الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله
، وبعد..
فنظرا لاقتراب شهر رمضان – بلغنا الله إياه ، وأعاننا على طاعته - ، إن شاء الله سأعرض لبعض الأحكام المتعلقة بالصيام .. الأحكام التي نحتاجها وفقط .. بدون توسع وإسهاب ، وإبحار في بطون الكتب..
وذلك عن طريق ï أن أطرح السؤال ، ثم أعرض جوابه بالقول الراجح فقط من أقوال أهل العلم ، وهو ما يكون معه الدليل الأقوى. والله المستعان
أبدأ بمعلومة عامة وهي...
س: هل فرض الصوم من البداية كما نصوم الآن ، أم كان الأمر مختلفًا؟؟
ج: الصوم أخذ ثلاثة مراحل من التشريع ، حتى وصل لما نحن عليه الآن..
كيف ذلك؟؟
أبين لكم بالدليل الآن..
** المرحلة الأولى:
كان الصوم (اختياريًا).. يعني: الصوم لم يكن واجبًا على كل أحد..
بمعنى: أن من شاء أن يصوم فليصم ، ومن شاء أن يفطر فليفطر ، حتى لو كان بغير عذر.
ولكن.. لكي يفطر لابد أن يطعم مسكينًا عن كل يوم يفطر فيه.
والدليل؟؟
قول الله عز وجل: " وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ " ، يعني من يستطيع الصوم ولكن لا يريد أن يصوم.
** المرحلة الثانية:
الصوم فيها واجب على كل مسلم تحققت فيه الشروط ، وانتفت عنه الموانع..
ولم يعد هناك تخيير للقادر بين الصوم ، أو الفطر والإطعام.
ولكن هل الصوم فيها مثل ما نحن عليه الآن؟؟
لا.. والاختلاف أن الصوم في هذه المرحلة كان يبدأ بالنوم.
يعني؟؟
يعني أنه طالما غربت الشمس فهذا موعد الفطر..
والصوم يبدأ إذا نام الإنسان ولو بعد أذان المغرب مباشرة .. فمثلا إذا أذن للمغرب ، وصلى المرء ، وجلس ينتظر الطعام فغلبته عيناه فنام.. وجب عليه إذا استيقظ ألا يفطر ، لأن صوم اليوم الجديد بدأ بالنسبة له.
والدليل؟؟
1. بالنسبة لرفع حكم التخيير: قوله تعالى: " فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ".
2. وبالنسبة لبدء موعد الصوم بالنوم: حديث البراء بن عازب رضي الله عنه ، قال: [ كان أصحاب محمد
إذا كان الرجل صائماً فحضر الإفطار ، فنام قبل أن يُفطر ، لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي...]الحديث. رواه البخاري. ومعنى حتى يمسي: يعني من اليوم التالي ، بحضور موعد الفطر.
** المرحلة الثالثة:
وهي ما نحن عليه الآن ، حيث يبدأ الصوم بطلوع الفجر الصادق ، وينتهي بغروب الشمس.
وما الدليل؟؟
بقية حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.
وهو: [ كان أصحاب محمد
إذا كان الرجل صائماً فحضر الإفطار ، فنام قبل أن يُفطر ، لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي.
وإن قَيْسَ بنَ صِرْمَةَ الأنصاريّ كان صائمًا ، فلما حضر الإفطار أتى امرأته ، فقال لها: أعِندَكِ طعام؟ ، قالت: لا ، ولكن أَنْطَلِقُ فأطلُبُ لكَ. وكان يَوْمِه يعمل ، فغَلَبَته عيناه. فجاءته امرأته ، فلما رأته قالت: خَيْـبَةً لك!!. فلما انتصف النهار غُشِيَ عليه. فَذُكر ذلك للنبي
، فنـزلت هذه الآية: "أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَآئِكُمْ " ، ففرحوا بها فرحًا شديدًا ، ونزلت: "وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ " ] رواه البخاري.
وسبحان الله!! نستفيد من ذلك عدة أمور:
1. رحمة الله عز وجل بعباده ؛ بالتدرج في التشريع ، وتخفيفه عنهم ورفع الحرج والمشقة ، وقد قال تعالى: " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ".
2. أن الله تعالى يفعل ما يريد ، ويقضي بما شاء ، فيفرض على عباده ما شاء ، ويخفف عنهم ويرفع من أمره ما يشاء. وأن له ملطلق التصرف في خلقه ، وأن عليهم السمع والطاعة.
3. صبر الصحابة رضي الله عنهم جميعا على التكاليف الشرعية ، وحسن امتثالهم لأمر الله عز وجل.
4. أنه لا يجوز لأحد أن يصوم وفقا للمرحلة الأولى أو الثانية ، استنادا لأدلتهما ، لأن الأمر استقر في النهاية على المرحلة الثالثة.
يتبع إن شاء الله.....
السؤال القادم:
على من يجب الصوم؟؟