السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
بسم الله الرحمن الرحيم, نحمده ونستهديه ونشكره ونستغفره من جميع الذنوب
ونتوب إليه, والصلاة والسلام على خير خلق الله, المصطفى (صلى الله عليه
وسلم), وعلى آله وصحبه وأزواجه أجمعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.....
كلمات إلى كل عاقل مادام حيآ, وكانت بيده الفرصة ليعمل صالحآ وإن كان غافلآ...
بسم الله الرحمن الرحيم " حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ [99] لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون : 100] "
إلى من يعصى الله ويجاهد فى إرتكاب الذنوب, إلى كل قلب مؤمن عصى الرحمن
ولم يكن له شكورآ على نعمه التى لا تعد إحداها ولا تحصى, أما آن الميعاد
لتقبل على الله ليكون لك بصرك الذى تبصر به, وسمعك الذى تسمع به, ويدك
التى تبطش بها.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله

: (( إن الله تعالى قال : من عادى لي ولياً ، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي
يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني، أعطيته، ولئن استعاذني، لأعيذنه )) رواه البخاري.
ولكن كيف لنا أن نقبل على الله بالنوافل قبل القيام بالواجبات, والإنتهاء عن الممنوعات.
كيف لنا نبتغى عرض الحياة الدنيا ونعمل لها و كأننا نحسب أن مالنا وسلطاننا سيخلدنا وينصرنا,
بسم الله الرحمن الرحيم : " وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ [1] الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ [2] يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ
[3] كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ [4] وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ [5] نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ [6] الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى
الْأَفْئِدَةِ [7] إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ [8] فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ [الهُمَزَة : 9] "
أما حق على الحبيب الإتباع, وما آن له الصحوة من طريق الضياع, هل نسينا أن الموت حق, والجنة حق, وكذلك النار حق, أما قال الحق وقوله الحق بسم الله الرحمن الرحيم :
" قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ
[الأعراف :18] ",
فمن تبع الرحمن ورسوله كان مثواه خير بإذن الله, ومن تبع الشيطان وهواه
وأخذ يلهو ويغفل فحق عليهم قول ملك السموات والأرض وما كان ليكون ذلك على
الله بعزيز.
فوجب علينا و على العاقلين إتباع كتاب الله وسنة رسوله إن كنا نريد أن نكون من أمة محمد التى كانت خير أمة أخرجت للناس.
ولكن, ولكن, عن أبى هريرة عن رسول الله قال, كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى, فسأل الصحابة, ومن يأبى يا رسول الله, فقال عليه الصلاة والسلام, من أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى فقد أبى.
فدل حديث رسول الله على كتاب الله وآياته فى قول المولى تعالى : " قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران : 31] "
فيأمر الله رسوله أن يقول : إن كنتم حقآ تحبون الله فأتبعونى "رسول الله" وآمنوا بى ظاهرآ وباطنآ يحببكم الله, ويغفر ذنوبكم ويمحها عنكم, وكما جاء فى التفسير الميسر إن هذه الآية حجة على كل من إدعى حب رسول الله ولم يكن متبعآ له يعمل بسنته, مطيعآ له فى أمره ونهيه, فيكون كاذب فى دعواه فلا هو يحب رسول الله حتى يكون متبعآ له.
أسأل الله أن يوفقنى وأن أتابع فى كتابة بعض المواضيع فى أمر الإتباع لسنتة رسول الله

.
والآن فضلت أن أتحدث عن بداية طريق الإتباع,
وأهمية العمل على الولوج إليه.
يقول المولى عزل وجل, بسم الله الرحمن الرحيم : "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر : 53]
حيث يأمر الله رسوله

, أن يقول لعباد الله الذين تمادوا فى المعاصى وأسرفوا على أنفسم بإتيان ماتدعوهم إليه نفسهم من الذنوب, قل لهم يا محمد, أن لا يقنطوا أبدآ من رحمة الله عز وجل , فإنه هو الرحمن الغفور الذى يغفر الذنوب جميعآ, ما ظهر منها وما بطن, لمن تاب منها ورجع عنها, وصدق توبته ونيته مع الله, فإن الله هو الغفور الرحيم لعباده .
وفى الآية التالية يقول الله عز وجل, بسم الله الرحيم : "وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ [الزمر : 54] "
فيأمرنا الله عز وجل ان نرجع إليه بالطاعة والتوبة من قبل أن يقع بنا عقابه ثم لا بجد من ينصرنا من الله.
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ [الزمر : 55]
وأتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم وهو القرآن العظيم بلا شك, ولا ننسى قول رسول الله : تركت فيكم ما إن تمسكتم به, لن تضلوا بعدى أبدآ فقال الصحابة, وما هو يا رسول الله, فقال عليه أفضل الصلاة والسلام كتاب الله وسنتى., ثم أمرنا الله بإتباع ماجاء فيهما من أموار وإجتناب مافيهما من نواهى, من قبل أن يأتينا العذاب فجأة ونحن لا نعلم به, وربما يذهب بى عقلى إلى المقصود بالعذاب هو الموت, فلا لأحدنا ان يرجع فيعمل صالحآ, فحق علينا العذاب بما كسبت أيدينا, مالم نتوب إلى الله سبحانه وتعالى ونعمل بما جاء به رسول الله من القرآن والسنة.
أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ [الزمر : 56]
ثم يأمرنا الله عز وجل وما يأمرنا إلا بما فيه خير لنا, بأن نطيعه ونتوب إليه حتى لا يأتى موعد نندم فيه ونقول يا حسرتنا على ما مضيعنا فى الدنيا من العمل بما أمر الله به, وقصرنا فى طاعته وحقه, وكنت فى الدنيا من المستهزئين بأمر الله وكتابه ورسوله وسنته والمؤمنين به.
أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [الزمر : 57]
وتصور الآية حال الكثيرين الذين يعلقون أعمالهم السيئة بأنه قدرهم, وإن الله لم يرد لهم هداية, فهم وكما يقولون وساء ما يقولون, يطيعون أمر الله وقدره بأن يعصوه ويستزيدوا من الشر, لأن الله لم يرد لهم هداية من المعاصى والذنوب.
أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الزمر : 58]
أو تقول حين ترى عقاب الله قد أحاط بك يوم الحساب: ليت لي رجعة إلى الحياة الدنيا، فأكون فيها من الذين أحسنوا بطاعة ربهم، والعمل بما أمَرَتْهم به الرسل.
بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ [الزمر : 59]
فيقول الله , بلى قد جاءتك آياتي الواضحة الدالة على الحق, فكذَّبت بها, واستكبرت عن قَبولها واتباعها, وكنت من الكافرين بالله ورسله.
وأخيرآ وليس أخيرآ, نسأل الله أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأن يرزقنا الله الإخلاص فى العلم والعمل, وأن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى, ويجنبنا ما لا تحمد عقباه, اللهم آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته