صفحة 2 من 10 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 99

الموضوع: صـور من حيـاة الصحـابه ... متجدد إن شاء الله ...

  1. #11
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    أعلم أمة محمد عليه الصلاه والسلام بالحلال والحرام




    معـاذ بن جـبل _رضى الله عنه _

    لما أشرَقتْ جزيرة العرَبِ بنور الهُدى والحقِّ، كان الغلامُ اليثربيُّ ( نسبة إلى يثرب، وهي المدينة المنورة ) مُعاذ ابنُ جبلٍ فتىً يافعاً.
    كان يَمتاز من أترابهِ بحِدَّة الذكاءِ، وقوةِ البديهة وروعةِ البيانِ، وعُلوِّ الهمةِ.
    وكان إلى ذلك، بهي الطلعة جميلُ الملامحِ أكحلَ العينِ جعدَ الشعرِ براقَ الثنايا، يَملأ عين الناظر إليه ويملكُ عليه فؤاده.

    أسلمَ على يدي الداعيةِ المكيِّ مصعبِ بن عُميرٍ، وفي ليلة العقبة امتدت يدهُ الفتية فصافحتْ يدَ النبي الكريم وبايعته...

    فقد كانَ مُعاذ مع الرهط ِالاثنينِ والسبعين الذين قصدوا مكةَ، لِيسعدوا بلقاءِ رسول الله ، ويَشرفوا ببيعتهِ، ولِيخطوا في سفر التاريخِ أروع صفحةٍ وأزهاها...

    * * * * * * *
    -وما إن عاد الفتى من مكة إلى المدينةِ حتى كونَ هو ونفرٌ صغيرٌ من لدَاته جماعةً لكسرِ الأوثانِ، وانتزاعها من بُيوت المشركين في يثربَ في السرِّ أو في العلنِ. وكان من أثرِ حركةِ هؤلاء الفتيانِ الصّغار أن أسلمَ رجلٌ كبيرٌ من رجالاتِ يثرب، وهو عمرُو بنُ الجموح.

    * * * * * * *
    - ولما قدِم الرسولُ الكريم على المدينةِ مهاجراً، لزِمَه الفتى معاذ بن جبلٍ مُلازمة الظلِّ لصاحبه، فأخَذ عنه القرآنَ، وتلقى عليه شرائِع الإسلام، حتى غدا من أقرأ الصحابة لكتاب الله، وأعلمِهم بشرعِه...

    حدّثَ يزيدُ بنُ قطيبٍ
    قال: دخلتُ مسجد حمصَ فإذا أنا بفتىً جعد الشعرِ، قد اجتمعَ حوله الناس.
    فإذا تكلم كأنما يَخرجُ من فيه نورٌ ولؤلؤ.
    فقلت: من هذا؟!
    فقالوا: معاذ بنُ جبل.

    * * * * * * *
    وروى أبو مسلم الخولانيُّ ( أحد كبار التابعين وهو من اليمن )

    قال: أتيتُ مسجدَ دمشقَ؛ فإذا حلقة ( مجلس العلم، وكانوا يتحلقون في هذه المجالس حول الشيخ ) فيها كهولٌ من أصحابِ محمدٍ .
    وإذا شابٌ فيهم أكحلُ العين براق الثنايا، كلما اختلفوا في شيءٍ ردُّوه إلى الفتى؛ فقلت لجليسٍ لي:
    من هذا؟!
    فقال: معاذ بنُ جبل.

    * * * * * * *
    وحسبُ معاذٍ شهادةً أن يقولَ عنه الرسول صلوات الله عليه:
    ( أعلمُ أمّتي بالحلالِ والحرام مُعاذ بن جبلٍ )، وحسبُه فضلاً على أمة محمدٍ أنه كان أحَدَ النفر الستةِ الذين جمعُوا القرآن على عهدِ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
    ولذا كان أصحابُ الرسول إذا تحدَّثوا وفيهم معاذ بن جبلٍ نظروا إليه هَيبة له وتعظيماً لِعلمه.

    * * * * * * *
    فهذا هُو النبيُّ عليه الصلاة والسلام يرى جُموع قريشٍ تدخُل في دين الله أفواجاً، بعد فتح مكة.
    ويشعرُ بحاجة المُسلمين الجُدد إلى مُعلمٍ كبير يُعلمهمُ الإسلام، ويفقهُهم بشرائعهِ، فيعهدُ بخلافتهِ على مكة لِعتاب بن أسيدٍ، ويستبقي معهُ معاذ بن جبلٍ ليعلم الناس القرآن ويفقههُم في دينِ الله.

    * * * * * * *
    أخـر لقـاء بين رسول الله ومعاذ بن جبـل

    لما جاءَت رسلُ ملوك اليمنِ إلى رسول الله صلوات الله عليه، تعلنُ إسلامها وإسلامَ من ورائها، وتسأله أن يبعثَ معها من يُعلمُ الناس دينهم انتدَب لهذه المُهمة نفراً من الدُّعاة الهداة من أصحابه وأمّرَ عليهم معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه.
    وقد خرجَ النبي الكريمُ صلوات الله وسلامه عليه يودعُ بَعثة الهدى والنور هذه...
    وطفِق يمشي تحتَ راحلةِ معاذٍ... ومُعاذ راكبٌ...
    وأطالَ الرسول الكريم مشيَه معه؛ حتى لكأنه كان يريدُ أن يتملى من معاذٍ...
    ثم أوصاه وقال له: (يا مُعاذ إنك عسى ألا تلقاني بعدَ عامي هذا... ولعلكَ أن تمُرَّ بمسجدي وقبري.. )
    فبكى معاذ جزعاً لفراقِ نبيِّه وحبيبه محمدٍ صلوات الله عليه، وبكى معه المسلمون.

    * * * * * * *
    -وصَدقت نُبوءُة الرسولِ الكريم فما اكتحلتْ عينا معاذٍ رضي الله عنه برؤيةِ النبي عليه الصلاة والسلام بعد تلك الساعة...
    فقد فارقَ الرسولُ الكريمُ الحياة قبل أن يعودَ مُعاذ من اليمن.
    ولا ريبَ في أن مُعاذاً بكى لمَّا عاد إلى المدينة فوجدها قد أقفرَت من أنْسِ حبيبه رسول الله....

    * * * * * * *
    -ولما وليَ الخلافَة عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه؛ أرسلَ معاذاً إلى بني كِلابٍ ليقسم فيهم أعطياتهم، ويُوزع على فقرائِهم صدَقات أغنيائِهم، فقام بما عُهد إليه من أمرٍ، وعاد إلى زوجِه بحلسِهِ ( ما يوضع على ظهر الدابة تحت السرج ) الذي خرَج به يَلفه على رقبتهِ،
    فقالت له امرأته: أين ما جِئت به مما يأتي به الولاة من هديةٍ لأهليهم؟!.
    فقال: لقد كان معي رقيبٌ يقظ يُحصي عليَّ ( يريد بالرقيب الله عز وجل )،
    فقالت: قد كنتَ أميناً عند رسول الله، وأبي بكرٍ، ثم جاء عمرُ فبعثَ معك رقيبا يُحصي عليك؟!!.
    وأشاعَت ذلك في نِسوة عُمر، واشتكته لهُنَّ...
    فبلغَ ذلك عُمر؛

    فدعَا معاذاً وقال: أأنا بَعثتُ معكَ رقيباً يحصي عليك؟!
    فقال: لا يا أميرَ المؤمنين، ولكنني لم أجِد شيئاً أعتذرُ به إليها إلا ذلك...
    فضحِكَ عمرُ رضوان الله عليه، وأعطاه شيئاَ وقال له: أرضها به...

    * * * * * * *
    وفي أيام الفاروق

    أرسلَ إليه والِيه على الشامِ يزيدُ بن أبي سُفيان يقول: يا أميرَ المؤمنين، إن أهلَ الشام قد كثرُوا وملؤوا المدائنَ، واحتاجُوا إلى من يُعلمهُم القرآن ويفقههُم بالدّين فأعنّي يا أميرَ المُؤمنين برجالٍ يُعلمونهم؛ فدعا النفرَ الخمسَة الذين جَمعوا القرآن الكريم في زمنِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام.
    وهم: معاذ بنُ جبلٍ وعُبادة بنُ الصّامتِ وأبو أيوبَ الأنصاريُّ وأبيُّ بنُ كعبٍ وأبو الدَّرداء
    وقال لهم: إن إخوانكم من أهل الشامِ قد استعانوني بِمن يُعلمُهم القرآن ويفقهُهم في الدين فأعينوني رحمكم الله بثلاثةٍ منكم؛ فإن أحببتم فاقترعوا وإلا انتدبتُ ثلاثة منكم.
    فقالوا: ولم نقترعُ؟
    فأبو أيوبَ شيخ كبيرٌ، وأبيٌّ رجلٌ مريضٌ، وبقينا نحنُ الثلاثة،
    فقال عمر: ابدؤوا بحِمص فإذا رضيتم حال أهلِها؛ فخلفوا أحدكم فيها وليخرُج واحدٌ منكم إلى ذلك، والآخرُ إلى فلسطين.
    فقام أصحابُ رسول الله الثلاثة بما أمَرهم به الفاروقُ في حمصَ...
    ثم تركوا فيها عُبادة بن الصامتِ،
    وذهبَ أبو الدرداء إلى دمشقَ
    ومضى معاذ بنُ جبلٍ إلى فلسطينَ.

    * * * * * * *
    وهناك أصيبَ معاذ بالوباء.

    فلما حضرَته الوفاة استقبلَ القبلة وجعلَ يردّدُ هذا النشيد :

    مرحباً بالموت مرحباً...
    زائرٌ جاءَ بعد غياب...
    وحبيب وَفدَ على شوْق...

    ثم جعل ينظر إلى السماء ويقول: اللهُم إنك كنت تعلمُ أني لم أكن أحبُّ الدنيا وطولَ البقاءِ فيها لغرسِ الأشجار، وجريِ الأنهارِ...
    ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدةِ الساعات، ومزاحمة العلماءِ بالرُّكب عند حلق الذكر...
    اللهمَّ فتقبل نفسِي بخير ما تتقبلُ به نفساً مؤمنة.
    ثم فاضت روحُه الطاهرة بعيداً عن الأهل والعشيرِ داعياً إلى الله، مهاجراً في سبيله.

    المره الجـايه ان شاء الله
    هيكـون ...
    صحابى قال عنه عمر بن الخطـاب :
    حق على كل مسلم أن يقبل رأس **** وانا أبدأ بذلك ... ثم قام وقبل رأسه


  2. #12
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    621

    افتراضي

    جزاكى الله خيرا يااميرة

  3. #13
    Pb Elite
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    1,382

    افتراضي

    جزاكِ الله ألف خيـــر يا أميرة
    ما شاء الله فكرة عرض الموضوع جميلة جداااا
    متابعة معاكِ بإذن الله


  4. #14
    Co-Admin
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    المنصورة
    المشاركات
    4,032

    افتراضي

    ما شاء الله تبارك الله ، جزاكم الله خيرا



    ربنا يعينكم على تكملة الموضوع

  5. #15
    Pb Elite
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    MANSOURA
    المشاركات
    2,308

    افتراضي

    موضوع جميل ما شاء الله

    ربنا يبارك فيكى يا اميره

    متابعه بأذن الله

  6. #16
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور الحياة مشاهدة المشاركة
    جزاكى الله خيرا يااميرة
    جــزاكم الله مثله يا نــور


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنين الأمس مشاهدة المشاركة
    جزاكِ الله ألف خيـــر يا أميرة

    ما شاء الله فكرة عرض الموضوع جميلة جداااا
    متابعة معاكِ بإذن الله
    الله يكرمك يا حنيــن
    جزاكِ الله خيــراً مثله



    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Ramy Saad مشاهدة المشاركة
    ما شاء الله تبارك الله ، جزاكم الله خيرا



    ربنا يعينكم على تكملة الموضوع
    جــزاكم الله مثله يا د.رامى

    الله المستعان
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة white light مشاهدة المشاركة
    موضوع جميل ما شاء الله


    ربنا يبارك فيكى يا اميره


    متابعه بأذن الله
    الله يخليكِ يا زينــب

    ربنا يكرمك ويبارك فيكِ يارب


    ===
    الصراحه كنت حاسه ان الموضوع مش هيبقى عليه اقبال لان المشاركات طويله شويه
    الله يكرمها نيره اللى شجعتنى اعمله .... نعم الاخت ونعم الصديقه

    القصص كنت ناويه انقلها من كتاب عندى اسمه صور من حياه الصحابه "د.عبدالرحمن رأفت الباشا " ...الحمدلله بالصدفه لقيت نفس القصص وزياده عنها كمان موجوده على النت


    ربنا يكرمكم جميــعاً .... ويسعدنى متابعتكم

  7. #17
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    *في رحاب القرآن*
    المشاركات
    2,365

    افتراضي

    جميل جدًا

    جزاكم الله خيرًا

    متابع انا كمان




  8. #18
    Super Moderator
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    Mansoura
    المشاركات
    7,739

    افتراضي

    صحابى قال عنه عمر بن الخطـاب :
    حق على كل مسلم أن يقبل رأس **** وانا أبدأ بذلك ... ثم قام وقبل رأسه
    عبدالله بن حـذافة السهمى _ رضى الله عنه _

    لقد كان في وسع التاريخ أن يمُرَّ بهذا الرجل كما مرَّ بملايين العرب من قبله دون أن يأبه لهم أو يخطروا له على بال.
    لكنَّ الإسلام العظيم أتاح لعبد الله بن حذافة السهمي أن يلقى سيِّدَي الدنيا في زمانه:
    كِسرى ملك الفرس ، وقيصر عظيم الروم، وأن تكون له مع كل منهما قصة ماتزال تعيها ذاكرة الدهر ويرويها لسان التاريخ

    * * * * * * *

    أما قصته مع كسرى ملك الفرس ..

    كانت في السنة السادسة للهجرة حين عزم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن يبعث طائفةً من أصحابه بكتُبٍ إلى ملوك الأعاجِم يدعوهم فيها إلى الإسلام.

    ولقد كان الرسول يقدر خطورة هذه المهمَّة ...
    فهؤلاء الرُسُل سيذهبون إلى بلادٍ نائيةٍ لا عهد لهم بها من قبلُ ...

    وهم يجهلون لغات تلك البلاد ولا يعرفون شيئا عن أمزجة ملوكها ...

    ثُمّ إنّهُم سيدعُون هؤلاءِ الملوك إلى تركِ أديانِهم ، ومُفارَقةِ عِزِّهِم وسُلطانهم ، والدخول في دين قوم كانوا

    إلى الأمس القريب من بعض أتباعهم ...

    إنها رحلةٌ خطِرَة ، الذاهِبُ فيهَا مفقود واللعائِد منها مولودٌ. ....

    لِذا جمَع الرسولُ عليه الصلاة والسلام أصْحابـهُ ، وقام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ، وتشهد ، ثم

    قال: ( أمّا بعد ، فإني أريدُ أَنْ أَبْعَثَ بعْضَكُم إلى ملوكِ الأعاجِم ، فلا تختَلِفوا عليّ كما اخْتَلف بنو اسرائيلَ على عيسى بن مريَمَ ).

    فقال أصحاب رسول الله صلّى الله عليهِ وسلّم: نحن يارسول الله نؤدي عنْك ماتُريد فابعَثنا حيثُ شِئتَ.

    * * *

    انتدب رسول الله عليه الصلاة والسلام ستةٌ من الصحَابةِ ليحْمِلُوا كُتُبَهُ إلى مُلوكِ العَرب والعَجَمِ ، وكان

    أحد هؤلاء الستَّة عبد الله بن حُذافة السَّهميُّ ، فقد اختير لحَمْلِ رسالة النبِّي صلوات الله عليه إلى كِسرى ملِك الفُرس.

    * * *
    جهّز عبد الله بن حُذافة راحِلتَه ، وودّعَ صاحِبَتَهُ وولدَهُ ، ومضى إلى غايتِه وحيداً فريداً ليس معَهُ إلا الله ،

    حتى بلغ دِيارَ فارِس ، فاسْتأذَنَ بالدُخولِ إلى ملِكِها ، وأخطَرَ الحاشيةَ بالرِسالة التي يحمِلُها له.

    عند ذلِكَ أمرَ كِسْرى بإيوائه فُزُيِّن ، ودعا عظماء فارسَ لحضورِ مجلسِه فَحَضروا ، ثم أذن لعبد الله بن حُذافة بالدُخول عليه.

    دخل عبد الله بن حُذافة على ملِكِ فارس مُشتَمِلاً شَمْلَتَهُ الرَّقيقَةَ ، مرتديا عبائته الصَّفِـيقَة ، عليهِ بسـاطَةُ الأعْرابِ.

    لكنّه كان عالي الهمة مشدود القامة ، تتأجج بين جوانحه عِزّة الإسلام ، وتتوقّدُ في فؤادِه كِبرياءُ الإيمَان.

    فما إن رآه كسرى مقبلاً حتى أَومـا إلى أحَدِ رجاله بأن يأخُذ الكِتَاب من يَدِهِ ،


    فقال: لا ، إنّما أمَرني رسَُول الله أن أدْفَعَه لكَ يداً بيدٍ وأنا لا أخالِف أمراً لرسول الله.

    فقال كسرى لرجاله: اتركوه يدْنو مني ، فدنا من كسرة حتّى ناولَهُ الكِتاب بيدِه.

    ثُمّ دعا كسرَى كاتِباً عربياً مِن أهلِ الحيرة ِ ، وأمره أن يفُضَّ الكِتاب بين يديه ، وأن يَقْرأَ عليهِ فإذا فيهِ:

    ( بِسم الله الرّحمن الرَّحيم ، من محمدٍ رسول الله إلى كِسرى عظيم فارس ، سلامٌ على من اتبَعَ الهُدى .... ).

    فما أن سمِع كِسرى من الرِسالةِ هذا المِقدار حتّى اشتعلتْ نار الغضب في صدرهِ ، فاحمرّ وجهه

    وانتفَخت أوادجُه لأن الرسول عليه الصلاةُ والسلام بدأ بنفسِهِ ...فجذَب الرسالةَ من يدِ كاتِبِهِ وَجَعل

    يُمَزِّقُها دون أن يعلَم مافيها وهو يصيحُ: أيَكتُب لي بهذا وهَو عبدي ؟!! ثَمّ أمر بعبد الله بن حُذافة أن يُخرَجَ

    مِن مجلِسِه ، فأُخرِجَ.

    * * * * * * *
    خرج عبد الله بن حُذافة من مجلس كسرى ، وهو لا يدري مايفعل الله له ...
    أيُقتل أم يُتركُ حراً طليقاً ؟

    لكنَّه مالبِث أن قال: والله ما أُبالي على أي حالٍ أكون بعدَ أن أديْتُ كتاب رسولِ الله ، ورَكِبَ راحِلَتَهُ وانطلَق.

    ولما سكتَ عن كِسرى الغضَب ، أمَر بأن يدخُل عليه عبد الله ؛ فلَم يوجد ...
    فالتَمَسُوهُ فلم يقِفوا له على أَثُرْ ...
    فطلبوه في الطريقِ إلى جزيرة العربِ فوجوده قد سبقَ.

    فلمَّا قَدِم عبد الله على رسول الله صلى الله عليه وسلّم أخبره بما كان من أمْرِ كِسرى وتمزيقِه الكِتاب ، فما زاد عليه الصَلاة والسلام على أن قالَ: ( مزَّق الله مُلْكَه ).

    * * * * * * *
    أما كِسرى فقد كتَب إلى ((باذان)) نائبه على اليمن: أنِِ ابعث إلى هذا الرجُل الذي ظَهر بالحِجاز رجلين

    جَلْدَين من عندِك ، ومُرهُما أن يأتياني به ... فبعث ((باذان)) رجلين من خيرة رجاله إلى رسول الله
    ، وحمَّلَهُما رسالةً لهُ ، يأمُره فيها بأن ينصِرف معهما إلى لِقاءِ كِسرى دون إبطاءٍ...

    وطلب إلى الرجُلين أن يقِفا على خبَرِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام ، وأن يستقصيا أمرَهُ ، وأن يأتيَاه بما يقِفان عليه مِن معلومات.

    * * * * * * *
    خرج الرجلان يُغِذَّان السّير حتّى بلغا الطائف فوجدا رجالا تُجارا من قُريش ، فسألاهُم عن مُحمّد عليه

    الصلاة والسلام ، فقالوا: هو في يثْرِبَ ، ثم مضى التُجّار إلى مكّة فَرِحين مُستبشرين ، وجَعلوا يُهنِّئون

    قُريشاً ويقولون: قَرُّوا عيناً فإن كسرى تصدّى لمُحمد وكفاكُم شرَّهُ.


    أما الرجلان فَيمَّما وجهيهِما شَطْر المدينة حتّى إذا بلغاها لقِيا النبي عليه الصلاة والسلام ، ودفعا إليه رسالة ((باذان)) وقالا له:

    إن ملك الملوك كسرى كتَبَ إلى ملِكِنا ((باذان)) أن يبعث إليك من يأتيه بك ... وقد أتيناك لتنطلق معنا إليه
    ، فإن أجبتنا كلّمنا كسرى بما ينفعك ويكفُّ أذاهُ عنك ، وإن أبيتَ فهُو من قد علِمتَ سطوتَهُ وبطشه وقدرته على إهلاكك وإهلاك قومك.


    فتبسم الرسول عليه الصلاة والسلام وقال لهُما: ( ارجعا إلى رحالِكُما اليوم وأتِيا غداً ).

    فلما غَدَوا على النبي صلوات الله عليه في اليوم التالي ، قالا له: هل أعدَدْت نفسك للمُضِيِّ معنا للقَاءِ كِسرى؟

    فقال لهما النبي: ( لن تلقيا كسرى بعد اليوم ... فلقد قتله الله ؛ حيث سلّط الله عليه ابنه ((شِيروَيه)) في ليلة كذا ... من شهر كذا ...).

    فحَدّقا في وجه النبي ، وبَدَت الدهشة على وجهيهما ، وقالا: أتدري ماتقول ؟! أنكتب بذلك (( لباذان )) ؟!

    قال : ( نعم ، وقولا له: إن ديني سيبلغ مابلغ إليه مُلكُ كسرى ، وأنّك إن أسلمتَ أعطيتُك ماتحْتَ يَديْك ، وملَّكْتُك على قومك ).

    * * * * * * *
    خرج الرجلان من عند الرسول صلوات الله عليه ، وقدِما على (( باذان )) وأخبراه الخبر ، فقال لئن كان ماقاله محمد فهو نبي ، وإن لم يكن كذلك فسنرى فيه رأياً ...


    فلم يلبث أن قدم على (( باذان )) كتاب ((شيرويه)) وفيه يقول:


    أما بعد فقد قتلت كسرى ، ولم أقتله إلا انتقاما لقومنا ، فقد استحل قتل أشرافهم وسبيَ نِسائِهِم وانتهاب
    أموالِهِم ، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطّاعة ممّن عندك.
    فما إن قرأ (( باذان )) كتابُ ((شيرويه)) حتّى طرَحه جانبا وأعلن دخوله في الإسلام ، وأسلم من كان معه من الفُرس في بلاد اليمن.

    * * * * * * *


    أما عن
    قصة لقائه لقيصر عظيم الروم ...



    لقد كان لقاؤه لقيصر في خلافة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، وكانت له معه قصةً من روائع القصص ..

    ففي السنة التاسعة عشرة للهجرة بعث عمر بن الخّطاب جيشاً لحربِ الروم فيه عبد الله بن حُذافة السهميُّ ...وكان قيصر عظيم الروم قد تناهت إليه أخبار جُندِ المسلمين ومايتحلّون به من صدقِ الإيمان ورسوخ العقيدة واسترخاص النفس في سبيل الله ورسوله.

    فأمر رِجاله إذا ظفروا بأسير من أسرى المسلمين أن يُبقوا عليه ، وأن يأتوه به حياً وشاء الله أن يقع عبد الله بن حُذافة السَّهميُّ أسيرا في أيدي الروم ؛ فحملوه إلى مليكهم وقالوا: إن هذا من أصحابِ محمد السابقين إلى دينِه قد وقع أسيراً في أيدينا ؛ فأتيناك به.

    * * * * * * *


    نظر ملِكُ الروم طويلاً إلى عبد الله بن حُذافة ،

    ثمّ بادره قائلاً: إني أعرض عليك أمراً.

    قال: وماهو ؟

    فقـال : أعرض عليك أن تتنصَّر ... فإن فعَلتَ ، خلَّيتُ سبيلَك ، وأكرمتُ مثواك.

    فقال الأسيرُ في أنفةٍ وحزمٍ: هَيهاتَ ... إن الموت لأحبُّ إليَّ ألف مرّةٍ مما تدعوني إليه.
    فقال قيصر: إني لأراك رجُلاً شهماً ... فإن أجبتني فيما أعرضُه عليك أشركْتُك أمري وقاسمتك سُلطاني.

    فتبسّم الأسير المُكبَّلُ بقيودِه وقال: والله لو أعطيتني جميع ما تملُك ، وجميع ماملكتهُ العرب على أن أرجع على دين محمدٍ طرفة عينٍ مافعلت.

    قال: إذن أقتلك.

    قال: أنت وماتريد ، ثم أمر به فصُلِبَ ، وقال لقناصتِه - بالرُّومية -: ارموه قريباً من يديه وهو يعرُض عليه التنصُّر فأبى.
    فقال: ارموه قريبا من رجليه ، وهو يعرض عليه مفارقة دينِه فأبى.

    عند ذلك أمرهُم أن يكُفُّوا عنه وطلَب إليهم أن يُنزلوه عن خشبة الصلب ، ثم دعا بقدرٍ عظيمةٍ فصُبَّ فيها الزيتُ ورفِعَت على النّار حتى غلت ثم دعى بأسيرين من أسرى المُسلِمين ، فأمر بأحدِهِما أن يُلْقا فيها فأُلقي ، فإذا بلحمه يتفتَّتُ. وإذا عِظامَه تبدو عاريةً ...


    ثم التفت إلى عبد الله بن حُذافة ودعاه إلى النصرانيّة ، فكان أشدَّ إباءً لها من قبل.
    فلما يئس منه ؛ أمر به أن يُلقا في القِدر التي أُلقِيَ فيها صاحباه فلما ُّهِب به دمعت عيناه ، فقال رجالُ قيصر لمَلِكِهم: إنّه قد بكى ...

    فظَّن أنَّه قد جَزِع وقال ردوه إليَّ.

    فلمّا مثُلَ بين يديه عرض عليه النصرانيَّة فأباها.

    فقال: ويحُك فما الذي أبكاك إذن ؟!

    قال: أبكاني أني قُلتُ في نفسي: تُلقى الآن في هذه القِدر فتذْهَبُ نفسُكَ ، وقد كُنْتُ أشتهي أن يكون لي بعدد مافي جسدي من شعرٍ أَنفُسٌ فتُلقى كلُّها في هذا القِدر في سبيل الله.

    فقال الطاغية: هل لك أن تُقَبِّلَ رأسي وأُخلِّي عنك ؟!!

    فقال له عبد الله: وعن جميع أسارى المُسلمين أيضاً.

    قال: وعن جميع أسرى المسلمين أيضا.

    قال عبد الله: فقُلت في نفسي: عدوٌ من أعداء الله ، أُقبِّلُ رأسه فيُخلِّي عنِّي وعن أسارى المُسلِمين جميعاً ، لا ضيرَ في ذلك عليَّ.

    ثُمّ دنا منه وقبَّل رأسَهُ ، فأمَرَ مَلِكُ الرُّوم أن يجمعوا له أسارى المُسلِمين ، وأن يدفعوهم إليه ، فدُفِعوا له.

    * * * * * * *


    قَدِمَ عبد الله بن حُذافة على عٌمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، وأخْبَرَهُ خَبَرَهُ ؛ فسُرَّ به الفاروق أعظَم السُرور ،

    ولمّا نظَر إلى الأسرى قال: حقٌّ على كُلِّ مُسلِمٍ أن يُقبِّل رأس عبد الله بن حُذافَة .. وأنا أبدأ بذلك... ثم قام وقبّل رأسه ...



    المره الجايه إن شاء الله
    هيكـون ....

    صحابى قال عنه الرسول " ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق من **** "

    أول من حيـا الرسول بتحيه الاسلام ثم شاعت وعمت بعد ذلك



    اللهم بلغنا رمضـان




    -----


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة a_fouda2 مشاهدة المشاركة
    جميل جدًا



    جزاكم الله خيرًا

    متابع انا كمان


    جــزاكم الله مثـله يا د.عبدالرحمن


  9. #19

    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    يارب مع رسول الله
    المشاركات
    2,600

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا يا اميره وبارك فيكم

    انا متابعه معاكى ان شاء الله

    قرات اول صحابى "رضى الله عنه "على ما الجهاز يتصلح ان شاء الله


    واكمل باقى الموضوع

    الصراحه كنت حاسه ان الموضوع مش هيبقى عليه اقبال لان المشاركات طويله شويه
    الله يكرمها نيره اللى شجعتنى اعمله .... نعم الاخت ونعم الصديقه

    ربنا يكرمك يا اميره يارب

    وربنا يجعله فى ميزان حسناتك
    موضوع يستحق المتابعه من اى حد

    فى امان الله

  10. #20
    Pharma Student
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    كوكب الارض
    المشاركات
    316

    افتراضي

    جزاكى الله خير الجزاء
    متابع ان شاء الله


صفحة 2 من 10 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •