( لست أبى )
بدت كعجوزٍ تجاوزت الخمسين من عمرها .. يشهد على ذلك تلك الشعرات البيضاء فى رأسها .. و تلك التجاعيد على ذاك الوجه الملائكى البرئ .. و تلك النبره الحزينه التى تبدو لأول وهله مليئه بالحكمة و خبرة السنين .. و هى لم تتجاوز العشرين من عمرها بعد ....
نظرت إليه بعينيها الزرقاوان و تلألأت دمعة ساكنة بعينها حتى كاد بريقها ينفذ إلى عينيه و يصل إلى قلبه سهماً صائباً لا يخطئ أبداً .. إنها إبنته .. إبنته الوحيده .... أما هو .. فإنه ذاك الأب الذى إنفصل عن امها منذ قرابة العشرين عاماً ..و ها هو الآن يبكى دماً لا دموعاً و يستنفذ كل العبارات التقليديه و غير التقليديه التى لطالما استخدمها المخطئون حين ابدائهم الندم على ما فعلوا و حين يعتذرون بكل اسى العالم و احزانه رآجين من أحبتهم - او الذين كانوا من قبل كذلك - أن ترق قلوبهم و تحنوا ارواحهم على اناسٍ كان لهم من الذكريات معهم مالا يقدر على محوه اختلاف الليالى و مرور الايام .
قال الاب : اعذرينى ابنتى .. ما كان بيدى ما حدث .. قد وصل الحوار بينى و بين امك الى سبيل به ما به من العقبات و الحدود ما حال دون بقائى ... إخترت اصعب طريق , اخترت طريق الاشواك و الالم و آثرته على البقاء فى بحر عذابٍ ما وطأت قدمى قاعه قط و ما اقتربت منه يوماً .. ما كان لى سوى هذا الصراط اذا ما اردت النجاه .. حتى و ان كانت هى هى نفس النهايه .. فعسانى رأيته طريقاً اطول .. فغلبتنى شهوة الحياه و هدتنى نفسى للسير فيه كى ينمو ما بى من امل و لو ضئيل فأبقى لوقتٍ اطول و ان كان ذاك الوقت قطعة من التعاسة و العذاب .. آثرت ناراً فيها أحيا على جنةٍ ما عاد لى فيها وجودٍ بسجلات الاحياء .. رحلت و ما كان بيدى .. ما كان امامى سوى الرحيل .. فرحلت ... يتبع
بقلم : احمد
" لو عجبكم الجزء ده ان شاء الله هبقى اكتب بقية القصه ) ( لو ما عجبكوش ... !! )