فى حياتنا اليومية قد نستخدم لفظ صديق عند سؤال أحد الأشخاص عليه
فنقول مثلاً بالبلدى : ( فلان .. آه ده صاحبى )
لكن هل يحمل فلان هذا معانى و سمات الصداقة الحقيقية !!
الصديق لن تجده و لن تقابله إلا بعد مرور وقت على معرفته
فإن جواهر الأخلاق تصفها المعاشرة
الصداقة عبر الانترنت أعتبرها صداقة ناقصة و غير كاملة
إن لم يكتب للصديقين التقابل بإستمرار فسيولوجياً
مثلما هو الحال فى الزواج عبر الانترنت و الحب عبر الانترنت
غالباً ما ينقصه عنصر اللقاء و التواصل وجهاً لوجه
و بالتالى فإنه لا يدوم طويلاً و لا ينجح فى أغلب الحالات
الزمن اتغير ،و احنا ليه بقينا كده !!
جملة نرددها كثيراً هذه الأيام للتعبير عن كم حنقنا على معانى كثيرة
ضاعت وسط زحام اللهث وراء الماديات و تناقص الاهتمام بالروحانيات
و أصبحت الصداقة الحقة كنز كبير بمن يجده
يا صديقى
ماذا جرى يا صديقى العزيز، أترى ما أرى !
أترى أحوالَ الزمان كيف تبدلت !
ماذا أصاب الإنسان يعيش صراعاً مريراً فى كل آن !
إنه صراع البائس المسكين الذى ألهب في داخله حب الدنيا والتذلل لسلطانها، و سمح لنفسه وسكناته و نظراته و تأملاته
أن تؤسر فى قفص مهين اسمه المصلحة الشخصية
أمسى الوفاء لفظاً فى متاهات النسيان
و الإخلاص والولاء استبدلا بالغدر والعدوان
أترى كيف اختلطت كل الأمور؛ فضاعت القيم وسحقت معانيها الجميلة
لم يعد هنالك كرامة أو مروءة أو شهامة ، إنسان اليوم انهزامى ؛ تسيِّره مصلحته الشخصية الآنية وفقاً لمعاييره القاصرة وبصيرته الأسيرة
غدا آلة صماء تحركها أزرار ؛ فأحد تلك الأزرار لابتسامة صفراء ،
و آخر للغش والخداع ، و ثالث للرياء والنفاق ، و رابع وخامس ومائة ألفٍ
مسخَّرةٌ كلها للكذب بكل الألوان ! آهٍ يا صديقي .. كم يعذبني صمتك !
و كم تعذبنى هذه اللا أسمع ولا أرى ولا أتكلم !
و كم يرعبنى ذلك العمل الفنى (المنحوت) الذى يصور ثلاثة قرود
يجلس كل منهم بجانب الآخر ، وبأيديهم : يَصمّ الأول أذنيه، ويُغمّى الآخر عينيه ، ويَكتم الثالث فمه !
ما رأيك يا صديقى في تلك القرود! أهي حقاً قرود!
تُرى أين أنت يا صديقى اليوم ؟
أمازلت يا صديقى كما كنت صديقى !
أم أنك كما الآخرين آلة تحركها الأزرار
عندما يكون الحيوان صديقاً للانسان
أحياناً نتفهم لغة الحيوان و مشاعرها
فهذا قط فى منزل يفهم إشارات صاحبه و يسرع إليه عندما يلقاه
و معروف أن الكلب أوفى صديق من الحيوانات للانسان
و بعض الناس من هواة تربية الخيول و امتياطها تنشأ صداقة بطريقة ما
بين الفارس و الجواد
نحن لن نصل بأى حال من الأحوال إلى دول الغرب فى تقديسهم لرابطة دم
الحيوان
و اعتباره فرداً مكملاً و صاحباً للأسرة
و لكن أحياناً يكون الحيوان صديقاً ... أحدث ذلك معك ؟؟
الكتاب خير صديق
أحياناً تشعر أنه لا يوجد غير الكتاب ليكون صديقك فى لحظة معينة
فتسارع إلى كتاب تحب أن تقرأه ثم تندمج و تقرأ صفحاته بنهم وشوق
كأنه أعز أصحابك ...
و الكتاب يتميز بأنك ستجده متى شئت و فكرت فيه
و لن تجده فى يوم ما يرفض صداقتك و يقول لك لا
قديماً قالوا : الصديق وقت الضيق و إن أخاك من واساك
حقاً لن تعرف الصديق إلا وقت ضيقك حيث لا تجد أصدقاء المصلحة بجانبك
أتذكر أحد أصدقاء والدى القريبين منه إن لم يكن الأقرب له على الإطلاق
و هو زميل عمل لمدة تقارب الثلاثين عاماً
كيف كان يهب لنجدتنا إن حدث مكروه
كيف كان يسأل عليه باستمرار و كيف كان يساعدنا فى أمور تخص البيت
من تصليح بعض الأشياء بالمنزل
و كيف كان يحرص على زيارتنا فى الأعياد
و هناك أيضاً الأمور التى فيها النصح و تبادل الآراء بينهما
ربما ذات يوم يحدث موقفاً ترى فيه صديقك على غير الذى عهدته به
و ينتهى الأمر بعتاب بسيط ... لأن العتاب يكون بين الأحباب
أعجبتنى قصة قصيرة وددت لو قرأتموها معى
ظل صديقان يسيران فى الصحراء يومين كاملين
حتى بلغ بهما العطش والتعب واليأس مبلغاً شديداً
وبعد جدال واحتداد حول أفضل الطرق للوصول إلى حيث الأمان والماء
صفع أحدهم الآخر
فلم يفعل المصفوع أكثر من أن كتب على الرمل
تجادلت اليوم مع صديقى فصفعنى على وجهى
ثم واصلا السير إلى أن بلغا عيناً من الماء
فشربا منها حتى ارتويا ونزلا ليسبحا
ولكن الذى تلقى الصفعة لم يكن يجيد السباحة
فأوشك على الغرق
فبادر الآخر إلى إنقاذه
وبعد أن استرد الموشك على الغرق (وهو نفسه الذي تلقى الصفعة) أنفاسه
أخرج من جيبه سكيناً صغيرة ونقش على صخرة
اليوم أنقذ صديقى حياتى
هنا بادره الصديق الذي قام بالصفع والإنقاذ بالسؤال
لماذا كتبت صفعتي لك على الرمل وإنقاذى لحياتك على الصخر ؟
فكان أن أجابه
لأنني رأيت في الصفعة حدثاً عابراً
وسجلتها على الرمل لتذروها الرياح بسرعة
أما إنقاذك لى فعملٌ كبير وأصيل
وأريد له أن يستعصى على المحو فكتبته على الصخر
كم تحمل تلك القصة من معانى جميلة
كن صديقى
أحياناً تقابل أناساً و بعد معاشرة طويلة تكتشف إن هذا الشخص
فيه من الصفات الحميدة ما يؤهله أن يكون صديقك
فما هى تلك الصفات التى تريدها فى صديقك ؟
و من هو الشخص الذى تريد أن تقول له : كن صديقى
الصديق أو الصاحب عملة نادرة و يتمتع بصفات فريدة
فمن تراه من وجهة نظرك يستحق أن يكون صديقك ؟
و من هو أعز صاحب و صديق لديك فى هذه الدنيا ؟
و هل صداقة العمل أم صداقة الدراسة هى التى تستمر و تدوم !!
شاركونا بالحديث