المنحـوس ملحـوظ" قصة قصيرة "
أنا فاشل...فاااااااااااااشل..فاااااااااااااااااااشل
هذا هو الواقع..هذه هي الحقيقة..نعم أنا فاشل..لماذا أكابر..! لماذا لا أعترف بذلك..! لماذا لا أصفع نفسي قلماً...لماذا..لماذا...!!
مهلاً..مهلاً...لماذا أقسو علي نفسي هكذا.. إنني بذلك أظلم نفسي كثيراً.. لايريد الله منا ظلم أنفسنا..نعم...نعم هو كذلك..!.يجب أن أعطي لنفسي فرصة مرة أخري...
فرصة أخري...!!!
ماهذا الذي أقوله..!! كيف أبرر لنفسي الأمور بهذه البساطة....!! هذا ماأوصلني لما أنا فيه من خيبة ووكسة.. إذاً فسأقولها بأعلي صوتي....لاااااااااا...!! لن أعطي.. كم من الفرص أخذت.. ولا يحدث شيء..ولا أتغير..!! هل أنا غبي..!!..أم أنني سيء الحظ!!.. من المحتمل ذلك.. نعم من المحتمل أنني منحوس..(وحد داعي عليا)..أشياء غريبة تحدث لي وفي أوقات أغرب...!! انظروا مابي الآن وماذا حدث لي... هيا انظروا..!!
<< اخرص أيها الأحمق فليس غيرك في الغرفه! >>
بهذه الكلمات البائسة واللهجة اليائسة تحدث هذا الطالب إلي نفسه، يحاول أن يعنفها ويوقظها.. ولكن لايستطيع بالدرجة الكافية أن يثير نفسه الخاملة منذ زمن سحيق...إنه الطالب "ملحوظ"..كان دائماً سيء الحظ - أو يجعل نفسه كذلك- كما نري من حديثه الذي يبعث عليك المرض ويسوقك إلي الإكتئاب..ويجعلك تعطي له الصفعة التي يريدها عله يفيق من فشله الذي لانعلم ماهو..!! ولكن..لايمكن أن يكون المرأ سيء الحظ طول الطريق..هكذا يُقال..!
قد حان موعد امتحانه وذلك بعد أيام قليلة ، والآن قد انزلقت قدماه وهو ينزل علي السلالم مسرعاً..وكٌسرت يديه الإثنتين ، ولذلك وقف أمام المرآة - التي يئست منه - يتحدث الي نفسه..ويديه الإثنتين ملفوفتين في الجبس في حالة بائسة مزرية..فإنه كان يأمل - في لحظة حماسته هذه - أن يحصد في هذا الإمتحان درجات ترفع مستواه الدراسي المتدني دائماًً...اذاً فهو غبي..!
تقدم الي مكتب شئون الطلاب ليطلب منهم مرافق له في الإمتحان حتي يكتب له مايُمليه عليه، لأنه لايستطيع أن يحرك يديه..ولا أن يكتب بهما
ولأنه منحوس..قال له الموظف أنه لايوجد أحد هنا ليكون معك وأنت قد تأخرت...
ثم قال لنفسه متحسراً: نعم...! حتي كسر يدي لم يأتي مبكراً..!!
ثم عاد يجر رجليه مُنكساً رأسه في صمت..
وقبل أن يذهب بعيداً..ناداه الموظف بصوت عالي:
أنت...أنت أيها (الملفوظ)!
سمع نداء الرجل فنظر ورائه ورأي الموظف يلوح بيديه يطلب قدومه...ثم عاد إليه وهو مطأطئ الرأس..
ثم قال له الموظف وهو مُبتسم:
افرح أيها (الملفوظ) أعتقد أنني وجدت لك شخصاً يرافقك كان يجب أن نبحث بتأني قليلاً...متأسف لك..!
وقد ابتهج ملحوظ قليلا لهذا الخبر ثم مالبث أن قال : أي شخص له يدين..ولو حتي يداً واحدة..فأنا راضي بأي شيء.. فليس هناك وقت.. وهذه حالة نادرة من الحماسة أنا فيها الآن..
ولكن تغيروجه ملحوظ فجأة، وكأنه تذكر شيء وفقال له عاقداً حاجبيه في غضب: ولكن يجب أن تتأسف..!
فقال له الموظف: قلت لك متأسف..!
فقال له ملحوظ: لا لم تفعل.. إنك أهنتني بقولتك ملفوظ هذه..إن اسمي ملحوظ...وليس..ملفوظ...يلاحظ...لاحظ...ملحوظ.....أفه مت..؟!
