الحلقة الحادية عشر ( الجيش حاجة تشرّف )
أخيرا تمكنت من النوم العميق ,,, كنت مرهقا جدا لدرجة أنني لم أتقلّب أثناء النوم ... قضينا في الباص حوالي خمس ساعات .... وأكثر من ساعتين ننتظر القطار ,,, ثم سبع ساعات في القطار ,,,, توقف القطار في محطة قطارات القاهرة .... نزلنا في مجموعات منظّمة وأكثر ما كان يشغلني هو الإنتظار ,,, خشيت أن ننتظر كالعادة حتى يأتي باص يقلنا إلى الأكاديمية .....
ساعة واحدة كانت كافية لقدوم الباصات ,,,, وكالعادة أجلس كأي بضاعة مشحونة في حيز ضيق جدا لا يمكنها فرد أي أطرافها ....
نظرت في ساعتي أذكر كانت تقارب الثالثة فجرا عندما توقف الباص أمام بوابة ضخمة ,,,, دخلنا وسرنا داخل المبنى مدة حوالي نصف ساعة ,,, توقف الباص ,, خرجنا ... وتلقينا أوامر بالجلوس كل في مكانه ومعه مخلته ,,,,
كنّا في العشر الأواخر من رمضان ومر يوم كامل لم نأكل فيه ولم نشرب ,, حتى أننا لم نفطر أونتسحّر لصيام اليوم التالي ,,, لم نتلقى أوامر بالأكل ..
لكن ماخفف حدة الألم هي تلك الأحلام الوردية ,,, فقد كنّا متيقنين من أننا في الصباح الباكر سنأخذ تصاريح الدخول
ونصبح جزء من هذا المكان وتستقر أحوالنا ولو لمدة ستة أشهر فقط.,,, لم نتمكن من النوم فساعة واحدة لا تكفي ,,, ففي تمام الخامسة فجرا نعق البوق وانطلقت صافرات الإنذار ,,,, توقعنا بداية يوم هادىء ولو هدوء نسبي لكن ...
أمرونا باللألتزام في طابور الصباح ,,,, فوقفنا تحت الشمس المحرقة لمدة تتجاوز الثلاث ساعات ,,, بعدها أمرونا بالجلوس طوال اليوم في أماكننا ,,, مما مكن اشمس من إجراء كافة خططها الهجومية علينا ,,, وكالعادة نتساقط كأوراق الشجر في فصل الخريف لكن هذه المرة كنّا كلنا نتساقط الصائم والمفطر ..
لم أتمكن من الجلوس ولم أتمكن من النوم فشدة الجوع والعطش جعلتا عقلي في حالة من الفراغ الرهيب فبدأت أسمع أصوات عصافير بطني تصيح في وجهي ,,, كما أنني لم أكن قادرا على الوقوف بغض النظر عن الأوامر بل لأنني لن أتمكن من ذلك ,,,,
انتظرنا على هذة الحالة حتى خرج علينا المؤّذن لصلاة المغرب ,,,, انفرجت أسارير معظمنا ,,, لكننا لم نتلقى أمر بالأكل أوحتى الإستعداد لذلك,,,,, مرت نصف ساعة على صلاة المغرب ,,,, خرج علينا عميد الأكاديمية ومعه لفيف من القادة بعدما فطروا بالطبع ,,,, وأخبرونا بالإستعداد لبدء توزيع التصاريح .. ربما لا تعرفون كم هي طويلة وقاسية ومملة تلك العملية ,,, نقف جميعا أمام منصة تعلوها مجموعة من العسكر ينادوننا اسم اسم ,,,,,واحد واحد وعلى أقل من مهلهم ,, بس الحمد لله من وسط الثلاثة الاف نادوا اسمي تقريبا رقم ألف مية خمسة وعشرين وبعدي بحوالي اسمين تلاتة كده ندهوا اسم عبد البر ,,,,,المهم بعد ماتسمع اسمك ,,بسرعة تملي اسمك للعسكري على بداية الطريق لمخزن المخلات ( ماهو لازم تروح تسلم المخلة ) وبعدها تمشي حوالي تلاتةكيلو لحد ما توصل المخزن ,, تقف في طابور طويل لحد مايجي دورك يعني قول كده حوالي ساعة إلاّ ربع ,, تدخل تسلم المخلة ,,,,,, وزي الشاطر ترجع التلاتة كيلو تاني وطبعا راكب رجليك...
عدنا إلى الساحة حوالي الواحدة صباحا ,, و كانوا لم ينتهوا بعد من التصاريح ,, كان علينا أن ننتظر حتى ينتهوا من ذلك ........
الحلقة القادمة ( الهروب الكبير .... خيانة مشروعة )
إبراهيم رأفت