الموضوع المرة دى طويل بس لأنه- كعادة موضوعاتى- يدور فى أقل من 24 ساعة فانا هاكتبه مرة واحدة
ويا ريت تتحملونى فى قرائته زى ما أنا اتحملت كتابته على الورق وعلى الكمبيوتر
بصراحة مش باحب أكتب على حلقات خصوصا لو الموضوع محتاج تخيل من القارىء علشان احساسه بالكلمات ميتقطعش غير مع النهاية
أخيرا,...عادت من عملها بعد يوم شاق فكان أول ما فعلته أن أخذت حمامها اليومى.لا تحرص عليه الا لأنه يشعرها ببعض الراحة ولو للحظات معدودة كأنه يزيح عنها هموم سنوات وزكريات تعيش بها ومعها.
تتحسسها فى كل ركن,وتستشعرها فى كل نسمة هواء تتنفسها أو تلامس برقة وجهها المبلل دائما.
تحاول أن تتناسى أحاديث هامسة تدور خلف الجدران.لا يربط بينها سوى شىء واحد هو اسمها.
بعدما أغلقت فى حزم كل سبل الحوار وتجاهلت كل نظرات التساؤل التى تمتزج أحيانا-بل كثيرا-بالعطف والشفقة أو السخرية -وأحيانا-الاعجاب.
انها امرأة لم يعرفها زمن جميل ولا غير جميل.عاشت بالحب,وللحب,ومع الحب.دائما تراه مجنيا عليه وان حكم الناس كلهم بأنه عليها جنى.
لكنها تحس اليوم مختلفا.. ولا تدرى لماذا؟؟!!
تحس انقباضة قلب اعتاد أن ينبض دونما انقطاع بأحب الأسماء اليها.وبداخلها رغبة عارمة أن تنجز عملها سريعا كى تعود للجدران التى تحمل ذكراه,وتزينها صوره,وينبعث منها عطره.
حيث تستطيع أن تناديه كما تشاء,وأن تصرخ بآهات روحها ولوعة اشتياق قلبها فى سكون.حيث تبكيه بأغلى وأحر الدموع بعيدا عن كل العيون.
وكأن الشمس من دون خلق الله جميعا أحست ما يدور فى نفسها فاحترقت بنيران الحب الساكن فى كيانها وغابت بعيدا كى تبكى هى الأخرى بكائها.
ويحل الظلام...يحيط الناس كلهم لكنها ما انتبهت له.!! انها قد عرفت الظلام الحقيقى منذ غاب عنها شمسها وقمرها ونجمها....ظلام الحياة, والروح, والوجوه, وحتى ظلام المرآة!!!
المرآة التى كانت بالأمس البعيد رفيقتها لم تعد مرآة. لأنها ما عادت ترى فيها أو فى غيرها نفسها...كان هو بعينيه السوداوتين مرآتها.
لكنها -ولأول مرة منذ سنوات تعرف عددها كما تعرف حروف اسمه- يتملكها بعض من جرأة وفضول.فتجلس أمام المرآة.
وكأنها تنبهت فجأة لسنوات عمرها الذى يعده عليها الناس وشهادة يدعونها كذبا شهادة ميلاد.وهى فى حقيقة نفسها طفلة لم تتجاوز من العمر بضع سنوات.
هى سنوات ولدت فيها بحبه وخطت بيدها أو بيد القدر تاريخ وفاتها بهجره.
رفعت أناملها تتحسس شعيرات بيضاء تناثرت هنا وهناك.وتذكرت شعره الأسود الساحر.كيف كان مجعدا كموج البحر الذى كثيرا ما باحت له بعشقها عله يجلس أمامه يوما فيحكى له ويفضح سرها!!
أو تدوس قدماه موضع بيت من حبات الرمل بيديها الناعمتين شكلته وبقلبيهما وحروف اسميهما زينته!!
تبسمت وتساءلت كيف هو الآن شعره؟؟ هل توجته الشعيرات البيضاء فزادته وقارا وجمالا؟؟!!
حاولت أن تتأمل فى المرآة وجهها فما استطاعت أن ترى سوى وجهه..وكيف ترى غيره؟!! وقد طبعت صورته على صفحات عيونها.وتذكرت عينيه.....
كيف كانت تقرأ فيهما حزنه وشجنه رغم صمته!! كيف كانت تشع بهجة ومحبة حين يفرح قلبه!! كيف كانت ولا زالت تسحرها تلك العيون..تأخذها الى أعماق نفسه فتنسيها نفسها والناس.
حتى ينبض قلبها بقوة يستمدها منحبه, من حروف اسمه, من كلمة(أحبك) التى ظنته يهمس بها يوما لكنها ما رأت فى عينيه لها صدى......
عندئذ يجتاحها الشعور بالعتاب والخوف والغضب.ليس منه,وليس له,ولكن للأيام والقدر ولسهم الحب الذى أخطأ عامدا السبيل الى قلبه حاملا اسمها.!!
وكعادة الطبيعة التى أحبتها وللحظات هيامها وشجنها شاركتها أبت السماء والرياح الا أن تغضب وتثور لما ألم بالقلب الحنون.
فجأة,.... غضبت الريح,وتخبطت فى عنف الأبواب وسرت رعشة خوف فى الجسد القابع أمام المرآة غارق فى تأمل صورة لم يعد لها وجود سوى فى هذا القلب وتلك العيون!!
جرت, وعلى سريرها تكورت, ودفنت وجهها بين ذراعيها اللذان يحتضناها يحاولان فى يأس أن يبثا فى نفسها الخائفة بعض من أمان ولو زائف!
دقائق مرت كالساعات وهدأت الريح وما بقى سوى نسيم يداعب الستائر وصوت قطرات المطر ترتطم بالأرض...يذكرها بمعطفه الجلدى الذى كثيرا ما تلألأت عليه قطرات الندى والمطر فاذا ما توقف المطر,وانقشع السحاب,ونثرت الشمس أشعتها فى كل مكان.زاد تلألأ حبات الماء فكأنه ملاك يضىء ظلمة حياتى,ويبعث فى كل الوجود روح الربيع.!!
ومع هطول المطر تسللت اليها رائحة تعرفها جيدا.بل انها لا تعرف سواها.رائحة عطره..هكذا تصورت فى البداية حتى علمت أنه لا يستخم العطور.!! اذا فهذه رائحته هو!!
ما أجملها !! وما أحبها الى نفسى التى تبعث فيها السكون!! ولما لا؟!! وهى تحمل منه كل ما أحبه.
تحمل رقته وحنانه, تحمل آماله وأحلامه, تحمل خلقه الجم الأدب, تحمل بسمته وشجنه, تحمل شهامته, تحمل ثقافته, تحمل مصريته وشرقيته وبالحب غيرته!!
وتسللت خفية على خديها دمعة ما أحستها حتى بللت ثوبها الوردى.نظرت اليها وتذكرت فستانا لها وردى.
كيف كانت فيه تبدو فراشة بروح طفلة لا تعرف من الدنيا سوى المرح!!
كيف أنه لأول مرة يراها تلبسه أثنى على ذوقها وجمالها وضحك لبراءة وخجل على وجهها.فكانت كلماته أجمل ما سمعت من الاطراء.أو هكذا أحستها.أجمل من كل ما يتغنى به الشعراء...
وحين عجزت يديها عن بث الدفء والأمان اليها تمنت من أعماق قلبها العاشق لو أنه هنا ليحتضنها, ليضمها اليه, ليطمئنها, لتستمد من نبض قلبه ودفء أنفاسه وحرارة نظراته كل ما تحتاجه من حنان, من دفء, من أمان, من سلام.!!! لتغمض عينيها وفى ثقة واطمئنان تنام ولو لدقائق أو حتى ثوان!!!
لكنها تيقن أن ما تتمناه مجرد حلم كباقى الأحلام.فهو الآن معها هى.. من أحبها وبقلبه هو اختارها.!!
يضاحكها, يلاعبها, يحتضن يديها بين يديه... ويخفيها عن الناس والبرد والمطر فى عينيه وبين جفنيه.!
منذ أول وهلة أفاقت فيها من احلامها وأبصرت الحقيقة اتخذت قرارها بأن ترحل فى صمت هاربة من سؤاله!!
خشيت أن يفضحها عشقها وما تحتمل نظرة اشفاق من عينيه أو كلمة (عزيزتى, أختى, صديقتى) تنطقها شفتيه...
خشيت أن تحرقها الغيرة بنارها ولا تستطيع أن تحكمها كما لم تستطع أن تحكم قلبها فتدمى بشوكها ورد الحب فى قلب وبيت حبيبها!!
آثرت الرحيل وأن تصبح طى النسيان فاذا ما تحدث باسمها الناس بكل الخير فى قلبه وبلا خجل بين الناس ذكرها.....
يكفيها من الماضى نظراته, بسماته, كلماته, يحيا بها الحب النابض فى قلبها طالما تتردد أنفاس الحياة بها وبها تحيا.....
لم تحاول أن تنساه لأنها لا تريد أن تنساه ولا ترغب مع غيره حياة وما يوما ندمت لعشقها اياه!!
انه رجل يستحق بكل المعانى والكلمات أن تبقى فى القلب والروح ذكراه...!!!
فلملمت بقايا نفسها وكل الذكريات.وخرجت الى البلكون تحت المطر تتحدى العالم والأيام وتقنع نفسها بأن الشمس قد تشرق فى حياتها يوما ثانيا.
وتنتظر صوته يناديها, وبمعطفه الجلدى يغطيها .وحتى ان لم تشرق الشمس فصورته محفورة على وجه القمر وكل نجمة فى السماء!!!
وان لم تكن يوما حبيبته فهو كل يوم حبيبها. وهذا كل حلمها!!!
ويكفيها من الدنيا أن تحس فرحته, وترى من بعيد ضحكته. فيهنأ قلبها وتدعو له بكل صدق بالخير ربها.!!