مازال عبق الذكريات يفيض فى المكان مهما حاولت الهروب منه لا مفر,فببساطة أهتديت إلى أنه أصبح مخلوطاً بالهواء الذى أتنفسه, لم يعد مجرد أكسجين وبضع غازاتِ أخرى ولكن هناك أيضاً الذكريات التى تحولت لهواء أتنفسه كل يوم كى أحيى أو على الأقل أُكمل يومى.
عندما تتعرض لصدمة ما فى حياتك , تحاول أن تتخطاها وتقف على قدميك من جديد أو هذا ما ظننته طوال عمرى وأستمريت فى ترديده مراراً لأننى لم أكن مررت بصدمةِ ما كفيلة أن تجعلنى أغير منظورى وتضع نصب عيناى معايير أخرى وتعريفات أخرى للصدمة الحقيقية .
صدقونى من يحاول أن يقنعكم أن الصدمات تقوى الإنسان هو أحمق لا يفهم شيئاً . القوى بحق هو من لا يسمح بتلك الصدمات بالحدوث من المقام الأول ,حتى لا ينتهى به المطاف كشخصِ كثير التذمر عن مشاكله وحياته البائسة التى لا يعلم ما الذى يحدث بها .
وصدقونى أيضاً من يصدق كلامى السابق هو أحمق أكبر !
ففقى الحقيقة ,الحياة لها حسابات أخرى, القدر له حسابات أخرى ,مهما أعتقدت أنك تتمتع بقوة ما ستجد ما ينهر تلك القوة عاجلاُ أم أجلاً .
أنت لا تستطيع أن تشترى إنذارات كإنذار حماية المنزل كى تحمى روحك من صدمة ما . فالحياة لا تجرى على هذا النحو . أنت مُعرَضُ فى أىِ وقتِ أن تنكسر وتندلع داخل قلبِك الحرائق . هذا لا يجعلك أحمقاً بل بشراً .
أنا لست مجنونة ما تتناقض أرائُها وتتعارك على الورقِ بل أكتب ما يجول فى خاطرى فأنا فى النهاية مصدومة أخرى كمثل أى بشرِ ,ولكن فى حالتى أظن أننى على شفا التعافى من تلك الصدمة , لا أعرف صدقاً , بل كل ما أعرفه أننى فى مفترقِ طرقِ وبالفعل قد جربت طريق الحسرة والألم الذى نهر قواى وجعلنى إنسانة بائسة لبعضِِ من الوقتِ , وأيضاً سلكت طريق الإدعاءِ الذى إستهلك من روحى الكثير لأعطى كماً من التزييف لجسدى اللعين حتى يعطى إشارات لا تعبر عنى على الإطلاق بل على العكس كلها إدعاء وتمثيل حتى لُعنَت روحى وأظلمت وأصبحت نصف ميتة لا تعرف كيف تحيا .
مفترقُ الطرق مكانُ موحشُ ومن الممكن أن يكون النعيم المفقود , أنت وما تبقى منك من قوة من يستطيع أن يحدد .
إما أن تجعل أثار الطريق الأول تؤثر فيك فتستمر فى حسرتك وألمك وتستمر أيضاً فى تقديم دراما مبتذلة لمن حولك , أو تجعل الطريق الثانى يؤثر فيك فتستمر كما الأبله فى تقديم عرض مسرحى مسخ لن تجد له مشاهدين فى النهاية .
إما تلك الطرق البالية أو تختار لنفسك طريقاً أخر , لا أستطيع أن أملي عليك ما هو , ولن أزين لك الكلمات وأضع خيالات وتصورات لطريق لم أسلكه بعد ! لأن ببساطة لم أختر بعد .
ولكنِ أعلم شيئاً واحداً وهو أننى لن أجعل مفترق الطرق هذا نهاية مطافى , لن أجعل نفسى عالقة هنا كالتائه بين حلمِ وحقيقةِ , سأجعله طريق جديد لا أعرف سماته أو جوانبه السيئة أو الجيدة , ولكنِ سأترك العنان لنفسى أن أكتشف كل ذلك بمرور الوقت , ربما سيكون الطريق الصحيح أو ربما سيكون طريقاً اسوأ , لا أعلم ! .
ولكنِ موقنةً بأن أى خطأ أقترفته مسبقاً تعلمت منه شيئاً , وحيث أنى أقترفت العديد من الأخطاء فلقد تعلمت الكثير. فها أنا الآن أحمل معى ما تعلمته وأحمل أيضاً ندبات ما حدث لى مسبقاً متسلحة بإيمانى أن هذه المرة ,سأختار الطريق الأقل وجعاً , وفى نفس الوقت مهما إختلفت الطرق التى سأسلكها ستظل معبقة بذكريات الماضى , وستظل تلك الذكريات ما يبقينى حية .