فقال له الموظف وهو يقهقه: مرحي ياملحوظ فكلهم أسماء المفعول..وغرق الرجل في الضحك.. لم يقطعه إلا صوت ملحوظ مرة أخري قائلاً في استياء:
فلننته من هذا وقل لي من فضلك..متي أري هذا الرجل الذي تقول عليه؟
وبعد لحظات أخذها لينتهي من ضحكه قال له الموظف:الآن إن أردت يا(ملحوظ وليس ملفوظ)...قالها في خبث ثم أردف:
ولكن تذكر أن هذا الرجل هو المتاح الآن..ولا يوجد غيره..وأنصحك بألا تعتمد عليه كثيراً..!
ولم يعلق الطالب علي جملة الموظف الأخيرة وأشاح بوجهه وانصرف...
لم يكن ملحوظ ليفوت تلك الفرصة الذهبية التي لن تكلفه شيء ولم يكن شيطانه يدعه في تلك اللحظة المهمة إلا وقد أملي عليه وساوسه..!
<< فلا يغرنكم هذا الطالب ..فإنه لم يكن منحوساً وفاشلاً شريفاً..بل كان فاشلاً غشاشاً وضيعاً سيء النيةً...لم يرضي بيد الرجل فقط...بل عرض عليه أكثرمن ذلك! >>
قال ملحوظ للمرافق: دعك مما كُلفت به فلن يعود عليك بشيء ولتسمع ماأقوله: سأدفع لك مبلغاً كبيراً مقابل شيئاً بسيط......
انتظرملحوظ رد فعل الرجل وتوقع أن يسأله ماهو.. ولكن لم يفعل الرجل.. فبادره ملحوظ قائلا:
لماذا لاتسأل!..هيا.. اسألني ماهو..
قال المرافق بتلقائية: ماهو...!!
قال ملحوظ: ستقوم أنت بمذاكرة المنهج البسيط هذا ولتحفظ منه مايُنجحني فقط ولن يكلفك هذا سوي ليلة فقط..وستأخذ مبلغاً كبيراً لم تكن تحلم به...!
ولكن هذا الشخص المرافق رد عليه معترضا في تردد:
لا أستطيع.. لاأستطيع فعل ذلك أنا عندي..و.....
لم يهمله الطالب فرصة حتي يُكمل جملته وقال له بلهجة فهلوية وضيعه:
( أنا عارف هتقولي أنا عندي أولاد.. والقصص والحركات دي..هخليهم الضعف...خلاص ياباشا..؟؟!)
لمعت الفلوس الكثيرة في عين هذا المرافق..ولم يجد مبرراً ليكمل عبارته التي قطعها الطالب الفاشل ملحوظ...بل المهم الآن ذلك المبلغ الذي سيعطيه له والذي يساوي مرتب ستة أشهر كاملة.
ودخل الطالب والمرافق لجنة الإمتحان.. ثم نادي المُراقِبْ:
علي السادة المرافقين الإلتزام بالكتابة فقط.. ولا يشاركو الطلاب في إجابتهم.
وأخذ الطالب ورقة الامتحان وقال بصوت منخفض للمرافق: هيا الآن قم بالحل وأنا سأتظاهر بأني أُملي عليك.. لقد حفظت المنهج بالتأكيد.. أليس كذلك..!
فرد عليه المرافق:
بلي حفظته..! فهذ اتفاق وعهد يجب الحفاظ عليه والإلتزام به..وقد أخذت منك المال علي هذه الإتفاق..
- هذا ممتاز...قالها في سعادة..ثم أردف:
لقد بدأ الحظ يضحك لي..فلتحضني أيها الحظ السعيد.. فلتحضن صاحبك الجديد ملحوظ.. ولتغمره بهداياك الثمينة...هذاهوالنجاح..هذاهو التفكير..هذا هوالتخطيط..(هيا دي الحداقة ولا بلاش)
- ثم همس للرجل في انشراح:
هيا من فضلك.. قم بالحل الآن ..
- فرد عليه الرجل وكأنه رجلاً آخراً غير القادم معه:
ماذا..؟!!
الحل..!!!
أيْ حل..!!؟
- الأسئلة أمامك.. والإجابات في عقلك..هيا أفرغ مافي رأسك الآن..وأجب علي هذه الأسئلة التي أمامك!.. قالها ملحوظ في شئ من الغضب
- فرد عليه الرجل متعجباً في بلادة واضحة:
لا...لم نتفق علي ذلك..! لقد اتفقت معك علي الحفظ فقط.. ولم نتفق علي التذكر..فلا يستطيع شخص مثلي عنده "زهايمر" أن يتفق معك علي أكثر من ذلك...!!!!!!
تمت
بقلم/ محمد فهمي الزحاف
في انتظار
آرائكم
ملحوظاتكم