وكرهت الثورة
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى لاسيما عبده المجتبى وآله وصحبه المستوجبين الشرفا
ثم أما بعد
أحبتى أعى تماما غرابه العنوان
وأعى أن الكل سيتساءل كيف أكره الشى الذى غير مسار بلد ظن الجميع انها قد ذهبت الى الهاويه ؟
لكن قبل أن أوضح مقصدى من هذا العنوان سأذكركم بأننى منذ فترة قد كتبت عده مقالات عنونتها بعنوان (ابدأ بنفسك )وكنت أحاول من خلالها نشر فكره المبادرة وهى أن يبادر كل منا باصلاح ذاته أولا لكى ينصلح حال مجتمعه ثانيا مصداقا لقول ربنا جل وعلا فى كتابه
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
كتبت هذه المقالات وأنا متيقن مؤمن بما فيها متأكد أنه لا تغير للأمه وللمجتمع دون أن ينصلح حال أفرادها
ثم جاءت ثورة هزت أركان العالم أجمع وصعقت قلب كل ظالم متجبر متغطرس متعالى لتلقنه درسا –ما أقساه من درس-وهو أنه مهما بلغ سلطانه ومهما عظم جبروته فهو حقير ذليل أمام قدرة الملك الجليل وأنه لن يستطيع أبدا أن يفلت من عقاب المولى الملك القدير فى الدنيا قبل الآخره
نعم جاءت الثورة وأسقطت نظاما فاسدا مستبدا وأطاحت برموزه وأعلامه وجعلت منهم عبرة لمن يعتبر
وطوال هذه الفتره أنظر الى هذه الثوره بعنين أحدهما عين أمل ورجاء والثانيه عين الرهبة والشك فى ان يكون كل ما يحدث ما هو إلا شعور لحظى من شعب جريح أثقلته الهموم وتكاثرت عليه الألام فثار للانتقام فحسب
لنصل الى اليوم الذى كرهت فيه الثوره وتمنيت فيه أن لم تكن
فأى قيمه لثوره هدفها فقط انتقام ولا يبتغى من قام بها أى تقدم او ازدهار ؟
أحبتى فى هذه الأيام كثيرا ما أسمع هذه الكلمه فى مواقف عديده مثلا أن يفعل شخص ما خطأ ما ضد شخص آخر فيرد الثانى بالخطأ أيضا فيعلق الأول على الثانى (هيا الثوره ما غيرتكاش ) فأقف أنا مذهولا ولسان حالى يتسآل قائلا أيهما سيتغير هل نحن من سنتغير وبتغيرنا هذا سنصع الثورة أم الثوره هى التى ستغيرنا دون أن نتغير ؟
حقا أشعر وكأننا عدنا الى عهدنا الاول بما فيه من سلبية وتواكل والقاء اللوم على الآخرين فها نحن قد أسقطنا نظام وغيرنا قيادات وبدلنا وحولنا لكن هل غيرنا أنفسنا وهل تبدلت أفعالنا وهل انصلحت أحوالنا
أتمنى ان يجيب الشعب كله ويقول بصوت واحد
نعم بدأنا نعم تغيرنا نعم سنتغير
حقيقه لا أدرى هل هذه النظرة تشاؤميه بدرجة كبيره أم واقعيه مبنية على أسس مشاهدة مرئيه ولا أدرى لماذا هذه الحيرة أصلا
وهنا يصارعنى سؤال لماذا لم نتغير بعد الثوره ؟
قبل الثورة مثلا كانت تحدث بعض المشكلات الطائفيه ونكتشف بعدها أنها كانت بفعل نظام فاسد لكن ياترى هل ما يحدث الآن ايضا بفعل نظام فاسد
اذا واااااعجباه كيف يحدث هذا وقد رحل النظام أصلا ومن بقى هم من ثاروا مطالبين برحيل هذا النظام
قبل الثوره أيضا كنا نقول بان سوء المعاملة التى يلاقيها كل منا عند أداء المصالح الحكوميه هى نتيجه لوجود نظام فاسد
هل اختفت أو تغيرت هذه المعاملة السيئه بعد رحيل ذاك النظام الفاسد المستبد ؟
قبل الثورة أيضا كنا نقول بأن القمامة المنتشرة فى جميع شوارعنا هى بسبب سوء ادارة نظام فاسد وتصرفات غير متحضره من بعض الأشخاص لكن رحل النظام وبقيت سوء الادارة وأيضا بقيت التصرفات غير المتحضرة
كنا نقول و نقول ونقول حتى مللنا الأقاويل ورحل النظام وبقيت الأقاويل
والآن أظن أننا جميعا قد تجاهلنا كلام ربنا جل وعلا فضعنا وتهنا ووجدنا أنفسنا نطرح الأسئله ولا نجد لها اجابات ولو قرأنا كلام ربنا جل وعلا لعرفنا طريقنا ولعرفنا أن الإجابه باختصار فى بضع كلمات قالها رب الأرض والسماوات
(ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
فهلا غيرنا أنفسنا
فى الحقيقه كم كنت أتمنى أن تكون ثورتنا ثورة شعب مصر- حفظها الله - التى أطلقها خيرة أبنائها وزهرة شبابها ثورة فكرية بالدرجة الأولى قبل أن تكون ثورة لاسقاط نظام
حقا كم كنت أتمنى أن يكون شعارنا
الشعب يريد تغير الأفكار الهدامة
الشعب يريد اصلاح العادات الخاطئة
الشعب يريد اصلاح الشعب
بدلا من أن تكون الشعب يريد اسقاط النظام
وسقط النظام وبقيت الأفكار والعادات والطباع وبقينا كما كنا فى مؤخرة الصفوف ومضت الشهور ولم نأخذ خطوة واحدة على طريق التقدم والنهوض
ولكم منى أطيب التحيات أبعثها بكل البشر والسرور داعيا الملك المعبود أن يحمى بلدنا الغالى المحبوب وأن يهدى أبنائها وأن يوفقهم الى ما فيه خيرى الدنيا والآخر إنه ولى ذلك والقادر عليه
بقلم /
محمــــــــــــود أبو الخير