صحابى قال عنه المؤرخون :
**** رجل اشترى الآخرة بالدنيـا وآثر الله ورسوله على ما سـواهما
سعيـد بن عـامر الجمحى _ رضى الله عنه _
كان الفتى سعيد بن عامرالجمحي واحداً من الآلاف المؤلفة اللذين خرجوا إلى منطقة التنعيم في ظاهر مكة بدعوة من زعماء قريش ليشهدوا مصرع خبيب بن عدي أحد أصحاب محمدبعد أن ظفروا به غدراً ..
وقف الفتى سعيد بن عامر الجمحي بقامته الممدودة يطل على خبيب وهو يقدم إلى خشبة الصلب وسمع صوته الثابت الهادئ من خلال صياح النسوة و الصبيان
وهو يقول :
إن شئتم أن تتركوني أركع ركعتين قبل مصرعي فافعلوا![]()
ثم رآه يقبل على زعماء القوم و يقول :
والله لولا أن تظنوا أني أطلت الصلاة جزعاَ من الموت لاستكثرت من الصلاة !!![]()
ثم أبصر سعيد بن عامر خبيبا يرفع بصره إلى السماء من فوق خشبة الصلب
ويقول :
اللهم أحصهم عددا و اقتلهم بددا و لا تغادر منهم أحدا ثم لفظ أنفاسه الأخيرة و به ما لم يستطع إحصاءه من ضربات السيوف و طعنات الرماح ..![]()
* * * * * * *
عادت قريش إلى مكة و نسيت في زحمة الأحداث الجسام خبيباَ و مصرعه لكن الفتى اليافع سعيد بن عامر الجمحي لم يغب خبيب عن خاطره لحظة لأن خبيبا علَّم سعيدا ما لم يكن يعلم من قبل ،
علمه أن الحياة الحقة عقيدة و جهاد في سبيل العقيدة حتى الموت![]()
وعلمه أيضا أن الإيمان الراسخ يفعل الأعاجيب و يصنع المعجزات![]()
وعلمه أمراَ آخر هو أن الرجل الذي يحبه أصحابه كل هذا الحب إنما هو نبي مؤيد من السماء عند ذلك شرح الله صدر سعيد بن عامر إلى الإسلام ..![]()
![]()
* * * * * * *
هاجر سعيد بن عامر إلى المدينة و لزم رسول الله صلوات الله عليه وشهد معه خيبر و ما بعدها من الغزوات و لما انتقل النبي الكريم إلى جوار ربه وهو راض عنه ظل من بعده سيفا مسلولا في أيدي خليفتيه أبي بكر وعمر ،
وعاش مثلا فريدا فذا للمؤمن الذي اشترى الآخرة بالدنيا ، وآثر مرضاة الله وثوابه على سائر رغبات النفس وشهوات الجسد ، وكان خليفتا رسول اللهيعرفان لسعيد بن عامر صدقه وتقواه ، ويستمعان إلى نصحه ويصغيان إلى قوله ..
![]()
ولقد دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه سعيدا إلى مؤازرته
وقال :
يا سعيد إنا مولوك على أهل (حمص).
فقال سعيد :
يا عمر ناشدتك الله ألا تفتني ..
فغضب عمر وقال :
ويحكم وضعتم هذا الأمر في عنقي ثم تخليتم عني !!
والله لا أدعك .. ثم ولاه على (حمص)
وقال :
ألا نفرض لك رزقا؟
قال :
وما أفعل به يا أمير المؤمنين ؟!
فإن عطائي من بيت المال يزيد عن حاجتي ، ثم مضى إلى حمص
وما هو إلا قليل حتى وفد على أمير المؤمنين بعض من يثق بهم من اهل حمص
فقال لهم :
اكتبوا لي أسماء فقرائكم حتى أسد حاجتهم ، فرفعوا كتابا فإذا فيه :
فلان وفلان وسعيد بن عامر ،
فقال :
ومن سعيد بن عامر ؟!
فقالوا :
أميرنا ..!!![]()
قال :
أميركم فقير؟!
قالوا :
نعم ووالله إنه ليمر عليه الأيام الطوال ولا يوقد في بيته نار ،![]()
فبكى عمر حتى بللت دموعه لحيته.
* * * * * * *
لم يمض على ذلك طويل وقت حتى أتى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ديار الشام يتفقد أحوالها فلما نزل بحمص لقيه أهلها للسلام عليه
فقال :
كيف وجدتم أميركم ؟
فشكوه إليه وذكروا أربعا من أفعاله ، كل واحد منها أعظم من الآخر .
قال عمر :
فجمعت بينه وبينهم ، ودعوت الله ألا يخيب ظني فيه ، فقد كنت عظيم الثقة به فلما أصبحوا عندي هم وأميرهم ،
قلت :
ما تشكون من أميركم ؟
قالوا :
لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار ..
فقلت :
وما تقول في ذلك يا سعيد ؟
فسكت قليلا ، ثم قال :
والله إني كنت أكره أن أقول ذلك ، أما وإنه لا بد منه ، فإنه ليس لأهلي خادم ، فأقوم في كل صباح فأعجن لهم عجينهم ، ثم أتريث قليلا حتى يختمر ، ثم أخبزه لهم ، ثم أتوضأ وأخرج للناس .![]()
قال عمر :
وما تشكون منه أيضا ؟
قالوا:
إنه لا يجيب أحدا بليل ..
قلت :
وما تقول في ذلك يا سعيد ؟
قال :
إني والله كنت أكره أن أعلن هذا أيضا ..
