بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
أريد أن أسألكم:
كم مرة نجحتم، وكم مرة رسبتم في هذه السنة مع الله؟
فلنقف وقفة قبل دخول العام الجديد؛ لنستدرك بتوبة (اللهم تب علينا توبة نصوحًًا، اللهم تب علينا توبة ترضيك، اللهم وتقبل توبتنا واغسل حوبتنا، وامحُ خطيئتنا، وارفع درجاتنا، وسدد ألسنتنا، واسلل سخيمة صدورنا)، لتكن هذه هي الوقفة الأولى والمشهد الأول من وقفاتٍ مع العام.. مشهد إقامة الحُجة.
حُجج عليك
أول هذه الحجج.. ما يتكرر كل ليلة.. نعم.. كل ليلة، فالله الملك العظيم ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل في كل ليلة، نزولاً يليق بجلاله وكماله {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، فيقول: "هل من مستغفر فاغفر له، هل من تائب فأتوب عليه، هل من سائل فأعطيه" المسند الصحيح - صحيح، تخيل أن هذه الفرصة كل ليلة.. وأنت نائم لا تدري..!
ورسبت في جميع الليالي، حتى الليلة التي قمتها.. قمتها شهوة وحظ نفس وسمعة، ثم أعطاك الملك فرصة فبسط الملك لك يده بالنهار ليتوب مُسيء الليل، وظل الملك يبسط يده بالليل لتتوب من سيئات النهار، ويبسط يده بالنهار لتتوب من تلفاز الليل، وأنت تلهث خلف لقمة العيش وتنسى الله!
ثم استزدت من الحجج.. فزادك الملك وجعل لك مواسم.. هي فرص نهائية ليمحو لك ما تقدم وما تأخر، فقال لك حبيبه محمد
: "من صام يومًا في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار خندقًا" صحيح- صحيح الجامع، والخندق مسيرة سبعين عامًا، وما زلت مُفرطًا!، وإذا صمت أيها المغبون.. أيها المسكين.. فصومك يلتاس ويختلط بغيبة ونميمة وكذب وزور وبهتان وحلف وفحش... فخرَّقت صيامك، فلم تأخذ منه حظك
أعطاك الله صلوات خمس يمحو الله بها الخطايا كل يوم، وأعطاك كل جمعة فرصًا، قال رسول الله
: "الجمعة إلى الجمعة والعمرة إلى العمرة مُكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" صحيح - صحيح الجامع، وقال رسول الله
: "من غسَّـل واغتسل، وبكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب، وأتى الجمعة فاقترب وأنصت، واستمع ولم يلغ، وصلى ما كتب له، كتب الله له بكل خطوة خطاها عمل سنة صيامها وقيامها" صحيح- صحيح الجامع، الله أكبر! هل وجدت أكرم منه؟!
ثم جاءت شهور البركة (رجب وشعبان ورمضان) ويعطيك الملِك فرصًا لا يعطونها في المدارس، ولا في الكليات، ولا في الجامعات.. أبدًا، فإنه أكرم الأكرمين.. وأجود الأجودين.. فهو الله.. نعم الرب ربنا. أعطاك فرصًا في كل يوم من أيام رمضان لك دعوة مستجابة، وفي كل ليلة من ليالي رمضان فرصة لعتق رقبتك من النار، وفي صيام رمضان مغفرة ما تقدم من ذنبك، وفي قيام رمضان مغفرة ما تقدم من ذنبك، وفي قيام ليلة القدر مغفرة ما تقدم من ذنبك، وأتى رمضان ومر رمضان.. فهل أعتقت رقبتك؟
هل نجحت في كل الفرص السابقة فاغتنمت ولو فرصة واحدة لتتخطى مرحلة في حياتك؟
- لا تلتفت وأجب: هل أعتقت رقبتك من النار في رمضان؟
- وكما أعهدك دائمًا فستجيبني: الله أعلم.
- وأقول لك: أنا أعرف أن الله أعلم، ولكن أريد إجابة واضحة: هل أعتقك رقبتك من النار في فرص رمضان؟
ثلاثون فرصة.. في كل ليلة فرصة.. فهل أعتقت رقبتك من النار؟ وبالطبع لا.
- وإن قلت: لماذا تفترض هذا يا شيخ؟
- فأقول: لو أعتقت رقبتك من النار ما كان هذا حالك اليوم (اللهم أعتق رقابنا من النار ورقاب آباءنا وأمهاتنا).
منقول للامانة العلمية