صفحة 5 من 10 الأولىالأولى ... 34567 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 50 من 99

الموضوع: صـور من حيـاة الصحـابه ... متجدد إن شاء الله ...

  1. #41
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    الشهيد و أبو الشهيد
    من دعاء الرسول له " اللهم أجعل له آيه "

    الطفيل بن عمرو الدوسى _ رضى الله عنه _


    الطُّفَيل بن عمرو الدوسيُّ سيد قبيلةِ دوسٍ في الجاهليةِ ، وشريفٌ من أشرافِ العرب المرموقين ،و واحدٌ من أصحابِ المروءاتِ المعدودين ....
    - لاتنزِلُ له قِدر عن نار ، ولا يُوصَدُ له باب أمامَ طارق ... يُطعِمُ الجائِعَ ، ويُؤمِّنُ الخائِفَ ، ويُجيرُ المُستَجيرَ.
    - وهو إلى ذلكَ أديبٌ أريبٌ لبيبٌ ، وشاعرٌ مُرهَفُ الحِسِّ ، رقيقُ الشُعور ، بصيرٌ بحلو البيانِ ومُرِّهِ ... حيث تفعلُ فيه الكَلِمةُ فِعلَ السِّحر.
    * * * * * * *
    - غادر الطفيلُ منازِل قومِهِ في تهامة متوجهاً إلى مكَّة ، ورَحَى الصِّراع دائرةٌ بين الرسولِ الكريمِ صَلواتُ الله عليه وكُفّار قُريشٍ ، كُلٌّ يُريد أن يكسب لنفسِه الأنصار ، ويجتذِب لحِزبِه الأعوان ...فالرسُولُ صلواتُ الله وسلامُه عليه يدعو لربِّه وسِلاحُه الإيمانُ والحق ، وكُفارُ قُريشٍ يقاومون دعوتَه بِكلِّ سلاحٍ ، ويصُدُّون الناس عنه بكلِّ وسيلةٍ.
    - ووجد الطفيلُ نفسَهُ يدخُلُ في هذه المعركة غير أُهبةٍ ، ويخوضُ غِمارها عن غيرِ قَصدٍ ....
    فَهو لم يقدَم إلى مكة لهذا الغرضِ ، ولا خَطر له أمرُ محمدٍ وقُريش قبل ذلك على بال.
    ومن هنا كانت للطُفيل بن عمرو الّدوسي مع هذا الصراع حِكاية لا تُنسى ؛ فلنستمِع إليها فإنها من غرائب القصص.
    * * * * * * *
    - حدّث الطُفيل قال: قدِمتُ مكّة ، فما إن رآني سادة قُريش حتى أقبلوا علي فرحبوا بي أكرم ترحيبٍ ، وأنزلوني فيهم أعز منزل.
    - ثمّ اجتمع إلىّ سادتهُم وكبرائهم وقالوا: ياطفيلُ ، إنّك قد قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي قد افسد أمرنا ومزّق شملنا ، وشتّت جماعتنا ، ونحن إنما نخشى أن يَحل بك وبزعامتك في قومك ماقد حلَ بِنا ، فلا تُكَلِّم الرجل ، ولا تسمعنّ منه شيئا فإن له قولاً كالسحر ، يفرق بين الولد وأبيه ، وبين الأخ وأخيه ، وبين الزوجة وزوجها.
    * * * * * * *
    - قال الطفيل: فوالله مازالو بي يقصٌّون عليَّ من غرائب أخباره ويخوفونني على نفسي وقومي بعجائب أفعاله حتى أجمعت أمري على ألا أقترِبَ منه ، وألا أكلمه أو أسمع منه شيئاً.

    ولمّا غدوتُ إلى المسجد للطواف بالكعبة ، والتبرك بأصنامها التي كنا إليها نحُجُّ وإياها نعظِّم ، حشوت في أذني قطناً خوفا من أن يلامس سمعي شيء من قول محمد.

    - لكنت ما إن دخلت المسجِد حتى وجدته قائما يصلي عند الكعبة صلاة غيرَ صلاتنا ، ويتعبد عبادة غير عبادتناً ، فأسرني منظره ، وهزتني عبادته ، ووجدت نفسي أدنو منه ، شيئا فشيئا على غير قصد مني حتى أصبحت قريبا منه....

    وأبى والله إلا أن يصل إلى سمعي بعض مما يقول ، فسمعت كلاما حسناَ ، وقلت في نفسي: ثُكِلَتكَ أُمّك يا طُفيل ... إنّك لرجلٌ لبيب شاعر ، وما يخفى عليك الحَسنُ من القبيحِ ، فما يمنعك أن تسمعَ من الرجلِ مايقولُ ... فإن كان الذي يأتي به حسناً ، وإن كان قبيحا تركته.

    - قال الطفيل: ثم مكثت حتى انصرف رسول الله إلى بيته ، فتبعته حتى إذا دخل داره دخلت عليه ، فقلت: يامحمّد ، إن قومَك قد قالو لي عنك كذا وكذا وكذا ، فوالله

    مابِرحوا يخوفونني من أمرك حتّى سددتُ أذُنيّ بقُطنٍ لِئلا أسمع قولك ، ثم أبى الله إلا

    أن يسمعني شيئا منه ، فوجدته حسناً فاعرض عليّ أمرَك.

    فَعَرَض عليّ أمره ، وقرأ لي سورةَ الإِخلاصِ والفلق ، فوالله ما سمِعتُ قولاَ أحسن

    من قولِه ، ولا رأيتُ أمراً أعدَل من أمره.

    عِندَ ذلك بسطتُ يدي له ، وشَهِدتُ أن لا إله إلا الله وأنَّ مُحمّداً رسولُ الله ، ودخَلتُ في الإسلام.
    * * * * * * *
    - قال الطفيل ثم أقمت في مكّة زمناً تعلّمت فيه أُمور الإسلام وحفِظتُ فيهِ ماتيسر من

    القرآنِ ، ولما عزمت على العودة إلى قومي قُلت: يارسولَ الله إني امرؤٌ مُطاعٌ في

    عشيرتي ، وأنا راجِعٌ إليهم وداعيهم إلى الإسلام ، فادعُ الله أن يجعَل لي آيةً تكون

    عوناً فيما أدعوهم إليه فقال عليه الصلاة والسلام: ( اللّهُمّ اجعل له آية ).

    - فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت في موضعٍ مشرفٍ على منازلِهم وقَع نورٌ فيما بين عيني مِثلٌ المِصباح ، فقُلت: اللّهُم اجعله في غير وجهي ، فإني أخشى أن يظُنُّوا أنّه عقوبة وقعت في وجهي لمفارَقَةِ دينهم ....
    فتحوّل النور فوقع في رأس سَوطِي كالقنديلِ المُعَلّق ، وأنا أهبطُ إليهم من الثنِيّة ، فلما نزلتُ أتاني أبي - وكان شيخا كبيرا -

    فقلت: إليك عني يا أبتَ ، فلستُ منك ولست مني.
    قال: ولِم يابُنيَّ ؟!
    قلت: لقد أسلمت وتابعت دين محمدٍ .
    قال: أي بُنيَّ ديني دينُك ،
    فقلت: اذهب واغتَسِل وطَهِّر ثيابَك ، ثُمّ تعالَ أُعلّمك ماعُلّمتُ.
    فذهب فاغتَسلَ وطهّرَ ثِيابَه ، ثُمّ جاء فعرضتُ عليهِ الإسلام فأسلم.
    ثُمّ جاءت زوجتي ،
    فقلت: إليكِ عنّي فلستُ منك ولستِ منِّي .
    قالت: ولِمَ !! بأبي أنتَ وأُمِّي ، فقلت: فرَّق بيني وبينك الإسلامُ ، فقد أسلمت وتابعت دين محمدٍ .
    قالت: فديني دينُك ، قلت: فاذهبي وتطهري من ماءِ ذي الشَّرى - وذو الشَّرى صنمٌ لدَوسِ حولَهُ ماءٌ يهبِط من الجبل -

    فقالت: بأبي أنت وأُمِّي أتخشَى على الصِِّبْيَةِ شيْئاً مِن ذي الشَّرى ؟!
    فقلت: تباً لكِ ولذي الشَّرى ... قُلتُ لكِ اذهَبي واغتسلي هناك بعيداً عن النـاس ، وأنا ضامنٌ لكِ ألاَّ يفعل هذا الحجرُ الأصمُّ شيئاً.
    فذَهبَتْ فاغتَسلتْ ، ثُمّ جاءت فعرضْتُ عليها الإسلام فأسـلمت.
    ثم دعوتُ دوساً فأبطؤوا عليّ إلأ أبا هُريرَة فقد كان أسَرَعَ النَّـاس إسلاماً.
    * * * * * * *
    - قال الطفيلُ: فجِئتُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمكَّة ، ومعي أبو هريرة فقال لي النّبي عليه الصلاة والسلام : ( ماوراءك يا طفيلُ ؟ ).

    فقلت: قلوبٌ أكِنّة وكفر شديد ... لقد غلَب على دوسٍ الفُسوق والعِصيـان ....
    -
    فقام رسول الله فتوضأ وصلّى ورفع يده إلى السمـاء ، قال أبو هريرة لما رأيته كذلك خفتُ أن يدعوَ على قومي فيهلكوا ...
    فقلت: واقوماه ...
    لكن الرسول صلوات الله عليه جعل يقول: ( اللَّهُمَّ اهْدِ دوساً ... اللَّهُمَّ اهْدِ دوساً ... اللَّهُمَّ اهْدِ دوساً ...).

    ثم التفت إلى الطفيل وقال: ( ارجع إلى قومك وارفق بهم وادعُهُم إلى الإسلام ).

    قال الطفيلُ: فلم أزل بأرضِ دوس أدعوهم إلى الإسلام حتى هاجر رسول الله صلى

    الله عليه وسلّم إلى المدينة ، ومَضَت بدْرٌ وأُحدٌ والخنْدَق ، فقدمت على النبي ومعي

    ثمانون بيتا من دوْسِ أسلموا وحسنَ إسلامُهُم فسُرّ بِنـا رسول الله صلى الله عليه وسلّم

    ، وأسهم لنا مع المسلمين في غنائِم خَيْبرَ فقلنا: يارسول الله: اجعلنا مَيمنتَك في كلّ

    غزوةٍ تغزوها واجعل شعارنـا (( مَبْرُور )) .

    - قال الطفيل: ثم لم أزل مع رسول الله حتّى فتحَ الله عليه مكَّة فقُلت: يارسول الله ، ابعثني إلى (( ذي الكفَين )) صنَمِ عمرو بن حـمَـمَةَ حتّى أحرِقٌه ... فأذن له النبي عليه الصلاة والسلام ، فسار إلى الصّتم في سريّة من قومه..

    فلمـا بلَغَه ، وهَمّ بإحراقِه اجتمع حولَه النـسـاء والرِجال والأطـفـال يتربّصون به الشَّر ، وينتظرون أن تصعقه صاعـقة إن هُو نـال ((ذا الكفين )) بضُرٍّ.

    لكنّ الطفيل أقبل على الصنم على مَشْهَدٍ من عُبَّادِه ... وجعل يُضرم النار في فُؤاده ... وهو يرتَجِز:

    يــا ذا الكفين لست من عُبَّــأدكـــا
    مــيلادُنـــا أقــدمُ مِن ميــلادِكـــا
    إنِّي حــشَوْتُ الــنـــار في فُؤادكـــا



    وما أن التهمت النار الصنم حّتى التَهمت معها ماتبقّى من الشِّرك في دَوس ؛ فأسلم القوم جميعا وحسن إسلامهم.
    * * * * * * *
    - ظلَّ الطفيلُ بن عمرو الدوسيُّ بعد ذلك ملازمـا لرسول الله صلوات الله عليه ، حتّى قُبِض النبي إلى جـوار ربِّـه.
    ولما نَشبت حروب الرّدّةِ نفر الطفيل في طليعة جيش المُسلِمين لحرْبِ مُسيلمة الكّذاب وعمه ابنه عمرو.

    وفيمـا هو في طريقه إلى الـيمامة رأى رُؤيـا ، فقال لأصحابـه:
    إنّي رأيتُ رؤيـا فَعبِّروها لي.

    فقالوا: ومارأيت ؟

    قال: رأيت أن رأسي قد حُلِق ، وأنّ طائراً قد خرجَ من فمي ، وأن امرأة أدخلتني في بطنها ، وأن ابني عمراً جعل يطلُبُني حثيثاً لكنّهُ حيل بيني وبينه.
    فقالوا: خيراً ....
    فقال: أما أنا –والله – لقد أوّلتُهـا:
    أما حلْقُ رأسي فذلك أن يُقطَعُ ... وأما الطائر الذي خرج من فمي فهو روحي ... وأما المرأة التي أدخلتني في بطنها فهي الأرض تُحفَرُ لي فأُدفَنُ في جوفِهـا .. وإنِّي لأرجو أن أُقتَل شهِيداً.
    وأما طلبُ ابني لي فيعني أنّه يطلُب الشَّهـادة التي سأحظَى بها إذا أذن الله لكنَّه يدركُها فيمـا بعد.
    * * * * * * *
    - وفي معركة اليمامة أبلى الصُحـابيُّ الجليلُ الطفيلُ ابنُ عمرو الدوسيُّ أعظَم البلاءً ، حتّى خرّ صريعا شهيـدا على أرض المعركة.

    وأما ابنه عمرو فما زال يُقاتِل حتّى أثْخَنتْه الجِراحُ - أثخنته أي أضعفته وأوهنت قواه – وقُطِعَت يدُه اليُمنى فعـاد إلى المدينة مخلفاً على أرضِ اليمامةِ أباهُ وَ يدَه.
    * * * * * * *
    - وفي خلافة عمر بن الخطّاب ، دخل عليه عمرو بن الطفيل ، فأُتِىَ للفاروق بطعام ، والناس جلوسٌ عنده ، فدعا القوم إلى طعامِه ، فتنحَّى عمرو عنـه ، فقال له الفـاروق: مالك ؟! لعلّك تأخرت عن الطعـام خجَلاً من يدِك ..
    قال: أجل يا أمير المؤمنين.
    قال: والله لا أذوق هذا الطعام حتى تخلِطَه بِيدِك المقطوعة ... والله ما في القوم أحدٌ بعضُه في الجنّة إلا أنتَ ، يُريدُ بذلك يدِه.
    * * * * * * *
    - ظلّ حلم الشهادة يلُوحُ لعمرو ومنذ فارق أباه ، فلما كانت معركة اليرموك بادر إليها عمرو مع المُبادِرين ومازال يقاتل حتى أدرك الشهادة التي منَّاه بها أبوه.
    * * * * * * *
    - رحِم الله الطفيل بن عمرو الدوسيّ ؛ فهو الشهيد وأبو الشهيد

    المره الجايه ان شاء الله
    هيكـون...

    أول من لُقِب بـ أميــر المؤمنيــن

    اللهم بلغنا وإيـاكم ليلة القـدر

  2. #42

    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    يارب مع رسول الله
    المشاركات
    2,600

    افتراضي

    الحمد لله خلصته كله

    ربنا يكرمك يا اميره يارب

    بجد من اروع المواضيع واروع المواقف واروع العبر


    رضى الله عن صحابة رسول الله اجمعين

    جزاكم الله خيراا
    متابعه
    معاكى ان شاء الله بقى


  3. #43
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة N00R EL _SHAMS مشاهدة المشاركة
    الحمد لله خلصته كله

    ربنا يكرمك يا اميره يارب

    بجد من اروع المواضيع واروع المواقف واروع العبر

    رضى الله عن صحابة رسول الله اجمعين

    جزاكم الله خيراا
    متابعه معاكى ان شاء الله بقى

    لحقتى تخلصيه.... ماشاء الله
    ربنا يكرمك يا نيـره
    جـزاكم الله مثله

    بعد الفطار ان شاء الله هحط الصحابى الجديد


  4. #44
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    بعد الفطار ان شاء الله هحط الصحابى الجديد


    هحطه دلوقت أضمن لان النت حالته تعبانه شويه اليومين دول
    = = = = =
    أول من لُقِب بـ أميــر المؤمنيــن

    عبدالله بن جحش _ رضى الله عنه _

    الصحابيّ الذي نسوق عنه الحديث الآن وثيق الصلة برسول الله ، وواحد من أصحاب الأوليات في الإسلام.

    فهو ابن عمة رسول الله ، ذلك لأن أمه أميمة بنت عبد المطلب كانت عمة النبي عليه الصلاة والسلام.

    وهو صهر رسول الله ، ذلك لأن أخته زينب بنت جحش كانت زوجة النبي الكريم، وإحدى أمهات المؤمنين.
    وهو أول من عُقد له لواء في الإسلام...
    وهو بعد ذلك أّول من دعي أمير المؤمنين.
    إنه عبد الله بن جحش الأسديّ.
    * * * * * * *
    - أسلم عبد الله بن جحش، قبل أن يدخل النبي عليه الصلاة والسلام دار الأرقم، فكان من السابقين إلى الإسلام.

    ولمّا أذن النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه بالهجرة إلى المدينة، فراراً بدينهم من أذى قريش، كان عبد الله بن جحش ثاني المهاجرين إذ لم يسبقه إلى هذا الفضل إلا أبو سلمة.

    على أن الهجرة إلى الله، ومفارقة الأهل والوطن في سبيله، لم تكن أمرا جديدا على عبد الله بن جحش، فقد هاجر هو وبعض ذويه قبل ذلك إلى الحبشة.

    لكنّ هجرته هذه المرّة كانت أشمل وأوسع، فقد هاجر أهلُه وذووه، وسائر بني أبيه رجالاً ونساءً، وشيباً وشباناً وصبية وصبيات، فقد كان بيته بيت إسلام، وقبيلُه قبيل إيمانٍ.

    فما إن فصلوا عن مكة حتّى بدت ديارهم حزينة كئيبة، وغدت خواءً خلاءً كأن لم يكن فيها أنيس من قبلُ، ولم يسمر في ربوعها سامرٌ.

