عملية زرعْ إلحاد
خطب بصوته الجهوري الضوضائي:
أيها الكفرة والله لينزلن عليكم عذاباً شديدا.. لم يكن هناك كفرة ولم نكن في في عهد الجاهلية باالطبع!..
كان هذا الشيخ لايعظ الناس بل يتفنن وهو يلسع كرامتهم وكبريائهم بكرباج الإهانة والإذلال ..
أفاقاً.. لم يكن في الحقيقة يخطب إلا رياءا وافتخاراً.. لم يخفْ مقام ربه ولم ينه نفسه عن هوي..
كان الشيخ يقول باليد اليمني ويفعل باليد اليسري.. ممن يقولون ولا يفعلون!
جاءه ذات يوم شاب حائر النظرات.. هزيل البدن والروح.. شاحب الوجه.. في العشرينات يبحث عن مخرج لنفسه الميته.. يفتش عن مدخل لتوبة.. يبحث عن وسيلة ليصل إلي الله...
قال له الشيخ بوجهٍ مكفهرٍ كالمعتاد:
ماذا فعلت لكي تطلب مني وسائل للتوبة..ماهي خطيئتك..؟!
قال له الشاب مباشرة في ضعف :
إن روحي خواء.. إن نفسي صماء جدباء.. الرغبة في التخلص من حياتي لا تتركني أبداً.. إني مُلحدْ أيها الشيخ.. و..
هنا..لم يعطه الشيخ فرصة أخري لينهي كلمة جديدة ولم يسع الشيخ الا أن انتفض وشاط غضباً وكُرهاً ومالبث أن داهمه بصفعه علي وجه ثم بصق في وجهه قائلاً:
انصرف أيها الكافر الملحد من هنا.. فنهايتك هي جهنم وبئس المصير.. وليست لك وسيلة لأمثالك الي الله..
طُرح الشاب أرضاً بسبب قوة الصفعة ، ولم يتوقع الشاب فعلة الشيخ شديدة القسوة ، ولكن استعاد الشاب وعيه بسرعة من تلك الصدمة وقال للشيخ كاظماً غيظه مستعيداً بعضاً من قوته:
قبل أن آتي إليك عرفت قصة من التراث.. إنها قصة ذلك الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم ذهب ليبحث عن توبة فلم يجدها عند الراهب المتدين.. ولقد حسبتك عالماً في دينك.. فهل تعلم ماذا قال الراهب الجاهل لهذا الشاب وما فعله عندما نهره ذاك الشيخ مثلما فعلت معي..
نظر إليه الشيخ بعين مملؤة بالشرر وصاح في غضب :
أتهددني أيها المُلحد الفاسق اللاديني.. الآن زاد عذابك أضعافاً.. والله إن لحوم العلماء مسمومة..
قال له الشاب مستنكراً:
أي علماء تتحدث!.. لم أري فيك إلا رجلاً فظاً غليظاً، لقد أخطأت عندما جئت هنا..
صاح الشيخ في عصبية بالغة:
اخرج من المكان الطاهر الآن أيها النجسْ.. وإلا ناديت المسلمين الموحدين يجرجرونك من أرجلك ويقذفون بك كما الكلاب..
لم يعد للشاب طاقة في تحمل توعد الشيخ وتهديده وتحقيره المستمر.. ولذلك قال في استنكار: أي دين يدعوك لغلظتك هذه أيها الشيخ الكاذب المغرور والله لو كان هذا دينك لما اتبعته أبدا وظللت بائساً ملحداً ولكني أحيا بكرامتي واحتفظ بإنسانيتي.. وأضاف الشاب في انفعال:
إذا كانت الجنة عندك، قد حجزت حجراتها ومقاعدها فلا أريد تذكرة لتلك الجنة..
قال الشيخ وقد احمر وجهه وازداد غضبا وعصبية:
الجنة لاتنتظرك.. إنما هي النار تصرخ طالبة المزيد من أمثالكم.. هيا انصرف والا حللت دمك الآن..
انصرف الشاب وعاد الي حيث ما جاء مُلحدا كما كان بل أشد الحاداً من ذي قبل.. وأكثر بؤساً وانحلالاً..
كان الشيخ يخطب ويعظ بمثل كلماته التي لايريد منها وجهه سبحانه.. بل يريد وجه الناس ويتاجر بكلمات الله... فأخذ يصرخ قائلاً بكل قوته وبصوته الحنجوري الصاخب:
الملحدون لا توبة لهم.. الملحدون وإن رجعوا للدين فإن رجوعهم لن يغني عنهم شيئاً، ولن يشفع لأي منهم.. وكلهم في الجحيم خالدون..
عندها.. وقع مغشياً عليه ونقلوه للمستشفي فإذ بقلبه مُنهاراً وحدث له فشل مفاجئ في عضلة القلب...كان الصوت الصاخب بالكاد قلبه ينبض ويضخ دماءاً تسير رغماً عنها في جسده المنهار...
يجب أن يتم له عملية زرع قلب فوراً..( قالها الطبيب في لهجة مؤكدة)..
سأله أهل الشيخ في توجس : هل هناك قلب متوفر الآن؟!
رد الطبيب: سنضعه علي القائمة وسنري.. وأضاف قائلاً وكأنه تذكر شيئاً:
أظن أن هناك قلباً موجود بالفعل من حادثة بالأمس..
استبشر أهله خيراً وقالوا له في لهفة:
حقاً يادكتور!.. ياللحظ السعيد.. إذاً فلنعجل بالأمر ونحن قادرون علي دفع أي مبلغ مطلوب...
رد الطبيب: حسناً.. دعونا نقوم بالتحاليل فوراً لمعرفة مدي تطابق الأنسجة حتي تتم الزراعة فوراً..
جاءت التحاليل ايجابية ومطابقة وتمت زراعة القلب.. ونُقذت حياة الشيخ.. وبعد فترة النقاهة والراحة استطاع أن يعود للعمل مرة أخري.. فعاد من جديد ولكن بقلب آخر.. لم يشعر بالرغبة في أن يعلو صوته ويصيح في الناس ويحتقرهم.. بل انعزل في بيته ولم يشعر بالرغبة في أي شئ بل شعر عندها أن الحياة عبث، ولعبة قذرة.. كان لسانه تنفلت منه كلمات غريبة لم تكن أبداً كلمات رجل دين.. لم تكن تلك الكلمات من العسير معرفتها علي أنها كلمات إلحاد واضحة وأصبحت حياته جحيماً..
تأمل نفسه وكان يحدثها في كل ليلة.. لماذا أصبحت هكذ !!ا.. وأدرك أنه صار كذلك بعد عملية زرع القلب.. وشك أن هناك خطأ ما في العملية أو هذه تقلبات طبيعية مؤقته للقلب الجديد.. فذهب للطبيب يعرف منه السبب.. وقال له الطبيب أن هذا طبيعياً.. ولم يستطع الشيخ أن يتفوه بما كان يشعر في قرارة نفسه وما سكن في قلبه من شعور بالإلحاد والشك الصريح.. هنا طلب منه الشيخ أن يخبره بهوية المتبرع فضولاً منه وليطمئن:
ولكن رفض الطبيب في البداية وبعد المحاولات المستميته من الشيخ قال له الطبيب أنه شاب جاء الينا جثة في حادثة انتحار، وتعرف الشيخ علي صورته..
وفي تلك اللحظة.. عقدت الدهشة لسان الشيخ وكانت ملامح وجهه متجمدة.. بعدما علم أنه ذاك الشاب المُلحد الذي قدم إليه من قبل..
أصبحت حياته ظلاماً.. فقلباً ملحداً ممتلئ باليأس والإحباط يعيش بداخله الشك والكفر يسكن بين ضلوعه ولا مهرب منه.. الروح امتلأت بالخواء.. النفس أمست أرضاً جدباء صماء.. ووقر في قلبه الإلحاد الصريح وصدقه اللسان..ولا مفر..
وجاء النداء صاخباً يدوي من جديد ولكن هذه المرة من المُنادي قائلاً:
لقد مات الشيخ.. لقد قتل نفسه ومات مُنتحراً.
تمت
بقلم/ محمد فهمي
===================================
دي القصة اللي اتقدمت بيها للمسابقة اللي حكمها د.أحمد خالد توفيق
تقدمت 50 قصة للمسابقة
حكمها د.أحمد خالد بمفرده..
ملحوظة:أعطي د.أحمد خالد توفيق لقصتي 7 من 10 في المسابقة القصة القصيرة...
وحصل آخر مركز من الفائزين في المسابقه علي 7.5 من 10.....فالمركز الأول في المسابقة حصل عي تقييم 8.5 من 10.....
د.أحمد خالد قال أيضاَ أن هناك قصص حصلت علي تقييم 2 من 10
الحمد لله: ده يؤكد لي أن قصتنا كانت علي وشك الفوز وبالتالي الحمد لله علمت أن ماأكتبه يصح أن يكون قصة محترمة صالحة للنشر فيها شيء جميل وتخضع لفن القصة وإلا لم أكن أحصل علي هذا التقييم وده شيء مهم جداً كنت اريد معرفته...في الأول وفي الآخر أنا أكتب لقراء..وقال د. أحمد أن رأيه انطباعي وليس نقد علمي
ويكفي أن د.أحمد خالد توفيق بذات نفسه قرألنا حاجة وقيمها بالشكل ده
فحصولنا علي 7 من 10 ده بالنسب ليا أسعدني الحقيقة بعد لما عرفته لأني كنت خايف أكون ماشي في ظريق غلط بالنسبة للكتابة والحمد لله عرفت إني ماشي صح..
وهذا بالتاكيد يدفعنا للإستمرار لأننا علي الطريق الصحيح...
وآخر حاجة عايز أقولها: القصة اتكتبت قبل انتهاء ميعاد التقديم بيومين فقط نظراً لبحثي عن موضوع مختلف ويقع في خانة زراعة الأعضاء اللي طلبته المسابقة وده اللي خلي المسابقة تبقي مقفلة وصعبة شوية لأنهم عايزين موضوع معين ولازم بأسلوب قصصي فبحثت عن موضوع يعطي نوع من التميز ويمنع التكرار
متأسف علي الأطالة
الآن
منتظر آرائكم وتقييمكم للقصة..
بكل صراحة
وعلشان كلنا نستفاد