الشعر دا أكتر من رائع بيتكلم عن حاجات كتير جداً أعمق من العنوان بتاعه حتى كفاية إنه لفاروق جويدة مش محتاج كلامenjoy
فى توديع بوش
كل الذي أخفيته يبدو عليك
فاخلع ثيابك و أرتحل
اعتدت أن تمضي أمام الناس
دوما عاريا
فارحل و عارك في يديك
لا تنتظر طفلا يتيما بإبتسامته البريئة
أن يقبل وجنتيك
لا تنتظر عصفورة بيضاء تغفو في ثيابك
ربما سكنت إليك
لا تنتظر أماً تطاردها دموع الراحلين
لعلها تبكي عليك
لا تنتظر صفحاً جميلاً
فالدماء السوداء مازالت تلوث راحتيك
و على يديك دماء شعب آمن
مهما توارت لن يفارق مقلتيك
كل الصغار ضائعين
على بحار الدم في بغداد صاروا
وشم عار في جبينك
كلما أخفيته يبدو عليك
كل الشواهد فوق غزة و الجليل
الآن تحمل سخطها الدامي
و تلعن والديك
ماذا تبقى من حشود الموت
في بغداد ..... قل لي
لم يعد شئ لديك
هذى نهايتك الحزينة
بين أطلال الخراب
و الدمار يلف غزة
و الليالي السوداء .... شاهدة عليك
فارحل و عارك في يديك
الآن ترحل غير مأسوف عليك
ارحل و عارك في يديك
انظر إلى صمت المساجد و المنابر تشتكي
و يصيح في أرجائها شبح الدمار
انظر إلى بغداد تنعى أهلها
و يطوف فيها الموت من دارٍ لدار
الآن ترجل عن ثرى بغداد
خلف جنودك القتلى
و عارك أي عار
مهما اعتذرت أمام شعبك
لن يفيدك الأعتذار
و لمن يكون الاعتذار ؟
للأرض ... للطرقات ... للأحياء ... للموتى
و للمدن العتيقة ... للصغار ؟!
لمواكب التاريخ ... للأرض الحزينة
للشواطئ ...للقفار ؟!
لعيون طفل مات في عينيه ضوء الصبح
و اختنق النهار ؟!
لدموع أمٍ لم تزل تبكي وحيداً
صار طيفا ساكناً فوق الجدار ؟!
لمواكب غابت
و أضناها مع الايام طول الانتظار ؟!
لمن يكون الاعتذار ؟
لأماكن تبكي على أطلالها
و مدائنٌ صارت بقايا من غبار ؟!
لله حين تنام
في قبر وحيداً .. و الجحيم تلال نار ؟!!
ارحل و عارك في يديك
لاشئ يبكي في رحيلك
رغم ان الناس تبكي عادة عند الرحيل
لاشئ يبدو في وداعك
لا غناء .. ولا دموع .. و لا صهيل
مالي أرى الاشجارُ صامتةًًً
و أضواء الشوارع أغلقت أحداقها
و استسلمت لليل .. و الصمت الطويل
مالي أرى الأنفاس خافتةً
ووجه الصبح مكتئباً
و احلاماً بلون الموت
تركض خلف وهم المستحيل
اسمع جنودك
في ثرى بغداد ينتحبون في هلعٍ
فهذا قاتل .. ينعى القتيل
جثثُ الجنود على المفارق
بين مأجور يعربد
أو مصاب يدفن العلم الذليل
ماذا تركت الان في بغداد من ذكرى
على وجه الجداول
غير دمع كلما اختنقت يسيل
صمت الشواطئ ... وحشة المدن الحزينة ..
بؤس اطفال صغار
أمهات في الثرى الدامي
صراخ .. أو عويل ..
طفل يفتش في ظلام الليل
عن بيت يتوارى
يسأل الأطلال في فزع
و لا يجد الدليل
سرب النخيل على ضفاف النهر يصرخ
هل ترى شاهدت يوماً
غضبة الشطآن من قهر النخيل ؟!
الان ترحل عن ثرى بغداد
تحمل عارك المسكون
بالنصر المزيف
حلمك الواهي الهزيل ...
ارحل و عارك في يديك
هذى سفينتك الكئيبة
في سواد الليل ترحل
لا أمان .. و لا شراع
تمضى وحيداً في خريف العمر
لا عرش لديك .. ولا متاع
لا أهل .. لا أحباب .. لا أصحاب
لا سنداً .. ولا أتباع
كل العصابة فرقتك إلى الجحيم
و أنت تنتظر النهاية ..
بعد أن سقط القناع
الكون في عينيك كان مواكباً للشر..
و الدنيا قطيع من رعاع
الأفق يهرب و السفينة تختفي
بين العواصف ... و القلاع
هذا ضميرُ الكون يصرخ
و الشموع السود تلهث
خلف قافلة الوداع
و الدهر يروي قصة السلطان
يكذب .. ثم يكذب .. ثم يكذب
ثم يحترف التنطع .. و البلادة و الخداع
هذا مصير الحاكم الكذاب
موت .. أو سقوط .. او ضياع
ما عاد يجدي
أن تعيد عقارب الساعات .. يوما للوراء
او تطلب الصفح الجميل ..
و أنت تخفى من حياتك صفحة سوداء
هذا كتابك في يديك فكيف تحلم ان ترى ..
عند النهاية صفحة بيضاء
الأمس مات ..
و لن تعيد للهداية توبة عرجاء
و اذا اغتسلت من الذنوب
فكيفك تنجو من دماء الأبرياء
و اذا برئت من الدماء .. فلن تبرئك السماء
لو سال دمعك ألف عام لن يطهرك البكاء
كل الذي في الأرض
يلعن وجهك المرسوم
من فزع الصغار و صرخة الشهداء
أخطأت حين ظننت يوماً
أن في التاريخ أمجاداً لبعض الأغبياء ..
ارحل و عارك في يديك
وجهٌ كئيبٌ
وجهك المنقوش فوق شواهد الموتى
و سكان القبور
أشلاء غزة و الدمار سفينة سوداء
تقتحم المفارق و الجسور
انظر الى الأطفال يرتعدون
في صخب الليالي السود ..
و الحقد الدفين على الوجوه
زئير بركان يثور
وجه قيبح وجهك المرصود
من عبث الضلال .. و أوصياء الزور
لم يبق في بغداد شئ
فالرصاص يطل من جثث الشوارع
و الردى شبح يدور
حزن المساجد و المنابر تشتكي
صلواتها خرساء ..
من زمن الضلالة و الفجور
ارحل و عارك في يديك
ماعاد يجدي أن يفيق ضميرك المهزوم
أن تبدي أمام الناس شيئا من ندم
فيداك غارقتان في بحر دم
شبح الشظايا و المدى قتلى
ووجه الكون أطلال .. و طفل جائع
من ألف عام لم ينم
جثث النخيل على الضفاف
و قد تبدل حالها
و استسلمت للموت حزنا .. و العدم
شطآن غزة كيف شردها الخراب
و مات في أحشائها احلى نغم
وطن عراق كان ارضاً للبطولة ..
صار مأوى للرمم !
الآن يروى الهاربون من الجحيم
حكاية الذئب الذي أكل الغنم
: كان القطيع ينام سكراناً
من النفط المعتق
و العطايا .. و الهدايا .. و النعم
من الأزل
كانوا يسمون العرب
عبدوا العجول .. و توجوا الاصنام..
و استرخت قوافلهم .. و ناموا كالقطيع
و كل قافلة يزينها صنم
يقضون نصف الليل في وكر البغايا ..
يشربون الوهم في سفح الهرم
الذئب طاف على الشواطئ
أسكرته روائح الزمن اللقيط
لأمة عرجاء قالوا
انها كانت - ورب الناس - من خير الأمم
يحكون كيف تفرعن الذئب القبيح
فغاص في دم الفرات ..
و هام في نفط الخليج ..
و غاث فيهم و انتقم
سجن الصغار مع الكبار..
و طارد الأحياء و الموتى
و أفتى الناس زوراً في الحرم
قد أفسد الذئب اللئيم
طبائع الأيام فينا .. و الذمم
الأمة الخرساء تركع دائما
للغاصبين .. لكل آفاق حكم
لم يبق شيئا للقطيع
سوى الضلالة .. و الكآبة .. و السأم
أطفال غزة يرسمون على
ثراها ألف وجه للرحيل ..
و ألف وجه للألم
الموت حاصرهم فناموا في القبور
و عانقوا أشلاءهم
لكن صوت الحق فيهم لم ينم
يحكون عن ذئب حقيرٍ
أطلق الفئران ليلا في المدينة
ثم أسكره الدمار
مضى سعيدا .. و ابتسم ..
فيصمتها تنعى المدينة
أمة غرقت مع الطوفان
و استرخت سنيناً في العدم
يحكون عن زمن النطاعة
عن خيول خانها الفرسان
عن وطن تآكل و انهزم
و الراكعون على الكراسي
يضحكون في النهاية ..
لا ضمير .. ولا حياء .. ولا ندم
الذئب يجلس خلف قلعته المهيبة
يجمع الحراس فيها .. و الخدم
و يطل من عينيه ضوء شاحب
و يرى الفضاء مشانقاً
سوداء تصفع كل جلاد ظلم
و الأمة الخرساء
تروى قصة الذئب الذي خدع القطيع..
و مارس الفحشاء .. و اغتصب الغنم
ارحل و عارك في يديك
مازلت تنتظر الجنود العائدين..
بلا وجوه .. او ملامح
صاروا على وجه الزمان
خريطة صماء تروي ..
ما ارتكبت من المآسي .. و المذابح
قد كنت تحلم ان تصافحهم
و لكن الشواهد و المقابر لا تصافح
إن كنت ترجو العفو منهم
كيف للأشلاء يوما ان تسامح
بين القبور تطل أسماء ..
و تسري صرخة خرساء
نامت في الجوانح
فرق كبيربين سلطان يتوجه الجلال
وبين سفاح تطارده الفضائح
الآن ترحل غير مأسوف عليك
في موكب التاريخ سوف يطل وجهك
بين تجار الدمار و عصبة الطغيان
ارحل و سافر ..
في كهوف الصمت و النسيان
فالأرض تنزع من ثراها
كل سلطان تجبر .. كل وغدٍ خان
الآن تسكر .. و النبيذ الأسود الملعون
من دمع الضحايا .. من دم الآكفان
سيطل وجهك دائما
في ساحة الموت الجبان
و ترى النهاية رحلة سوداء
سطرها جنون الحقد .. و العدوان
في كل عصر سوف تبدو قصة
مجهولة العنوان
في كل عهد سوف تبدو صورة
للزيف .. و التضليل .. و البهتان
في كل عصر سوف يبدو
وجهك الموصوم بالكذب الرخيص
فكيفك ترجو العفو والغفران
قل لي بربك ..
كيف تنجو الآن من هذا الهوان ؟!
ما أسوأ الإنسان حين يبيع سر الله للشيطان
في قصرك الريفي..
سوف يزورك القتلى بلا استئذان
و ترى الجنود الراحلين
شريط أحزان على الجدران
يتدفقون من النوافذ .. من حقول الموت
أفواجاً على الميدان
يتسللون من الحدائق .. و الفنادق
من جحور الأرض كالطوفان
و ترى بقاياهم بكل مكان
ستدور وحدك في جنون
تسأل الناس الأمان
أين المفر و كل ما في الارض حولك
يلعن العصيان؟!
الناس .. و الطرقات ..و الشهداء و القتلى
عوي البحر و الشطآن
و الآن لا جيش .. و لا بطش .. ولا سلطان
و تعود تسأل عن رجالك : أين راحوا ؟
كيف فر الاهل .. و الاصحاب .. و الجيران ؟
يرتد صوت الموت يجتاح المدينة
لم يعد احد من الأعوان
هربوا جميعا ..
بعد ان سرقوا المزاد .. و كان ما قد كان
ستطل خلف الأفق قافلة من الاحزان
حشد الجنود العائدين على جناح الموت
أسماءٌ بلا عنوان
صور الضحايا و الدماء السود..
تنزف من مآقيهم بكل مكان
أطلال بغداد الحزينة
صرخة امرأة تقاوم خسة السجان
صوت الشهيد على روابي القدس
يقرأ سورة الرحمن
و على امتداد الأفق مئذنة بلون الفجر
في شوق تعانق مريم العذراء
يرتفع الآذان
الوافدون أمام بيتك يرفعون رؤوسهم
وتطل أيديهم من الأكفان
مازلت تسأل عن ديانتهم
و أين الشيخ .. و القديس ..و الرهبان؟
هذى أياديهم تصافح بعضها
و تعود ترفع راية العصيان
يتظاهر العربي .. و الغربي
و القبطي و البوذي
ضد مجازر الشيطان
حين استوى في الأرض خلق الله
كان العدل صوت الله في الأديان
فتوحدت في كل شئ صورة الإيمان
أضاءت الدنيا بنور الحق
في التوراة .. و الإنجيل .. و القرآن
الله جل جلاله .. في كل شئ
كرم الإنسان
لا فرق في لون .. ولا دين
ولا لغة .. ولا أوطان
خلق الإنسان علمه البيان
الشمس و القمر البديع
على سماء الحب يلتقيان
العدل و الحق المثابر
و الضمير .. هدى لكل زمان
كل الذي في الكون يقرأ
سورة الإنسان ..
يرسم صورة الإنسان ..
فالله وحدنا .. و فرق بيننا الطغيان
فاخلع ثيابك و ارتحل
و ارحل وعارك في يديك
فالأرض كل الأرض ساخطة عليك