( رحلت )
صحوت من نومى ,, و شرعت فى بدء يومى ,, مازلت الآن فى فراشى , لست نائماً و لست بصاحٍ .. تذكرت وجهاً إن رآهُ القمر لأنحنى القمر و احمّر خجلاً و لَزال بريقه اللامع من على صفحة الماءِ فى ليلة مقمرةٍ فيها القمر بدراً .. و تذكرت حرارةِ انفاسها و دفء المشاعر كيف كان ينسينى برد الشتاء القارس .. و كيف كان ذاك الوجه نجماً يضيئ ظلمة ليلى و يؤنس وحدتى ..
ثم فجأه تسارعت نبضات قلبى و اضطرب فكرى و أحسست ذاك الألم فى الروح يسرى ,, حين رأيتها أمامى تبكى .. نعم أذكر ذاكَ اليوم و كيف كنت قاسياً , محاولاً أن أخفى ببرودةَ ملامحى و إقتضاب جبينى ذلك الألم بداخلى و الذى كان يعتصرنى حتى سمعت صداه فى أعماقى و لكن ما سمع هذا الصدى غيرى .. و لكن كيف كنت لأتبسم فى وجهها و هى بالأمس قد جرحتنى .. و نسيت - أو تناست- كيف هو طبعى و كيف أنى أغار عليها .. حتى من قرطها ان مس أذنيها .. حتى من سوارٍ إن مس يديها ,, حتى من نسمةً هواءٍ تلاعبت بتلك الضفائر او غازلت شعرها أو مرت من بين إصبعيها.. تناست هذا كله و جرحتنى ..
.. و لكن .... لعلى كنتُ قاسياً .. عساىَ كنتُ مبالغاً فى ردةِ الفعل تلك ... ماذا أفعل الآن بعد أن قطعت بيدى كل سبلى إليها ... لا أظنها ستردنى خائباً , أظنها نسيت قسوتى عليها .. أظنها الآن تنتظرنى أن أعود إليها .. أن المس يديها ,, أن اخبرها أننى قد عانيت المرَ بعدها ,. أن أخبرها ,.,.,. أننى سامحتها ... لا يهم ماذا سأقول .. سأخبرها أننى إشتقت إليها و أننى لا أذكر الماضى و أن كل ما أعرفه الآن هو أننى أريد أن أراها ,, أسمع صوتها ,, ألمس يديها .. أو حتى أنظر اليها دون أن احرك شفتى ناطقاً بنصف كلمه ,,,
بالفعل و دون أن أشعر وجدت الهاتف فى يدى و وجدتنى أتصل بها .. و سمعت جرس الهاتف .. و تصاعدت معه نبضات قلبى .. و تتابعت أنفاسى .. و ذابت الكلمات فى فمى .. و فجأه .. سمعتُ صوتاً غريباً .. ماهذا بصوتها .. إنه صوت أمها .. و هاهى تخبرنى أنها قد ... رحلت .. رحلت إلى بلدٍ آخر .. رحلت لتكمل دراستها هناك ,, رحلت لتكمل حياتها هناك .. فى مجمتعٍ آخر .. مع أناسٍ آخرين .. عسى أن تجد هناك ما يعوضها عما قضته هنا من سنين
..... نعم ... أدركت الآن و بعد صمتِ طويل أن ما أسمعه ليس بحلمٍ ثقيل ... فقد رحلت حقاً ,, و رحل معها كل شيئ .. حتى البسمة على شفتى ..و وجدتنى فقدت صوابى و شرعت أسأل نفسى : باللِه عليكِ , ماذا عساى سأفعل فى البُعدِ بعدَ الرحيل ؟! .... ............................... تمت .
بقلمى : أحمد شكرى