فأنا قد جعلت النهار لهم والليل لله عز وجل ..![]()
قلت :
وما تشكون منه أيضا؟
قالوا :
إنه لا يخرج إلينا يوما في الشهر ..
قلت :
وما هذا يا سعيد ؟
قال :
ليس لي خادم يا أمير المؤمنين ، وليس عندي ثياب غير التي علي ، فأنا أغسلها في الشهر مرة وأنتظرها حتى تجف ، ثم أخرج عليهم في آخر النهار.![]()
ثم قلت :
وما تشكون منه ايضا؟
قالوا :
تصيبه من حين إلى آخر غشية فيغيب عمن في مجلسه .
فقلت :
وما هذا يا سعيد ؟!
فقال :
شهدت مصرع خبيب بن عدي وأنا مشرك ، ورأيت قريش تقطع جسده وهي تقول :
أتحب أن يكون محمد مكانك ؟
فيقول :
والله ما أحب أن أكون آمنا في أهلي وولدي ، وأن محمدا تشوكه شوكة ...
وإني والله ما ذكرت ذلك اليوم وكيف أني تركت نصرته إلا ظننت أن الله لا يغفر لي ... وأصابتني تلك الغشية.![]()
عند ذلك قال عمر :
الحمد لله الذي لم يخيب ظني به ، ثم بعث له بألف دينار ليستعين به على حاجته
فلما رأتها زوجته قالت له :
الحمد لله الذي أغنانا عن خدمتك ، اشتر لنا مؤنة واستأجر لنا خادما
فقال لها :
وهل لك فيما هو خير من ذلك ؟
قالت :
وما ذاك.؟!
قال :
ندفعها إلى من يأتينا بها ، ونحن أحوج ما نكون إليها.
قالت :
وما ذاك؟!
قال :
نقرضها الله قرضا حسنا.![]()
قالت :
نعم وجزيت خيرا.![]()
فما غادر مجلسه الذي هو فيه حتى جعل الدنانير في صرر ،
وقال لواحد من أهله :
انطلق بها إلى أرملة فلان ، وإلى أيتام فلان ، وإلى مساكين فلان ...![]()
رضي الله عن سعيد بن عامر الجمحي فقد كان من الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ..
المره الجـايه ان شاء الله
هيكـون ....
مـؤذن رسـول الله![]()
قال عند موته :
وافرحــــــاه
غـداً نلقى الاحبـه .... محمداً وصحبه
غـداً نلقى الأحبـه .... محمداً وصحبه
![]()
جزاكم الله خيرا
متابع ان شاء الله
مـؤذن رسـول الله
قال عند موته :
وافرحــــــاه
غـداً نلقى الاحبـه .... محمداً وصحبه
غـداً نلقى الأحبـه .... محمداً وصحبه
بـلال بـن ربــاح _ رضى الله عنه _
مؤذن رسول الله
لبلال بن رباح سيره من أروع سير النضال فى سبيل العقيده ... وقصة لا يمل الزمان من ترديدها ... ولا تشبع الآذان من سحر نشيدها
ولد بلال فى "السراة " قبل الهجرة بنحو ثلاث وأربعين سنة لأب كان يدعى "رباحاً " اما أمه فكانت تدعى " حمامة "
وهى أمهٌ سوداء من إماء مكة ... لذا كان بعض الناس ينادونه بـ إبن السوداء
* * * * * * *
نشأ بلال فى " أم القرى " وهى مكة المكرمه, وكان مملوكاً لأيتام من بنى
" عبد الدار " أوصى بهم أبوهم إلى أمية بن خلف أحد رؤوس الكفر
ولما أشرقت مكـة بأنوار الدين الجديد .... وهتف الرسول الاعظمبكلمة التوحيد ...
كـان بلال من السـابقين الأولين الى الاسلام
فقد أسلم ولم يكن على ظهر الارض من مسلم الا هو وبضعة نفر من السابقين الاولين
على رأسهم ...
خديجه بنت خويلد أم المـــؤمنين
وابو بكر
وعلىُّ
وعمار بن ياسر و أمه سميه
وصهيب الرومى
و المقداد بن الاسود .
وقد لقى بلال من أذى المشركين ما لم يلقه سواه
فلقد كان لابو بكر وعلى عصبيه تمنعهما وقوم يحمونهما اما اولئك المستضعفين من الارقاء والاماء فقد نكلت بهم قريش اشد التنكيل
منهم من قُتل ومنهم من أطالت قريش تعذيبهم وعلى رأسهم بلال بن رباح
كانوا اذا توسطت الشمس كبد السماء والتهبت رمال مكه بحرارة الشمس ينزعون عنهم ثيابهم ويلبسونهم دورعا من الحديد ويصهرونهم باشعه الشمس المتقده
ويلهبون ظهورهم بالسياط ويامرونهم ان يسبوا محمدا
فكانوا اذا اشتد عليهم العذاب يستجيبون لهم ولكن قلوبهم معلقه بالله ورسوله الا بلالا رضى الله عنه وارضاه
فقد كانت نفسه تهون عليه فى الله عز وجل
كان الذى يتولى تعذيبه أميه بن خلف وزبانيته
كانوا يلهبون ظهره بالسياط ويقول : أحــدٌ أحــدٌ
ويطبقون على ظهره الصخور ويقول : أحــدٌ أحــدٌ
ويشتدون عليه فى النكال فيهــتف : أحـــدٌ أحــــدٌ
كانوا يأمرونه بأن يذكر اللات والعزى فيذكر الله ورسوله
يقولون له قل كما نقول فيقول ان لسانى لا يحسنه
كان الطاغيه الجبار اميه بن خلف يطوق عنقه بحبل ويسلمه الى السفهاء والاطفال ليطوفوا به شعاب مكه
فكان بلالا رضى الله عنه يستعــذب العذاب فى سبيل الله ورسوله ويردد على الدوام نشيده العلوى ... أحــدٌ أحــدٌ... فلا يمل من ترداده ولا يشبع من إنشاده
* * * * * * *
وقد عرض ابو بكر على اميه بن خلف ان يشتريه فأغلى فى الثمن وهو يظن انه لن يشتريه فاشتراه منه بتسع أواق من الذهب
بعد ان تمت الصفقه قال اميه :
لو أبيت أخذه الا بأوقيه لبعته
قال له الصديق :
لو ابيت بيعه الا بمائه لأشتريته
ولما أخبر ابو بكر الرسول بانه اشترى بلالا قال له الرسول :
الشـركه يا أبا بكر
قال له الصديق :
لقـد أعتقته يــا رســول الله
* * * * * * *
وعندما أذن الله لرسوله بالهجره هاجر بلال فى جملة من هاجر
ونزل هو والصديق وعامر بن فهر فى بيت واحد فاصيبوا بالحمى جميعا
فإذا اقلعت عنه الحمى رفع صوته وقال :
ألا ليـت شعرى هل أبيتن ليلةً بفخ وحولى إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياة مجنة وهل يبدون لى شامة وطفيل
فخ : موضع خارج مكه
إذخر : نبات طيب الرائحه
مجنه : اسم سوق من اسواق العرب
شامة وطفيل :جبلان بمكه
لاعجب ان يشتاق بلالا الى مكه فهناك ذاق حلاوة الايمان
* * * * * * *
فاستقر بلال فى يثرب بعيدا عن اذى قريش وتفرغ لنبيه وحبيبه محمد صلوات الله وسلامه عليهحتى اصبح الزم له من ظله
ولما شيد الرسول مسجده فى المدينه وشرع الآذان ...
كان بلالا أول مؤذن فى الاسلام
كان إذا فرغ من الآذان وقف عند باب بيت رسول الله ويقول
حـى على الصلاة حى على الفـلاح
فإذا خرج رسول اللهمن حجرته ورآه بلال مقبلاً ابتدأ الاقامه
* * * * * * *
وقد اهدى النجاشى ملك الحبشه الرسول الاعظم ثلاثة رماح من نفائس ما يقتنيه الملوك
فاحتفظ بواحد لنفسه
واعطى واحدا لعلى بن ابى طالب
وواحدا لعمر بن الخطاب
ثم اختص برمحه بلالا فجعل بلال يسعى به بين يديه ايام حياته كلها فكان يحمله فى العيدين وفى صلوات الاستسقاء ويركزه امامه ان اقيمت الصلاه خارج المسجد
* * * * * * *
شهد مع الرسول بدرا ووجد أبا جهل واميه بن خلف صريعين تنوشهما سيوف المسلمين
* * * * * * *
لما دخل الرسول مكه فاتحا على راس كتيبته الخضراء كان معه
داعـــى الســماء ... بــلال بن ربـــاح
وحين دخل الكعبه كان فى صحبته ثلاث رجال هم :
عثمان بن طلحه حامل مفاتيح الكعبه
اسامه بن زيد حب رسول الله وابن حبه
بلاب بن رباح مؤذن رسول الله
ولما حانت صلاة الظهر كانت الالوف المؤلفه تحيط بالرسول صلوات الله وسلامه عليه
عند ذلك دعا الرسول بلال بن رباح وامره ان يصعد على ظهر الكعبه ويعلن من فوقها كلمة التـــوحيــد فصدع بلال بالامر
وارسل صوته الجهير بالاذان
كان الذين اسلموا من كفار قريش طوعا اوكرها يشهدون ذلك المشهد الكبير
فما ان وصل بلال فى الاذان الى قوله :
أشهــد أن محــمداً رســول الله
ردود فعل الذين اسلموا من قريش طوعا او كرها...
قالت جويريه بنت ابى جهل : لعمرى لقد رفع الله لك ذكرك اما الصلاه فنصلى وانا والله لا نحب من قتل الاحبه فكان ابوها ممكن قتلوا فى بدر
قال خالد بن أسيد : الحمدلله الذى اكرم ابى فلم يشهد هذا اليوم وكان ابوه قد مات بيوما قبل الفتح
قال الحارث بن هشام : وا ثكــلااااه ليتنى مت قبل ان ارى بلالا فوق الكعبه
وقال الحكم بن ابى العاص : هذا والله الخطب الجلل ان يصبح عبد بنى جمح ينهق على هذه البنيه
وكان معهم ابو سفيان بن حرب فقال :
أما انا فلا أقول شيئا فانى لو فهت بكلمه لنقلتها هذه الحصاه الى محمد بن عبدالله![]()
* * * * * * *
ظل بلال يؤذن للرسول طيلة حياته
وظل الرسول يأنس لذلك الصوت الذى عُذب فى الله اشد العذاب وهو يردد
أحــدٌ أحــدٌ
ولما انتقل الرسول الى الرفيق الاعلى وحان وقت الصلاه قام بلال يؤذن فى الناس والنبى الكريم مسجى لم يدفن بعد فلما وصل الى قوله
أشــهد أن محـــمداً رســول الله
خنقته العبرات واحتبس صوته فى حلقه واجهش المسلمون فى البكاء واغرقوا فى النحيب
ثم أذن بعد ذلك ثلاثة ايام
فما ان وصل الى
أشــهد أن محـــمداً رســول الله
بكى وابكى ...
عند ذلك طلب من ابى بكر ان يعفيه من الآذان بعد ان عاد لا يحتمله
واستأذنه فى الخروج الى الجهاد فى سبيل الله والمرابطه فى بلاد الشام
فتردد الصديق فقال له بلال :
ان كنت اشتريتنى لنفسك فامسكنى
وان كنت اعتقتنى لله فخلنى لمن اعتقتنى له
فقال ابو بكر والله مااشتريتك الا لله
وما اعتقتك الا فى سبيله
فقال بلال :انى لا أؤذن لاحد بعد رسول الله
قال ابو بكر : لك ذلك
* * * * * * *
رحل بلال عن المدينه مع اول بعث من بعوث المسلمين و اقام فى "داريا " بالقرب من دمشق
ظل ممسكا عن الاذان حتى قدم عمر بن الخطاب بلاد الشام فلقى بلال رضوان الله عليه بعد غياب طووويل
وكان عمر شديد الشوق اليه عظيم الاجلال له حتى انه إذا ذكر الصديق امامه يقول :
" إن أبو بكر سيدنا واعتق سيدنا "
"يعنى بلالا "
وهناك عزم الصحابه على بلال ان يؤذن فى حضره الفاروق
فما ان ارتفع صوته بالاذان حتى بكى عمر وبكى معه الصحابه حتى اخضلت اللحى بالدموع
فلقد اهاج بلال اشواقهم الى عهود المدينه المنوره
* * * * * * *
ولقد ظل داعــى السمــاء يقيم فى دمشق حتى وافاه الاجل المحتوم فكانت امرأته تعول الى جانبه فى مرض الموت وتصيح قائله :
وا حـــزناااه
وكان هو يفتح عينيه فى كل مرة ويجيبها قائلاً :
وا فـــرحــــاه
ثم لفظ انفاسه الاخيره وهو يردد
غــداً نلقى الأحبــه .... محمداً وصحبــه
غـــداً نلقـى الأحبــه .... محمــداً وصحــبه
رضى الله عنه وارضاه
المره الجايه ان شاء الله
هيكــون ...
أمين هـذه الأمه
![]()
أبـــو عبيــدة بن الجـراح _ رضى الله عنه _أمين هـذه الأمه![]()
كان وضيء الوجه، بهيّ الطلعة، نحيل الجسم، طويل القامة، خفيف العارضين، ترتاح العين لمرآه، وتأنس النفس للقياه، ويطمئن إليه الفؤاد.![]()
وكان إلى ذلك رقيق الحاشية، جمّ التواضع، شديد الحياء، لكنه كان إذا اشتد الأمر وجد الجِدّ يغدو كأنّه الليث عادياً.
فهو يشبه نصل السيف رونقا وبهاء، و يماثله حدّة ومضاء.![]()
ذلك هو أمين أمة محمد، عامر بن عبد الله بن الجراح الفهريّ القرشي، المكنّى بأبي عبيدة.
نعته عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال: ثلاثة من قريش أصبح الناس وجوهاً، وأحسنها أخلاقا، وأثبتها حياءً، إن حدثوك لم يَكْذِبُوك وإن حدثتهم لم يُكذِّبوك:
أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفّان وأبو عبيدة بن الجراح.
* * * * * * *
- كان أبو عبيدة من السابقين الأولين إلى الإسلام، فقد أسلم في اليوم التالي لإسلام أبي بكر، وكان إسلامه على يدي الصديق نفسه، فمضى به وبعبد الرحمن بن عوف وبعثمان بن مظعون وبالأرقم بن أبي الأرقم إلى النبيفأعلنوا بين يديه كلمة الحق، فكانوا القواعد الأولى التي أقيم عليها صرح الإسلام العظيم.
![]()
* * * * * * *
- عاش أبو عبيدة تجربة المسلمين القاسية في مكّة منذ بدايتها إلى نهايتها، وعانى مع المسلمين السّابقين من عنفها وضراوتها وآلامها وأحزانها مالم يعانيه أتباع دين على ظهر الأرض؛ فثبت للإبتلاء، وصدق الله ورسوله في كل موقف.
لكنَّ محنة أبي عبيدة يوم بدر فاقت في عنفها حسبان الحاسبين وتجاوزت خيال المتخيلين.
* * * * * * *
- انطلق أبو عبيدة يوم بدر يصول بين الصفوف صولة من لا يهاب الردى، فهابه المشركون، ويجول جولة من لا يحذر الموت، فحذره فرسان قريش وجعلوا يتنحون عنه كلما واجهوه...
لكن رجلا واحدا منهم جعل يبرز لأبي عبيدة في كل اتجاه؛ فكـان أبو عبيدة يتحرّف عن طريقه ويتحاشى لقاءه.![]()
ولجّ الرجل في الهجوم، وأكثر أبو عبيدة من التنحي، وسد الرجل على أبي عبيدة المسالك، ووقف حائلاً بينه وبين قتال أعداء الله. ! ! !
فلما ضاق به ذرعا ضرب رأسه بالسيف ضربة فلقت هامته فلقتين؛ فخّر الرجل صريعا بين يديه.![]()
لا تحاول - أيها القارئ الكريم – أن تخمّن من يكون الرجل الصريع..
أما قلت لك: إن عنف التجربة فاق حسبان الحاسبين، وجاوز خيال المتخيلين؟
ولقد يتصدع رأسك إذا عرفت أن الرجل هو عبد الله بن الجراح والد أبي عبيدة.![]()
* * * * * * *
- لم يقتل أبو عبيدة أباه، وإنما قتل الشرك في شخص أبيه.![]()
فأنزل الله سبحانه في شان أبي عبيدة وشأن أبيه قرآنا فقال علت كلمته: { لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } المجادلة:22.
* * * * * * *
- لم يكن ذلك عجيبا من أبي عبيدة، فقد بلغ في قوّة إيمانه بالله ونصحه لدينه، والأمانة على أمة محمد مبلغا طمحت إليه نفوس كبيرة عند الله.
- حدّث محمد بن جعفر، قال: قدِم وفد من النصارى على رسول اللهفقال: يا أبا القاسم ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا ليحكم بيننا في أشياء من أموالنا اختلفنا فيها، فإنكم عندنا معشر المسلمين مرضيون.
- فقال رسول الله: ( ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين ).
- قال عمر بن الخطّاب: فرحت إلى صلاة الظهر مبكرا، وإني ما أحببت الإمارة حُبي إياها يومئذ رجاء أن أكون صاحب هذا النعت...![]()
فلما صلى بنا رسول اللهالظهر، جعل ينظر عن يمينه وعن يساره، فجعلت أتطاول له ليراني، فلم يزل يقلب بصره فينا حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح، فدعاه فقال: ( اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه )، فقلت: ذهب أبو عبيدة.
![]()
* * * * * * *
- ولم يكن أبو عبيدة أمينا فحسب، وإنما كان يجمع القوّة والأمانة، وقد برزت هذه القوة في أكثر من موطن:
برزت يوم بَعَث الرسول جماعة من أصحابه ليتلقوا عيرا لقريش، وأمر عليهم أبا عبيدة رضي الله عنهم وعنه، وزودهم جرابا من تمر، لم يجد لهم غيره، فكان أبو عبيدة يعطي الرجل من أصحابه كل يوم تمرة، فيمصها الواحد منهم كما يمص الصبي ضرع أمه، ثم يشرب عليها ماء؛ فكانت تكفيه يومه إلى الليل.![]()
* * * * * * *
- وفي يوم أحد حين هزم المسلمون وطفق صائح المشركين ينادي: دلوني على محمد... دلوني على محمد... كان أبو عبيدة أحد العشرة الذين أحاطوا بالرسولليذودوا عنه ( أي ليدافعوا عنه ) بصدورهم رماح المشركين.
فلما انتهت المعركة كان الرسولقد كسرت رباعيته ( الرباعية هي السن التي بين الثنية والناب ) وشج جبينه وغارت في وجنته حلقتان من حلق درعه، فأقبل عليه الصديق يريد انتزاعهما من وجنته فقال له أبو عبيدة: أقسم عليك أن تترك ذلك لي، فتركه، فخشي أبو عبيدة إن اقتلعهما بيده أن يؤلم رسول الله، فعض على أولاهما بثنيته ( الثنية جمع ثنايا وهي أسنان مقدم الفم ) عضاً قوياً محكما فاستخرجها ووقعت ثنيته...
![]()
ثم عض على الأخرى بثنيته الثانية فاقتلعها فسقطت ثنيته الثانية...![]()
قال أبو بكر: ( فكان أبو عبيدة من أحسن الناس هَتَماً ) " والأهتم هو من انكسرت ثنيتاه ".![]()
![]()
![]()
* * * * * * *
- لقد شهد أبو عبيدة مع رسول الله صلوات الله عليه المشاهد كلها منذ صحبه إلى أن وافاه اليقين. فلما كان يوم السقيفة ( المراد به يوم بيعة أبي بكر رضي الله عنه، فقد تمت بيعته في سقيفة بن ساعدة ) ، قال عمر بن الخطاب لأبي عبيدة: ابسط يدك أبايعك، فإني سمعت رسول اللهيقول: ( إن لكل أمة أمينا، وأنت أمين هذه الأمة ).
![]()
فقال أبو عبيدة: ما كنت لأتقدم بين يدي رجل أمره رسول اللهأن يؤمّنا في الصلاة فأمّنا حتى مات.
![]()
ثم بويع بعد ذلك لأبي بكر الصديق، فكان أبو عبيدة خير نصيح له في الحق، وأكرم معوان له على الخير.
ثم عهد أبو بكر بالخلافة من بعده إلى الفاروق فدان له أبو عبيدة بالطاعة، ولم يعصه في أمر، إلا مرة واحدة.![]()
فهل تدري ما الأمر الذي عصا فيه أبو عبيدة أمر خليفة المسلمين؟!
لقد وقع ذلك حين كان أبو عبيدة بن الجراح في بلاد الشام يقود جيوش المسلمين من نصر إلى نصر حتى فتح الله على يديه الديار الشامية كلها...
فبلغ الفرات شرقا وآسيا الصغرى شمالاً.![]()
عند ذلك دهم بلاد الشام طاعون ما عرف الناس مثله قط فجعل يحصد الناس حصدا...
فما كان من عمر بن الخطاب إلا أن وجّه رسولا إلى أبي عبيدة برسالة يقول فيها: إني
بدت لي إليك حاجة لا غنى لي عنك فيها، فإن أتاك كتابي ليلا فإني أعزم عليك ألا
تصبح حتى تركب إليّ، وإن أتاك نهارا فإني أعزم عليك ألا يمسي حتى تركب إليّ،
فلما أخذ أبو عبيدة كتاب الفاروق قال: قد علمت حاجة أمير المؤمنين إلي، فهو يريد
أن يستبقي من ليس بباق، ثم كتب إليه يقول: يا أمير المؤمنين، إني قد عرفت حاجتك
إلي، وإني في جند من المسلمين ولا أجد بنفسي رغبة عن الذي يصيبهم... ولا أريد
فراقهم حتى يقضي الله فيَّ وفِيهِم أمره... فإذا أتاك كتابي هذا فحللني من عزمك، وائذن لي بالبقاء.![]()
فلما قرأ عمر الكتاب بكى حتى فاضت عيناه، فقال له من عنده ( لشدة ما رأوه من بكائه ): أمات أبو عبيدة يا أمير المؤمنين؟
فقال: لا، ولكن الموت منه قريب.
ولم يكذب ظن الفاروق، إذ ما لبث أبو عبيدة أن أصيب بالطاعون، فلما حضرته الوفاة أوصى جنده فقال: إني موصيكم بوصية إن قبلتموها لن تزالوا بخير:
أقيموا الصلاة،
وصوموا شهر رمضان،
وتصدقوا،
وحجوا واعتمروا،
وتواصوا،
وانصحوا لأمرائكم
ولا تغشوهم ولا تلهكم الدنيا،
فإن المرء لو عُمِّر ألف حول ما كان له بُدٌّ من أن يصير إلى مصرعي هذا الذي ترون...
والسلام عليكم ورحمة الله.![]()
ثم التفت إلى معاذ بن جبل وقال: يامعاذ، صلِّ بالناس.
ثم مالبث أن فاضت روحه الطاهرة، فقام معاذ وقال: أيها الناس: إنكم قد فجعتم برجل , والله ما أعلم أني رأيت رجلا أبرّ صدرا ولا أبعد غائلة ( الغائلة جمع غوائل وهي الشر والحقد الباطن ) ولا أشدّ حبا للعاقبة ولا أنصح للعامّة منه، فترحموا عليه يرحمكم الله
هـذا هو أميــن أمة محـمد![]()
المره الجايه ان شاء الله " استأذنكم هتبقى يوم السبت ان شاء الله"
هيكـون ...
صحـابى قال عنه الرسول
" من سره ان ينظر الى رجل من اهل الجنه فلينظر إلى ****** "
![]()
موضوع جميل يا اميرة وفعلا فى حاجات كتيرة منعرفهاش عن حياة الصحابه
ان شاء الله هتابع معاكى قريب ان شاء الله
هيكـون ...
صحـابى قال عنه الرسول
" من سره ان ينظر الى رجل من اهل الجنه فلينظر إلى ****** "عبدالله بن سلام _ رضى الله عنه _
كان الحُصينُ بنُ سَلامٍ حَبراً( رئيس الكهنة عند اليهود، والحبر العالم المتبحر في العالم أيضاً ) من أحبَارِ اليهودِ في يثربَ.
وكان أَهلُ المدينَةِ على اختِلافِ مِللِهم ونِحلِهم ( أديانهم ) يُجلُّونَه ويعظِّمونه.
فقد كان معروفاً بينَ النَّاسِ بالتُّقَى والصلاحِ موصوفاً بالاستِقامَةِ والصِّدْقِ.![]()
* * * * * * *
وكان الحُصَينُ يحيا حياةً هادِئةً وادِعةَ؛ ولكنَّها كانَت في الوقت نَفسه جادَّة نافِعةً....
فقد قسَّم وقتَه أقساماً ثلاثة:
فَشَطرٌ في الكَنِيسِ ( معبد اليهود ) للوَعظِ والعبادَة...
وشَطرٌ في بُستَانٍ له يَتَعهَّدُ نَخلَه بالتَّشذيبِ والتأْبير ( تلقيح النخل وإصلاحه )..
وشطرٌ مع التَّوراةِ ( الكتاب الذي انزل على موسى عليه السلام ) للتَّفَقُّهِ في الدين...
* * * * * * *
وكان كُلمَا قَرَأ التوراةَ وقَفَ طويلاً عِند الأخبَارِ التي تُبشرُ بظهورِ نبيٍّ في مَكَّة يُتَمِّمُ رِسالاتِ الأنبِياءِ السابقين ويَختِمُها.![]()
وكان يَستقَصي أوصافَ هذا النبيِّ المُرتَقبِ وعلاماتِه ويَهتزُّ فَرحاً لأنهُ سَيهجُرُ بلَدَهُ
الذي بُعثً فيه وسَيتَّخذُ من يَثرِبَ مهَاجراً له ( بفتح الجيم مكانا لهجرته ) ومُقاماً.
وكان كُلمَا قَرأَ هذه الأَخبَارَ أو مَرّت بخاطِره يَتمَنّى على الله أن يَفسحَ له في عُمره
حتى يَشهدَ ظهورَ هذا النبي المرتقب، ويسعَدَ بلقائه، ويكون أولَ المؤمنين به.![]()
* * * * * * *
وقد استَجابَ الله عزَّ وجلَّ دُعاء الحُصين بنِ سلامٍ فَنسَأ لهُ في أجله حتى بُعِث نبيُّ الهدى والرحمةِ...![]()
وكُتبَ له أن يَحظى بِلقائِه وصُحبتِه، وأن يُؤمنَ بالحقِّ الذي أنزِلَ عليه...
فلنترُك للحُصينِ الكلامَ ليسوقَ لنا قصةَ إسلامِه فهو لها أروَى، وعلى حسن عَرضها أقدَر.![]()
قال الحُصين بنَ سَلام: لَمَّا سمِعتُ بظهورِ رسولِ اللهأخَذتُ أتحَرَى عن اسمِه
ونسبهِ وصِفاتهِ وزماِنه ومكانِه وأطابِقُ بينها وبَينَ ما هو مَسطورٌ عِندَنا في الكتب حتى
استيقنتُ من نُبُوَّتهِ، وتثَبتُّ من صِدقِ دَعوتِه ثم كَتَمتُ ذلك عن اليهودِ، وعَقَلتُ لِساني عن التكلُّم فيه...![]()
إلى أن كانَ اليَومُ الذي خَرجَ فيه الرسولُ عليه السلامُ من مكة قاصداً المدينةَ.
فلما بَلغَ يثربَ ونَزَل بقُباءَ ( قرية على بعد ميلين من المدينة ) أقبَلَ رجُلٌ علينا وجَعلَ
ينادِي في النَّاس مُعلِناً قدومَه وكنتُ ساعتئذٍ في رأسِ نخلةٍ لي أعملُ فيها وكانت عَمتِي خالِدةُ بنتُ الحارِثِ جالِسةً تحتَ الشجَرَةِ، فما إن سَمعتُ الخَبرَ حتى هتَفتُ:
الله أكبَرُ..... اللهُ أكبَرُ.
فقالت لي عَمَّتي حينَ سَمِعتْ تَكبيري: خَيبكَ اللهُ....والله لو كُنتَ سَمعتَ بموسَى بنِ عِمرانَ قادِماَ ما فَعلتَ شيئاً فَوق ذلك....
فقلت لها: أي عَمَّة ، إنه والله أخو موسى بنِ عمرانَ، وعلى دينه...وقد بُعثَ بما بُعِثَ به...
فَسكَتَتْ وقالت: أهو النبيُّ الذي كنتم تُخبروننا أنه يُبعثُ مُصدِّقاً لمن قبله ومُتمماً لرسالات ربه؟!
فقلت: نعم...
قالت: فذلك إذن...
ثم مَضيتُ فورا من غير إبطاء إلى رسولِ اللهفرأيتُ الناسَ يزدَحِمُون بِبابِه، فزاحَمُتُهُم حتى صِرتُ قريباُ منه.
![]()
فكان أول ما سَمعتُه منه قوله: ( أيها النَّاسُ أفشُوا السَّلامَ.. وأطعموا الطعام...وصَلوا بالليلِ والنَّاسُ نيامٌ.. تَدخُلوا الجَنة بِسَلامٍ....)![]()
![]()
فجعلتُ أتَفَرَّسُ فيه، وأتَمَلى منه فَأيقَنتُ أنَّ وَجههُ ليسَ بِوجهِ كذابٍ.
ثم دَنَوتُ منه، وشَهدتُ أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.![]()
فالتَفَتَ إلي وقال: ( ما اسمُك ؟ )
فقلت: الحُصينُ بنُ سلامٍ.
فقال: ( بل عبدُ الله بنُ سلام ).![]()
فقلت: نعم، عبد الله بن سلام... والذي بَعَثكَ بالحَقِّ ما أحِبُّ أنَّ لي به اسماً آخر بعد اليومِ.![]()
ثم انصرَفتُ من عندِ رسول اللهإلى بيتي ودعوتُ زَوجتي وأولادِي وأهلي إلى الإسلامِ فأسلموا جميعاً وأسلًمتْ معهم عمتي خالِدةُ، وكانت شيخَةً كبيرةً...
![]()
ثم إني قُلتُ لهم: اكتُموا إسلامي وإسلامكُم عن اليَهودِ حتى آذَنَ لكم !!
فقالوا: نعم.
ثم رجعتُ إلى رسول اللهوقَلتَ له: يا رسول الله، إنَّ اليهودَ قومُ بُهتانٍ وباطِلٍ....
وإني أحبُّ أن تَدعُو رؤساءهم وسادتهم إليكَ..
وأن تستُرني عَنهُم في حُجرةٍ من حُجُراتك ثم تسألهم من مَنزِلتِي عِندهم قبل أن يَعلموا بإسلامي ثم تدعوهم إلى الإسلام.![]()
فإنهم إن عَلِموا أنَّنِي أسْلَمتُ عابوني، ورَمَوني بِكل ناقِصةٍ وبَهتُوني
فأدخّلني رسول اللهفي بعض حُجُراتهِ، ثم دعاهم إليه وأخذَ يَحضُّهم على
الإسلام، ويُحَبِّبُ إليهم الإيمانَ، ويُذَكرُهُم بِما عَرَفوه في كُتُبهم من أمرِهِ..
فجعلوا يجادلونه بالباطل، ويمارونه في الَحقِّ، وأنا أسمَعُ، فلما يَئِسَ من إيمانِهم
قال لهم: ( ما مَنزلةُ الحصينِ بن سلامٍ فيكم؟ ).
فقالوا: سيدُنا وابنُ سيدنا وحَبرُنا وعالِمُنا وابنُ حبرِنا وعالمِنا.
فقال: ( أَفَرأيتُمْ إنْ أسلمَ أفَتُسلمون؟ )
قالوا: حاشا للَه، ما كان لِيُسلمَ... أعاذهُ اللهُ من أن يُسلمَ..
فخرجتُ إليهم وقلت: يا معشرَ اليهودِ، اتَّقُوا الله واقبلُوا ما جاءَكم بهِ محمدٌ.
فواللهِ إنكمْ لتعلمُون إنه لرسولُ الله، وتجدونه مكتوباً عندكمْ في التوراةِ باسمِهِ وصفتِهِ.![]()
وإني أشهَدُ أنَّه رسولُ الله وأومن به، وأصدِّقه، وأعرفُه...![]()
فقالوا: كذبت. والله إنَّك لشَرُّنا وابن شَرِّنا، وجاهِلنا وابنُ جاهِلنا، ولم يتركوا عَيباً إلا عابُوني به.![]()
فقلت لرسولِ الله: ألم أقل لك: إنَّ اليهودَ قومُ بُهتانٍ وباطلٍ، وإنهُم أهلُ غَدرٍ وفجورٍ؟؟
* * * * * * *
- أَقبَلَ عبدُ الله بنُ سلامٍ على الإسلامِ إقبالَ الظامئ الذي شاقَه المَوردُ ....
وأولِعَ بالقُرآنِ؛ فكان لسانُه لا يفتأ رطباً بآياتِه البينات...![]()
وتعلقَ بالنبيِّ صلواتُ الله وسلامُه عليه حتى غدا ألزمَ له من ظِلِّه....
ونَذرَ نفسَه للعَملِ للجنَّةِ حتى بَشَّره بها رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بِشارةً
ذاعَت بين الصَّحابةِ الكرامِ وشاعت...![]()
![]()
![]()
وكان لهذه البِشارة قِصةٌ رواها قَيسُ بنُ عُبادةَ وغيرُه.
قال الراوي: كنت جالساً في حلقةٍ من حَلقاتِ العِلمِ في مسجِدِ رسولِ الله في المدينةِ.
وكان في الحَلقةِ شَيخٌ تَأنَسُ به النَّفسُ ويستروحُ به القلب.
فجَعلَ يحدثُ الناسَ حديثاً حُلواً مؤثراً...![]()
فلما قامَ قال القوم: من سَرَّه أن ينظرَ إلى رَجُلٍ من أهلِ الجنةِ فلينظر إلى هذا.
فقلت: من هذا؟؟!!!
فقالوا: عبدُ الله بنُ سلامٍ.![]()
فقلتُ في نفسي: والله لأتَبَعنَّهُ ؛ فَتَبِعُهُ ؛ فانطلق حتى كاد أن يخرُج من المدينةِ، ثم دَخلَ منزلَه.
فاستَأذَنتُ عليه ؛ فأذِنَ لي.
فقال: ما حاجتُك يا بن أخي؟
فقلت: سمعتُ القومَ يقولون عَنكَ لما خرجتَ من المسجد: من سَرَّه أن ينظرَ إلى رَجُلٍ من أهلِ الجنةِ فلينظر إلى هذا.
فمضَيتُ في إثرِكَ، لأقف على خبركَ، ولأعلَمَ كَيف عَرفَ الناسُ أنكَ من أهلِ الجنَّة.
فقال: الله أعلمُ بأهل الجنَّة يا بُنيَّ.
فقلت: نعم... ولكن لا بُد لما قالوه من سبب.
فقال: هاتِ... وجَزاكَ الله خيراً.
فقال: بينما أنا نائِمٌ ذات ليلةٍ على عهدِ رسولِ اللهأتاني رجُلٌ فقال لي: قم، فَقمتُ، فأخَذَ بيَدِي، فإذا أنا بطرِيقٍ عن شمالي فهمَمتُ أن أسلكَ فيها...
فقال لي: دَعها فإنَّها ليست لك...
فنظرتُ فإذا أنا بِطرقٍ واضحةٍ عن يميني فقال لي: اسلُكها...
فسلكتُها حتى أتيتُ رَوضَةً غناءَ واسعةَ الأرجاءِ كثيرةَ الخضرةِ رائعة النُّضرةِ.
وفي وسَطِهَا عمودٌ من حديدٍ أصلُه في الأرضِ ونهايَتُه في السماء.
وفي أعلاهُ حلقةٌ من ذهبٍ.
فقال لي: ارقَ عليه.
فقلت: لا أستطيع.
فجاءني وصِيفٌ فَرفَعنِي، فرقيت حتى صِرتُ في أعْلَى العمودِ، وأخذتُ بالحلقةِ بيدي كلتيهما.
وبقيتُ مُتعَلقاً بها حتى أصَبحتُ.
فلما كانت الغداةُ أتَيتُ رسول اللهوقَصَصتُ عليه رؤيايَ فقال: ( أما الطريقُ التي رأيتَها عن شِمالكَ فهي طريقُ أصحَابِ الشِّمالِ من أهل النارِ... وأما الطريقُ التي رأيتها عن يمينك فهي طريقُ أصحابِ اليمينِ من أهْل الجنَّة...
![]()
وأما الروضةُ التي شاقَتكَ بخُضرتِها ونُضرتِها فهي الإسلام... وأما العمودُ الذي في وسَطِها فَهو عمودُ الدين... وأما الحَلقةُ فهي العُروةُ الوُثقى.... ولن تَزَالَ مُستَمسِكاً بها حتى تموتَ.... ).![]()
![]()
رضى الله عنه وأرضاه
المره الجايه ان شاء الله
هيكـون .....
الشهيد و أبو الشهيد
من دعاء الرسول له " اللهم أجعل له آيه "