    ولم يمض غير قليل على هجرةِ عبد الله ومن معه حتّى خرج زُعماءُ قريش يطوفون في أحياء مكّة، لمعرفة من رَحَل عنها من المسلمين ومن بقي منهم، وكان فيهم أبو جهل وعتبة بن ربيعة.

    فنظر عتبة إلى منازل بني جحش تَتَنَاوح فيهـا الرياح السـافيات ( السافيات: أي التي تثير التراب ) وتخفق أبوابها خفقاً وقال: أصبحت ديار بني جحشٍ خلاءً تبكي أهلها...

    فقال أبو جهل: ومن هؤلاء حتّى تبكيهم الدِّيارُ ؟!!

    ثم وَضَع أبو جهل يده على دار عبد الله بن جحش، فقد كانت أجمل هذه الدور وأغناها، وجعل يتصرَّف فيها وفي متاعها كما يتصرَّفُ المالك في ملكِه.
    فلمّـا بلغ عبد الله بن جحش ما صنع أبو جهل بداره، ذكر ذلك لرسول الله ، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: ( ألا ترضى ياعبد الله ، أن يعطيك الله بها دارا في الجنّة؟ ).
    قال: بلى يارسول الله.
    قال: ( فذلك لك ).
    فطابت نفس عبد الله وقرّت عينه.

    * * * * * * *
    - ما كاد عبد الله بن جحش يستقر في المدينة بعدما تكبّده من نصبٍ في هجرتيه الأولى والثانية.

    وما كاد يذوق شيئاً من طعم الراحة في كنف الأنصار، بعدما ناله من أذى على يد قريش، حتّى شاء الله أن يتعرّض لأقسى امتحان عرفه في حياته، وأن يعاني أعنف تجربة لقيها منذ أسلم.
    فلنرهف السمع لقصّة تلك التجربة القاسية المرّة.
    * * * * * * *
    - انتدب الرسول صلوات الله عليه ثمانية من أصحابه للقيام بأول عملٍ عسكري في الإسلام، فيهم عبد الله بن جحش وسعد بن أبي وقاص وقال: ( لأؤمرن عليكم أصبركم على الجوع والعطش )، ثم عقد لواءهم لعبد الله بن جحش، فكان أول أمير أُمّر على طائفةٍ من المؤمنين.
    ( وروي أن أول لواء عقد في الإسلام كان لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وقيل غير ذلك ).
    * * * * * * *
    - حدّد الرسول الكريم لعبد الله بن جحش وجهَتَه وأعطاه كتابا، وأمره ألا ينظر فيه إلا بعد مسيرة يومين.

    فلمـا انقضى على مسيرة السرية يومان نظر عبد الله في الكتاب فإذا فيه: ( إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتّى تنزل "نَخلَة" بين الطائف ومكّة، فترصَّد بها قريشاً، وقف لنا على أخبارهم...).

    وما إن أتمّ عبد الله الكتاب حتّى قال: سمعاً وطاعة لنبي الله،
    ثم قال لأصحابه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمرني أن أمضي إلى نخلة لأرصد قريشا حتى آتيه بأخبارهم، وقد نهاني عن أن أستكره أحداً منكم على المُضي معي، فمن يريد الشهادة ويرغب فيها فليصحبني، ومن كره ذلك فليرجع غير مذموم.

    فقال القوم: سمعا وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، إنما نمضي معك حيث أمرك نبي الله.

    ثم سـار القوم حتّى بلغوا نخلة وطفقوا يجوسون خلال الدروب ليترصدوا أخبار قريش.

    وفيما هم كذلك أبصروا عن بعد قافلة لقريش فيها أربعة رجالٍ هم عمرو ابن الحضرميِّ، والحكم بن كسيـانَ، وعثمان بن عبد الله، وأخوه المغيرة ومعهم تجارة لقريش فيها جلود وزبيب ونحوها مما كانت تتجر به قريش.

    عند ذلك أخذ الصحابة يتشاورون فيما بينهم، وكان اليوم آخر يوم من الأشهر الحرم ، فقالوا: إن قتلناهم فإنما نقتلهم في الشهر الحرام، وفي ذلك ما فيه إهدار حُرمة هذا الشهر والتعرض لسخط العرب جميعا...

    ( الأشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، وكانت العرب تحرم فيها القتال ).

    وإن أمهلناهم حتى ينفض هذا اليوم دخلوا في أرض الحرم ( أي أصبح قتالهم محرما علينا بسبب دخولهم في أرض الحرم المكّي ) وأصبحوا في مأمن منا.
    ومازالوا يتشاورون حتّى أجمعوا رأيهم على الوثوب عليهم وقتلهم وأخذ ما في أيديهم من غنيمة... وفي لحظات قتلوا واحد منهم وأسروا اثنين، وفرّ الرابع من أيديهم.
    * * * * * * *
    - إستاق عبد الله بن جحش وصحبه الأسيرين والعير متوجهين إلى المدينة، فلمّـا قدموا على رسول الله ، ووقف على ما فعلوه استنكره أشد الاستنكار،
    وقال لهم: ( والله ما أمرتكم بقتال، وإنما أمرتكم أن تقفوا على أخبار قريش، وأن ترصدوا حركتها...).

    وأوقف الأسيرين حتّى ينظر في أمرهما... وأعرض عن العير فلم يأخذ منها شيئاً.
    عند ذلك سُقِطَ في أيدي عبد الله بن جحش وأصحابه، وأيقنوا أنهم هلكوا بمخالفتهم لأمر رسول الله .

    وزاد عليهم الأمر ضيقا أن إخوانهم من المسلمين طفِقوا يكثرون عليهم من اللوم، ويزورون عنهم كُلّما مرُّوا بهم ويقولون: خالفوا أمر رسول الله .
    وقد ازدادوا حرجا على حرج حين علموا أن قريشا اتخذت من هذه الحادثة ذريعة للنيل من رسول الله ، والتشهير به بين القبائل؛ فكانت تقول: إن محمدا قد استحل الشهر الحرام؛ فسفك فيه الدم، وأخذ المال، وأسر الرجال...

    فلا تسل عن مبلغ حزن عبد الله بن جحش وأصحابه على ما فرط منهم، ولا عن خجلتهم من رسول الله لما أوقعوه فيه من الحرج.
    * * * * * * *
    - ولمّا اشتد عليهم الكرب وثقُل عليهم البلاء، جاءهم البشير يبشرهم بأن الله سبحانه قد رضي عن صنيعهم، وأنه أنزل على نبيّه في ذلك قرآنا...
    فلا تسل عن مدى فرحتهم، وقد طفق الناس يقبلون عليهم معانقين مبشرين مهنئين وهم يتلون ما نزل في عملهم من قرآن مجيد.

    * * *
    - فلقد نزل على النبي قول الله علت كلمته: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } البقرة217.
    * * * * * * *
    - فلّما نزلت الآيات الكريمات طابت نفس الرسول الكريم صلوات الله عليه؛ فأخذ

    العير وفدى الأسيرين، ورضي عن صنيع عبد الله بن جحش وأصحابه إذ كانت

    غزوتهم هذه حدثا كبيرا في حياة المسلمين؛ فغنيمتها أول غنيمة اُخِذت في الإسلام،

    وقتيلها أول مشرك أراق المسلمون دمَه، وأسيراها أول أسيرين وقعا في أيدي

    المسلمين، ورايتها أول راية عقدتها يد رسول الله صلوات الله عليه، وأميرها عبد الله

    بن جحش أول من دُعي بأمير المؤمنين.

    ثم كانت بدر فأبلى فيها عبد الله بن جحش من كريم البلاء ما يليق بإيمانه.

    ثم جاءت أحد فكان لعبد الله بن جحش وصاحبه سعد بن أبي وقاص معها قصة لا تنسى، فلنترك الكلام لسعد ليروى لنا قصته وقصة صاحبه.

    - قال سعد بن أبي وقاص: لما كانت أحد لقيني عبد الله بن جحش وقال: ألا تدعو الله؟ فقلت: بلى.
    فخلَونا في ناحية فدعوت فقلت: يارب إذا لقيت العدو فلقني رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده أقاتله ويقاتلني، ثم ارزقني الظفر عليه حتى اقتله وآخذ سلبه، فأمن عبد الله بن جحش على دعائي،

    ثم قال: اللهم ارزقني رجلا شديدا بأسه أقاتله فيك ويقاتلني ثم يأخذني فيجدع انفي وأذني فإذا لقيتك غدا قلت: فيم جُدع انفك وأذنك؟
    فأقول: فيك وفي رسولك فتقول: صدقت...

    قال سعد بن أبي وقاص: لقد كانت دعوة عبد الله بن جحش خيرا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار، وقد قُتل ومثِّل به، وإن أنفه وأذنه لمعلقان على شجرة بخيط.
    * * * * * * *
    - استجاب الله دعوة عبد الله بن جحش ، فأكرمه بالشهادة كما أكرم بها خاله سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب.
    فواراهما الرسول الكريم معاً في قبر واحدٍ، ودموعه الطاهرة تُروِّي ثراهما المضمخ بطيوب الشهادة.

    رضى الله عنه وارضاه

    المره الجايه ان شاء الله

    هتــكون ...

    أول إمرأه مسلمـة قتلت مشـركاً دفـاعاً عن الـدين

    رضى الله عنها وأرضاها

  5. #45
    Pb Elite
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    1,382

    افتراضي

    ربنا يكرمك يا أميرة...
    متابعة بإذن ربي...
    ...أعانك الله...
    ......

  6. #46
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنين الأمس مشاهدة المشاركة
    ربنا يكرمك يا أميرة...

    متابعة بإذن ربي...
    ...أعانك الله...
    ......
    أيوه كده ادعيلى على طول ...

    الله يكرمك يا حنيـن الأمس

    ربنا يبـارك فيـكِ يــارب


  7. #47
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    أول إمرأه مسلمـة قتلت مشـركاً دفـاعاً عن الـدين

    رضى الله عنها وأرضاها
    صفية بنت عبدالمطلب _ رضى الله عنها _

    مَن هذه السيدة الجَزلة الرَّزانُ التي كان يَحسُبُ لها الرجالُ ألفَ حساب؟
    - من هذه الصحابية الباسِلة التي كانت أولَ امرأةٍ قتلت مشركاً في الإسلام؟.
    - من هذه المرأة الحازمة التي أنشأت للمسلمين أول فارسٍ سَلَّ سيفاً في سبيل الله؟.
    - إنها صَفِية بنتُ عبدِ المُطلب الهاشِمية القرشِية عَمة رسول الله .
    * * * * * * *

    - اِكتنفَ المجدُ صفية بنتَ عبد المطلبِ من كلِّ جانب:
    فأبوها، عبدُ المطلب بنُ هاشمٍ جدُّ النبيِّ وزعيمُ قريشٍ وسيِّدُها المطاعُ،

    وأمُّها هالة بنتُ وهبٍ أختُ آمنةَ بنتِ وهبٍ والدةِ الرسول .

    وزوجُها الأولُ، الحارث بن حربٍ أخو أبي سُفيان بنِ حربٍ زعيمِ بني أمية، وقد توفيَ عنها.

    وزوجُها الثاني، العوَّامُ بنُ خويلدٍ أخو خديجة بنتِ خويلدِ سيِّدة نساءِ العرب في الجاهلية، وأولى أمهاتِ المؤمنين في الإسلام.

    وابنها، الزبيرُ بن العوَّام حَواريُّ رسول الله .
    أفبعدَ هذا الشرف شرفٌ تطمحُ إليه النفوسُ غير شرف الإيمان؟!
    * * * * * * *

    - لقد توفي عنها زوجُها العوامُ بنُ خويلدٍ وترك لها طفلاً صغيراً هو ابنها " الزبير " فنشأته على الخشونةِ والبأسِ، وربته على الفروسيَّةِ والحربِ، وجَعلت لعبه في بريِ السهامِ وإصلاحِ القسيِّ.

    ودأبت على أن تقذفه في كل مَخوفةٍ ، وتقحِمه في كل خطرٍ، فإذا رأته أحجَم أو تردَّد ضربته ضرباً مُبرحاً، حتى إنها عوتِبت في ذلك من قِبلِ أحدِ أعمامِه حيث قال لها: ما هكذا يُضرب الولدُ... إنكِ تضربينه ضربَ مُبغضةٍ لا ضرب أم فارتجزت ( قالت شعراً على بحر الرجز )
    قائلةَ: من قال قدْ أبغضته فقد كذبْ
    وإنما أضرِبُهُ لكيْ يَلبْ ( يصبح لبيباً أي الذكي العاقل )
    ويهزِمَ الجيشَ ويأتي بالسَّلب.


    * * * * * * *

    - ولما بَعث الله نبيهُ بدين الهُدى والحقِّ، وأرسلهُ نذيراً وبشيراً للناس، وأمَرَه بأن يَبدأ بذوي قرباهُ جَمعَ بني عبدِ المُطلبِ: نساءَهم ورجالهم وكِبارَهم وصغارهم، وخاطبهم قائلاً يا فاطمة بنتُ محمد، يا صَفية بنتُ عبدِ المُطلبِ، يا بني عبدِ المُطلبِ، إني لا أملكُ لكم من الله شيئاً ).
    ثم دعاهم إلى الإيمانِ بالله، وحَضهُم على التصديقِ برسالته...
    فأقبلَ على النور الإلهي منهم منْ أقبلَ، وأعرَض عن سَناه ( ضياؤه ) من أعرَضَ، فكانت صَفية بنتُ عبد المطلب في الرَّعيلِ ( الفوج ) الأول من المؤمنين المُصدِّقين...
    عند ذلك جمعت صَفية المجدَ من أطرافه: سؤدَدَ الحسبِ، وعِزَّ الإسلام.
    * * * * * * *

    - انضمَّت صفية بنتُ عبد المُطلبِ إلى موكبِ النورِ هي وفتاها الزبيرُ بنُ العوّامِ، وعانتْ ما عاناه المُسلمون السابقون من بأسِ قريشٍ وعَنتها و طغيانِها.
    فلما أذن الله لنبيًّه والمؤمنين معهُ بالهجرةِ إلى المدينةِ خلفت السيدة الهاشميَّة وراءَها مكة بكلِّ ما لها فيها من طيوب الذكرياتِ، وضُروب المفاخرِ والمآثر، ويَممتْ وجهها شطر المدينة، مُهاجرة بدينها إلى الله ورسوله.

    * * * * * * *

    - وعلى الرغمِ من أن السيدة العظيمة كانتْ يومئذٍ تخطو الستين من عمرها المديد الحافلِ، فقد كان لها في ميادينِ الجهادِ مواقفُ ما يزالُ يذكرُها التاريخ بلسانٍ نديّ بالإعجاب رطيب بالثناء، وحسبُنا من هذه المواقف مَشهدان اثنان: كان أولهما يوم أحدٍ وثانيهما يومَ الخندَق.
    * * * * * * *

    - أما ما كان منها في أحد أنها خرجت مع جندِ المسلمين في ثلةٍ ( طائفة ) من النساءِ جهاداً في سبيلِ الله.
    فجعلت تنقلُ الماء، وتروِي العِطاش، وتبري السِّهام، وتصلحُ القِسيَّ ( جمع قوس وهو آلة من آلات الحرب يرمى بها بالسهام ).
    وكان لها مع ذلك غرضٌ آخرُ هو أن ترقبَ المعرَكة بمشاعرِها كلها...
    ولا غروَ ( لا عجب ) فقد كان في ساحتِها ابنُ أخيها محمدٌ رسول الله ...
    وأخوها حمزة بنُ عبد المطلب أسدُ الله....
    وابنُها الزبيرُ بنُ العوام حواريُّ ( الناصر، وحواريو الرسل الخاصة من أنصارهم ) نبيِّ الله ...
    وفي المعركة قبلَ ذلك كلهِ وفوق ذلك كله مصيرُ الإسلامِ الذي اعتنقتهُ راغبة... وهاجـرت في سبيله مُحتسبة...
    وأبصرَت من خلالِه طريق الجنة

    * * * * * * *

    - ولما رأتِ المسلمين ينكشفون ( يتفرقون ) عن رسول الله إلا قليلاً منهم...
    ووجدت المشركين يوشكون أنْ يَصِلوا إلى النبي ويقضوا عليه؛ طرحتْ سِقاءها أرضاً..
    وهبَّت كاللبؤة ( أنثى الأسد ) التي هوجمَ أشبالها وانتزعتْ من يد أحد المنهزمين رمحه، ومَضت تشقُ به الصفوفَ، وتضربُ بسنانِه الوجوه، وتزأرُ في المسلمين قائلة: وَيحكمْ، انهزمتم عن رسول الله؟!!
    فلما رآها النبيُّ عليه الصلاة والسلام مُقبلةً خشيَ عليها أن ترى أخاها حمزة وهو صريعٌ، وقد مثلَ به المُشركون أبشعَ تمثيل فأشار إلى ابنِها الزبير قائلاً المرأة يا زبيرُ.... المرأة يا زبيرُ...).
    فأقبل عليها الزبيرُ وقال: يا أمَّه إليك... إليك يا أمَّه ( ابتعدي يا أماه ).
    فقالت: تنحَّ لا أمَّ لك.
    فقال: إنّ رسول الله يأمُرُك أن ترجعي...
    فقالت: ولم؟! إنهُ قد بلغني أنه مُثلَ بأخي، وذلك في الله...
    فقال له الرسول: ( خلِّ سَبيلها يا زبيرُ )؛ فخلى سبيلها.

    * * * * * * *

    - ولما وَضعتِ المعركة أوزارَها وقفتْ صَفية على أخيها حَمزة فوجدته قد بُقرَ بطنهُ ( شق بطنه )، وأخرِجتْ كبدُه، وجُدع أنفهُ ( قطع أنفه )، وصُلِمت أذناه ( قطعت أذناه )، وشوِّه وجهه، فاستغفرتْ له، وجَعلتْ تقول: إنَّ ذلك في الله...
    لقد رضيتُ بقضاء الله.
    والله لأصْبرنَّ، ولأحتسبنَّ ( أي لأجعلن ذلك المصاب في الله لأطلبن الأجر عليه منه ) إن شاء الله.
    * * * * * * *

    - كانت مَوقفَ صَفية بنتِ عبد المُطلب يومَ أحُدٍ...
    أما موقفها يومَ الخندقِ فله قصةٌ مثيرةٌ سدَاها الدَّهاءُ والذكاءُ ولحمتها ( الخيوط الطولية للنسيج واللحمة الخيوط العرضية ) البسالة والحزمُ....
    فإليك خبرَهَا كما وَعتهُ كتبُ التاريخ.

    * * * * * * *

    - لقد كان من عادةِ رسول الله صلى الله عليه سلم إذا عزمَ على غزوةٍ من الغزواتِ أن يَضعَ النساء والذراريَ في الحُصون خشية أن يغدرَ بالمدينة غادرٌ في غيبةِ حُماتها.
    فلما كان يومُ الخندق جَعل نساءهُ وعمَّته وطائفةً من نساءِ المسلمين في حصنٍ لحسان بن ثابتٍ ورثهُ عن آبائه، وكان من أمنعِ حُصون المدينة مناعة وأبعدِها منالا.
    وبينما كان المسلمون يرابطون على حوافِّ الخندقِ في مُواجهة قريشٍ وأحلافِها، وقد شغلوا عن النساء والذراري بمُنازلةِ العدوِّ.
    أبصرت صَفية بنت عبد المُطلبِ شبحاً يتحرك في عتمةِ الفجرِ، فأرهفتْ له السمعَ، وأحدَّت إليه البصرَ، فإذا هو يهوديٌ أقبل على الحصن، وجعلَ يُطيفُ به مُتحسساً أخبارهُ مُتجسساً على من فيه.
    فأدركتْ أنهُ عينٌ ( جاسوس ) لبني قومه جاء ليعلمَ أفي الحصنِ رجالٌ يدافعون عمن فيه أم إنه لا يضُمُ بين جدرانِه غير النساءِ والأطفال.
    فقالت في نفسها: إنَّ يهود بني قريظة قد نقضُوا ما بينهُم وبين رسول الله من عهدٍ وظاهروا قريشاً ( أعانوا قريشاً ) وأحلافها على المسلمين.
    وليس بيننا وبينهُم أحدٌ من المسلمين يدافع عنا، ورسول الله ومن معهُ مرابطون في نحورِ العدوِّ ( في وجوه العدو وقبالته ).
    فإن استطاع عدوّ الله أن ينقلَ إلى قومهِ حقيقة أمرِنا سبى اليهُودُ النساءَ، واسترقوا الذراريَ، وكانت الطامَّة ( المصيبة الكبرى وسميت القيامة طامة لأنها تطم كل شيء ) على المسلمين.
    * * * * * * *

    - عندَ ذلك بادرتْ إلى خِمارها فلفتهُ على رأسها، وعمدتْ إلى ثيابها فشدَّتها على وسطها، وأخذتْ عموداً على عاتقها ( على كتفها )، ونزلت إلى باب الحِصنِ فشقتهُ في أناةٍ وحِذقٍ، وجعلتْ ترقب من خلاله عدُو الله في يقظةٍ وحذرٍ، حتى إذا أيقنتْ أنهُ غدا في موقفٍ يُمكنها منهُ حَملت عليه حملةُ حازمة صارمة، وضرَبتهُ بالعمُودِ على رأسه فطرَحته أرضاً... ثم عززت الضربة الأولى بثانيةٍ وثالثةٍ حتى أجهزت عليه، وأخمَدَت أنفاسه بين جنبيه.
    ثم بادرت إليه فاحتزَّت رأسه بسكين كانت معها، وقذفتْ بالرأسِ من أعلى الحِصن، فطفق يَتدحـرجُ على سُفوحِه حتى استقرَّ بين أيدي اليهودِ الذين كانوا يتربصُون ( ينتظرون ويترقبون ) في أسفله.
    فلما رأى اليهودُ رأس صاحِبهم؛ قال بَعضهم لِبعضٍ: قد علمنا إنَّ محمداً لم يكن ليتـرُك النساءَ والأطفال من غيرِ حُماةٍ...
    ثم عادُوا أدراجهم...
    * * * * * * *

    - رضي الله عن صَفية بنت عبد المطلب.
    فقد كانت مثلاً فذاُ لِلمرأة المُسلمةِ.
    ربَّت وحيدَها فأحكمتْ تربيته.
    وأصيبت بشقيقها فأحسَنتْ الصَّبر عليه.
    واختبرتها الشدائدُ فوجدت فيها المرأة الحازمة العاقلة الباسلة...
    ثم إنَّ التاريخ كتبَ في أنصعِ صفحاِته: إنَّ صفية بنتَ عبدِ المُطلب كانت أولَ امرأةٍ قتلت مُشركاً في الإسلام.

    المره الجـاية ان شاء الله

    هيـكون ...
    رجـل يعرف ان الحرب خدعه

  8. #48
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    رجـل يعرف ان الحرب خدعه

    نُعَيْمُ بنُ مَسعودٍ _ رضى الله عنه _

    نُعَيْمُ بنُ مَسعودٍ فتىً يَقِظُ الفؤادِ أَلمعيُّ الذكَّاءِ خَرَّاجٌ وَلاّجٌ لا تَعوقُه مُعضِلةٌ ولا تُعجِزُهُ مُشكلَة.
    يُمَثِّلُ ابنَ الصحراءِ بِكُلِّ ما حَبَاهُ اللهُ من صِحة الحَدْسِ وسُرعةِ البديهةِ وشدُّة الدهاء ... ولكِنَّه صاحِبَ صَبوَةٍ ( صاحبَ رغبةٍ في المتع واللذات ) وخدين ( رفيقٌ وصديق ) متعةٍ كان يَنشُدُهما أكثرَ ما يَنشُدُهما عند يهودِ يَثربَ.

    فكان كلَّما تاقت نَفسُه لِقَينةٍ ( أي لمغنية ) أو هفا سمعهُ لِوَتَرٍ شدَّ رحالَه من منازل قَومِه في نجد, ويَمَّمَ وجهه شطرّ المدينةِ حيث يَبذُلُ المالَ ليهودِها بسخاءٍ ليبذُلوا له المِتعَةَ بسخاءٍ أكثر...

    ومن هنا فقد كان نُعيمٌ كثيرَ التردٌّدِ على يثربَ, وثيقَ الصِّلةِ بمن فيها من اليهودِ, وخاصَّة بني قُرَيَظةَ.

    * * * * * * *
    - ولما أكرم اللهً الإنسانيةَ بإرسالِ رَسولِه بدينِ الهُدى والحَقِّ, وسطَعَت شِعابُ مكةَ بنورِ الإسلام؛ كان نُعيم بن مسعودٍ ما يزال مُرخياً للنفسِ عِنانَها ( مرخيا للنفس عنانها: تاركا النفس على هواها ) ...

    فأعرضَ عن الدين الجديدِ أشدَّ الإعراضِ خوفاً من أن يحولَ دونَه ودونَ مِتعِه ولذاتِه.
    ثم ما لَبِثَ أن وجد نفسَه مسوقاً إلى الانضمامِ إلى خصومِ الإسلامِ الألِدَّاءِ, مدفوعاً دفعاً إلى إشهارِ السيفِ في وجهِهِ.
    * * * * * * *

    - لكنَّ نعَيمَ بنَ مسعودٍ فَتَحَ لِنَفسِه يومَ غزوةِ الأحزابِ صفحَةً جديدةً في تاريخ الدعوةِ الإسلاميةِ, وخطَّ في هذه الصفحة قِصّةً جديدةً في تاريخ الدعوة الإسلاميةِ, وخَط َّ في هذه الصفحة قِصّةً من روائعِ قِصَصِ مكايدِ الحروبِ ..
    قِصةً ما يزال يرويها التاريخُ بكثير من الانبِهارِ بفُصولها المُحكمةِ, والإعجابِ ببطلها الأريبِ اللبيب.

    * * * * * * *
    - ولِتقِفَ على قصةِ نُعيمِ بن مسعودٍ لابدَّ لك من الرجوع إلى الوراء قليلاً.
    فقُبيلَ غزوةِ الأحزاب بقليلٍ هبت طائفةٌ مِن يهودِ بني النُّضيرِ في يثرب, وطفِقَ زعماؤها يُحزِّبون الأحزابَ لحربِ الرسولِ عليه الصلاة والسلام والقضاءِ على دينهِ ...
    فقدِموا على قريشٍ في مكةَ, وحرَّضوهم على قتالِ المسلمين, وعاهدوهم على الانضمامِ إليهم عندَ وصولهم إلى المدينةِ, وضربوا لذلك موعداً لا يُخلِفونَه.

    ثم تركوهم وانطلقوا إلى غَطفانَ في "نجد" فأثاروهم ضدَّ الإسلام ونبيِّه, ودعوهُم إلى استئصالِ الدينِ الجديد من جُذوره, وأسَرُّوا إليهم بما تمَّ بينهم وبين قريشٍ, وعاهدوها, وآذنوهُمْ بالمَوعِدِ المُتَّفق عليه.

    * * * * * * *
    - خرجت قريشٌ من مكةَ بقضِّها وقضيضها ( أي جميعها ) وخَيلِها ورجلِها بقيادّة زعيمِها أبي سفيانَ بنِ حربٍ مُتّجهةُ شطرَ المدينةِ.

    كما خرجت غطفانُ من نجدٍ بعُدَّتها وعديدها بقيادة عُيَيْنَهَ بن حِصْنٍ الغَطَفَاني.
    وكان في طليعةِ رجالِ غطفانَ بطلُ قِصَّتِنا نُعَيمُ بنُ مَسْعودٍ ...

    فلما بلغ الرسولَ صَلواتُ اللهِ عليه نبأُ خروجِهم جَمَع أَصْحَابَه وشاوَرَهم في الأمر, فقرَّ قرارهم على أَنَّ يَحْفِروا خَنْدقَاً حول المدينةِ ليَصُدُّوا عنها هذا الزَّحفً الكبيرَ الذي لا طاقًةً لها بِهِ, ولِيَقفَ الخندقُ في وجهِ الجيشِ الكثيفِ الغَازِي.

    * * * * * * *
    - ما كادّ الجيشان الزَّاحِفانِ من مكَّةَ ونجدً يقتربان من مشارِفِ المدينة..
    حتى مَضَى زعماءُ يهود بني النُّصير إلى زعماء يهود بني قُريْظَةَ القاطنين في المدينة, وجعلوا يحرِّضون على الدُّخول في حربِ النبيِّ, ويحُضُّونَهم على مُؤازرةِ الجيشين القادمين من مكَّةَ ونجدٍ.

    فقال لهم زعماءُ بني قُريظةَ !: لقد دَعوتُمُونا إلى ما نُحِبُّ ونبغي, ولكنكم تعلمون أَّنَّ بيننا وبينَ محمدِ ميثاقاً على أن نُسالِمه ونوادِعَه لِقاءَ أن نعيش في المدينة آمنين مُطمَئِنِّين وأنتم تدرون أنَّ مِدادَ ميثاقِنا معه لم يَجِفَّ بعد ...

    ونحن نَخشى إذا انتصَرَ محمدُ في هذه الحربِ أن يبطشَ بنا بَطشةً جبّارَةً وأن يَستأصلنا من المدينة استِئصالاً جَزاءَ غَدرنا بِه ...

    لكن زعماءَ بني النضير ما زالوا يُغرونَهُم بنقضِ العهدِ ويُزيِّنون لهم الغَدرَ بمحمدٍ, ويؤكد لهم بأنَّ الدائِرَةَ ستدور عليه في هذه المرَّةِ لا محاَلَةَ.
    ويشدُّون عزمهم بقدوم الجيشين الكبيرين.

    فما لَبِثَ يهود بني قُريظةَ أن لانوا لهم ونقضوا عَهدهُم مع الرسولِ صلواتُ الله وسلامُه عليه..
    ومزَّقوا الصحيفة التي بينهم وبينَه ... وأعلنوا انضمامَهم إلى الأحزاب في حَربهِ ..
    فوقع الخَبَرُ على المسلمين وقوعَ الصاعقة ..

    * * * * * * *
    - حاصَرَت جيوشِ الأحزابِ المدينَةَ وقطعَت عن أهلِها الميرَة والمؤنة والقوت.
    وشَعَرَ الرسولُ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه أنّه وَقَعَ بين فَكّي العدوِّ ...
    فقريشٌ وغطفان معسكران قبالَةَ المسلمين في خارج المدينة ...
    وبنو قُرَيظَةَ مُتربِّصون مُتَأهِّبونَ خَلفَ المسلمين في داخل المدينة ....

    ثم إنَّ المنافقين والذين في قلوبهم مَرضٌ أَخذَوا يكشِفون عن مُخَبّآتِ نفوسهم ويقولون: كانَ محمدٌ يّعدنا بأن نملك كنوز كسرى وقيصر وها نحن اليوم لا يأمن الواحد منا على نفسه أن يذهب إلى بيت الخلاء لقضاء الحاجة !

    ثم طفقوا ينفضون عن النبي جماعة إثر جماعة بحجة الخوف على نسائهم وأولادهم وببيوتهم من هجمة يشنها عليهم بنو قريظة إذ نشب القتال, حتى لم يبقى مع الرسول سوا بضع ( البضع من الثلاثة إلى التسعة ) مئات من المؤمنين الصادقين.

    وفي ذات ليلة من ليالي الحصار الذي دام قريبا من عشرين يوم لجأ الرسول صلوات الله وسلامه عليه إلى ربه, وجعل يدعوه دعاء المضطر ويكرر في دعائه قوله: ( اللّهُمَّ إني أنْشُدُك عَهدَك ووعْدَك .. اللُّهُمَّ إني أنْشُدُك عهدك ووعدك .. ).

    * * * * * * *
    - كان نُعَيمُ بنَ مسعود في تلك الليلةِ يَتَقلَّبُ على مِهادِه أرِقاً كأنما سُمِّرَ ( ثُبتا بالمسامير ) جَفناه فما يَنطبِقان لنومٍ, فجعل يَسْرَح يبصرِه وراءَ النجومِ السابحةِ على صفحة السماءِ الصافيةِ ... ويطيلُ التفكير ... وفجأةً وَجدَ نَفسَه تُسائِلُه قائلةً:
    وَيحَكَ يا نُعَيمُ !! ما لذي جاءَ بك من تلك الأماكنِ البعيدة في نجد لحربِ هذا الرجل ومن معه ؟!
    إنَّك لا تُحاِربُهُ انتصاراً لِحقٍّ مسلوبٍ أو حَميَّةً لِعرضٍ مغصُوبٍ, وإنما جئتَ تحارِبهُ لغيرِ سببٍ معروفٍ .. أيليقُ برجلٍ له عقلٌ مثلُ عقلك أن يقاتلَ فيقتُل أو يُقتَل لِغيرِ سببٍ ؟!
    وَيحَكَ يا نُعَيمُ .. ما الذي يجعلك تُشهِرُ سيفَك في وجه هذا الرجلِ الصالح الذي يأمر أتباعه بالعدل والإحسانِ وإيتاِء ذي القُربى ؟!!
    وما الذي يَحملُك على أُنْ تغمِسَ رُمحك في دماءِ أصحابِه الذين اتَّبعُوا ما جاءهُم بهِ من الهُدى والحَقِّ ؟!!
    ولم يَحْسِمْ هذا الحوارَ العنيفَ بَينَ نُعيمٍ ونفسِه إلا القرارُ الحازِمُ الذي نَهَضَ من تَوِّه ( من لحظته ) لتنفيذِه.

    * * * * * * *
    - تَسَلَّلَ نُعيمُ بن مسعود من مُعسكرِ قومه تحتَ جُنحِ الظلامِ ومضى يَحُثُّ الخُطا ( يسرع في خطاه ) إلى رسولِ الله ..
    فلما رآه النبيُّ عليه الصلاةُ والسلام ماثِلاً بينَ يَديه قال: ( نُعيمُ بنُ مسعودٍ ؟! ).
    قال: نَعم يا رسول الله.
    قال: ( ما الذي جاء بك في هذه الساعةِ ؟!! ).
    قال: جئت لأشهدَ أنْ لا إلهَ إلًّا الله, وأنَّك عبدُ اللهِ ورسولُه, وأنّ ما جئت به حقٌّ ...
    ثم أرْدَف يقول: لقد أسلمتُ يا رسول الله وإن قومي لم يَعلموا بإسْلامي ...
    فَمُرْني بما شئتَ ..
    فقال عليه الصلاةُ والسلامُ: ( إنما أنت فينا رجُل واحدٌ ... فاذهب إلى قومكَ وخذِّل عنا "ضعْضِعْ همة عدونا وأوهن قوته" إن استطعت, فإنَّ الحربَ خُدعةٌ ...).
    فقال: نعم يا رسول الله ... وسَترى ما يَسُرُّك إن شاء الله.
    * * * * * * *
    - مضى نٌعيمُ بن مسعود من تَوِّه إلى بني قُريظة, وكان لهم ( من قَبْلُ ) صاحب ورفيقاً ...
    وقال لهم: يا بني قُريظةَ, لقد عَرفتم وُدِّي لكم وصِدقي في نُصحِكُمْ.
    فقالوا: نعم, فما أنْتَ عِندنا بِمتّهمٍ ...
    فقال: إن قريشاً وغطَفاَنَ لهم في هذه الحربِ شأنٌ غير شأنِكمْ.
    فقالوا: وكيف ؟!
    فقالوا: أنتم هذا البلدُ بلدُكم, وفيه أموَالكم وأبناؤكم ونساؤكم وليس بِوُسعكُم أن تُهجِروه إلى غيره ..
    أما قريشٌ وغطفانُ فَبلدهم وأموالهم وأبناؤهم ونساؤهم في غيرِ هذا البلد ...
    وقد جاءوا لِحربِ محمد, ودعوكُم لِنقضِ عهدهِ ومُناصرتِهم عليهِ فأجبتموهم.
    فإن أصابُوا نجاحاً في قتالهِ اغتنموه, وإن أخفقوا في قهرِه عادوا إلى بلادهم آمنين, وتركوكم له, فينتقم منكم شرَّ انتقامٍ ...
    وأنتم تعلمون أنّكم لا طاقة لكم به إذا خلا بكم ...
    فقالوا: صَدقت, فما الرّأُيُ عندكَ ؟!
    فقال: الرأُي عندي ألا تُقاتلوا معهُم حتى تأخُذوا طائفةً من أشرافِهمْ وتجعلوهم رهائِن عندكم وبذلك تَحملونَهُم على قتالِ محمدٍ معكم إلى أنْ تنتصروا عليه أو يَفنى أخرُ رجل مِنكم ومِنهم ...
    فقالوا: أشَرتَ .. ونَصَحْتَ ...

    ثم خرج من عِندهم وأتى أبا سفيانَ بنَ حربٍ قائدَ قريشٍ وقال له ولمن معه: يا مَعشرَ قريش, لقد عَرفتُمْ وُدِّي لكم وعداوتي لمحمد ...
    ولقد بلغني أمرٌ فرأيتُ حقّاً عليّ أن أُفضِي به إليكم, نُصحاً لكم أن تكتموه, ولا تذيعوه عَنِّي ...
    فقالوا لك علينا ذلك ...

    فقال: إن بني قُريظةَ ندمُوا على مُخاصمتِهم لمحمدٍ, فأرسَلوا إليه يقولون: إنّا قد نَدِمنا على ما فَعلنا ... وعَزمنا على أن نعُود إلى معاهدَتك ومُسالمتِك.

    فهل يرضيكَ أن نأخُذ لك من قريشٍ وغطفان رجالاً كثيراً من أشرافِهِم, ونُسلِمهُم إليك لتضرب أعناقُهم ...

    ثم ننضمَّ إليك في محاربتهم حتى تقضِي عليهم. فأرسَل إليهم يقول: نعم ....
    فإن بعثت اليهود تطلب منكم رهائن من رجالكم فلا تدفعوا إليهم أحد ...

    فقال أبو سفيان: نعم الحليف أنت .... وجزيت خيراً ...

    ثم خرجَ نعيم من عندِ أبي سُفيان ومضى حتّى أتى قومَه غطفانَ, فحدَّثهم بِمثلِ ما حدّثَ به أبا سُفيانَ, وحذّرهم من ما حذّره منه.

    * * * * * * *
    - أراد أبو سفيان أن يختبر بني قُريظةَ فأرسلَ إليهم ابنه فقال لهم: إن أبي يُقرئُكم السلامَ ويقولُ لكم: إنه قد طال حِصارُنا لمحمد وأصحابه حتى مَلِلنَا ....
    وإنّنا قد عَزمنا على أن نقاتل محمدً ونفرغ منه ... وقد بعثني أبي إليكم ليدعوكُم إلى مُنازلَتِه غداً.

    فقالوا له: إنّ اليومَ يوم سبتٍ, ونحن لا نعملُ فيه شيئاً ثُم إننا لا نقاتلُ معكم حتى تُعطونا سبعينَ من أشرافكُم وأشرافِ غطفان ليكونوا رهائِن عندنا.
    فإننا نخشى إن اشتدَّ عليكم القتالُ أن تُسرعوا إلى بلادكُم وتترُكونا لمحمدٍ وحدنا ...
    وأنتم تعلمون أنّه لا طاقةَ لنا بِه ...

    فلما عاد ابنُ أبي سفيان إلى قومِه وأخبرهم بما سَمعه من بني قريظة قالوا بِلِسانٍ واحدٍ: خسِئَ أبناءُ القردة والخنازير ... واللهِ لوا طلبوا منا شاةً رهينةً ما دفعنا إليهم ...

    نَجح نعيمُ بن مسعود في تمزيقِ صفُوف الأحزابِ, وتفريق كلِمتهِم ...
    وأرسل الله على قريشٍ وأحلافها ريحاً صَرْصَراً عاتيةً جعلتْ تقتلِع خيامهُم, وتَكفأ قُدورهم ( أي تقلب قدورهم ), وتطفِئُ نيرانهم وتصفعُ وجوههم, وتملأ عيونهم تراباً... فلم يجدوا مفراً من الرّحيل ... فَرحلوا تَحت جُنحِ الظلامِ ...

    ولمّا أصبحَ المسلمون ووجدوا أعداء الله قد وَلّوْا مُدبِرين جعلوا يهتِفون:
    الحَمْدُ لله الذي نصَرَ عَبدَه .... وأعَزّ جُنده ... وهزمَ الأحزابَ وَحده...

    * * * * * * *
    - ظَلًّ نعيمُ بن مسعود بعد ذلك اليومِ موضع ثقةِ رسول الله .
    فَوَليَ له الأعمالَ, ونهضَ له بالأعباء, وحَملَ بين يديه الرّاياتِ.
    فلما كان يومُ فتحِ مكةَ وقف أبو سفيان بنُ حربٍ يستعرض جيوشَ المسلمين, فرأى رجلاً يحملُ راية غطفانَ, فقال لمن معه: من هذا ؟!
    فقالوا: نعيم بن مسعودٍ ...
    فقال: بئس ما صنعَ بنا يوم الخندَق ... والله لقد كان من أشدِّ الناسِ عداوةً لمحمد ... وها هو يحمل راية قومه بين يديهِ .. ويَمضي لِحربنا تَحت لوائِه ..

    المره الجايه ان شاء الله

    هيكـون ...

    صحابى رفع الله في الخافقين ذكره ، وأعلى في الأنام قدره حين اختار بيته من دون بيوت المسلمين جميعا لينزل فيه النبي الكريم لمّا حل في المدينة مهاجراً ، وحسْبه بذلك فخراً.

    دُفن تحت اسوار القسطنطينيه كما أوصى


  9. #49
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    أبــو أيــوب الانصـارى _ رضى الله عنه _
    هذا الصحابي الجليل يدعى خالد بن زيد بن كليب ، من بني النجار. أما كنيته فأبو أيوب ، وأما نسبته فإلى الأنصار.
    ومن منا معشر المسلمين لا يعرف أبا أيوب الأنصاري !
    فقد رفع الله في الخافقين ذكره ، وأعلى في الأنام قدره حين اختار بيته من دون بيوت المسلمين جميعا لينزل فيه النبي الكريم لمّا حل في المدينة مهاجراً ، وحسْبه بذلك فخراً.
    ولنزول الرسول صلوات الله عليه في بيت أبي أيوب قصّة يحلو تردادها ويلذ تكرارها.
    ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام حين بَلغ المدينة تلقته أفئدة أهلها بأكرم ما يتلقى به وافد...
    وتطلعت إليه عيونهم تبثه شوق الحبيب إلى حبيبه...
    وفتحوا له قلوبهم ليحل منها في السويداء...
    وأشرعوا له أبواب بيوتهم لينزل فيها أعز منزل.
    لكن الرسول صلوات الله عليه ، قضى في قباء من ضواحي المدينة أياما أربعة ، بنى خلالها مسجده الذي هو أول مسجد أسس على التقوى.
    ثم خرج منها راكبا ناقته، فوقف سادات يثرب في طريقها، كل يريد أن يظفر بشرف نزول رسول الله في بيته ....
    وكانوا يعترضون الناقة سيدا إثر سيد، ويقولون: أقم عندنا يارسول الله في العَدَدِ والعُدَدِ والمَنَعَةِ.
    فيقول لهم: ( دعوها فإنها مأمورة ).
    وتظل الناقة تمضي إلى غايتها تتبعها العيون، وتحف بها القلوب...
    فإذا جازت منزلا حزن أهله و أصابهم اليأس، بينما يشرق الأمل في نفوس من يليهم.
    وما زالت الناقة على حالها هذه، والناس يمضون في إثرها، وهم يتلهفون شوقا لمعرفة السعيد المحظوظ حتى بلغت ساحة خلاء أمام بيت أبي أيوب الأنصاري، وبركت فيها ...
    لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لم ينزل عنها...
    فما لبثت أن وثبت وانطلقت تمشي، والرسول مرخ لها زمامها، ثم ما لبثت أن عادت أدراجها وبركت في مبركها الأول.
    عند ذلك غمرت الفرحة فؤاد أبي أيوب الأنصاري، وبادر إلى رسول الله صلوات الله عليه يرحب به، وحمل متاعه بين يديه، وكأنما يحمل كنوز الدنيا كلها ومضى به إلى بيته.

    * * *
    - كان منزل أبي أيوب يتألف من طبقة فوقها عُلِّيَّة ، فأخلى العُلِّيةَ من متاعه ومتاع أهله لينزل فيها رسول الله ...
    لكن النبي عليه الصلاة والسلام آثر عليها الطبقة السفلى، فامتثل أبو أيوب لأمره، وأنزله حيث أحب.
    ولما أقبل الليل، وأوَى الرسول صلوات الله عليه إلى فراشه، صعد أبو أيوب وزوجه إلى العُلِّيَّةِ وما إن أغلقا عليهما بابها حتى التفت أبو أيوب إلى زوجته وقال: ويحك، ماذا صنعنا؟ أيكون رسول الله أسفل، ونحن أعلى منه.
    أنمشي فوق رسول الله . أنصير بين النبي والوحي إنا إذن لهالكون. وسُقِطَ في أيدي الزوجين وهما لا يدريان ما يفعلان. ولم تسكن نفسهما بعض السكون إلا حين انحازا إلى جانب العلية الذي لا يقع فوق رسول الله صلى الله عليه و سلم، والتزماه لا يبرحانه إلا ماشيين على الأطراف متباعدين عن الوسط.
    فلما أصبح أبو أيوب؛ قال للنبي عليه الصلاة والسلام: والله ما أُغمِضَ لنا جفن في هذه الليلة لا أنا ولا أُم أيوب.
    فقال عليه الصلاة والسلام: ( ومم ذاك يا أبا أيوب ).
    قال: ذكرت أني على ظهر بيت أنت تحته، وأني إذا تحركت تناثر عليك الغبار فآذاك، ثم إني غدوت بينك وبين الوحي.
    فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: ( هون عليك يا أبا أيوب، إنه أرفق بنا أن نكون في السفل ، لكثرة من يغشانا من الناس ).
    قال أبو أيوب: فامتثلت لأمر رسول الله إلى أن كانت ليلة باردة فانكسرت لنا جرة وأُريق ماؤها في العلية، فقمت إلى الماء أنا وأم أيوب، وليس لدينا إلا قطيفة كنا نتخذها لحافا، وجعلنا ننشف بها الماء خوفا من أن يصل إلى رسول الله .
    فلما كان الصباح غدوت إلى الرسول صلوات الله عليه، وقلت: بأبي أنت وأمي، إني أكره أن أكون فوقك، وأن تكون أسفل مني، ثم قصصت عليه خبر الجرة، فاستجاب لي، وصعد إلى العلية، و نزلت أنا وأم أيوب إلى السُّفلِ.

    * * *
    - أقام النبي عليه الصلاة و السلام في بيت أبي أيوب نحواً من سبعة أشهر، حتى تم بناء مسجده في الأرض الخلاء التي بركت فيها الناقة، فانتقل إلى الحُجُراتِ التي أقيمت حول المسجد له ولأزواجه، فَغَدا جارا لأبي أيوب ، أكرِم بهما من متجاورين.

    * * *
    - أحب أبو أيوب رسول الله صلوات الله عليه حبا ملك عليه قلبه ولبه، وأحب الرسول الكريم أبا أيوب حباً أزال الكلفة فيما بينه وبينه، وجعله ينظر إلى بيت أبي أيوب كأنه بيته.

    * * *
    - حدَّث ابن عباس قال: خرج أبو بكر رضي الله عنه بالهاجرة ( أي في نصف النهار ) إلى المسجد فرآه عمر رضي الله عنه، فقال: يا أبا بكر ما أخرجك هذه الساعة ؟
    قال: ما أخرجني إلا ما أجد من شدة الجوع.
    فقال عمر: وأنا والله ما أخرجني غير ذلك.
    فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله فقال: ( ما أخرجكما هذه الساعة ).
    قالا: والله ما أخرجنا إلا ما نجده في بطوننا من شدة الجوع.
    قال عليه السلام وأنا – والذي نفسي بيده – ما أخرجني غير ذلك ، قوما معي ).
    فانطلقوا فأتوا باب أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وكان أبو أيوب يدخر لرسول الله كل يوم طعاماً، فإذا أبطأ عنه ولم يأت إليه في حينه أطعمه لأهله.
    فلما بلغوا الباب خرجت إليهم أم أيوب، وقالت: مرحبا بنبي الله وبمن معه، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: ( أين أبو أيوب ) فسمع أبو أيوب صوت النبي - وكان يعمل في نخل قريب له - فأقبل يسرع، وهو يقول: مرحبا برسول الله وبمن معه، ثم أتبع قائلاًَ: يانبي الله ليس هذا بالوقت الذي كنت تجيء فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: ( صدقت )، ثم انطلق أبو أيوب إلى نخيله فقطع منه عِذْقاً ( العذق: غصن له شعب ) فيه تمر ورطب وبُسره ( البسرة: ما لم يكتمل نضجه ).
    فقال عليه الصلاة وللسلام: ( ما أردت أن تقطع هذا ، ألا جنيت لنا من تمره ).
    قال: يارسول الله أحببت أن تأكلا من تمره ورطبه وبسره ، ولأذبحن لك أيضا.
    قال: ( إن ذبحت فلا تذبحن ذات لبن ).
    فأخذ أبو أيوب جديا فذبحه، ثم قال لامرأته: اعجني واخبزي لنا، وأنت أعلم بالخبز، ثم أخذ نصف الجدي فطبخه، وعمد إلى نصفه الثاني فشواه، فلما نضج الطعام ووُضِع بين يدي النبي وصاحبيه، أخذ الرسول قطعة من الجدي ووضعها في رغيف، وقال: ( يا أبا أيوب بادر بهذه القطعة إلى فاطمة، فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام ).
    فلما أكلوا وشبعوا قال النبي : ( خبز، ولحم، وتمر، وبُسر، ورطب!!! )..
    ودمعت عيناه ثم قال: ( والذي نفسي بيده إن هذا هو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة، فإذا أصبتم مثل هذا فضربتم بأيديكم فيه فقولوا: بسم الله، فإذا شبعتم فقولوا: الحمد لله الذي هو أشبعنا وأنعم علينا فأفضل ).
    ثم نهض الرسول صلوات الله عليه، وقال لأبي أيوب: ( ائتنا غدا ).
    وكان عليه الصلاة والسلام لا يصنع له أحد معروفا إلا أحب أن يجازيه عليه؛ لكن أبا أيوب لم يسمع ذلك.
    فقال له عمر رضوان الله عليه: إن النبي يأمرك أن تأتيه غدا يا أبا أيوب.
    فقال أبو أيوب: سمعا وطاعة لرسول الله.
    فلما كان الغد ذهب أبو أيوب إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأعطاه وليدة كانت تخدمه، وقال له : ( استوص بها خيرا يا أبا أيوب فإنا لم نر منها إلا خيرا ما دامت عندنا ).

    * * *
    - عاد أبو أيوب إلى بيته ومعه الوليدة؛ فلما رأتها أم أيوب قالت: لمن هذه يا أبا أيوب!.
    قال: لنا... منحنا إياها رسول الله .
    فقالت: أعظم به من مانح وأكرم بها من منحة.
    فقال: وقد أوصانا بها خيرا.
    فقالت: وكيف نصنع بها حتى ننفذ وصية رسول الله .
    فقال: والله لا أجد لوصية رسول الله بها خيرا من أن أعتقها.
    فقالت: هديت إلى الصواب ، فأنت موفق.... ثم أعتقها.

    * * *
    - هذه بعض صور حياة أبي أيوب الأنصاري في سلمه فلو أتيح لك أن تقف على بعض صور حياته في حربه لرأيت عجبا....
    فقد عاش أبو أيوب رضي الله عنه طول حياته غازيا حتى قيل: إنه لم يتخلف عن غزوة غزاها المسلمون منذ عهد الرسول إلى زمن معاوية إلا إذا كان منشغلا عنها بأخرى.
    وكانت آخر غزواته حين جهز معاوية جيشا بقيادة ابنه يزيد، لفتح القسطنطينية وكان أبو أيوب انذاك شيخا طاعنا في السن يحبو نحو الثمانين من عمره فلم يمنعه ذلك من أن ينضوي تحت لواء يزيد، وأن يمخر عباب البحر غازيا في سبيل الله.
    لكنه لم يمض غير قليل على منازلة العدو حتى مرض أبو أيوب مرضا أقعده عن مواصلة القتال، فجاء يزيد ليعوده وسأله: ألك من حاجة يا أبا أيوب.
    فقال: اقرأ عني السلام على جنود المسلمين، وقل لهم: يوصيكم أبو أيوب أن توغلوا في أرض العدو إلى أبعد غاية، وأن تحملوه معكم، وأن تدفنوه تحت أقدامكم عند أسوار القسطنطينيه، ولفظ أنفاسه الطاهرة.

    * * *
    - استجاب جند المسلمين لرغبة صاحب رسول الله ، وكروا على جند العدو الكرة حتى بلغوا أسوار القسطنطينة وهم يحملون أبا أيوب معهم.
    وهناك حفروا له قبرا و واروه فيه.

    * * *
    - رحم الله أبا أيوب الأنصاري، فقد أبى إلا أن يموت على ظهور الجياد الصافنات غازيا في سبيل الله.. وسنه تقارب الثمانين ...

  10. #50
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    معلش الرد اللى قبل ده مش متظبط كويس لان النت كان وحش وملحقتش اظبطه

    المره الجايه ان شاء الله
    هيكـون ...
    شيخ عزم على ان يطأ الجنه بعرجته

صفحة 5 من 10 الأولىالأولى ... 34567 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •