مصيبتنا في هذا الزمان الصعب ..
أن أعداءنا تمكنوا من تفريغنا من داخلنا تفريغاً شبه كامل ..!
حتى أصبحنا أكثر هشاشة من القشة التي يجرفها التيار بين يديه ..
جراحنا لا تندمل ، ولا تزال تنزف بغزارة شديدة ..
ونحن متبلدون حتى الذروة ..!
نتابع المشاهد الدامية المروعة بقلوب محنطة .!
مع أن كل مشهد فيه من الهول ما يشيب له الطفل الصغير ..
ولذا تجدنا بعد أن نملأ عيوننا بتلك المشاهد ،
نبادر في لهفة إلى الضغط على الريموت لنتابع المسلسل المكسيكي المدبلج !! _ أو غيره _
مشدودين إليه ، فاغرين الأفواه معه ، بقلوب تخفق مع أحداثه ..!!
فإذا انتهى ...
عدنا لنكحل عيوننا بمنظر الأطفال وهم يتساقطون تحت وابل الرصاص ،
وأشلاء الضحايا وهي تتناثر على قارعة الطريق بشكل تقشعر له القلوب ..
ودموع العجائز وهي تنوح تستصرخ المسلمين بصوت مبحوح مذبوح ..
وقد نقلّب شفاهنا قليلاً ، ونحوقل [ نقول لا حول ولا قوة إلا بالله ]
وقد .. وقد نخبط كفاً بكف ..!
ثم نعاود البحث في لهفة شديدة بين الفضائيات
لنتابع عروض الأزياء ، ومسابقات الجمال ،
ومقابلات نجوم الفن التي لا تنتهي ،
وسيل جارف من الفيديو كليب لنملأ عيوننا برشاقة الراقصات ..!
ونركض وراء شلال الأفلام التي تتأجج فيها نيران الشهوة حتى الذروة …!!
وهكذا .... نظرة هنا ، ونظرة هناك .. !!
هذا والله لون فظيع من ألوان المسخ ..
وهل المسخ أن يتحول الإنسان إلى قرد أو خنزير فقط .!؟
أبشع ألوان المسخ
أن يبقى الإنسان إنساناً يمشي على رجلين ،
ثم هو يعيش بروح القرد أو الخنزير ..!
مصيبة .. ليس لها من دون الله كاشفة ..
ويسخط علينا أهلنا في فلسطين أننا لم ننفعل لما أصابهم
على الوجه المطلوب ..!!!!
ولكن .. حنانيكم يا حبة القلب .. حنانيكم ..!
وهل تسخطون على الحمير أو القرود لو أنها لم تنفعل لكم ..!؟
لقد أصبح حال جماهير من الناس في وضع أسوأ من ……. …. في زرائبها .. !
( لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ، ولهم أعين لا يبصرون بها ،
ولهم آذانٌ لا يسمعون بها ،
إن هم إلا …….إلا كالأنعام .. بل هم أضــلّ ..)
مصيبتنا في أنفسنا ، أعظم بكثير من مصيبتكم مع عدوكم ..!!
إن من يقتل منكم يمضي شهيداً _ إن شاء الله _ في جنة عرضها السماوات والأرض
ولكن من عاش منا _ على هذه الصورة _ عاش وهو … وهو … وهو ....وهو........!!
ماذا أقول ؟ .. يا لطيف ..!
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
ملاحظة : هذا التعميم في الكلام ذكرته للمبالغة لتسليط الضوء على أن المصيبة كبيرة
وإلا فإني على ثقة عظيمة أن في هذه الأمة خير كبير وكثير وعظيم ..
* * *