ثم إنَّ رسول الله منحني أرضاً إلى جانبِ أرضٍ لأبي بكر، فدخلت عليَّ الدنيا، حتى إني اختلفتُ مع أبي بكر على نخلةٍ
    فقلت: هي في أرضي.
    فقال: بل هي في أرضي.
    فنازعتهُ، فأسمعني كلمةً كرِهتها.
    فلما بَدرَت منه الكلمة ندِمَ عليها وقال: يا ربيعة رُدَّ عليَّ مثلها حتى يكون قِصاصاً ( عقوبة لي ).
    فقلت: لا والله لا أفعَلُ.
    فقال: إذن آتي رسول الله وأشكو إليه امتِناعكَ عن الاقِتصاصِ مني...
    وانطلق إلى النبيِّ فمَضيتُ في آثرِه ( تبعته ).
    فتبعني قومي بنو أسلم وقالوا: هو الذي بدَأ بِكَ فشتمك، ثم يسبقكُ إلى رسول الله فيشكوك؟!!.
    فالتفتّ إليهم وقلت: وَيحكمْ أتدرون من هذا؟!

    هذا الصديق... وذو شيبِة المسلمين ( صاحب شيبة المسلمين وشيخهم ) ارجِعوا قبل أن يلتفتَ فيراكم، فيظنَّ أنكم إنما جئتم لتعينوني عليه فيغضب، فيأتي رسولَ الله فيغضب النبيُّ لغضبه، فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة؛ فرَجَعوا.

    ثم أتى أبو بكرٍ النبي ، وحدّثه الحديث كما كان، فرَفع الرسول رأسه إليَّ وقال: ( يا ربيعة مالك وللصديق؟! ).
    فقلت: يا رسول الله أرادَ مني أن أقولَ له كما قال لي فلم أفعل.
    فقال: ( نعم لا تقل له كما قال لك. ولكن قل: غفرَ الله لأبي بكر ).
    فقلت له: غفرَ الله لك يا أبا بكر.
    فمضى وعيناه تفيضانِ من الدمع، وهو يقول: جَزاك الله عني خيراً يا ربيعة بن كعب... جزاك الله عني خيراً يا ربيعة بن كعب..

    المره الجـاية إن شـاء الله
    هيكـون ...
    صحـابى قال عنه المؤرخون : قـتل خيـر الناس بعد محمدٍ وقتل شـر النـاس أيضـاً


    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    اللهم أشفِ مرضى المسلمين
    اللهم أرحم جميع موتى المسلمين وارحمنا اذا صرنا الى ما صاروا اليه




  2. #72
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    صحـابى قال عنه المؤرخون : قـتل خيـر الناس بعد محمدٍ وقتل شـر النـاس أيضـاً

    وحشـى بن حـرب _ رضى الله عنه _

    من هذا الذي أدمَى فؤادَ رسولِ الله ، حينَ قتل عمَّه حمزة بن عبد المطلبِ يومَ أحدٍ ؟!

    ثم شَفَى قلوبَ المسلمين حتى قتلَ مُسيلمةَ الكذَّابَ يوم اليمامَةِ؟..
    إنهَّ وحشيُّ بن حربٍ الحبشيُّ، المُكنّى بأبي دسمةَ...
    وإنَّ له قِصةً عنيفةً حزينةً داميةً...
    فأعِرهُ سمعكَ لِيرويَ لَكَ مأساتَه بنفسه:

    - قال وحشي: كنتُ غلاماً رقيقاً لجُبير بن مُطعمٍ أحدِ سادة قريشٍ.
    وكان عمُّه طعيمة، قد قتل يومَ بدرٍ على يد حمزةَ بن عبد المُطلب؛ فحزنَ عليه أشدَّ الحُزن، وأقسمَ بالّات والعُزى ( صنمان كبيران من أصنام العرب في الجاهلية ) ليثأرنَّ لِعمه، وليقتلنّ قاتله...
    وجعلَ يتربصُ بحمزَةَ الفرص.

    * * * * * *
    - لم يمضِ على ذلك طويلُ وقتٍ حتى عَقدتْ قريشٌ العزمَ على الخروجِ إلى أحُدٍ للقضاء على محمد بن عبد الله، والثأرِ لِقتلاها في بدرٍ... فكتب كتائبها ( نظمت كتائبها وأعدتها والكتيبة: القطعة من الجيش )، وجمعتْ أحلافها، وأعدَّت عُدتها، ثم أسلمت قيادها إلى أبي سُفيان بن حربٍ.

    فرأى أبو سفيان أن يجعل مع الجيشِ طائفة من عقيلاتِ ( سيدات ) قريشٍ ممن قتل آباؤهنّ أو أبناؤهنّ أو إخواتهنَّ أو أحدٌ من ذويهنَّ في بدر، ليُحمسن الجيش على القتالِ، ويحُلن دون الرجالِ ودون الفرارِ؛ فكان في طليعةِ من خرجَ معه من النساءِ زوجهُ هندُ بنت عتبة...

    وكان أبوها وعمُّها وأخوها قد قتلوا جميعاً في بدر...

    ولما أوشكَ الجيشُ على الرحيل، التفت إلى جُبير بن مطعمٍ وقال: هل لكَ يا أبا دَسمة في أن تنقذ نفسك من الرِّقّ؟

    قلت: ومن لي بذلك؟!

    قال: أنا لك به.

    قلت: وكيف؟!

    قال: إن قتلتَ حمزة بن عبدِ المُطلب عمَّ محمدٍ بعمي طعيمة بنِ عديّ فأنت عتيق ( أنت حر ).

    قلت: ومن يَضمنُ لي الوفاءَ بذلك؟

    قلت: من تشاءُ، ولأشهدنَّ على ذلك الناس جميعاً.

    قلت: أفعل، وأنا لها....

    قال وحشي: وكنتُ رجلاً حبشياً أقذفُ بالحربةِ قذفَ الحبشة فلا أخطىءُ شيئاً أرميه بها.

    فأخذتُ حربتي ومضيتُ مع الجيش، وجعلتُ أمشي في مُؤخرته قريباً من النساء؛ فما كان لي أربٌ ( غاية ورغبة ) بقتال...
    وكنت كلما مررتُ بِهند زوج أبي سُفيان أو مرَّت بي ورأت الحَربة تلتمعُ في يدي تحت وهجِ الشمس تقول: أبا دَسمَة... اشفِ واستشفِ ( أي اشف غيظ قلوبنا من محمد وابن أخيه )...

    فلما بلغنا أحداً، والتقى الجمعانِ؛ خرجتُ ألتمسُ حمزة بنَ عبد المطلب ( أبحث عنه وأطلبه ) وقد كنت أعرفه من قبل، ولم يكن حمزة يخفى على أحدٍ، لأنهُ كان يضعُ على رأسه ريشة نعامةٍ ليدُلَّ الأقران ( جمع قرن بكسر القاف: وقرن الرجل البطل المماثل له ) عليه كما كان يفعلُ ذوو البأس من شجعان العرب.

    وما هو إلا قليلٌ حتى رأيتُ حمزة يهدرُ بين الجموع كالجمل الأورق ( الجمل الذي لونه كلون الرماد وهو من أقوى الجمال )، وهو يهدّ الناس بسيفه هدَّا ( يقطع الناس قطعاً ) فما يصمدُ أمامه أحدٌ ولا يثبتُ له شيء...

    وفيما كنت أتهيأ له، وأستترُ منه بشجرةٍ أو حجرٍ مُتربصاً أن يدنو مني، إذ تقدمني إليه فارسٌ من قريشٍ يُدعى سِباع بن عبد العُزى وهو يقول: بارزني يا حمزة... بارزني...

    فبرز له حمزة وهو يقول: هَلمَّ إلي ( أقبل علي وتعال إلي ) يا بن المُشركة...
    هلمَّ إلي..

    ثم ما أسرعَ أن بادره بضربةٍ من سيفه، فخرَّ صريعاً يتخبط بدمائه بين يديه....
    عند ذلك وقفتُ من حمزة موقفاً أرضاه، وجعلتُ أهزُ حربتي حتى إذا اطمأننتُ إليها، ودفعتُ بها نحوه، فوقعت في أسفلِ بطنه، وخرجَت من بين رجليهِ.
    فخطا مُتثاقلاً نحوي خطوتين، ثم ما لبِث أن سَقط، والحربة في جسده.
    فتركتُها فيه حتى أيقنتُ أنهُ مات، ثم أتيته وانتزعتُها منه ورجعتُ إلى الخيام، وقعدت فيها؛ إذ لم تكن لي حاجة بغيره، وإنما قتلته لأعتق...
    * * * * * *
    - ثم حَمي وطيسُ المعركةِ وكثر فيها الكرّ والفرّ غير أن الدائرة ما لبثت أن دارتْ على أصحاب محمدٍ، وكثر فيهم القتلُ.

    عندَ ذلك غدتْ هندُ بنت عتبة على قتلى المسلمين ومن ورائها طائفة من النساء، فجعلت تمثلُ بهم: فتبقرُ بطونهم ، وتفقأ عيونهم، وتجدعُ أنوفهم ، وتصلمُ آذانهم ...
    ثم صنعتْ من الآناف ( الأنوف ) والآذانِ قلادةً ( طوقا )، وأقراطاً ( القرط هو الحلق ) فتحَلت بها، ودفعتْ قلادتها وقرطيها وقرطيها الذهبيين إليَّ وقالت: هما لك يا أبا دَسمة... هما لك...
    احتفظ بهما فإنهما ثمينان.

    ولما وضعت أحدٌ أوزارها ( توقفت وهدأت )، عُدتُ مع الجيش إلى مكة فبرَّ لي جُبير بن مُطعمٍ بما وعدني به وأعتق رقبتي، فغدوتُ حُراً...
    * * * * * *
    - لكنّ أمر محمدٍ جعلَ ينمو يوماً بعد يومٍ وأخذ المسلمون يزدادون ساعةً بعد ساعةٍ، فكنت كلما عظم أمرُ محمدٍ عَظم عليَّ الكربُ وتمكن الجزع والخوفُ من نفسي.
    وما زلتُ على حالي هذه، حتى دخلَ محمدٌ مكة بجيشه الجرار فاتحاً.
    عند ذلك وليتُ هارباً إلى الطائفِ ألتمسُ فيها الأمن.

    لكن أهلَ الطائفِ ما لبثوا كثيراً حتى لانوا للإسلام، وأعدّوا وفداً منهم للقاء محمدٍ وإعلان دخولهم في دينه.
    عند ذلك سُقط في يدي ، وضاقت عليَّ الأرضُ بما رحُبت وأعيتني المذاهبُ، فقلت: ألحقُ بالشام، أو باليمن، أو ببعضِ البلاد الأخرى.

    فو الله إني لفي غمرةِ همِّي هذه إذ رقّ لي رجلٌ ناصحٌ وقال: ويحكَ يا وحشيُ، إن محمداً والله ما يقتلُ أحداً من الناس إذا دخل في دينه، وتشهّد بشهادة الحقَّ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

    فما إن سمعتُ مَقالته حتى خرجتُ ميمماً وجهي شطر ( مولياً وجهي ناحية المدينة ) يثربَ أبتغي محمداً، فلما بلغتها تحسستُ أمره فعرفتُ أنهُ في المسجد فدخلتُ عليه في خِفةٍ وحذرٍ ومضيتُ نحوه حتى صرتُ واقفاً فوق رأسه وقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله.
    فلما سمعَ الشهادتين رفع بصره إليَّ، فلما عرفني ردَّ بصره عني وقال: ( أوحشيٌ أنت؟!! ).
    قلت: نعم يا رسول الله.
    فقال: ( اقعُد وحدثني كيف قتلتَ حمزة ).
    فقعدت فحدثته خبره، فلما فرغتُ من حديثي، أشاحَ عني ( أعرض عني وأما وجهه ) بوجهِه وقال: ( ويحَك يا وحشيُ، غيِّب وجهك عني فلا أرينك بعدَ اليوم.. ).
    فكنت مُنذ ذلك اليومِ أتجنبُ أن يقع بصرُ النبي الكريم عليَّ؛ فإذا جلس الصحابة قبالته أمامه أخذتُ مكاني خلفه.
    وبقيت على ذلك حتى قبضَ رسول الله إلى جوار ربه.
    * * * * * *
    - ثم أردفَ ( تابع قوله ) وحشيُ يقول: وعلى الرغم من أني عرفتُ بأن الإسلام يجبُ ماقبله ( يمحو ما قبله من الذنوب )، فقد ظللتُ أستشعرُ فداحة الفعلة التي اجترحتها ( ارتكبتها )، وأستفظغُ الرُّزءَ ( المصيبة التي أصبحت بها الإسلام ) الجليلَ الذي رزأتُ به الإسلام والمسلمين، وطفقتُ أتحين الفرصة التي أكفرُ بها عما سلف مني.
    * * * * * *
    - فلما لحق الرسول عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى، وآلتِ خِلافة المسلمين إلى صاحبه أبي بكرٍ، وارتدت بنو حنيفة أصحابُ مسيلمة الكذاب مع المرتدين، جهز خليفة رسول الله جيشاً لحرب مسيلمة، وإعادة قومه بني حنيفة إلى دين الله.
    فقلت في نفسي: إن هذه والله فرصتك يا وحشي فاغتنمها، ولا تدَعها تفلتُ من يديك.
    ثم خرجت مع جيوشِ المسلمين، وأخذتُ معي حربتي التي قتلتُ بها سيدَ الشهداء حمزة بن عبد المطلب، وآليتُ على نفسي أن أقتل بها مُسيلمة أو أظفر بالشهادة.
    فلما اقتحَمَ المسلمون على مسيلمة وجيشِه حديقة الموتِ ( الحديقة الكبيرة التي لجأ إليها مسيلمة وأتباعها، وسميت بذلك لكثرة من مات فيها من المرتدين )، والتحموا بأعداءِ الله، جعلتُ أترصدُ مسيلمة، فرأيتهُ قائماً والسيفُ في يده، ورأيتُ رجلاً من الأنصارِ يتربصُ به مثلما أتربصُ أنا به: كلانا يريدُ قتله...
    فلما وقفتُ منه موقفاً أرضاه، هززتُ حربتي حتى إذا استقامتْ في يدي دفعتُ بها نحوه، فوقعت فيه...
    وفي نفس اللحظة التي أطلقتُ بها حربتي على مسيلمة كان الأنصاريّ يثبُّ عليه ويكيلُ له ضربة بالسيف...
    فربك يعلم أيّنا قتله.
    فإن كنتُ أنا الذي قتله؛ أكن قد قتلت خير الناس بعد محمد... وقتلت شرَّ الناس أيضاً...

    المره الجايه ان شاء الله

    هيكون ...

    صحابى قالت عنه أم المــؤمنين عـائــشه :

    ثلاثة من الانصار لم يكن احد يسمو عليهم فضلا سعد بن معاذ و أسيد بن الحضير و ****

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    اللهم أشفِ مرضى المسلمين
    اللهم أرحم جميع موتى المسلمين وارحمنا اذا صرنا الى ما صاروا اليه



  3. #73
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    صحابى قالت عنه أم المــؤمنين عـائــشه :

    ثلاثة من الانصار لم يكن احد يسمو عليهم فضلا سعد بن معاذ و أسيد بن الحضير و ****
    عبـاد بن بشــر _ رضى الله عنه _

    عبّاد بنُ بشرٍ اسمٌ وضيءٌ مشرقٌ في تاريخ الدَّعوة المحمديّة....
    إن نشدتهُ بين العُباد وجدته التقيَّ النقيِّ قوام الليلِ بأجزاءِ القرآن.
    وإن طلبته بين الأبطالِ ألفتيه الكميَّ الحميَّ ( الشجاع المحامي ) خوَّاض المعاركِ إعلاءً لكلمة الله...
    وإن بحثتَ عنه بين الولاة رأيته القويَّ المؤتمن على أموال المسلمين...

    - حتى قالت عائشة فيه وفي اثنين آخرين من بني قومِه: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحدٌ يَسمو عليهم فضلاً من بني عبد الأشهلِ: سعدُ بن معاذٍ، وأسيدُ بن الحُضير، وعبّاد بنُ بشر.

    * * * * * *
    - كان عبادُ بن بشرٍ الأشهليّ حين لاحَ في آفاقِ يثربَ أول شعاعٍ من أشعةِ الهداية المحمدية فتىً موفور الشبابِ، غضَّ الإهاب، تعرفُ في وجهه نضرة العَفاف والطهرِ، وتلمحُ في تصرفاته رزانة الكهولِ ؛ على الرغم من أنه لم يكن إذ ذاك جاوز الخامسة والعشرين من عمره السعيد.
    * * * * * *
    - وقد اجتمع إلى الداعيةِ المكيِّ الشابِّ مُصعب بن عُميرٍ فسرعان ما ألفتْ بين

    قلبيهما أواصرُ الإيمان ، ووحدَت بين نفسيهِما كريمُ الشمائلِ ونبيلُ الخصائل.

    وقد استمع إلى مُصعبٍ وهو يرتلُ القرآن بصوته الفضيِّ الدافئ، ونبرته الشجية

    الآسرة فشغفَ بكلام الله حبّاً ، وأفسحَ له في سُويداء فؤاده مكاناً رحباً، وجعلهُ شغلهُ

    الشاغل فكان يُردده في ليلهِ ونهاره، وحله وترحاله، حتى عُرف بين الصحابة بالإمام،
    وصديقِ القرآن.
    * * * * * *
    - وقد كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه يتهجدُ ذات ليلةٍ في بيت عائِشة الملاصِق للمسجدِ، فسمع صوتَ عبّاد بن بشرٍ وهو يقرأ القرآن رطباً ندياً كما نزلَ به جبريلُ على قلبه

    فقال: ( يا عائشة: هذا صوت عباد بن بشرٍ؟! ).
    قالت: نعم يا رسول الله.
    قال: ( اللهُم اغفر له ).
    * * * * * *
    - شهدَ عبادُ بنُ بشرٍ مع الرسولِ صلوات الله عليه مشاهده كلها، وكان له في كل منها موقفٌ يليق بحامل القرآن...

    من ذلك أنّ الرسول صلوات الله وسلامه عليه لما قفلَ عائداً من غزوةِ ذات الرِّقاع نزل بالمسلمين في شعبٍ من الشعاب ليقضوا ليلتهم فيه.

    وكان أحدُ المسلمين قد سبى ( في أثناء الغزوةِ ) امرأةً من نساء المشركين في غيبةٍ من زوجها، فلما حضرَ الزوجُ ولم يجد امرأته أقسمَ باللات والعزّى ليلحَقنّ بمحمدٍ و أصحابه وألا يعود إلا إذا أراقَ منهم دماً.
    * * * * * *
    - ما كاد المسلمون يُنيخونَ رواحلهُم في الشعبِ حتى قال لهم الرسول صلوات الله عليه: ( من يحرُسنا في ليلتنا هذه ؟! )

    فقام إليه عبّادُ بن بشرٍ، وعمارُ بنُ ياسرٍ وقالا: نحن يا رسول الله، وقد كان النبي آخى بينهما حين قدِمَ المهاجرين على المدينة.

    فلما خرجا إلى فمِ الشعب قال عبادُ بن بشرٍ لأخيه عمارِ بن ياسرٍ: أيُّ شطريْ الليل تؤثرُ أن تنامَ فيه: أوًّله أم آخرِه؟
    فقال عمارٌ: بل أنامُ في أوّلِه، واضطجعَ غير بعيدٍ عنه.
    * * * * * *
    - كان الليلُ ساجياً هادئاً وادعاً، وكان النجمُ والشجر والحجر تسبِّحُ بحمدِ ربِّها وتقدِّس له، فتاقت نفسُ عبادِ بن بشرٍ إلى العبادةِ، واشتاق قلبُه إلى القرآن.
    وكان أحلى ما يحلو له القرآنُ إذا رتله مُصلياً فتجمعُ متعة الصلاةِ إلى متعةِ التلاوةِ.

    فتوجَّه إلى القبلةِ ودخلَ في الصلاة وطفِق يقرأ من سورةِ الكهفِ بصوته الشجيِّ النديِّ العذب.

    وفيما هو سابحٌ في هذا النورِ الإلهي الأسنى غارقٌ في لألاء ضيائِه؛ أقبل الرجلُ يحثّ الخطى فلمًّا رأى عباداً من بعيد منتصباً على فم الشعب عرف أنَّ النبي وصحبه بداخله وأنه حارسُ القوم؛ فوَترَ قوسهُ، وتناول سهماً من كنانته ورماه بِه فوضعه فيه.
    فانتزعه عبادٌ من جسده ومضى متدفقاً في تلاوتِه غارقاً في صلاته...

    فرماه الرجل بآخرَ فوضعهُ فيه؛ فانتزعه كما انتزع سابقه، فرماه بثالث، فانتزعه كما انتزع سابِقيه، وزحفَ حتى غدا قريباً من صاحبه وأيقظه قائلاً: انهض فقد أثخنتني الجراحُ ( أضعفتني وأوهنت قوتي ).
    فلما رآهما الرجل ولّى هارباً.
    * * * * * *
    - وحانت التفافةٌ من عمارٍ إلى عبادٍ فرأى الدّماء تنزفُ غزيرةً من جراحِه الثلاثةِ

    وقال له: يا سبحان الله هلاّ أيقظتني عند أولِ سهمٍ رماك به؟!

    فقال عبّاد: كنتُ في سُورةٍ أقرأها فلم أحبّ أن أقطعها حتى أفرغ منها.

    وأيمُ الله لولا خوفي من أن أضيعَ ثغراً أمرني رسول الله بِحفظه لكان قطعُ نفسي أحبّ إلي من قطعها.
    * * * * * *
    - ولما نشبت ( ثارت ) حروبُ الردَّة على عهدِ أبي بكرٍ رضي الله عنه، جهزَ الصديق جيشاً كثيفاً للقضاءِ على فتنةِ مسيلمة الكذابِ، وإخضاعِ المُرتدين الذين ظاهروه، وإعادتهم إلى حظيرِة الإسلام، فكان عبادُ بن بشرٍ في طليعةِ ذلك الجيش.

    وقد رأى عبادٌ خلال المعارك التي لم يحقق المسلمون فيها نصراً يُذكر من تواكل الأنصارِ على المهاجرين، وتواكل المهاجرين على الأنصار ما شحن صدره أسىً وغيظاً، وسَمع من تنابزهم ما حشا سَمعه جمراً وشوكاً، فأيقن أنه لا نجاح للمسلمين في هذه المعاركِ الطاحنة إلا إذا تميزَ كلٌّ من الفريقين عن الأخِر ليتحمًّل مسؤوليته وحدَه... وليُعلم المجاهدون الصَّابرون حقاً.
    * * * * * *
    - وفي الليلةِ التي سبقتْ المعركة الحاسِمَة رأى عبادُ بن بشرٍ فيما يراه النائمُ أن السماء انفرجتْ له، فلمّا دخلَ فيها ضمته إليها وأغلقت عليه بابها...
    فلما أصبحَ حدثَ أبا سعيدٍ الخدريَّ برؤياه، وقال: والله إنها الشهادة يا أبا سعيد.
    * * * * * *
    - فلما طلع النهارُ واستؤنف القتال علا عبادُ بن بشرٍ نشزاً من الأرضِ ( مكاناً مرتفعاً من الأرض ) وجعل يصيح: يا مَعشرَ الأنصار تميَّزوا من الناس... واحطِموا جُفون السيوف ( أغماد السيوف )...
    ولا تتركوا الإسلام يُؤتى من قبلكم ( يصاب من ناحيتكم )...

    وما زال يردِّد ذلك النداءَ حتى اجتمع عليه نحو أربعمائة منهم على رأسِهم ثابتُ بنُ قيسٍ، والبراءُ بن مالكٍ، وأبو دُجانة صاحب سيفِ رسول الله.

    ومضى عبادُ بن بشرٍ بمن معه يشقُّ الصفوفَ بسيفه ويلقى الحُتوف بصدرِه، حتى كسرَت شوكة مسيلمة الكذابِ ومن معه وألجِئوا إلى حديقة الموتِ.

    وهناك عند أسوارِ الحديقة سَقط عبادُ بن بشرٍ شهيدا ً مضرجاً بدمائه...
    وفيه ما فيه من ضرباتِ السيوف وطعناتِ الرماحِ ووقعِ السهام.
    حتى إنهم لم يعرفوه إلا بعلامةٍ كانت في جسده.

    المره الجايه ان شاء الله

    هيكون ...

    صحـابى قال عن الرسـول :
    إن بمكة لأربعة نفـر أربـأ بهم عن الشـرك و أرغب لهم فى الإسـلام
    عتاب بن أسيد، و جبير بن مطعم، و*****، و سهيل بن عمرو

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    اللهم أشفِ مرضى المسلمين
    اللهم أرحم جميع موتى المسلمين وارحمنا اذا صرنا الى ما صاروا اليه





  4. #74

    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    يارب مع رسول الله
    المشاركات
    2,600

    افتراضي

    فقال عبّاد: كنتُ في سُورةٍ أقرأها فلم أحبّ أن أقطعها حتى أفرغ منها.
    يا الله

    ربنا يكرمك يا اميره

    متابعه معاكى يا جميل

    جزاكم الله خيرااا

  5. #75
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة N00R EL _SHAMS مشاهدة المشاركة
    يا الله

    ربنا يكرمك يا اميره

    متابعه معاكى يا جميل

    جزاكم الله خيرااا
    الله يكرمك يا نيـــره

    جــزاكم الله مثــله



    -----
    صحـابى قال عن الرسـول :
    إن بمكة لأربعة نفـر أربـأ بهم عن الشـرك و أرغب لهم فى الإسـلام
    عتاب بن أسيد، و جبير بن مطعم، و*****، و سهيل بن عمرو

    حكــيم بن حـــزام _ رضى الله عنه _

    هل أتاك نبأ هذا الصَّحابيِّ؟!
    لقد سجلَ التاريخ أنه المَولودُ الوحيدُ الذي ولدَ داخل الكعبةِ المُعظمة...

    أما قِصة ولادتِه هذه، فخلاصتها أن أمَّه دخلتْ مع طائفةٍ من أترابها إلى جوفِ الكعبة للتفرُّج عليها...
    وكانت يومئذٍ مفتوحة لمناسبةٍ من المُناسباتِ.

    وكانت والدته آنذاك حاملاً به، ففاجأها المخاضُ ( أتاها الطلق فجأة ) وهي داخلِ الكعبة؛ فلم تستطع مغادرتها...

    فجيءَ لها بنطعٍ ( الجلد ) فوضعتْ مَولودها عليه...
    وكان ذلك المولودُ حكيمُ بن حزامِ بن خويلدٍ...
    وهو ابنُ أخي أمِّ المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلدٍ رضي الله عنها وأرضاها.

    * * * * * *
    - نشأ حكيمُ بنُ حزامٍ في أسرةٍ عريقة النسبِ ، عريضةِ الجاهِ واسعةِ الثراءِ.
    وكان إلى ذلك عاقلاً سرياً فاضلاً؛ فسَوده قومُه ( جعلوا له السيادة عليهم )، وأناطوا به ( أسندوا إليه ) مَنصب الرِّفادة ( أحد مناصب قريش في الجاهلية، ويقوم صاحبه بمعونة المحتاجين والمنقطعين من الحجاج ).

    فكان يُخرجُ من ماله الخاصِّ ما يُرفدُ به المُنقطعين من حُجاجِ بيتِ الله الحرام في الجاهِلية...

    وقد كان حكيمٌ صديقاً حميماً لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه قبل أن يُبعث.

    فهو وإن كان أكبرَ من النبيِّ الكريم بخمسِ سنواتٍ؛ إلا أنه كان يَألفهُ، ويأنسُ به، ويرتاحُ إلى صُحبته ومجالستِه، وكان الرسول يُبادله وداً بودٍّ وصداقة بصداقةٍ.

    ثم جاءت آصرة القربى ( علاقة القربى ) فَوثقتْ ( قوت ومتنت ) ما بينهُما من علاقةٍ، وذلك حين تزوجَ النبي من عمتهِ خديجة بنتِ خويلدٍ رضي الله عنها.
    * * * * * *
    - وقد تَعجبُ بعد كلِّ الذي بسطناه لك من علاقةِ حكيمٍ بالرسول عليه الصلاة والسلام إذا علمت أن حكيماً لم يُسلم إلا يومَ الفتحِ ( يوم فتح مكة ) حيث كان قد مضى على بَعثةِ الرسول صلوات الله وسلامه عليه ما يزيد على عشرين عاماً!!

    فقد كان المظنونُ برجلٍ مثل حكيمِ بن حزامٍ حباه الله ذلك العقلَ الراجح، ويسَّر له تلك القربى القريبة من النبيِّ صلوات الله عليه أن يكون أولَ المؤمنين به، المُصدقين لدعوتهِ، المُهتدين بهديه.
    ولكنها مشيئة الله... وما شاء الله كان...
    * * * * * *
    - وكما نعجبُ نحن من تأخرِ إسلام حكيم بن حزامٍ، فقد كان يعجبُ هو نفسُه من ذلك.
    فهو ما كاد يدخلُ الإسلامَ ويتذوقُ حلاوة الإيمانِ، حتى جعل يعضُّ بنانَ الندمِ على كل لحظةٍ قضاها من عُمره وهو مُشركٌ بالله مُكذبٌ لنبيه.

    فلقد رآه ابنه بعد إسلامه يبكي، فقال: ما يبكيكَ يا أبتاه؟!

    قال: أمورٌ كثيرة كلها أبكاني يا بُنيَّ: أولها بُطءُ إسلامي مما جعلني أسْبقُ إلى مواطن كثيرةٍ صالحةٍ حتى لو أنني أنفقتُ ملء الأرضِ ذهباً لما بلغت شيئاً منها.

    ثم إن الله أنجاني يومَ بدرٍ وأحُدٍ فقلت يومئذٍ في نفسي: لا أنصُرُ بعد ذلك قريشاً على رسول الله ولا أخرُجُ من مكة، فما لبثتُ أن جُررت إلى نصرة قريشٍ جرّا.

    ثم إنني كنت كلما هَممتُ بالإسلام، نظرتُ إلى بقايا من رجالاتِ قريشٍ لهم أسنانٌ ( متقدمون في السن ) وأقدارٌ متمسكين بما هم عليه من أمرِ الجاهلية، فأقتدي بهم وأجاريهم...
    ويا ليت أني لم أفعلْ...
    فما أهلكنا إلا الاقتداءُ بآبائنا وكبرائنا...
    فلم لا أبكي يا بُنيّ؟!!
    * * * * * *
    - وكما عجبنا نحنُ من تأخر إسلام حكيمِ بن حزامٍ، وكما كان يعجب هو نفسهُ أيضاً،

    فإن النبي صلوات الله وسلامه عليه كان يعجبُ من رجلٍ له مثلُ حلمِ ( عقل ) حكيم بن حزام وفهمه، كيف يخفى عليه الإسلام وكان يتمنى له وللنفرِ الذين هم على شاكلته أن يبادروا إلى الدُخول في دين الله.

    ففي الليلة التي سَبقتْ فتحَ مكة قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: ( إن بمكة لأربعة نفرٍ أربأ بهم عن الشركِ "لا أرضاه لهم ولا أجدهم أهلاً له"، وأرغبُ لهم في الإسلام )، قيل: ومن هم يا رسول الله؟!
    قال: ( عتابُ بنُ أسيدٍ، وجُبير بن مطعمٍ، وحكيمُ بن حزامٍ، وسُهيلُ بن عمرٍو ).
    ومن فضل الله عليهم أنهم أسلموا جميعاً...
    * * * * * *
    - وحين دخلَ الرسول صلوات الله وسلامه عليه مكة فاتحاً أبى إلا أن يكرِّم حكيمَ بن حزامٍ

    فأمر مناديه أن ينادي: من شهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله فهو آمنٌ...
    ومن جلسَ عند الكعبةِ فوضعَ سلاحَه فهو آمن...
    ومن أغلق عليه بابه فهو آمن...
    من دخل دارَ أبي سفيان فهو آمن...
    ومن دخلَ دار حكيم بن حزامٍ فهو آمن...
    وكانت دارُ حكيم بن حزام في أسفلِ مكة ودارُ أبي سُفيان في أعلاها.
    * * * * * *
    - أسلم حكيمُ بن حزامٍ إسلاماً ملك عليه لبهُ وآمن إيماناً خالط دمهُ ومازج قلبهُ...
    وآلى على نفسه ( قطع عهداً على نفسه ) أن يكفرَ عن كلِّ موقفٍ وقفه في الجاهليةِ، أو نفقةٍ أنفقها في عداوة الرسولِ بأمثال أمثالها.
    وقد برَّ بقسمه...

    من ذلك أنه آلت إليه ( أصبحت في ملكه ) دارُ الندوةِ وهي دارٌ عريقة ذاتُ تاريخٍ...
    ففيها كانت تعقدُ قريشٌ مؤتمراتها في الجاهلية، وفيها اجتمع سادتهم وكبرائهم ليأتمروا برسول الله .
    فأراد حكيمُ بن حزامٍ أن يتخلصَ منها ( وكأنه كان يُريدُ أن يُسدل ستاراً من النسيانِ على ذلك الماضي البغيض ) فباعها بمائِة ألف درهمٍ،

    فقال له قائلٌ من فتيان قريش: لقد بِعتَ مكرُمة قريشٍ ( يريد الدار التي بقيت من آثار قريش ) يا عمّ.

    فقال له حكيم: هيهاتَ ( لقد بَعُدتَ عن الصواب ) يا بني، ذهبتِ المكارمُ كلها ولم يبق إلا التقوى، وإني ما بعتها إلا لأشتري بثمنها بيتاً في الجنة...
    وإني أشهدُكم أنني جعلتُ ثمنها في سبيلِ الله عز وجل.
    * * * * * *
    - وحجَّ حكيمُ بن حزامٍ بعد إسلامِه، فساق أمامه مائة ناقةٍ مُجللةٍ بالأثوابِ الزاهية ثم نَحَرها جميعا تقرباً إلى الله...

    وفي حجَّةٍ أخرى وقفَ في عرفات، ومعه مائة من عبيده وقد جعلَ في عُنق كلِّ واحدٍ منهم طوقاً من الفضة، نقشَ عليه: عُتقاءُ لله عزّ وجلّ عن حكيم بن حزام.
    ثم أعتقهُم جميعاً...

    وفي حجةٍ ثالثةٍ ساق أمامه ألف شاةٍ وأراق دمها كلها في مِنى، وأطعم بلحومِها فقراءَ المسلمين تقرباً لله عز وجل.
    * * * * * *
    - وبعد غزوةِ حُنين سأل حكيمُ بن حزام رسول الله من الغنائم فأعطاه، ثم سأله فأعطاه، حتى بلغَ ما أخذه مائة بعير ( وكان يومئذٍ حديث إسلامه )

    فقال له الرسول صلوات الله وسلامه عليه: ( يا حكيم: إن هذا المال حُلوة خضِرة " حلو محبب للنفس " فمن أخذه بسخاوة نفسٍ " بقناعة " بُورك له فيه.. ومن أخذه بإشرافِ نفسٍ " بطمع " لم يُبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع. واليدُ العُليا خيرٌ من اليد السفلى ).

    فلما سمعَ حكيمُ بن حزامٍ ذلك من الرسول عليه الصلاة والسلام

    قال: يا رسول الله، والذي بَعثكَ بالحق لا أسألُ أحداً بعدك شيئاً...
    ولا أخذ من أحدٍ شيئاً حتى أفارق الدنيا...
    وبرَّ حكيمٌ بقسمه أصدق البرِّ.

    ففي عهد أبي بكرٍ دعاه الصديق أكثرَ من مرةٍ لأخذ عَطائه ( لأخذ حقه من بيت المال ) من بيتِ مالِ المسلمين فأبى أن يأخذه...

    ولما آلت الخلافة إلى الفاروق دعاه إلى أخذ عطائه فأبى منه شيئاً أيضاً...

    فقام عمرُ في الناس وقال: أشهدُكم يا مَعشرَ المسلمين أني أدعو حكيماً إلى أخذِ عطائه فيأبى.
    وظل حكيمٌ كذلك لم يأخذ من أحدٍ شيئاً حتى فارق الحياة

    رضى الله عنه

    المره الجايه ان شاء الله

    هتـكون ...

    صحـابيه آثرت الله ورسوله على ما سـواهما
    و كرهت ان تعود للكفر كما يكره المرء ان يُقف فى النار

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    اللهم أشفِ مرضى المسلمين
    اللهم أرحم جميع موتى المسلمين وارحمنا اذا صرنا الى ما صاروا اليه





  6. #76
    Pb Elite
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    1,382

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Amira مشاهدة المشاركة


    عـــدنا
    أسـأل الله تعـالى أن نكـون جميـعاً ممن غفـر الله لهم

    عوداً حميــداً أحمداً
    آميـــــــــن يااااارب



    ثم أتى أبو بكرٍ النبي ، وحدّثه الحديث كما كان، فرَفع الرسول رأسه إليَّ وقال: ( يا ربيعة مالك وللصديق؟! ).
    فقلت: يا رسول الله أرادَ مني أن أقولَ له كما قال لي فلم أفعل.
    فقال: ( نعم لا تقل له كما قال لك. ولكن قل: غفرَ الله لأبي بكر ).
    فقلت له: غفرَ الله لك يا أبا بكر.
    فمضى وعيناه تفيضانِ من الدمع، وهو يقول: جَزاك الله عني خيراً يا ربيعة بن كعب... جزاك الله عني خيراً يا ربيعة بن كعب..
    يا حبيبي يا رسول الله....وإنك لعلى خلق عظيـــم



    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    اللهم أشفِ مرضى المسلمين
    اللهم أرحم جميع موتى المسلمين وارحمنا اذا صرنا الى ما صاروا اليه

    اللهم آميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن.....

    جزاكِ الله ألف خيـــر يا أميــ
    ـــرة
    متابعة بإذن ربي
    أعانك الله


  7. #77
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنين الأمس مشاهدة المشاركة
    عوداً حميــداً أحمداً

    آميـــــــــن يااااارب




    يا حبيبي يا رسول الله....وإنك لعلى خلق عظيـــم
    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آاله وصحبه أجمعين


    اللهم آميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن.....

    جزاكِ الله ألف خيـــر يا أميـــــرة
    متابعة بإذن ربي
    أعانك الله
    الله يكــرمك يا حنيــــن
    جـزاكِ الله مثــله وزيــاده

    -----
    صحـابيه آثرت الله ورسوله على ما سـواهما
    و كرهت ان تعود للكفر كما يكره المرء ان يُقف فى النار


    رمـلة بنـت أبـى سفــيان _ رضى الله عنه _

    *ما كان يَخطرُ ببالِ أبي سُفيان بن حربٍ أنَّ في وُسع أحدٍ من قريش ٍأن يخرُج على سلطانِه ( يخالف أمره )، أو يخالفه في أمر ذي بال ( أمر ذو أهمية وشأن ). فهو سيِّدُ مكة المُطاع، وزعيمُها الذي تدينُ له بالولاء .

    لكنَّ ابنته رَملة المكناةَ بأمِّ حبيبة، قد بدَّدت هذا الزعمَ ( أبطلت هذا الزعم ومزقته )، وذلك حين كفرَت بآلهة أبيها، وآمنتْ هي وزوجها عبيدُ الله بن جحشٍ بالله وحده لا شريكَ له، وصدَّقت برِسالة نبيه محمدِ بن عبد الله.

    وقد حاولَ أبو سفيان بكلّ ما أوتي من سَطوةٍ وبأسٍ ، أن يرُدَّ ابنته وزوجها إلى دينهِ ودين آبائه، فلم يُفلح؛ لأنَّ الإيمان الذي رسخَ في قلبِ رَملة كان أعمقَ من أن تقتَلعه أعاصيرُ أبي سفيان، وأثبتَ من أن يُزعزعَه غضبُه.

    * * * * * *
    - ركب أبا سفيانَ الهمُّ بسبب إسلامِ رملة؛ فما كان يعرفُ بأيِّ وجهٍ يقابلُ قريشاً، بعد أن عجزَ عن إخضاعِ ابنته لمشيئتِه، والحيلولةِ دونها ودونَ اتباع محمدٍ.
    * * * * * *
    - ولما وجدتَ قريشٌ أنَّ أبا سفيانَ ساخط على رملة وزوجها اجترأتْ عليهما، وطفقت تضيقُ عليهما الخناق، وجعلت ترهقهُما أشدَّ الإرهاق، حتى باتا لا يُطيقان الحياة في مكة.

    ولما أذنَ الرسولُ صلوات الله وسلامه عليه للمسلمين بالهجرةِ إلى الحبشة، كانت رمَلة بنتُ أبي سفيان وطفلتها الصغيرة حبيبة، وزوجُها عبيد الله ابن جحشٍ، في طليعة المهاجرين إلى الله بدينهم، الفارِّين إلى حِمى النجاشيِّ بإيمانهم.
    * * * * * *
    - لكنّ أبا سفيان بن حربٍ ومن معه من زعماء قريشٍ، عزَّ عليهم أن يفلتَ من أيديهم أولئك النفرُ من المسلمين، وأن يذوقوا طعمَ الراحة في بلاد الحبشة.

    فأرسلوا رُسلهم إلى النجاشيِّ يُحرضونه عليهم ، ويطلبونَ منه أن يُسلمهم إليهم، ويذكرونَ له أنهُم يقولون في المسيح وأمِّه مريم قولاً يسوؤه ( يؤذيه ويحزنه ).

    فبعث النجاشيُّ إلى زعماء المُهاجرين، وسألهم عن حقيقة دينهم وعما يقولونه في عيسى بن مريم وأمِّه، وطلب إليهم أن يُسمعوه شيئاً من القرآن الذي ينزلُ على قلب نبيِّهم.

    فلما أخبروه بحقيقة الإسلامِ، وتلوا عليه بعضاً من آيات القرآن، بكى حتى اخضلتْ لحيته ( تبللت لحيته ) وقال لهم: إن هذا الذي أنزلَ على نبيكمْ محمدٍ، والذي جاء به ابنُ مريم يخرجان من مشكاةٍ ( ما يوضع عليه المصباح ) واحدةٍ ( أي من مصدر نور واحد ).

    ثم آمن بالله وحده لا شريك له، وبنبوَّة محمدٍ صلوات الله وسلامه عليه...
    كما أعلن حِمايته لمن هاجر إلى أرضه من المسلمين على الرغمِ من أنَّ بطارقته ( جمع بطريق وهو القائد ) أبَوا أن يُسلموا، وظلوا على نصرانيتهم.
    * * * * * *
    - حَسبت أمُّ حبيبة بعد ذلك أن الأيامَ صَفتْ لها بعد طولِ عُبُوس، وأنَّ رحلتها الشاقة في طريق الآلام قد أفضَتْ بها ( انتهت بها وأوصلتها ) إلى واحةِ الأمان...
    إذْ لم تكن تعلمُ ما خبأتهُ لها المقادير...
    * * * * * *
    - فلقد شاء الله تباركتْ حِكمتهُ، أن يَمتحن أم حبيبة امتحاناً قاسياً تطيشُ ( تتوه وتضل ) فيه عقولُ الرجال ذوي الأحلامِ ( أصحاب العقول ) وتتضعضعُ أمامه ذوي الأفهامِ.
    وأن يُخرجُها من ذلك الابتلاء الكبيرِ ظافرةً تتربعُ على قمة النجاح...
    * * * * * *
    - ففي ذاتِ ليلةٍ أوتْ أمّ حبيبة إلى مضجعِها، فرَأتْ فيما يراه النائمُ أن زوجها عُبيد الله بن جحشٍ يتخبط في بحرٍ لجيِّ ( بحرٌ ذو لجج متلاطمة ) غشيته ( غطته وأطبقت عليه ) ظلماتٌ بعضُها فوق بعضٍ، وهو بأسوأ حال.

    فهبتْ من نومها مَذعورةً ( نهضت خائفة ) مضطربة....
    ولم تشأ أنْ تذكر له أو لأحدٍ غيره شيئاً مما رأت...

    لكنَّ رؤياها ما لبثت أن تحققت، إذ لم يَنقضِ يومُ تلك الليلة المشؤومة حتى كان عبيدُ الله بن جحشٍ، قد ارتدّ عن دينه وتنصَّرَ...

    ثم أكبَّ على حاناتِ ( دكاكين ) الخمَّارين يعاقر ( يلازمه ويدمن عليها ) أمَّ الخبائثِ ( كناية عن الخمر ودعيت بذلك لأنها أصل كل شر ) فلا يرتوي منها ولا يشبع.
    وقد خيَّرها بين أمرين أحلاهُما مُرٌ: فإما أن تطلقَ... وإما أن تتنصَّر...
    * * * * * *
    - وجدت أمُّ حبيبة نفسها فجأة بين ثلاثٍ:

    >> فإما أن تستجيبَ لزوجها الذي جَعلَ يُلحُّ في دعوتها إلى التنصُّر؛ وبذلك تَرتدُّ عن دينها ( والعياذ بالله ) وتبوءُ بخزي الدنيا ( ترجع بعار الدنيا ) وعذاب الآخرة.
    وهو أمرٌ لا تفعلهُ ولو مُشط لحمُها عن عظمها بأمشاطٍ من حديد....

    >> وإما أنْ تعود إلى بيت أبيها في مكة، وهو ما زال قلعةً للشركِ، فتعيش فيه مقهورةً مغلوبةً على دينها....

    >> وإما تبقى في بلاد الحبشة وحيدةً شريدةً لا أهلَ لها ولا وطن ولا معينَ.
    فآثرت ما فيه رضى الله عزّ وجلَّ على ما سواه...
    وأزمعَتْ على البقاء في الحبشةِ حتى يأتي الله بفرجٍ من عنده.
    * * * * * *
    - لم يَطلِ انتظارُ أم حبيبة كثيراً.

    فلما إن انقضَت عُدتها ( العدة المشروعة التي تقضيها المرأة بعد وفاة زوجها أو طلاقها منه ) من زوجها الذي لم يَعش بعد تنصُّره إلا قليلاً حتى أتاها الفرجُ...

    لقد جاءَها السعدُ يُرفرفُ بأجنحته الزمرُّدية ( نسبة إلى الزمرد، وهو حجر كريم أخضر اللون ) الخضر فوق بيتها المحزونِ على غير ميعاد...

    ففي ذاتِ ضُحىً مُفضضِ السَّنا ( سناه فضي اللون، والسنا: الضوء ) طلق المحيا طرقَ عليها البابُ؛ فلما فتحته فوجئت بأبرَهَة وصيفةِ النجاشيِّ ( خادمته الخاصة ) ملكِ الحبشة.
    فحيتها بأدبٍ وبشرٍ، واستأذنت بالدخولِ عليها وقالت: إن الملكَ يُحييكِ ويقول لك: إن محمداً رسول الله قد خطبك لنفسه...
    وإنّه بعث إليه كتاباً فيه بأن يَعقدَ له عليك.. فوكلي عنكِ من تشائين.
    * * * * * *
    - استطارتْ ( كادت تطير من شدة الفرح ) أمُّ حبيبة فرحاً، وهتفتْ: بشرَكِ الله بالخير... بشرك الله بالخير...
    وطفقتْ تخلعُ ما عليها من الحليِّ، فنزعت سواريها، وأعطتهما لأبرهَة....
    ثم ألحقتهما بخلخالها... ثم أتبَعت ذلك بقرطيها ( الحلق ) وخواتيمها....

    ولو كانت تملكُ كنوز الدنيا كلها لأعطتها لها في تلك اللحظة.
    ثم قالت لها: لقد وكلتُ عني خالدَ بن سعيد بن العاصِ، فهو أقربُ الناس إليِّ.
    * * * * * *
    - وفي قصرِ النجاشيِّ الرابضِ على رابيةٍ شجراء ( رابية ذات شجر ) مُطلةٍ على روضةٍ من رياض الحبشة النضِرة.

    وفي أحدِ أبهائِه ( جمع بهو، وهو القاعة الواسعة ) الفسيحةِ المُزدانة بالنقوشِ الزاهية، المُضاءة بالسُّرج النحاسية الوضَّاءة، المفروشةِ بفاخرِ الرِّياش اجتمع وجوهُ الصحابة المقيمون في الحبشةِ، على رأسهمْ جعفرُ بن أبي طالبٍ، وخالدُ بن سعيد بن العاص، وعبدُ الله بنُ حُذافة السهميُّ، وغيرهم ليشهدوا عَقد أمِّ حبيبة بنتِ أبي سُفيان على رسول الله .

    فلما اكتملَ الجمعُ، تصدَّر النجاشيُّ المجلس وخطبهم فقال:

    أحمدُ الله القدّوس المُؤمن الجبارَ، وأشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً عبدُه ورسوله، وأنه هو الذي بشرَ به عيسى بنُ مريم.
    أما بعد: فإنَّ رسول الله طلبَ مني أن أزوِّجهُ أم حبيبة بنت أبي سُفيان؛ فأجبته إلى ما طلبَ، وأمهرتها نيابة عنه أربعمائَةِ دينارٍ ذهباً... على سُنةِ الله ورسوله...
    ثم سكبَ الدنانير بين يديْ خالدِ بنِ سعيدٍ بن العاص.

    وهنا قام خالدٌ فقال:

    الحمدُ لله وأحمدُه وأستعينه، وأستغفرهُ، وأتوبُ إليه، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بدين الهُدى والحق ليظهرَه على الدينِ كله ولو كرهَ الكافرون.
    أما بعدُ: فقد أجبتُ طلبَ رسول الله ، وزوَّجته مُوكلتي أم حبيبة بنت أبي سفيان.
    فباركَ الله لرسولهِ بزوجته.
    وهنيئاً لأمِّ حبيبة بما كتب الله لها من الخير...
    ثم حملَ المال وهمَّ أن يمضي به إليها، فقام أصحابُه لقيامه وهمُّوا بالانصرافِ أيضاً.
    فقال لهم النجاشي: اجلسُوا فإن سُنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يُطعموا طعاماً.
    ودعا لهم بطعام فأكلَ القومُ ثم انفضُّوا.
    * * * * * *
    - قالت أمُّ حبيبة: فلما وصل المالُ إليَّ أرسلتُ إلى أبرهة التي بشرتني خمسين مِثقالاً ( ما يوزن به الذهب ونحوه ) من الذهبِ

    وقلتُ: إني كنتُ أعطيتك ما أعطيت حينَ بشرتني، ولم يكن عِندي يومئذٍ مالٌ...
    فما هو إلا قليلٌ حتى جاءت أبرهة إليَّ وردَّت الذهب، وأخرجت حُقا ( بضم الحاء وعاء الطبيب ) فيه الحُلي الذي كنت أعطيتها إياه، فردتهُ إليَّ أيضاً وقالت: إن الملك قد عزمَ علي ألا آخذ منك شيئاً.
    وقد أمرَ نساءَه أن يبعثن لك بكلِّ ما عندهنَّ من الطيب.

    فلما كان الغدُ جاءتني بِورسٍ ( نبات أصفر يتخذ منه الزعفران )، وعودٍ و عنبر ( ضرب من الطيب يتبخر به) ، ثم قالت لي: إن لي عندك حاجة...

    فقلت: وما هي؟!

    فقالت: لقد أسلمتُ، واتبعتُ دين محمدٍ فاقرئي على النبيِّ مني السلام وأعلميه أني آمنتُ بالله ورسوله ولا تنسي ذلك.
    ثم جهزتني ( أعدت لي جهازي ).
    * * * * * *
    - ثم إني حُمِلتُ إلى رسول الله .
    فلما لقيته، أخبرته بما كان من أمر الخِطبة، وما فعلته مع أبرَهَة وأقرَأتهُ منها السلامَ.
    فسُرَّ بخبرها وقال: ( وعليها السلامُ ورحمة الله وبركاته ).

    رضى الله عنها وعن أمهــات المؤمنيــن , يــارب اجمعــنا بهم فى جنتـك

    المره الجـايه ان شاء الله

    هيـكون ...

    صحـابى أثنى عليه الرسول وعلى آل بيته فقال :
    بـارك الله عليـكم من أهل بيـتٍ رحمـكم الله من أهل بيـتٍ


    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    اللهم أشفِ مرضى المسلمين
    اللهم أرحم جميع موتى المسلمين وارحمنا اذا صرنا الى ما صاروا اليه



  8. #78
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    صحـابى أثنى عليه الرسول وعلى آل بيته فقال :
    بـارك الله عليـكم من أهل بيـتٍ رحمـكم الله من أهل بيـتٍ

    حبيـب بن زيـد الأنصـارى _ رضى الله عنه _

    في بيتٍ تتضوَّعُ طيوبُ الإيمان ( تنتشر طيوب الإيمان ) في كلّ ركنٍ من أركانِه...
    وتلوح صورُ التضحيةِ والفداء على جبينِ كلِّ ساكنٍ من سكانه...
    نشأ حبيبُ بن زيدٍ الأنصاريّ ودرجَ.

    * * * * * *
    - فأبوه هو زيدُ بن عاصمٍ طليعة المسلمين في يثرب، وأحدُ السبعين الذين شهدوا العقبة ( موضع في منى بايع فيه المسلمون الأولون من الأنصار النبي عليه الصلاة والسلام ) وشدّوا على يدي رسول الله مُبايعين، ومعه زوجته وولداه.

    وأمُّه هي أمُّ عمارة نسيبة المازِنية أولُ امرأةٍ حملت السلاحَ دفاعاً عن دينِ الله، وذياداً عن محمدٍ رسول الله.

    وأخوه هو عبدُ الله بن زيدٍ الذي جعلَ نحره دونَ نحر النبي ( النحر: أعلى الصدر، وجعل نحره دون نحر النبي: أي جعل نفسه فداء له ) وصَدره دون صدرِه يوم أحُدٍ...

    * * * * * *
    - حتى قال فيهم الرسولُ صلوات الله وسلامه عليه: ( باركَ الله عليكم من أهلِ بيتٍ... رحمكمُ الله من أهل بيت ).

    نفذ النورُ الإلهيُّ ( أي الإيمان ) إلى قلب حبيبِ بن زيدٍ وهو غضٌّ طريٌ، فاستقرَّ وتمكن منه.

    وكُتبَ له أن يمضيَ مع أمه وأبيه وخالته وأخيه إلى مَكة ليُسهم مع النفرِ السبعين من الغرِّ ( جمع أغر وهو الكريم الأفعال ) الميامين في صنع تاريخِ الإسلام؛ حيث مدَّ يدهُ الصغيرة وبايعَ رسولَ الله تحت جُنح الظلام بيعة العقبة.

    ومنذ ذلك اليوم غدا رسولُ الله صلوات الله وسلامُه عليه أحبَّ إليه من أمِّه وأبيه....
    وأصبحَ الإسلامُ أغلى عنده من نفسه التي بين جنبيه...

    * * * * * *
    - لم يَشهد حبيبُ بن زيدٍ بدراً، لأنه كان يومئذ صغيراً جداً.

    ولم يُكتب له شرفُ الإسهام في أحدٍ، لأنه كان ما يزالُ دون حملِ السلاح...

    لكنه شهدَ بعد ذلك المشاهدَ كلها مع رسول الله، فكان له في كل منها راية عزّ... وصحيفة مجد... وموقفُ فداء...

    غير أنَّ هذه المشاهدَ على عظمتها وروعتها لم تكن في حقيقتها سِوى إعدادٍ ضخمٍ للموقف الكبير الذي سنسوق لك حديثه، والذي سيهُزّ ضميرك في عُنفٍ كما هز ضمائرَ ملايين المسلمين مُنذ عصر النبوةِ وإلى يومنا الذي نحن فيه.
    والذي ستروعُك قصته كما راعتهُم على مرِّ العصور.
    فتعال نستمِع إلى هذه القِصة العنيفة من بدايتها.

    * * * * * *
    - في السنة التاسعة للهجرةِ كان الإسلامُ قد صلبَ عودُه ( قوي واشتد )، وقويتْ شوكتهُ ورسختْ دعائِمه، فطفِقت وفودُ العرب تشدُّ الرحالَ من أنحاءِ الجزيرة إلى يثربَ للقاءِ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وإعلانِ إسلامِها بين يَديه، ومبايعتهِ على السّمع والطاعة.
    وكان في جُملة هذه الوفودِ وفدُ بني حنيفة القادمُ من أعالي نجدٍ.

    * * * * * *


    - أناخَ الوفدُ جماله في حواشي ( أطراف ) مدينة رسول الله ، وخلّفَ على رحاله ( ترك عند متاعه ) رجلاً منه يدعى مُسيلمة بن حبيبِ الحنفي، ومضى إلى النبي ، وأعلنَ إسلامه وإسلام قومه بين يديه؛ فأكرم الرسولُ صلوات الله وسلامه عليه وَفادتهُم ( أكرم قدومهم عليه وأحسن ضيافتهم )، وأمر لكلٍ منهم بعطيةٍ وأمر لصاحبهم الذي خلفوه في رحالهم بمثلِ ما أمر لهم به.

    * * * * * *
    - لم يكد يبلغُ الوفدُ منازله في نجدٍ حتى ارتدَّ مُسيلمة بن حبيبٍ عن الإسلام، وقام في الناسِ يُعلن لهم: أنه نبيٌ مرسلٌ أرسله الله إلى بني حنيفة كما أرسل محمد بن عبد الله إلى قريش....

    فطفقَ قومُه يلتفون حوله مدفوعين إلى ذلك بِدوافعَ شتى كان أهمّها العصبِية ( شدة ارتباط المرء بعصبيته وانحيازه لها )؛ حتى إن رجلاً من رجالاتهم قال: أشهدُ أن محمداً لصادقٌ وأنّ مسيلمة لكذابٌ؛ ولكنّ كذاب ربيعة ( قبيلة كبيرة من قبائل العرب ينتمي إليها مسيلمة ) أحبُّ إلي من صادقِ مُضر( قبيلة رسول الله ).

    * * * * * *
    - ولما قويَ ساعدُ مُسيلمة وغلظ أمره ( اشتد أمره وكثر أتباعه ) كتبَ إلى رسول الله كتاباً جاء فيه: من مُسيلمة رسول الله إلى محمدٍ رسول الله، سلامٌ عليك.
    أما بعد فإني قد أشرِكتُ في الأمرِ معك، وإن لنا نصفَ الأرضِ ولقريشٍ نصف الأرض، ولكن قريشاً قومٌ يعتدون.

    وبعثَ الكتاب مع رجُلين من رجاله فلما قرئ الكتابُ للنبيِّ عليه الصلاة والسلام قال للرجلين: ( وما تقولان أنتما؟! ).

    فأجابا: نقولُ كما قال.

    فقال لهما: ( أمَا والله لولا أنَّ الرسلَ لا تقتلُ لضربتُ عنقيكما )، ثم كتب إلى مُسيلمة رسالةً جاء فيها: ( بسم الله الرحمن الرحيم، من محمدٍ رسول الله إلى مسيلمة الكذابِ. السلامُ على من اتبع الهُدى، أما بعدُ فإنَّ الأرض لله يُورثها من يشاء من عبادِه والعاقبة للمُتقين ).
    وبعث الرسالة مع الرجلين.

    * * * * * *
    - ازدادَ شرُّ مسيلمة الكذاب واستشرى فساده ، فرأى الرسول صلوات الله عليه أن يبعثَ إليه برسالةٍ يزجُره فيها عن غيِّة وندبَ لحمل الرسالة بطل قصتنا حبيبَ بن زيد.
    وكان يومئذٍ شاباً ناضر الشبابِ مُكتمل الفتاء ( الفتوة ) مُؤمناً من قمة رأسه إلى أخمصِ قدميه.

    * * * * * *
    - مضى حبيبُ بن زيدٍ إلى ما أمرَه رسول الله غير وانٍ ( غير فاتر ولا ضعيف ) ولا متريِّثٍ ( متمهل ) ترفعهُ النجادُ ( جمع نجد، وهو المكان المرتفع ) وتحطه الوهادُ ( جمع وهد وهو المكان المنخفض ) حتى بلغ ديارَ بني حنيفة في أعالي نجدٍ، ودفع الرسالة إلى مسيلمة.

    فما كاد مسيلمة يقفُ على ما جاء فيها حتى انتفخَ صدرُه ضغينة وحقداً، وبدا الشرُّ والغدرُ على قسمات وجهه الدميم الأصفر، وأمر بحبيب بن زيدٍ أن يُقيدَ، وأن يؤتى به إليه ضُحى اليوم التالي.

    فلما كانَ الغدُ تصدر مُسيلمة مجلسهُ، وجعل عن يمينه وعن شماله الطواغيتَ من كبارِ أتباعه، وأذنَ للعامة بالدخولَ عليه، ثم أمر بحبيب بن زيدٍ فجيء به إليه وهو يرسفُ في قيوده ( يمشي بها ببطء لثقلها ).

    * * * * * *
    - وقف حبيبُ بن زيدٍ وسط هذه الجموعِ الحاشدة الحاقدة مشدودَ القامة، مرفوعَ الهامةِ، شامخَ الأنف، وانتصبَ بينها كرُمحٍ سمهريٍّ ( الرمح الصلب ) أحكمَ المثقفون ( مقوموها ومعدلوها ) تقويمه.

    فالتفت إليه مسيلمة وقال: أتشهدُ أن محمداً رسول الله؟

    فقال: نعم أشهدُ أن محمداً رسول الله.

    فتميزَ مسيلمة غيظا ً( تقطع بسبب الغيظ ) وقال: وتشهدُ أني رسول الله؟

    فقال حبيب في سُخريةٍ لاذعةٍ: إن في أذنيَّ صمماَ عن سماع ما تقول.

    فامتقع وجهُ مسيلمة ( تغير لون وجهه ) وارتجفَت شفتاه حنقاً ( غيظاً ) وقال لجلاده: اقطع قطعة من جسده.

    فأهوى الجلادُ على حبيبٍ بسيفه وبتر قطعة من جسده فتدحرجت على الأرض...

    ثم أعاد مسيلمة عليه السؤال نفسه: أتشهدُ أن محمداً رسول الله.؟

    قال: نعم أشهدُ أن محمداً رسول الله.

    قال: وتشهدُ أني رسول الله؟

    قال: قلت لك: إنَّ في أذنيَّ صمماً عن سماعِ ما تقول.

    فأمر بأن تقطعَ من جسده قطعة أخرى فقطعت وتدحرجتْ على الأرض حتى استوت إلى جانب أختها، والناسُ شاخصون بأبصارهم إليه ( رافعون أبصارهم إليه ) مذهولون من تَصميمِه وعنادِه.

    ومضى مسيلمة يسألُ، والجلادُ يقطعُ، وحبيبٌ يقول: أشهدُ أن محمداً رسول الله.

    حتى صار نحوٌ من نصفه بضعاً ( جمع بضعة، وهي القطعة ) مُقطعة منثورة على الأرض... ونصفه الأخر كتلة تتكلم...

    ثم فاضت روحُه، وعلى شفتيه الطاهرتينِ اسمُ النبي الذي بايعهُ ليلة العقبة...
    اسمُ محمدٍ رسول الله...

    * * * * * *
    - نعى الناعي حبيبَ بن زيدٍ إلى أمه نسيبة المازنية فما زادتْ على أن قالت: من أجل مثلِ هذا الموقف أعددته ... وعند الله احتسبته ... لقد بايعَ الرسول ليلة العقبة ( ليلة بيعة العقبة ) صغيراً... ووفى له اليومَ كبيراً... ولئن أمكنني الله من مُسيلمة لأجعلن بناته يلطِمن الخدود عليه...

    * * * * * *
    - لم يبطء اليومُ الذي تمنته نسيبة كثيراً...
    حيث أذن مؤذنُ أبي بكر في المدينةِ أن حيَّ على قتال المتنبئ الكذابِ مُسيلمة...

    فمضى المسلمون يَحثون الخطى إلى لقائِه، وكان في الجيشِ نسيبة المازنية وولدُها عبد الله بنُ زيد.

    وفي يومِ اليمامة الأغرِّ شوهدت نسيبة تشقُ الصفوفَ كاللبؤة ( أنثى الأسد ) الثائرةِ وهي تنادي: أين عدوُّ الله ؟ دُلوني على عدوِّ الله...

    فلما انتهت إليه وجدته مُجدلا على الأرضِ ( ملقى على الأرض ) وسيوفُ المسلمينَ تنهلُ من دمائه؛ فطابت نفساً...
    وقرَّت عينا...
    ولم لا؟!
    ألم ينتقم اللهُ عزَ وجلَ لفتاها البرِّ التقي من قاتله الباغي الشقي؟!
    بلى ...
    لقد مضى كلٌ منهما إلى ربه ولكن...
    فريقٌ في الجنة....
    وفريقٌ في السَّعير...

    المره الجـايه ان شــاء الله

    هيكـون . . .
    صحابى قال عنه نسـاء المدينه :
    ما عرفنا مهراً أكرم من مهر *** لأم سليم .. فقد كان صداقها الإسلام




    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    اللهم أشفِ مرضى المسلمين
    اللهم أرحم جميع موتى المسلمين وارحمنا اذا صرنا الى ما صاروا اليه


  9. #79
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    صحابى قال عنه نسـاء المدينه :
    ما عرفنا مهراً أكرم من مهر *** لأم سليم .. فقد كان صداقها الإسلام
    زيــد بن سهـل النجـارى الأنصـارى _ رضى الله عنه _

    عَرف زيدُ بن سهلٍ النجَّاريُّ المُكنى بأبي طلحة، أنَّ الرميصاءَ بنتَ مِلحان النجاريَّة المُكناة بأم سليمٍ قد غدتْ أيماً ( أصبحت بلا زوج ) بعد أن توفيَ زوجها؛ فاستطار فرحاً لهذا الخبر.

    ولا غروَ فقد كانت أمُّ سليمٍ سيدة حصاناً رزاناً ( حصينة الخلق ورزينة العقل ) راجحة العقلِ مُكتملة الصفاتِ.

    فعزم على أن يُبادرَ إلى خطبتها قبل أن يسبقه إليها أحدٌ ممن يَطمحون إلى أمثالها من النساء.

    وكان أبو طلحة على ثقةٍ من أن أمَّ سليمٍ لن تُؤثر عليه أحدا من طالبيها...

    فهو رجلٌ مكتملُ الرجولةِ مرموقُ المنزلةِ طائلُ الثروة ....

    وهو إلى ذلك فارس بني النجار، وأحد رماة يثرب المعدودين.

    مضى أبو طلحة إلى بيت أم سليم...

    وفيما هو في بعض طريقه تذكر أن أم سليمٍ قد سمعت من كلام هذا الداعية المكي مصعب بن عُمير، فآمنت بمحمد واتبعت دينه.

    لكنه ما لبث أن قال في نفسه: وما في ذلك؟ ألم يكن زوجها الذي توفي عنها مستمسكا بدين آبائه، نائياً بجانبه -مُعرضاً عنه- عن محمد ودعوة محمدٍ !!

    * * * * * *

    - بلغ أبو طلحة منزل أم سليمٍ، واستأذن عليها، فأذنت له، وكان ابنها أنسٌ حاضرا، فعرض نفسه عليها....

    فقالت: إن مثلك يا أبا طلحة لا يرد، لكني لن أتزوجك فأنت رجلٌ كافر...

    فظن أبو طلحة أن أم سليم تتعلل عليه بذلك، وأنها قد آثرت عليه رجلاً آخر أكثر منه مالاً وأعز نفراً.

    فقال لها: والله ما هذا الذي يمنعك مني يا أمّ سليم.

    قالت: وما الذي يمنعني إذن ؟!

    قال: الأصفر والأبيض... الذهب والفضة...

    قالت: الذهب والفضة؟!

    قال: نعم.

    قالت: بل إني أشهدك يا أبا طلحة وأشهد الله ورسوله أنك إن أسلمت رضيت بك زوجاً من غير ذهب ولا فضة، وجعلت إسلامك مهراً...

    * * * * * *
    - فما إن سمع أبو طلحة كلام أم سليم حتى انصرف ذهنه إلى صنمه الذي اتخذه من نفيس الخشب، وخصَّ به نفسه كما كان يفعل السادة من قومه.

    لكن أم سليم أرادت أن تطرق الحديد وهو ما زال حامياً ( أرادت ألا تضيع الفرصة )

    فأتبعت تقول: ألست تعلم يا أبا طلحة أن إلهك الذي تعبده من دون الله قد نبت من الأرض؟!

    فقال: بلى.

    قالت: أفلا تشعر بالخجل وأنت تعبد جذع شجرةٍ جعلت بعضه لك إلهاً بينما جعل غيرك بعضه الآخر وقوداً يصطلي ( يستدفئ بناره ) بناره أو يخبز عليه عجينه...

    إنك إن أسلمت ( يا أبا طلحة ) رضيت بك زوجاً ولا أريد منك صداقاً ( مهراً ) غير الإسلام.

    قال: ومن لي بالإسلام؟

    قالت: أنا لك به.

    قال: وكيف؟

    قالت: تنطق بكلمة الحق فتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم تمضي إلى بيتك فتحطم صنمك ثم ترمي به.

    فانطلقت أسارير أبي طلحة وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
    ثم تزوج من أم سليمٍ.....

    * * * * * *
    - مُنذ ذلك اليوم انْضَوى أبو طلحة تَحت لواء الإسلام، ووضعَ طاقاته الفذةَ كلها في خدمته؛ فكانَ أحدَ السبعين الذين بايعوا رسولَ الله بيعة العقبة ومعه زوجهُ أم سُليم.

    وكان أحدَ النقباء ( جمع نقيب وهو الرئيس والمقدم على جماعته ) الاثني عَشرَ الذين أمَّرهم الرسولُ عليه الصلاة والسلام في تلك الليلة على مُسلمي يثرب.
    ثم إنه شهدَ معَ رسول الله مَغازيه كلها، وأبلَى فيها أشرفَ البلاءِ وأعزَّه.
    لكنَّ أعظم أيّام أبي طلحة مع رسول الله إنما هو يومُ أحدٍ.
    وإليكَ خبرَه في ذلك اليوم.

    * * * * * *
    - أحَبَّ أبو طلحة رسولَ الله صلوات الله عليه حباً خالط شِغافَ قلبه وجرَى مَجرى الدّم من عروقه، فكان لا يشبعُ من النظرِ إليه، ولا يَرتوي من الاستماعِ إلى عذب حديثه.

    وكان إذا بقيَ معه جثا بينَ يديه، وقال له: نفسِي لنفسك الفداءُ، ووجهي لوجهِك الوِقاءُ.

    فلما كان يومُ أحدٍ انكشفَ المسلمون عن رسول الله فَنفذ إليه المشركون من كلِّ جانب، فكسروا رباعيّته ( سنه التي بين الثنيِّة والناب ) وشجُّوا جبينه، وجرحوا شفته، وأسالوا الدّم على وجهه....
    حتىَّ إنَّ المُرجفين أرجفوا ( زعم الخراصون الكذابون ) بأن محمداً قد قتل، فازداد المسلمونَ وهناً على وهن وأعطوا ظهورهم لأِعداءِ الله ( جعلوا ينهزمون أمامهم ).
    عند ذلك لم يَثبتْ مع رسول الله غيرُ نفرٍ قليلٍ في طليعتهم أبو طلحة.

    * * * * * *
    - انتصبَ أبو طلحة أمامَ رسول الله صلوات الله عليه كالطود الراسخِ ( الجبل الثابت ) بينما وقفَ النبي عليه الصلاة والسلام خلفه يَتترّسُ به ( يجعله ترسا ووقاية من رماح الأعداء وسهامهم

    ثم وَترَ أبو طلحة قوسَه ( شد قوسه ) التي لا تفلُّ ( لا تهزم )، وركبَ عليها سهامَه التي لا تخطئ، وجعل يذود بها عن رسول الله . ويرمي جنودَ المشرِكين واحداً إثر واحدٍ.

    وكان النبي عليه الصلاة والسلام يتطاولُ من خلفِ أبي طلحة ليَرى مواقع سهامه

    فكان يردُّه خوفاً عليه ويقول له: بأبي أنت وأمِّي، لا تشرف عليهم ( لا تطل عليهم ) فيصيبوك.
    إن نحري دون نحرِكَ ( إن عنقي فداء لعنقك ) وصدرِي دون صدرِك.
    وجُعلتُ فداك...

    وكان الرجلُ من جند المسلمين يمُرُّ برسول الله هارباً ومعه الجعبة ( كيس السهام ) من السِّهام،

    فينادي عليه النبيُّ ويقول له: ( انثرْ سهامك بينَ يدي أبي طلحة ولا تمضِ بها هارباً )
    ومازالَ أبو طلحة يُنافح ( يدافع ) عن رسولِ الله حتى كَسرَ ثلاث أقواسٍ، وقتل ما شاء الله أن يَقتلَ من جنود المشركين.
    ثم انجلت المعركة، وسَلم الله نبيهُ وصانه بِصونه.

    * * * * * *
    من أجمل المواقف اللى قرأتها عن الصحابه


    - وكما كان أبو طلحة جواداً بنفسِه في سبيل الله في ساعات البأس، فقد كان أكثَر جوداً بماله في مواقف البذل ( مواقف العطاء )...

    من ذلك أنّه كان له بُستانٌ من نخيلٍ وأعنابٍ لم تعرفْ المدينة المنورة بستاناً أعظمَ منه شجراً، ولا أطيبَ ثمراً، ولا أعذبَ ماءً.

    وفيما كان أبو طلحة يُصلي تحتَ أفيائه الظليلةِ؛ أثار انتباهه طائرٌ غرِدٌ أخضرُ اللونِ أحمرُ المنقار، مُخضبُ الرجلين ( مصبوغ الرجلين )...

    وقد جعلَ يتواثبُ على أفنانِ الأشجار طرباً مغرداً مُتراقصاً... فأعجبه منظرُه، وسبحَ بفكره معه... ثم ما لبثَ أن رجع إلى نفسه؛ فإذا هو لا يَذكرُ كم صلى؟!
    ركعتين... ثلاثاً.....لا يدري...
    فما إن فرغ من صلاتِه حتى غدا على رسول الله ( مضى إلى رسول الله وشكا له نَفسه التي صَرفها البُستانُ، وشجرهُ الوارف، وطيرُه الغرِد عن الصلاة...
    ثم قال له: اِشهد يا رسول الله أنيِّ جعلتُ هذا البُستان صدقة لله تعالى... فضعهُ ( تصرّف به واستخدمه ) حيث يُحبُ الله ورسوله...

    * * * * * *
    - عاش أبو طلحة حياته صائماً مُجاهداً...
    وماتَ كذلك صائماً مجاهداً....

    قد أثرَ عنهُ بقي بعد وفاةِ رسول الله نحواً من ثلاثين عاماً صائماً لم يُفطر إلا في أيامِ الأعياد حيث يَحرمُ الصيامُ، وأنه امتدَّت به الحياة حتى غدا شيخاً فانياً، ولكنّ شيخُوخته لم تحُل دونه ودون مواصلةِ الجهادِ في سبيل الله، والضربِ في فجاج الأرضِ إعلاءً لكلمته، وإعزازاً لدينه.

    من ذلك أنّ المُسلمين عزموا على غزوةٍ في البحر في خلافة عثمان بن عفّانَ.

    فأخذ أبو طلحة يُعدّ للخروج مع جيش المسلمين، فقال له أبناؤه: يرحمُك الله يا أبانا، لقد صِرت شيخاً كبيراً، وقد غزوتَ مع رسول الله وأبي بكرٍ وعمر، فهلاّ ركنت إلى الرَّاحة وتركتنا نغزو عنك.

    فقال: إن الله عزّ وجل يقول: { اِنْفروا خِفافاً وثِقالاً } ( هبوا إلى الجهاد على أي حال كنتم ) فهو قد استنفرنا جميعاً... شيوخاً وشباناً، ولم يُحدِّد لنا سناً.
    ثم أبى إلا الخروجَ...

    * * * * * *
    - وبينما كان الشيخ المُعمرُ أبو طلحة على ظهرِ السَّفينة مع جُند المسلمين في وسطِ البحر، مرض مرضاً شديداً فارقَ على إثرهِ الحياة.

    فَطفِق المسلمون يبحثون له عن جزيرة ليدفنوه فيها فلم يَعثروا على مُبتغاهم إلا بعدَ سبعةِ أيام، وأبو طلحة مُسجَّى بينهم لم يتغير فيه شيءٌ كأنه نائمٌ.
    وفي عرضِ البحر ...
    بعيداً عن الأهلِ والوطن...
    نائياً عن العشير ( المعاشر من زوج وأهل وغيرهم ) والسكن...
    دُفن أبو طلحة...
    وماذا يَضيرُه ( يضره ) بُعده عن الناس ما دام قريباً من الله عزَّ وجلَّ.

    رضى الله عنه وأرضـاه

    اللهم إنا نشهـدك اننا أحببنا نبيك وصحابته وال بيته فاجمعنـا بهم يـارب فى جنتــك

    المره الجـايه ان شاء الله

    هيـكون . . .

    صحابى قال عنه الرسول
    من سره ان ينظر الى رجل يمشى على الارض وقد قضى نحبه فلينظر الى ******

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    اللهم أشفِ مرضى المسلمين
    اللهم أرحم جميع موتى المسلمين وارحمنا اذا صرنا الى ما صاروا اليه



  10. #80
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    4,276

    افتراضي

    أولا : جزاكم الله خيرا يا دوك أميرة .. موضوع شيّق و قيّم جدا جدا ..

    طريقة العرض و أسلوب التقديم ممتعة و لا تصيب الملل ..

    ثانيا : الصحابي ( أبو طلحة ) .. قدم لنا معاني جميلة في حب النبي و في الفداء و الشجاعة و الكرم ..

    بجد حرام نضيع على نفسنا فرصة إننا منقرأش سير الصحابة ..

    هيا ممتعة جدا و مفيدة و بتعلم قيم جميلة افتقدناها في الزمن ده ..

    سلمت يمينك يا دوك أميرة ..

    و متابع مع حضرتك إن شاء الله ..

    تقبلي مروري و التحية ..

صفحة 8 من 10 الأولىالأولى ... 678910 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •