بسم الله الرحمن الرحيم
"وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا۟ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ..."
سورة البقرة : 165
الآية سبحان الله شارحة نفسها بس فيها لفتة عايزة أقف عليها
"وَالَّذِينَ آمَنُوا۟ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ"
لما ربنا عز وجل يقول على المؤمنين أنهم أشد حبا لله !!
تفتكروا شكل حبهم ده ايه ؟؟
وحالهم هم نفسهم ايه ؟؟
يعني مثلا واحد بيحب زوجته
أو الأب بيحب بنته أو ابنه
أكيد حب قوي
لأنه حب فطري
بس مهما كان لازم هينقص الحب ده في حال ويزيد في حال
بس حب المؤمنين لربنا عز وجل أشد حبا من حب أي شئ آخر
لأنه حب مطلق .. حب على كل حال
ولأنه عز وجل هو المستحق للحب والعبادة (العبادة في اللغة : هي أعلى مراتب الحب) بلا منازع في القلب
وأي حب آخر ففيه و إليه....
يعني لو
حب شخص ==> يكون حب في الله
حب شئ ==> لأنه أحبّ إلى الله
والآية جاءت فيها كلمة "أندادًا" نكرة عشان تعم أي شئ
سواء الشئ اللي بيتحب ده أكتر من ربنا-عياذا بالله- بشر أو أي شئ.. أي ند في القلب
ودليله أن ربنا قال في سورة التوبة:
" قُلۡ إِن كَانَ آبَاؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَانُكُمۡ وَأَزۡوَاجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَالٌ اقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرۡضَوۡنَهَا أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِى سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا۟ حَتَّى يَأۡتِىَ اللّهُ بِأَمۡرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهۡدِى الۡقَوۡمَ الۡفَاسِقِينَ "
إذن محدش يقول أن حب الرجل للمرأة ده حب عاطفي
وحب ربنا ده بقى حب من نوع تاني
لا
الحب واحد .. تعريفه واحد ..مايختلفش عليه محق ومبطل
لأن ربنا قال أن حب الأشياء دي ممكن عياذا بالله تبقى أحب في القلب ومساوي في المقدار أو أكبر من حب ربنا
وأكتر حاجة تخوف ..أن المطلع على القلب هو الله
هو اللي يعلم إن كان حبنا له أشد ولا حب أي شئ آخر
بس لازم هتمر بك أحداث و مواقف فاصلة تظهر لك إن كنت بتحبه بجد ولا لا
"وَالَّذِينَ آمَنُوا۟ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ"
سمعت مرة داعية -ربنا يجازيه خيرا- بيتكلم عن الآية دي فبيقول ما معناه:
الإنسان قبل ما يتدين بيبقى كل تفكيره في الأشياء اللي بيحبها بيفضل يفكر ازاي يبدع فيها عشان يستمتع بها أتم استمتاع
فلو افتكر الآية دي "وَالَّذِينَ آمَنُوا۟ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ"
فلازم يفرغ طاقته الابداعية دي في حب ربنا ويكون أشد حبا لله
يبقى على طول باله مشغول بالطاعات والعبادات زي ما كان مشغول بالملذات والشهوات
"وَالَّذِينَ آمَنُوا۟ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ"
الآية دي سبحان الله بتحسسني بالغيرة على ربنا سبحانه وتعالى
وبفتكر دعاء أحد الصالحين
عبادك سواي كثير .. وليس لي رب سواك
يعني أنا لو ما لم أسابق كل هؤلاء الصالحين والمؤمنين في حب ربنا وأكون كمان شديدة الحب له سبحانه .. فلا أستحق لقب مؤمنة
ربنا عز وجل له ملك السماوات والأرض وغني عن عبادتي على عورها وعرجها .. وعنده سبحانه ملايين المخلوقات غيري من إنس وجن وملائكة وحجر وشجر وجبال وطيور أشد حبا وأكثر عبادة وتسبيحا
"إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِۦ وَيُسَبِّحُونَهُۥ وَلَهُۥ يَسْجُدُونَ"
"وَالَّذِينَ آمَنُوا۟ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ"
آية تانية مصداق للآية دي و وصف لحال اللي بيحبوا ربنا بجد..قال تعالى:
" وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشۡرِى نَفۡسَهُ ابۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالۡعِبَادِ "
سورة البقرة رقم الآية 207
يعني واحد بايع نفسه وبيهلكها عشان ربنا يرضى عنه!!
قال أحد المفكرين رحمه الله:
ويشري هنا معناها يبيع . فهو يبيع نفسه كلها لله ; ويسلمها كلها لا يستبقي منها بقية , ولا يرجو من وراء أدائها وبيعها غاية إلا مرضاة الله . ليس له فيها شيء , وليس له من ورائها شيء . بيعة كاملة لا تردد فها ولا تلفت ولا تحصيل ثمن , ولا استبقاء بقية لغير الله . . والتعبير يحتمل معنى آخر يؤدي إلى نفس الغاية . .
يحتمل أن يشتري نفسه بكل أعراض الحياة الدنيا , ليعتقها ويقدمها خالصة لله , لا يتعلق بها حق آخر إلا حق مولاه . فهو يضحي كل أعراض الحياة الدنيا ويخلص بنفسه مجردة لله
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إليك ♥