( كنا أصدقاء )
جاء يرمقنى بتلك النظره
و كأن فى نبرته استياء
و تساءل .. لم البُعد يا صديقى
أولسنا يا صاحبى أصدقاء ؟
أما زلنا بالعهد أوفياء ؟
إقتضب جبينى لبرهه .. ثم نظرت
تبسمت فى وجهه بكل هدوء و إباء
و تساءلت : .. أتقول أصدقاء ؟
كيف ,و ما كنت يوماً أنت أنت
أتقنتَ التظاهر .. حقاً تستحق الثناء
كيف ,و ما كنتَ يوماً فى شدتى عوناً
و ما كنتَ فى وحدتى أُنساً
و ماكنت تدين يوماً لى بالولاء
كيف , و قد أصبح قصر أحلامنا
هشيماً تناثر ثراه بالفضاء
و كيف ,و قد أضحى نهر الود بيننا جليداً
و أنىَ لظمآنٍ من ذاك الجليد ارتواء
دعنى , فقد أفقت من الثُبات
و جمعت نفسى و روحى بعد طول شتات
و أصدرت حُكماً .. تالله ما اقتضى قضاء
فقد أخلَفتَ عهداً .. شهدت عليه السماء
.... و بعد غربتى و ليالى وحدتى
... تمكّنَ منى الأسى و زادت عِلَّتى
حتى إذا ما ظننت أنه الشقاء
ساق المولى الرحيم إلىَّ الدواء
............
هو ذاكَ الصديق الحق
أهدانيه المنان , و إليه هدانى
عاد به ربيع حياتى
بعد خريفٍ أرهق روحى و وجدانى
وعادت البسمة إلى شفتىّ مشتاقه
بعد أن كادت من فرط الأسى تنسانى
...هو ريحُ حبٍ و وفاء
بها للقلب العليل شفاء
من فيض السرور أضحكنى و أبكانى
له من الذهبِ قلباً مخلصاً
فى عينيه حكمهٌ ... و حلاوةٌ فى اللسانِ
لو كان الطائى حياً .. ما جاد كجودهِ
شمل بكرمه القاصى و الدانى
وما نسى يوماً الشيوخ ولا الولدانِ
رأيتهُ يشاركنى همى و الشقاء
و ما لهذا أبدى يوماً استياء
بل زاد لى وداً , و منه أدنانى
رأيتُ شوك الوردِ أدمى يداه
فقبض بإحدى يديه على ما أدماه
و بالأخرى .. الورد - من دون شوكٍ – أهدانى
وجدتهُ ودَّ لو يعطينى عيناً
و ما أسماهُ من عطاءٍ لإنسانِ
هما اثنتانِ , ود لو يهدينى واحدةً
معتذراً عن الأخرى كى بها يرانى
..
أحمدك ربى على نعمة صداقته
فشتّان الفرق بين هذا و ذاكَ .. شتّان
..
ثالث المستحيلاتِ خلٌ وفىّ
ذاكَ ما قالوا منذ زمانِ
ما عدتُ أأبه لقولهم
و لدىّ دليلى .. و عندى بيانى
فإن لم يرضى الزمانُ بنا دليلاً
فكفى بصحبةِ المختار و الصدِّيق من برهانِ
بقلم : أحمد